المفهوم القانوني للحياد

المفهوم القانوني للحياد

 

بعد البحث والسؤال والتواصل مع المختصين القانونين والاطلاع على بعض الدراسات والرسائل في علم القانون، تبين أنه من الصعب الوصول إلى تعريف جامع مانع لتعريف الحياد، ويبقى في حدود النظرية، تتبدّل التسميات بلحاظ المعطيات التي تتوفّر للباحث طبقًا للزمان والمكان والوضع السياسي القائم، والأهداف التي يصبو إليها، ومن التعريفات التي يمكن أن تكون وسطية:

 الحياد كنظام قانوني هو مجموعة القواعد القانونية الدولية التي تنظم العلاقات الدولية بين الدول المتحاربة والدولة غير المشتركة في الحرب، ويخول للدول ذات السيادة الحق في البقاء بعيدًا عن معترك الحروب، وهذا ما يطلق عليه حق الحياد.

 وقد عرّفه البعض بأنه يعني الإحجام عن أي اشتراك في الحرب، ومن تحمّل وتنظيم بعض الأعمال من جانبها ومن قبل رعاياها ومن قبل الدول المتحاربة، ومن واجب كل الدول المتحاربة احترام سلامة أراضي الدول المحايدة وحقوقها.

 وقد قال عنه البعض: إنه تصرف حرٌ تتخذه الدولة بإرادتها في نطاق اختصاصاتها المفردة.

  ومنهم من قال: إنه نظام قانوني يرتب مجموعة من الحقوق والالتزامات.

المفهوم السياسي للحياد.

الحياد في السياسة بنظري هو الهروب من المواجهة مع ما يحيط بمجتمع ما أو بلد أو دين أو جماعة من الناس، ويحدّد طبيعته المصلحة إما ترغيب أو ترهيب، ويكون الحياد بناءً على أهداف وخطة سياسية مبنية على قانون وضعي وحقوق والتزامات، وما هي المصلحة التي تبتغيها هذه الجماعة؟ ويختلف هذا القانون وهذه السياسة باختلاف المصالح والقوى.

وبشكل أساس وأكثر وضوحًا، نجد أن الحياد والسبب في الدعوة إليه هو حماية المصالحة الأمريكية والصهيونية فقط، أما فيما يختص العرب فيما بينهم فإنه لا حياد مثل اليمن وسوريا وقطر “المقاطعة”.  

موقع لبنان الإقليمي ومسار الانتماء والحياد.

كما هو معروف أن لبنان بلد شرق أوسطي يحدّه من الشرق والشمال سوريا، ومن الجنوب فلسطين، وهو من ناحية الصراع العربي الإسرائيلي هو رأس حربة في المواجهة. وهو على المستوى الإقليمي يعد بلدًا عربيًّا، وهو مزيج من عدد كبير من الطوائف الإسلامية والمسيحية واليهودية. أما مسار الانتماء فإنه غير محسوم نظرًا للقوى العاملة الموجودة على الساحة اللبنانية، وما يأتيها من تدخّلات خارجية تملي عليها مصالح تلك الدول.

أما من ناحية الحياد، ونظرًا لشروط الحياد العامة أنه يجب الموافقة من الجميع، ويتعذر الإجماع على الحياد نظرًا لعدم توفره.

الحيادية العربية وموقعها من الانتماء الوطني، ومواجهة العدوان الإسرائيلي في المنطقة.

لا توجد حيادية عربية لنحدّد موقعها من الانتماء الوطني، لأنه في الأصل لا يوجد اتفاق ووفاق عربي بل تناحر وقتال، والأنظمة العربية بأغلبها تتجه للتطبيع مع الكيان الصهيوني، بالتالي لا مواجهة مع العدوان الصهيوني، بل العكس في  كثير من الحروب التي جرت في المناطق العربية، وخصوصًا لبنان وسوريا، نجد أن الدعم العربي ماديًّا وبشريًّا للاقتتال من أجل المصلحة الصهيونية، والدعم المباشر للعدو الصهيوني واضح وبديهي حتى محمد بن سلمان وغيره من الزعماء العرب قاموا مؤخرًا بزيارة الكيان الصهيوني.

الطوائف اللبنانية وموقفها من الحيادية السياسية.

الطوائف اللبنانية  لم تتفق على مفهوم الحياد حتى فيما بينها باستثناء الطائفة الشيعية، فإنها ضد الحياد بالكامل، أما من يدعو للحياد فبسبب ما يلي:

  1. البعض منها “المستقبل، الجماعة الإسلامية، السلفيين ومن يدور في فلكهم” مرجعيتهم السياسية والثقافية والمادية تمنعهم من ذلك، رغم أنه قام بدعم ما يسمى المعارضة السورية.
  2. البعض منها نتيجة ضعفه على الساحة اللبنانية يحاول الاستفادة من الدعوة إلى الحياد من أجل بقائه في الساحة اللبنانية، بالإضافة إلى الدعم المادي مثل القوات اللبنانية والحزب الاشتراكي.
  3. وهنالك بعض القوى والأشخاص المستقلين تحاول أن تجد لها مكانًا على الساحة اللبنانية من خلال الاجتماع على دعوة الحياد.

أما المؤسسات الدينية اللبنانية فإنها تتبع في نظرتها لمفهوم الحياد السياسي والأخلاقي زعمائها التقليديين.


الكلمات المفتاحيّة لهذا المقال:
السياسةالحيادالقانوني

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<