كيف نجعل من عاشوراء مناسبة للتقارب

by الشيخ محمد محفوظ | سبتمبر 25, 2020 8:23 ص

المجتمعات الإنسانية جمعاء، بحاجة دائمًا إلى روافع روحية وثقافية واجتماعية، لإزالة سيئات الواقع أو إصلاحه وتطويره.
وعاشوراء بما تحتضن من قيم ومبادئ، هي من المواسم الثقافية والاجتماعية الهامة، التي تشكّل رافعة روحية وثقافية واجتماعية في آن.
ففي عاشوراء ولاعتبارات قيمية وموضوعية، تبرز نوازع الخير، وتتجه النفوس والعقول للمشاركة في الأنشطة الدينية والثقافية والاجتماعية. لذلك نستطيع القول وبدون مبالغة: إن موسم عاشوراء، هي من المواسم النموذجية للأنشطة الخيرية والتطوعية في المجتمع.
حيث تحتضن عاشوراء العديد من المناشط التي تتجه في كل عناصرها ومفرداتها إلى التالي:
  1. نقد بعض المظاهر السيئة في الواقع الاجتماعي – الثقافي، والعمل على تفكيك موجبات وحواضن هذه المظاهر.
  2. بلورة المعالجات السليمة، التي تساهم في إخراج المجتمع من تداعيات تلك المظاهر السيئة.
من هنا، فإن عاشوراء بما تشكل وتحتضن، ليست مناسبة للتشظي الاجتماعي، وإنما هي مناسبة إذا أحسنّا التعامل والانفتاح عليها، لزيادة وتيرة التقارب والتفاهم بين المسلمين.
 وعلى المستوى الوطني، فإن المدن والمناطق التي تحيي هذه المناسبة، فإنها تشهد حضورًا اجتماعيًّا متميّزًا، وتنفتح خلال أيام هذه المناسبة على الكثير من الرؤى والتصورات الثقافية والفكرية والاجتماعية، التي تؤكّد جميعًا على ضرورة التهذيب الاجتماعي، والرقي بمستوى أبناء المجتمع أخلاقيًّا ومعرفيًّا، وما نحتاج إليه هو العمل على توظيف هذا الحضور والتفاعل في مشروعات ذات طابع مؤسّسي وتنموي، يتجاوز في فائدته حدود اللحظة الزمانية القائمة. لذلك نحن بحاجة إلى التفاكر الدائم حول بعض المشاريع الثقافية والاجتماعية، التي يمكن أن نؤسّسها انطلاقًا من زخم عاشوراء…
وفي هذا السياق، من المهم الالتفات إلى شركاء الوطن، والعمل على تطوير خيار التقارب والتفاهم بين أبناء الوطن. وفي هذا السياق نودّ التأكيد على المقترحات التالية:
  1. 1. تطوير خطاب الوئام والتسامح والتفاهم بين أبناء الوطن الواحد، بحيث تعطي منابر عاشوراء أولوية لتأكيد قيم التلاقي بين المسلمين وإدارة اختلافاتهم على نحو إيجابي وحضاري، وبعيدًا عن نزعات العنف والتكفير وحروب الأوراق الصفراء.
2 . ضرورة أن ينفتح أبناء الوطن جميعًا على الإمام الحسين بن علي، لأنه ليس خاصًّا بفئة أو طرف معين من المسلمين، فهو من أئمة أهل البيت وسبط الرسول. وفي تقديرنا أن الانفتاح على هذه الشخصية العظيمة والاستفادة من ذكرى استشهادها في إطلاق مبادرات تعريفيه به، سيساهم في زيادة وتيرة التفاهم والتلاقي بين أبناء الوطن الواحد.
3  . التبادل الثقافي والمعرفي، بحيث يشارك دعاة وعلماء ومفكرين ومثقّفين في الحديث عن الإمام الحسين وذكرى استشهاده. فليس هناك، كما يبدو، ما يمنع أن يشارك داعية أو مفكّرًا من أي منطقة في المملكة بإلقاء محاضرة في المناطق التي تحيي مناسبة استشهاد الإمام الحسين والعكس، بحيث يشارك داعية أو خطيبًا في التعريف بهذه المناسبة في مناطق المملكة المختلفة.
4 . أن تتبنّى المؤسّسات الثقافية والإعلامية برامج تثقيفية وتوعوية على المستوى الوطني للتعريف بصاحب المناسبة والأنشطة المرافقة اجتماعيًّا وثقافيًّا وخيريًّا بذكرى إحياء  المناسبة.
5 .  أن نعزّز قيم احترام مشاعر وقناعات الآخر، حتى لو كانت لدينا وجهة نظر مختلفة أو مغايرة. فإن مقتضى الشراكة الوطنية أن نحترم مشاعر وقناعات بعضنا البعض.
و جماع القول: إن وعينا الراهن ومدى استجابتنا لحاجات وطننا الحقيقية، هو الذي يساهم في تحويل هذه المناسبة إلى مناسبة وطنية للعمل الخيري والتطوعي وإطلاق مشروعات للوعي الوحدوي الذي يؤكّد على المساحات المشتركة، ويحترم كل طرف خصوصيات الطرف الآخر.
 
 

Source URL: https://maarefhekmiya.org/10515/takarob/