حوار مفتوح مع آية الله الشيخ محسن الآراكي

حول “إشكاليات العلاقة بين صنائع الحداثة وبعض الحوزويين” نظّم المنتدى الدولي للحوار المسؤول حلقته الحوارية[1]؛ استضاف فيها آية الله سماحة الشيخ محسن الآراكي[2]، وأدارها الشيخ محمد حسين سمحات.
استهل الشيخ محمد حسين سمحات حديثه بالترحيب بسماحة الشيخ محسن الآراكي، ثم سأل: ما منشأ هذه الإثارات، وهل هو يعود لمزاج نقدي حداثوي أم أنّه نقاش داخل الحوزة يطفو على السطح؟ وما المصلحة من طرحه في غير الأوساط العلمية المتخصصة؟
وفي سياق جوابه، قال سماحة الشيخ محسن الآراكي: اتفقت كلمة المسلمين على أنّ كتاب الله سبحانه وتعالى وسنّة رسول الله (ص) هما المرجعان الأصليان للإسلام وللعقيدة الإسلامية كليًّا وجزئيًّا، واختلفوا في المرجعية بعد رسول الله (ص). والروايات والأحاديث التي رويت عن رسول الله (ص) روت سنّته في الفعل والقول والتقرير.
ثم أوضح سماحته الموازين والمعايير في حجية الرواية التي تحكي سنّة رسول الله (ص)، واعتبر أنّها هي معايير منطقية، ومن جملة ما يتميز به الفكر الإسلامي اتّباعه منهجية معينة في الاعتماد والحجية عن رسول الله التي تروي فعله وقوله، وأنّ الرواية لا تكون حجة إلا إذا الراوي لها متوفّرًا على شروط ومعايير معينة:
أولها: الوثاقة أي أن يكون ثقة، وثانيها: الضبط أي أن لا يكون ممن ينسى حينما يسمع الحديث. وأشار إلى أنّ الأئمة لا يتحدثون عن آرائهم وإنّما يتحدثون عن سنّة رسول الله (ص)، ولا نحتمل في معصوم من المعصومين لا النسيان ولا الكذب لأنّهم معصومون وثقاة ضابطون.
وعن الخلاف بين الاجتهادات الإسلامية قال سماحته: ليس خلافًا بين الفرق وإنّما خلاف بين اجتهادات. والقول إنّ كتب الحديث كلها إسرائيليات وأكاذيب هذا غير صحيح، ومن يكذّب الحديث كلّه فهو إمّا جاهل يدعي، أو مغرض يريد الإطاحة بالإسلام والتهجم على المسلمين، ويريد خلق الفوضى.
وفي معرض جوابه عن سؤال: لماذا أخذتم موقفًا حادًّا من الشيرازية والسيد كمال الحيدري؟ قال سماحته: الذين يريدون تفرقة المسلمين وخلق الفوضى ليسوا بمفكرين. ومن يحارب مستخدمًا الأسلوب اللامنهجي والتهجمي والفوضوي في التعامل مع الفكر ومع الآخر فهو لا يتحمّل النقاش ولا يفهم. نحن كانت أبوابنا وما زالت مفتوحة للحوار ولكنهم لم يعلنوا استعدادهم للحوار.
وعن كمال الحيدري قال: هو ليس صاحب فكر وليس مستعدًّا للحوار. وأمثال كمال الحيدري والشيرازيين والداعشيين يريدون خلق الفرقة بين المسلمين ولا بدّ أن يتم عزلهم عن جماعة المسلمين. هذه حرب وليست فكرًا، ولا يمكنك الدخول في الحوار مع من يحاربك، بل لا بدّ أن تدفعه بالطريقة التي يكفيك شره، والتي تجعله معزولًا في المجتمع الإسلامي.
وعن تكفير مراجع الشيعة لأهل السنة ولماذا تمت إثارة هذا الموضوع الآن؟ أكّد سماحته أنّ من يقول هذا الرأي في ظروف كهذه فهو لا يريد الخير للمسلمين وهو في موضع الشك والمؤامرة والتوطئة وخلق الفوضى، لأنّنا بحاجة إلى جمع كلمة المسلمين لمواجهة المؤامرات التي تريد أن تخلق الهيمنة لإسرائيل والولايات المتحدة على المسلمين وبلادهم. ولا يوجد بين فقهاء السنة من يفتي بكفر الشيعة، أو من يفتي من الشيعة بكفر السنة، فمن شهد الشهادتين، ولم ينكر ضرورة من ضروريات الإسلام هو مسلم بحكم سائر المسلمين.
 وفي تحديد من هو المنافق الحقيقي ومن هو المؤمن الحقيقي اعتبر سماحته أنّه أمر بيد الله سبحانه وتعالى، وهو أعلم بمن اتقى ومن تزكى.
وختام اللقاء الحواري كان بسؤال: ماذا تنصحون علماء الشيعة والسنة وما هي نصيحتكم للشباب المسلم في هذه المرحلة الحساسة؟ فأجاب سماحته عن ذلك بتوجيه الدعوة لمن هو مسلم -سواءً كان سنيًّا أم شيعيًّا- بأن نجعل من فترة خلافة الإمام علي (ع) معيارًا في جمع كلمة المسلمين.
 وختم الشيخ محسن الآراكي حديثه بالقول: إن المسلمين متفقين على أنّ خلافة الإمام علي كانت شرعية، وأنّ ما قام به كان أمرًا شرعيًّا باتفاق جميع المسلمين أيضًا، وهذا هو المعيار الذي يمكن أن يجمع كلمة المسلمين.
 
[1] الأربعاء 28/ 10/ 2020.
[2] رئيس مجمع الفكر الإسلامي، والأمين العام السابق للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، وأستاذ البحث الخارج التخصصي في فقه الحكومة والإدارة والاقتصاد وغيرها في الحوزة العلمية، وصاحب المساهمات الكبرى في بلورة الفكر الإسلامي المعاصر والأصيل.

 


الكلمات المفتاحيّة لهذا المقال:
المراجعالتضليلالتشويهالمذاهبالمسلمينالشيعة

المقالات المرتبطة

المهدوية والخلاص عند أصحاب الأديان والمعتقدات

الحديث عن التداخل بين الثقافات لا يكون على مستوى اعتقادي وإنّما على مستوى تديّن شعبي وبشرط أساسي أن يكون هذا التديّن يعود إلى الأصول، ومنضبط فيها حتى يكون معتبرًا داخل المنظومة الدينية نفسها.

تقرير موسع عن محاضرة “اللغة والفلسفة والإنسان والكون”

أقام معهد المعارف الحكمية وضمن برنامجه الدوري “المنتدى الفلسفي” نهار الخميس 21/9/2023 الساعة الخامسة عصرًا، محاضرة تحت عنوان: “اللغة والفلسفة والإنسان والكون” للأستاذة الدكتورة مها خير بك

موتوا قبل أن تموتوا-الدكتور عباس خامه يار

 الحاج قاسم سليماني، كان يبحث على مدى أكثر من أربعين عامًا بين السهول والوديان والجبال، ليلقى هذا العشق الإلهي الذي كان يطلبه دائمًا ويتمنى الوصول إليه.

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<