قراءة في كتاب: الفريضة العظمى

قراءة في كتاب: الفريضة العظمى
 
اسم المؤلف: سماحة الشيخ محمّد تقي مصباح اليزديّ (رض).
الناشر: دار المعارف الحكمية.
عدد الصفحات: 223 .
مكان وتاريخ النشر: بيروت- لبنان، 2020م -1442ه.
أوّلًا: محتوى الكتاب.
انقسم هذا الكتاب إلى فصول تسعة، هي على الشكل التالي:
الفصل الأوّل: مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الفصل الثاني: منزلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الفصل الثالث: ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الفصل الرابع: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الآيات والروايات.
الفصل الخامس: شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الفصل السادس: مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الفصل السابع: تجلّيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في سيرة أهل البيت(ع).
الفصل الثامن: في أساليب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأبرز مصاديقه.
الفصل التاسع: عقبات في بحث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ثانيًا: قراءة في الكتاب.
لطالما كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محطّ اهتمام العلماء في أبحاثهم ورسائلهم العمليّة، ذلك أنّه من الفرائض العظمى، التي أمر بها الله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم، وأرشد إليها الأنبياء والأولياء وعملوا بها في سيرتهم، لا سيّما الرسول الأكرم (ص) وأهل بيته الأطهار(ع)، حتى زخرت كتب الحديث بما نقل عنهم في الحثّ عليه والالتزام به، وإن دلّ ذلك على شيء إنّما يدلّ على ضرورته في استنهاض النّاس في إرساء أوامر الله تعالى، وتحقيق الأمن الاجتماعيّ في المجتمع البشريّ بجميع ميادينه.
جاء هذا الكتاب، متناغمًا مع تلك الأهمّيّة القصوى لهذه الفريضة، أكان من الناحية الدينيّة أم العقليّة، مبيّنًا أبرز الموضوعات المتعلّقة بها، محيطًا بكلّ جوانبها وأسسها، ومن ذلك ما يأتي:
  1. ارتباط مفهوم الإيمان بالله بهذه الفريضة.
ابتدأ صاحب المؤلَّف بتعريف مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على أنّه ينطلق من مفهوم الإيمان بالله تعالى، الذي يجعل حركة النّاس في ما بينهم أشدّ حساسيّة على بعضهم بعضًا. ويتجسّد هذا المفهوم، كما عرّفه في الكتاب بـ “الاتّجاه الإسلاميّ”، ذلك أنّ الإيمان بالله تعالى يعتبر المحور الأساس الذي تقوم عليه العلاقة المتبادلة بين عباده، مقابل “الاتّجاه الغربيّ”، الذي يولي للفرد الأولويّة المطلقة في النظر إلى الحياة في علاقته مع الآخرين، ما يزرع شعور العزلة عنده عمّن حوله، وتبقيه مستقيلًا من مسؤوليّته تّجاه الآخرين.
وقد أشار في طيّات هذا البحث إلى أنّ المصالح التي يُنظر إليها في الحياة المتبادلة بين النّاس، لا تقتصر على المصالح المادّيّة البحتة، بل تتعدّى ذلك لتشمل مصالحهم المعنويّة والروحيّة، وهي نقطة فرق جوهريّة بين الاتّجاهين آنفيّ الذكر.
  1. بيان مفهوم الحرّيّة.
انطلق صاحب المؤلَّف أيضًا في بيان مفهوم هذه الفريضة، من بيان مفهوم الحرّيّة، حيث أشار إلى الهوّة الواسعة ما بين الحرّيّة التي ينتهجها الغرب، والحرّيّة التي ينتهجها الإسلام، ففي الوقت الذي يبدي فيه الإسلام احترامًا جليًّا لخيارات الإنسان، إلّا أنّه لا يرضى بأن تكون خياراته تلك على حساب أمن الآخرين الرّوحيّ والمادّيّ والفكريّ، ولهذا، فإنّ من يتبنّى منهج الغرب في مفهوم الحرّيّة يعتبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بصيغته الإسلاميّة، تدخّلًا بالأمور الشخصيّة، وهذا من الأخطاء الفادحة التي يقع بها الملتزمون بهذا المنهج.
  1. ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقد بيّن في الكتاب ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عقلًا، وقد ضرب لذلك أمثلة عدّة، موضحًا في طيّات هذا البحث، أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس حكرًا على الإسلام، إنّما هو أمر معمول به في كلّ المجتمعات البشريّة – مع اختلاف منظوماتها الفكريّة والأيديولوجيّة والدينيّة-، وإن كان بعناوين مختلفة، بل إنّ الجهات القانونيّة العالميّة، الدوليّة والأمميّة، إنّما توصي بعقاب من يخالف بعض قوانينها، وتنشر في العين ذاته ما يدفع المستهدفين للالتزام بتلك القوانين، وبالتالي فإنّ العقل يحاكي هذه الفريضة، وقد أكّد الإسلام عليها من خلال آيات الكتاب العزيز وأحاديث النبيّ الأكرم (ص)، واضعًا لها شروطًا ومراتبًا تُسهم في ضبط التعامل معها، ضمانًا للوصول إلى الهدف المنشود من فرضها.
  1. أساليب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
لم تتّخذ هذه الفريضة شكلًا واحدًا من حيث التطبيق، فالهدف منها هو إرساء دين الله وأحكامه، وحفظ الأمن الاجتماعيّ للمجتمع البشريّ، وكان قد تبيّن في طيّات هذا الكتاب، تحديد مسؤوليّة الفرد تّجاه بيئته ومن حوله، ومن هذا المنطلق، قد تختلف الأساليب طبقًا للقدرات والمؤهّلات والوسائل المتاحة للوصول إلى ذاك الهدف.
وقد استطاع المؤلّف بيان نقاط عدّة، جمعت أبرز ما يمكن العمل عليه لتحقيق ما تقدّم، والتي تظهر مدى عمق هذا الكتاب في الإحاطة بهذه الفريضة، وبأنّها لا تقتصر على المسائل الشرعيّة البحتة، بل هي تشمل كلّ ما يؤدّي إلى خلخلة البنية الثقافيّة للمجتمع أيضًا، نختصرها بالآتي:
  • اختلاف الأساليب طبقًا لظروف الزمان والمكان.
  • ضرورة وضع البرامج المناسبة لتأدية هذه الفريضة.
  • مراعاة الأولويّة في إجراء هذه الفريضة.
  • كشف مؤامرات العدوّ والتصدّي للغزو الثقافيّ، ودفع الشبهات العقديّة والأخلاقيّة.
ثالثًا: ميّزات هذا الكتاب.
لم يكن هذا الكتاب تقليديًّا في طرح مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فجلّ من طرحها وبحث فيها، إنّما عمدوا إلى بيان أدلّتها النقليّة وشروطها الشرعيّة، استنادًا إلى آيات القرآن الكريم وأحاديث النبيّ الأكرم (ص) والأئمّة المعصومين (ع). هذا، وإن كان لذلك أهميّة قصوى في بيان هذه الفريضة لدى المؤمنين، إلّا أنّ شيئًا إضافيًّا، استطاع المؤلّف بيانه، ألا وهو بيان مناشئ هذه الفريضة وأبعادها الاجتماعيّة الضروريّة، بأسلوب يتناغم مع لغة العصر، مستندًا إلى بعض المفاهيم التي يخلط بحقيقتها الكثيرون، كمفهوم الحريّة والإيمان بالله، ومدى ارتباط هذين المفهومين بضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضمانًا لحفظ الأمن الاجتماعيّ.
ومن نافلة القول: إنّ من ميّزات هذا الكتاب، أنّه سلس وشيّق، بأسلوبه وبيان عباراته، ما يدعو القارئ إلى النهوض بهذه الفريضة العظمى وهو على بيّنة من أمرها.



المقالات المرتبطة

قراءة في كتاب “الحداثة والمقاومة” للدكتور طه عبد الرحمن

العلّامة الدكتور طه عبد الرحمن، علم من أعلام الفكر سبق اسمه إلينا شخصه وعلمه علمه، وقد تشرّفنا بلقائه والاستماع إليه

قراءة في كتاب ما وراء الشرّ

فما وراء الشرّ الذي نراه كذلك، وقبله ومعه يكمن الباري تعالى الذي يحملنا على أكفّ رحمته في لحظات ضعفنا إلى كهف الأمان والطمأنينة التي نرجوها، ولن نجدها إلّا بين يديه سبحانه.

قراءة في كتاب (شورا در فتوا)

حاز كتاب (شورا در فتوا) على جائزة أفضل تحقيق علمي سنة 1383. وهو حاصل بحث وتحقيق لمدة 3 سنوات (من سنة 1372 إلى سنة 1374). وقد بحث فيه عن إمكانية تشكيل هيئة جماعية للفتوى والاستفتاء تعتمد على الشورى والمشاورة[2]، بحيث تقل على إثرها نسبة الآراء المختلفة والمتعارضة.

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<