قراءة في كتاب “نهاية حلم وهم الإله”

قراءة في كتاب “نهاية حلم وهم الإله”

الخلاصة.

(نهاية حلم وهم الإله) اسم لكتاب خطّه الشيخ أيمن المصري للردّ على كتاب (وهم الإله) لعالم الأحياء ريتشارد دوكينز، إذ أصبح هذا الكتاب الأخير فخر الملحدين وزينة مواقعهم. وقد اعتمد الشيخ المصري في هذا الكتاب على منهجية منطقية في معالجة الإشكالات، حيث أسس أولًا للقواعد التي سيعتمد عليها في الرد، ثم شرع بعد ذلك برد أفكار دوكينز التي وردت في كتابه (وهم الإله) اعتمادًا على هذه المقدمات. ونقطة قوّة المقدّمات التي اعتمد عليها الشيخ المصري تكمن في بداهتها. فكان كتابًا علميًّا منطقيًّا، بعيدًا في لبّ ردوده عن الأسس الخطابية والخيالية. وقد استعرضنا في هذه القراءة لهذا الكتاب الأصول التي ذكرها في المقدمة، وبيّنا الردود التي كتبها ضمن عشرة فصول.

الكلمات المفتاحية: وهم الإله، نهاية حلم، الإلحاد، دوكينز، شبهات، الدليل على وجود الإله، مشكلة الدين.

 

 

شهدت العقود الأخيرة نزعة نحو الإلحاد، وطبعت فيها العديد من الكتب الأجنبية المرتبطة بهذا الموضوع. وقد تصدّى بعض العرب لترجمة بعضها. ومن الكتب التي شاعت في هذا العقد الأخير كتاب (وهم الإله) لعالم الأحياء المُلحد ريتشارد دوكينز. كتبه عام 2006 م، ووصلت مبيعاته إلى 3 ملايين نسخة في سنة 2014، وتُرجم إلى 31 لغة منها العربية بواسطة المترجم المُلحد بسام البغدادي عام 2009 م.

ولمّا توجه في السنوات الأخيرة الكثير من الشباب الحائر إلى الإلحاد لدوافع نفسية، أو لشبهات عرضت لهم من الملاحدة، شعر الشيخ أيمن المصري بالمسؤولية الفكرية والأخلاقية اتجاه الإنسانية والمجتمع البشري واتجاه الخالق الحكيم، فشمّر عن ساعد الجدّ للردّ على الإلحاد والملحدين. ولم يكن ذلك منه بدافع الجدل والغلبة، بل بدافع الشفقة والإرشاد. فكتب كتاب (نهاية حلم وهم الإله) للرد على كتاب دوكينز الذي أصبح إنجيل الملحدين وفخرهم وزينة مواقعهم.

والشيخ أيمن المصري حائز على بكالوريوس في الطب من جامعة القاهرة، ومتخصص في الأمراض الباطنية في جامعة بون في ألمانيا، وحائز على دكتوراه في الفلسفة الإسلامية من الجامعة الأميركية في لندن. وهو أستاذ فلسفة في الحوزة العلمية في مرحلة السطح العالي، ورئيس أكاديمية الحكمة العقلية في قم المقدسة، وعضو المجلس العلمي في مؤسسة الدليل، وأستاذ في الفلسفة الإسلامية، وعضو هيئة علمية في جامعة المصطفى العلمية. وقد صدر له العديد من المؤلفات الفلسفية والعقائدية. ويُعدّ كتابه هذا من آخر الكتب التي أنتجها.

وقد رتب الشيخ المصري كتابه النقدي (نهاية حلم وهم الإله) على مقدمة وعشرة فصول. فأسس في المقدمة أصولًا اعتمد عليها كثيرًا في نقد مطالب كتاب دوكينز. ثم عمد في الفصول العشرة إلى نقد المطالب التي ذكرها دوكينز. فيكون بذاك سلك سلوكًا حكيمًا بتقديمه التأصيل العلمي على النقد ليقوم النقد على أسس منطقية علمية، لا على أسس خطابية خيالية.

الأصول التي ذكرها في المقدمة.

ذكر الشيخ المصري في مقدمة كتابه أصولًا ستة، هي:

الأصل الأول: فلسفة التفكير الصحيح.

عرّف المصنف الفكر بأنه حركة الذهن من المعلومات الحاضرة في أذهاننا لاستكشاف المجهولات والتعرّف عليها. وبالتالي تكون صحة النتائج الفكرية التي سنصل إليها معتمدة بصورة كلية على صحة تلك المعلومات الأولية التي ننطلق منها.

ثم تعرّض لأهمية التفكير في حياة الإنسان إذ هو المولّد للمنظومة الفكرية للإنسان المتضمنة لرؤيته الكونية عن العالم، والهدف من الحياة والمصير بعدها، وما هو طريق السعادة.

ونظرًا لأهمية التفكير وخضوع العقل لقوانينه الطبيعية، بيّن الشيخ المصري قواعد التفكير الصحيح بنحو إجمالي. فذكر أنه يجب على الإنسان أن يراعي شروط التفكير الصحيح للوصول إلى نتائج صحيحة. وهذه الشروط هي:

  1. العلم بقوانين التفكير الصحيح، وهي القوانين التي ذكروها مفصلة في علم المنطق.
  2. مراعاة هذه القوانين في تفكيره وأن يعوّد نفسه عليها.
  3. اعتماد التجرّد والموضوعية في تفكيره بعيدًا عن التعصب الديني وتسلّط الوهم والأحاسيس.

ولم يكتف ببيان شروط التفكير الصحيح، بل عرض لنا موانع التفكير الصحيح التي تعترض العاقل الباحث عن الحقيقة. فهي موانع يشترك فيها المتدينون والملحدون على حد سواء، وهي:

  1. التعصب أو الدوغماتية. وهو ليس بسبب الاعتقاد اليقيني المطلق، بل بسبب الاعتقاد غير المنطقي.
  2. تقديم المصالح الشخصية أو الفئوية، بحيث يلوي الإنسان عنق الدليل لأجل الوصول إلى مصالحه.
  3. التسرّع في التصديق أو الإنكار دون تروٍّ أو مراجعة لمبادئ تفكيره وصحتها، مما يجعلها غالبًا في معرض الخطأ.

الأصل الثاني: فلسفة الوجود.

بعد أن يفرغ الباحث عن تعلم القواعد المنطقية للتفكير الصحيح، يصبح مؤهلًا بعقله للخوض في المباحث الفلسفية ليجيب عن أسئلته الكونية: من أين؟ وفي أين؟ وإلى أين؟

وقد أشار الشيخ المصري في هذا الأصل إلى بعض القواعد الفلسفية التي يضرّ الجهل بها ويؤدّي إغفالها إلى الإلحاد أو الانحراف الفكري، وهي:

  1. قانون العلية.

ومفاده أن كل شيء حادث في الوجود لا يمكن أن يخرج من العدم إلى الوجود بنفسه، بل يفتقر إلى سبب غيره يُخرجه من العدم إلى الوجود. وهذا قانون بديهي وإنكاره يستلزم اجتماع النقيضين.

ويرى الكاتب أن كل من أنكر هذا القانون من أمثال ريتشارد دوكينز وستيفن هوكينغ وغيرهما، فهو لجهلهم بمعناه وحقيقته.

 

  1. قانون السنخية.

وهو فرع قانون العلية، فكما أن أصل وجود المعلول من علته، فكذلك خصوصياته الذاتية تكون من خصوصيات علته، وإلا استلزم خروج الوجود من العدم. وهذه الخصوصية هي التي تسوّغ صدور معلول معيّن من علته الفاعلة دون غيره من المعلولات، وإلا لصدر أي شيء من أي شيء.

  1. أنواع العلل.

تنقسم العلل باعتبار محدد إلى علل ذاتية وعلل اتفاقية وعلل معدّة:

  1. العلل الذاتية: هي التي يتوقف وجود المعلول عليها بالذات دائمًا أو في أكثر الأحيان. وهي على أقسام أربعة: علة فاعلية، وعلة غائية، وعلة مادية، وعلة صورية.

والعلل الذاتية الفاعلية: منها تامة تستلزم بنفسها صدور المعلول بالضرورة دون التوقف على أي شيء آخر، ومنها ناقصة تسمى بالمقتضي فلا يكفي وجودها لوجود المعلول.

وأغلب العلل في هذا العالم هي علل ذاتية فاعلية ناقصة.

وتنقسم العلل الذاتية أيضًا إلى علل قريبة وبعيدة. وأسباب الظواهر الطبيعية التي اكتشفها العلم هي في الواقع أسباب قريبة لها، وبما أنها حادثة فلها أسباب بعيدة تكمن وراءها. فمعرفة السبب القريب لا ينفي وجود السبب البعيد. وهذه نقطة مهمة.

  1. العلل الاتفاقية: هي علل مركّبة من أجزاء يندر اجتماعها معًا، ولذلك تكون معلولاتها نادرة أيضًا بحسب حساب الاحتمالات. وهي التي يسميها العوام بالصدفة.
  2. علل معدّة: وهي التي يسميها الحكماء علل الحركة لا الوجود، فهي التي تقرّب صدور المعلول من علته بتهيئة الظروف المناسبة لذلك. وهي كثيرة جدًّا في عالم الطبيعة.

وأمثال هذه العلل ليس عللًا حقيقية للموجودات، وإلا انتفت الموجودات بانتفائها، كما هو الحال مع العلل الذاتية. فينبغي على العاقل ألا يخلط بين هذه المعدات وبين علل الوجود الذاتية.

  1. قانون امتناع تسلسل العلل.

 بمعنى تسلسل العلل الفاعلية الموجدة للأشياء بنحو تكون مجتمعة مع بعضها البعض في الوجود.

أما علل الحركة غير الحقيقية وغير المجتمعة مع بعضها البعض في الوجود، كعلل الحوادث الزمانية، فلا يجري فيها هذا القانون.

وقد برهن مؤلف الكتاب على هذين الأمرين في طيات كتابه.

  1. القوة والفعل.

 فمن المسائل المهمة التي اكتشفها الحكماء هو أن الشيء إما موجود بالقوة وإما موجود بالفعل. ومعنى الوجود بالقوة هي شأنية الوجود، كوجود الإنسان في النطفة أو وجود الشجرة في البذرة. وأما الوجود بالفعل فهو كالإنسان نفسه أو الشجرة نفسها.

ثم أشار إلى نكتة مهمة لم يلتفت إليها الملحدون والماديون وهي أن الإمكان الاستعدادي – وهو الوجود بالقوة- ليس إلا قابلًا ومميّزًا للوجود الخاص، وليس بفاعل له.

ولفت إلى أمر مهم في ذيل هذا البحث وهو أن ما يبحث عنه الفيزيائيون وعلماء الأحياء من نشوء العالم وتطوره إنما هو بحث يتعلق بكيفية النشوء والتطور لا بعلته ولميته.

  1. الممكن والواجب

 إن اتصاف أي شيء بأي وصف كان، إما أن يكون هذا الوصف من ذاتياته الثابتة له، فهو واجب الثبوت له. وإما أن يكون الوصف عارضًا غريبًا على الموضوع، فيكون ممكن الثبوت له.

واستفادوا من هذه القاعدة المنطقية في مباحث الوجود، حيث نظروا في اتصاف الأشياء بالوجود فقسموها إلى واجبة الوجود وممكنة الوجوب. وجعلوا مصداق واجب الوجود هو الله تعالى.

  1. المبدأ الإلهي وصفاته الكمالية.

 وهو أهم المطالب الفلسفية عند الحكماء وقسمه المؤلف إلى مطلبين:

  • إثبات وجود المبدأ الإلهي: حيث عرض ثلاثة براهين على إثباته، ترجع جميعها في حقيقتها إلى قانون العلية، وهي: برهان الاختراع، وبرهان النظم، وبرهان الإمكان.
  • إثبات صفاته الذاتية والفعلية: حيث عرض المؤلف الفرق بين الصفات والفعلية وذكر بعضًا منها، واستدل على ثبوتها للمبدأ الإلهي.
  1. القضاء والقدر.

 بيّنهما المؤلف بنحو مختصر يتناسب مع هذه المقدمة، وذكر نقطة مهمة استفاد منها في رده على بعض الشبهات، وهي أن إرادة الله تعالى تعلقت بأن يصل الإنسان إلى كماله بإرادته الذاتية. وبهذا يرد على ما ذهب إليه الملحون والماديون من مبدأ الجبر والحتمية الميكانيكية العمياء، وأن الإنسان مسلوب الإرادة.

 

  1. وجود الشر في العالم.

وهي من المباحث الفلسفية التي دار حولها الكثير من الشبهات، وتمسك بها الملحدون منذ قديم الزمان في نفي المبدأ الإلهي. واستعرض الشيخ المصري في هذه الفقرة مجمل بيان الحكماء في هذا الموضوع بصور سؤال وجواب (3 أسئلة وأجوبة)، بحيث يرد على الشبهات المطروحة في هذا المجال.

  1. حقيقة الإنسان.

 وهي تُعدّ من أهم المعارف في هذه الحياة، لأنها تنعكس بقوة على معرفة الإنسان بفلسفة وجوده في هذا العالم، وتشخيص كمالاته المنسجمة مع طبيعته الذاتية، وأخلاقه وسلوكه ونمط حياته في هذه الدنيا. وذكر المؤلف في هذا المجال أربعة براهين ذكرها الفلاسفة في بحوث علم النفس الفلسفي على تجرد النفس الإنسانية، ليخلص بأن حقيقة الإنسان إنما هي بروحه المجردة لا بجسمه المادي الزائل.

  1. المعاد.

 وقد ذكر صاحب هذا الكتاب أهمية البحث عن المعاد بالنسبة للمتدين والملحد، ثم ذكر برهانين ذكرهما الفلاسفة لإثبات وجود المعاد.

الأصل الثالث: فلسفة الأخلاق.

إن أخلاق الإنسان هي مبادئ سلوكه العلمي في الحياة. وقد بيّن الشيخ المصري أن فلسفة الأخلاق قائمة على ثلاثة أصول: اختيار الإنسان، سعيه نحو الكمال، وإمكانية تحصيله الكمال من خلال أفعاله الاختيارية.

وذكر أن المهم هو البحث حول مبادئ السلوك الأخلاقي الإنساني ومعرفة المعيار الصحيح للفعل الأخلاقي. وذلك حتى نتمكن من الحكم على أي فعل بكونه حسنًا أو قبيحًا. فمعرفة هذا الجواب له تأثير كبير على تحديد مصير الإنسان في هذه الحياة وما بعدها.

وخلص في هذا الأصل إلى أن معيار الحسن الأخلاقي هو أن يكون منطلقًا من الأحكام العقلية المنطقية والرؤية الكونية الواقعية التي تراعي جميع أبعاد الإنسان: المادية والمعنوية.

الأصل الرابع: فلسفة العلم ونظرياته.

وقد اعتنى الشيخ أيمن بهذا الأصل لأنه يبتني على فهمه الكثير من الأسس النقدية لكتاب (وهم الإله). فتحدث في هذا الأصل عن عدة نقاط هي:

  1. صلاحة المنهج الحسي التجريبي وحدوده المعرفية.

حلل المؤلف المنهج الحسي التجريبي وبيّن أنه ليس منهجًا حسيًّا محضًا كما توهموه، بل هو مركّب من مقدمة حسية، ومقدمة عقلية محضة وهي أصل العلية.

وأكّد على أن هذا المنهج العلمي التجريبي محدود بحدود آلياته الإدراكية وهي الحواس الخمسة، وهو عاجز عن تجاوز هذه الظواهر المادية. وبالتالي، لا معنى للفيزيائي أو البيولوجي من حيث هو كذلك أن يبحث عن مباحث فلسفية أو يُفتينا بالرؤية الكونية للوجود. بل لا بد له من استخدام منهج آخر مسانخ لهذه المباحث، وهو المنهج العقلي الميتافيزيقي.

  1. النظريات الطبيعية ذات الآثار الفلسفية.

توصل في المباحث السابقة إلى أن حريم المباحث الطبيعية الحسية مباين لحريم المباحث العقلية الفلسفية. لكن يوجد بعض الاكتشافات العلمية الطبيعية قد تم تفسيرها بنحو فلسفي مناف للواقع. وهذا ما أدى إلى التشكيك في الأحكام العقلية ونفي وجود المبدأ الإلهي، أو سلب اختيارية الإنسان، أو غير ذلك من المباحث الفلسفية التي ليس لها علاقة بالبحث الطبيعي التجريبي.

وقد عزى المؤلف ذلك إلى جهلهم بقواعد التفكير المنطقي، أو إلى تسييس المباحث العلمية لصالح اتجاهاتهم الفكرية.

ثم ذكر عددًا من تلك النظريات العلمية، وهي: النظرية الآلية، ونظرية الكوانتم، ونظرية الانتخاب الطبيعي. وهذه النظرية الأخيرة قد وضعها داروين، وتُعدّ من أهم النظريات التي تم استغلالها من قبَل الملحدين لنفي وجود المبدأ الإلهي. فتعرّض لها المؤلف من عدة محاور، وبيّن أنه لا يصح الاستناد إليها في نفي المبدأ الإلهي. فبيّن في المحور الثالث من هذه المحاور أن هذه النظرية إن صحّت فهي تُبطل الاعتقاد القائل بخلق الأنواع الكثيرة منذ البداية بنحو ثابت وغير متطور، وليست تبطل وجود الخالق. فهي ناظرة إلى كيفية الخلق وأنه هل ترجع أنواع الموجودات إلى أصل واحد متطور أو إلى أصول متعددة ثاتبة، وليست ناظرة إلى أصل وجود الخالق.

الأصل الخامس: فلسفة الدين.

عرّف المؤلف الدين وذكر أن الغاية منه هي تحقيق العدالة الشاملة. وبيّن أن التكليف الإلهي هو تشريف للإنسان والمجتمع، وليس استبدادًا أو مصادرة للحريات كما توهمه العلمانيون والملحدون. ووضح معنى الدين والصحيح، فقال: “هو المطابق في أصوله ومبادئه لأحكام العقل البرهاني اليقينية”.

الأصل السادس: دوافع الإلحاد.

فبعد أن فرغ من تقديم الأصول العقلية والفلسفية والعلمية، تعرّض بنحو عام ومختصر لدوافع الإلحاد وأسبابه، وهي:

  1. أسباب منطقية، وهي:
    • اعتماد المنهج الحسي بنحو أصيل.
    • الأحكام الوهمية.
    • الجهل بالمنهج العقلي.
    • أخذ ما بالعرض مكان ما بالذات.
    • الجهل بالفرق بين عدم العلم بالشيء، وبين العلم بعدم الشيء.
  2. أسباب فلسفية، وهي:
    • الجهل بأصل العلية والخلط بين الأسباب القريبة والبعيدة، والخلط بين العلة المعدّة والعلة بالذات.
    • الجهل بمعنى الاتفاقي والتسلسل وواجب الوجود.
    • الجهل بصفات الباري تعالى الذاتية والفعلية.
    • الجهل بفلسفة الدين والتشريع والأخلاق الدينية.
    • الجهل بفلسفة الشر في العالم.
  3. أسباب علمية، وهي:
    • الجهل بمبادئ المنهج العلمي التجريبي وحدوده.
    • توهّم التضاد بين نظرية التطور ونظرية الخلق.
    • توهم التضاد بين الدين والعلم، وطرح العلم كبديل عن الدين.
  4. أسباب نفسية:
    • عدم الرغبة في التدين والرغبة في التحلل من القيود الأخلاقية.
    • سوء تصرف بعض رجال الدين.
    • التأثر السلبي بالمصادر المحرّفة للدين.
    • التأثير السلبي بالمصاديق الدينية المتطرّفة كالتكفيريين والإرهابيين.
    • التعزز ببعض العلماء والمفكرين الملاحدة، والتغاضي عن الأغلبية الساحقة من الحكماء والعلماء المتدينين.

وفي خاتمة مقدمة الكتاب الطويلة، عرّفنا المؤلف بالكتاب الذي يريد أن ينقده ويردّ على مطالبه وهو كتاب وهم الإله. كما ذكر لنا نبذة عن مؤلفه وهو ريتشارد دوكينز، ونبذة عن مترجمه إلى العربية وهو الملحد العراقي بسام البغدادي.

وقد أبدى الشيخ المصري استياءه من تدخل الناس في غير تخصصاتهم، واعترض على دوكينز قائلًا:

“وهل يقبل دوكينز نفسه أن يتدخل علماء المنطق والفلسفة الإلهية أو علماء الدين في علم الأحياء؟! وإذا لم يقبل تدخلهم فلمَ يحلّل لنفسه ما يحرّمه على الآخرين؟!”.

وبدأ الشيخ المصري نقده على كتاب (وهم الإله) من مقدمة مؤلفه، حيث عرض ما افتتح به دوكينز كتابه وناقشه بست مناقشات. وذكر مغالطة أساسية لدوكينز سارية في كل فصول كتابه تخرجه تمامًا عن عنوانه (الإله)، وهو أنه تحدث في أغلب كتابه بلسان اللادينيين لا الملحدين، مع أنه فرق كبير بين نفي الإله ونفي الدين الذي يجتمع مع قبول وجود الإله.

ثم بدأ المؤلف بمناقشة فصول كتاب (وهم الإله) كل فصل منها على حدة:

أما الفصل الأول (وعنوانه: غير مؤمن بعمق): فلم يجد فيه الشيخ المصري مسألة علمية تستحق التعليق، إذ لم يكن مضمون هذا الفصل مرتبطًا بالمسألة الأساس من كتاب دوكينز وهي نفي المبدأ الإلهي. فقد تعرّض فيه دوكينز لسرد بعض الحكايات، وذكر الشيخ المصري أن هذا هو أسلوب دوكينز العام في كتابه. ورأى أن الهدف من ذلك هو تشتيت ذهن القارئ كيلا يتمكن من التركيز على المسألة الأساسية.

ولم يتوقف الشيخ المصري كثيرًا عند هذا الفصل، واكتفى بمواجهته بالمثل كي يبيّن له ركاكة منطقه، وأنه لا يجوز له أن يستعمل سلاحًا ذا حدين من الممكن أن ينعكس عليه.

وأما الفصل الثاني (وعنوانه: فرضية الإله): فقد استفاد دوكينز من نظرية التطور ليجعلها بديلًا عن نظرية المبدأ الإلهي. لكن الشيخ المصري ردّ عليه مستعينًا بما أسسه في الأصل الثاني.

ثم ذكر دوكينز أن الإلحاد أسهل مؤونة من التوحيد، لأن التوحيد قد حذف آلهة كثيرة ومتعددة، أما الإلحاد فلم يحذف إلا إلهًا واحدًا. وأجابه الشيخ المصري قائلًا:

“وأنا أترك للقارئ الكريم التعليق على هذه المهزلة الفكرية، حيث أصبحت الأدلة العلمية عند دوكينز من باب حمل الأثقال، ويغفل أو يتغافل عن أن الأدلة العقلية القطعية التي أثبتت وجود المبدأ الإلهي هي التي أثبتت كونها واحدًا كما بيّنّا في الأصل الثاني”.

ثم نقل كلامًا لدوكينز ذكره تحت عنوان: (هل يستطيع العلم أن ينفي وجود الله؟)، وبيّن الشيخ المصري أن جواب دوكينز يكشف عن جهله الشديد بأصول مناهج البحث العلمي، وعن جهله بموضوعات العلوم الفيزيائية والبيولوجية. وتابع ردّه عليه مستفيدًا مما أسسه في الأصل الرابع في حدود صلاحية المنهج الحسي التجريبي.

ونقل بعد ذلك كلامًا لدوكينز يتساءل فيه عن مجالات الخبرة التي يقدمها علماء الدين في الدراسات الكونية المعمقة والتي لا يستطيع العلماء الإجابة عنها. وردّ عليه كما عوّدنا في كتابه بالاستفادة مما أصّله في مقدمته الطويلة. فاستفاد من الأصل الخامس المرتبط بفلسفة الدين، وذكر أن الدين الأصيل هو الرؤية الكونية الفلسفية التفصيلية الواقعية ومنظومة القيم الأخلاقية الإنسانية التي جاء بها وحي السماء، وأثبت أصولها الفلاسفة بالبراهين العقلية. وخلص الشيخ المصري إلى أن الدين الأصيل والعلوم الدينية الحقيقية قائمة على أصول ومبادئ عقلية فلسفية واقعية ومتينة.

ثم بيّن لنا المؤلف كيف ناقض دوكينز نفسه في بعض الموارد ونقل ذلك من كتابه.

وذكر بعد ذلك نقدًا ساخرًا آخر لدوكينز تحت عنوان (تجربة الدعاء الكبرى) حيث رأى عدم وجود أثر للدعاء، ونقل تجربة عجيبة لأحد العلماء على بعض المرضى. لكن الشيخ المصري أجاد في الرد عليه حيث بدأ بالإشارة إلى منهجيته الفكرية الخاطئة في التعامل مع الفكر الفلسفي أو الديني التي تسري في كل فصول الكتاب ولا تخدع إلا السذج من العوام، ولا تثير إلا السخرية عند العلماء والخبراء. وأكّد مرة أخرى على خلطه المنهجي حيث استعمل المنهج الحسي في المسائل الفلسفية الميتافيزيقية. ثم ناقشه فيما نقله من تجربة عجيبة. وبيّن له فلسفة الدعاء وأنه من أعظم مظاهر العبادة الروحية التي يرتبط بها المؤمن بربه.

وأما الفصل الثالث (وعنوانه: الدليل على وجود الإله): فذكر الشيخ أيمن المصري أن دوكينز –عالم الأحياء- نزع عنه لباس القصّاص والممثل المسرحي ليرتدي لباس الفلاسفة والحكماء، فيتصدى لرد البراهين التي أوردها الفيلسوف المتكلم توما الأكويني. وبيّن المؤلف في هذا الفصل أن انتقادات دوكينز على الأكويني تكشف بوضوح عن المستوى المنطقي الفلسفي المأساوي لدوكينز، حيث ورّط نفسه في ميدان ليس هو من رجاله، وأقحم نفسه في صناعة ليس من أهلها. وهذا ما حذّر منه الشيخ المصري في مقدمة كتابه.

وقبل أن يبدأ بعرض انتقادات دوكينز ومناقشاتها، قال الشيخ:

“إذا أمكن أن ينقض دوكينز البيولوجي نظريات الفلاسفة بسهولة كما يدّعي، فمن الممكن أن نصدّق أن ينقض علماء اللاهوت بسهولة نظرية داروين في التطور، ونظرية النسبية لاينشتاين، وميكانيكا الكم لنيلز بور، وأن ينقض المهندسون نظريات الأطباء، وأن ينقض الأطباء نظريات المهندسين! ولكن دع عنك هذا ولننظر هل استطاع دوكينز بالفعل أن يفعل المعجزة ويقوم بهذا العمل الخارق في رد براهين الفلاسفة؟”.

وذكر الشيخ أن دوكينز عرض أدلة الأكويني الخمسة الدالة على وجود الله تعالى –المأخوذة من براهين أرسطو وابن سينا وغيرهما-، لكنه نقلها بأسلوب محرّف، مما يدل على عدم فهم دوكينز لها. ثم نقل الشيخ هذه الأدلة كما ذكرها دوكينز، ونقلها من كلمات الأكويني ليبيّن لنا عدم فهم دوكينز لها، ثم صاغها بأسلوب سلس وتصدى للرد على دوكينز في كلّ منها، باستثناء الرابع منها لعدم وضوح دلالته وعدم الحاجة إليه. واستفاد المؤلف هنا أيضًا من الأصول التي أسسها في مقدمته العلمية في أوائل كتابه.

وبتعلقيه على هذا الفصل من كتاب (وهم الإله)، ظهر بوضوح هشاشة كلام دوكينز وما أورده من إشكالات على إثبات المبدأ الإلهي، وأنها ناتجة عن جهله بمبادئ المنطق والفلسفة.

وأما الفصل الرابع (وعنوانه: لماذا الاحتمال الأكبر هو عدم وجود الإله؟): فقد رد فيه المؤلف على كلام دوكينز المتعلق بطرح البديل للمصمم الذكي، واستبداله بصانع الساعات الأعمى وهو الانتخاب الطبيعي لداروين.

وبدأ الشيخ أيمن هذا الفصل ببيان إخفاقات دوكينز وسائر الملحدين من ورائه، وذلك بسبب اعتمادهم على المنهج الحسي في المسائل الميتافيزيقية غير المحسوسة. ثم رد على كلام دوكينز مستفيدًا من برهان التصميم الذي ذكره في الأصل الثاني ولما ذكره في الأصل الرابع عن نظرية داروين، وأنها لا يمكن أن تكون بديلًا عن نظرية التصميم الإلهي لأنها ناظرة إلى كيفية الخلق لا إلى أصل الخلق ومبدأ الحياة. ثم تعرّض لسؤالهم المشهور: إن كان الله قد خلق العالم، فمن خلق الله؟ فقلب السؤال عليهم فقال لهم:

“تقولون إن الكون قد خلقنا، فنسألكم من خلق الكون؟”. ثم رد على شبهتهم مذكّرًا مرة أخرى بما أسسه في الأصل الثاني في مقدمة كتابه.

ثم نقل إشكالًا آخر لدوكينز مفاده أن المؤمنين يبحثون عن فراغات في معارف العصر ومفاهيمه، ومتى ما بدا لهم حلقة مفقودة، فإنهم يفترضون أن الله يملؤها. وبما أن هذه الفراغات تصغر مع تقدم العلم، فإن الله مهدد بعدم وجود أي شيء يفعله.

ورد عليه الشيخ بما ذكر في الأصل الثاني من انقسام العلل إلى قريبة وبعيدة، وأن معرفة القريبة منها لا تنقي وجود البعيدة. وبيّن له أن المبدأ الإلهي ليس إلا سدّ الثغرات بحيث يكون منشأ وجوده الجهل بالعلل القريبة، بل منشأ وجوده هو العلم القطعي القائم على البراهين العقلية المحكمة التي أسلف ذكرها.

ومن المُلفت عند قراءة هذا الكتاب للشيخ، أنه يناقش خصمه باحترام ويعترف له بأنه عالم كبير في الأحياء، وقد تكرر منه هذا أكثر من مرة.

وكان هذا الفصل أخطر فصول كتاب (وهم الإله) لأنه يتضمن المبادئ الأساسية للإلحاد. وقد تمكن الشيخ أيمن المصري من الرد على أفكاره اعتمادًا على المنهج العقلي القويم والأسلوب العلمي الواضح. فبان بذلك وهن ادّعاءات دوكينز ومغالطاته، وأنها أوهن من بيت العنكبوت.

وأما الفصل الخامس (وعنوانه: جذور الدين): فقد ذكر المؤلف أن دوكينز تعرض في هذا الفصل وما يليه من فصول إلى آخر الكتاب إلى نقد الدين ونفيه من الواقع. ولكن هذا لا علاقة له بموضوع الكتاب وهو نفي المبدأ الإلهي. فعلى تقدير بطلان كل الأديان، فإن ذلك لا يستلزم نفي وجود المبدأ الإلهي. فاللادينيون مدافعون بشدة عن وجود المبدأ الإلهي مع كونهم منكرين لسائر الأديان.

وقال الشيخ في بداية هذا الفصل:

“وكان من الممكن أن أكتفي بما قدمته من نقوض لهذا الكتاب ولا أضيّع وقتي فيما تبقى منه، فليس من المنطقي –إن كان دوكينز يفهم معنى المنطق- أن يجعل أكثر من نصف كتابه الذي كتبه لنفي المبدأ الإلهي، لنفي الدين الذي لا يستلزم نفيه نفي المبدأ الإلهي”.

وسعى دوكينز في هذا الفصل للبحث عن جذور الدين ومناشئه متجاهلًا منشأه الإلهي، ومعتمدًا على نظرية التطور. وعلّق عليه الشيخ: بأن البحث عن ظواهر المجتمع إنما يكون عادة عن الظواهر الشاذة لا الراسخة بين كل العقلاء منذ بداية التاريخ. ثم إنه يمكن أن نقلب على دوكينز أسلوبه فندّعي –كما هو أقرب للواقع- أن للإلحاد أسبابًا مرضية واجتماعية وعقدًا نفسية. وإن أصل نزول الأديان قد ثبت بالتواتر التاريخي وأثبت أصولها الفلاسفة، فلا معنى للبحث عن أسباب وهمية أخرى لها. كما أنه لو سلمنا بمدخلية بعض الأسباب النفسية والاجتماعية والسياسية وتأثيرها في قبول الناس للدين، فلا يُثبت ذلك وهمية الدين.

وبهذه المناقشات الأربع أنهى الشيخ الفصل الخامس بشكل تندفع معه كل محاولات دوكينز اليائسة لإثبات وهمية الدين وعدم واقعيته الإلهية.

وأما الفصل السادس (وعنوانه: منشأ الأخلاق، لماذا نحن صالحون؟): فقد رد المؤلف فيه على ما طرح دوكينز من مسألة مرتبطة بفلسفة الأخلاق وتتمثل بالسؤال التالي: هل نحتاج إلى الدين كي نكون صالحين؟ فاستفاد المؤلف مما أسسه في الأصل الثالث في فلسفة الأخلاق، وبيّن أن العقل يدرك بنفسه حسن بعض الأشياء وقبح بعضها، لكنه في الوقت نفسه لا يستطيع أن يُدرك بنفسه كل التفاصيل الجزئية للحقوق الواقعية المتعلقة بنفسه وبغيره في هذا العالم الواسع. فمسّت الحاجة بحكم العقل إلى الدين الإلهي الذي –كما بيّن المؤلف في الأصل الخامس- لا غاية له في الحياة إلا تحقيق العدالة الفردية والاجتماعية.

وأما الفصل السابع (وعنوانه: الكتاب الصالح، وأخلاقيات روح العصر المتغيرة): فقد علّق الشيخ على ما تعرّض له دوكينز في هذا الفصل من نصوص دينية من العهدين، والتي تحضّ على الكراهية والمليئة بالعنف والرذيلة، والتي فيها ما يراه متنافيًا مع روح العصر. فقد استنتج دوكينز مما عرضه أن هذه الكتب السماوية غير صالحة لتكون منشأ للأخلاق الإنسانية، وأن الأنبياء لا يمكن أن يكونوا قدوة لنا.

فلم يتعرض الشيخ للدفاع عن النصوص الدينية وتأويله، بل اعتمد في الرد على المنهج العقلي القويم كما عوّد القارئ خلال كتابه كله. فذكر أن لا حجية ذاتية للدليل النقلي وأنه مبتلى بمشكلتين: سندية ودلالية. ثم بيّن أن أصل نزول الكتب السماوية هو أمر متواتر تاريخيًّا، كما أنه نتيقن من المعطيات التاريخية وقوع تحريف في بعض هذه الكتب. وقال بأن المنهج العقلي البرهاني هو الذي يعيّن مقدار الحاجة للنصوص الدينية، وهي ملء منطقة الفراغ التي لا يمكن للعقل أن يدلي بدلوه فيها بنحو مستقل، وهي منطقة التشريعات الحقوقية التفصيلية. ووضّح لنا أن العقل يعتمد على قاعدتين موضوعيتين تضمنان إلى حد كبير تحقق الغرض –وهو العدالة- من النصوص الدينية.

وختم هذا الفصل بالرد على مغالطتين ذكرهما السيد دوكينز.

وأما الفصل الثامن (وعنوانه: ما هي مشكلة الدين؟ وما سبب كل هذه العدوانية؟): فقد ردّ فيه المؤلف على محاولة دوكينز بإيجاد نوع تعارض بين الدين والعلم.

فقد اعتمد دوكينز في محاولته على المقارنة بين السلوك المتطرف للمتدينين المتعصبين وبين السلوك الموضوعي للعلماء التجريبيين، وأن منشأ الخلاف كامن في المنهج المعرفي لكل منهما.

وكشف الشيخ المصري عن وجود مغالطات زلّت فيها قدم دوكينز.

وأما الفصل التاسع (وعنوانه: الطفولة، الانتهاك والهرب من الدين): فقد بيّن فيه المؤلف أن دوكينز استغل موضوع الطفولة الشريف لتشويه الدين والمتدينين. ووضّح له أن الطفل موجود ضعيف محتاج إلى العناية من غيره ماديًّا ومعنويًّا، وأنه يعيش في المجتمع، فلا بد أن يتأثر فيه ويؤثر فيه. كما أن من حق الطفل الحصول على أجوبة مقنعة عن أسئلته، ومن الطبيعي أن يجيبه عن ذلك أبواه. وهذا ما سيفعله دوكينز نفسه مع أولاده حيث سيجيب عن أسئلتهم من وجهة نظره الإلحادية. وأضاف الشيخ أن اكتساب الطفل ديانة أبويه منذ ولادته أمر طبيعي لأنها جزء لا يتجزأ من هويته الشخصية. وختم نهاية هذا الفصل بالقول:

“الحل الوحيد يكمن في العودة إلى المنهج العقلي القويم في تربية الأطفال (…) نعتني بصحتهم العقلية كما نعتني بصحتهم الجسمية، لا أن نلقي بهم إلى التهلكة وسط الفيروسات الفكرية والعقول المسرطنة!”.

وأما الفصل العاشر والأخير (وعنوانه: الفجوة المهمة جدًّا): فاعتبره المؤلف أنه من أسخف فصول كتاب (وهم الإله) لأنه مشحون بالهذيانات التي لا تصدر من إنسان عادي، فضلًا عن عالم أحياء كبير كدوكينز. ولم يكن المؤلف ليعلق على هذا القسم من الكتاب لضعف مطالبه جدًّا، لكنه إنهاء لما بدأ به، علق على أهم ما ورد فيه. فذكر أن فرض كون الدين هو العزاء الوحيد للإنسان ليس دليلًا على وجود الإله وصحة الإيمان الديني. وأردف ذلك بمناقشات أخرى في هذا المجال. ثم تعرّض لما تحدث عنه دوكينز في مسألة الموت، وبيّن المؤلف أن الخوف من الموت هو أمر طبيعي لأي عاقل، وأن من حق الملحد أن يكون أكثر خوفًا من المؤمن لأنه مقبل على أمر مجهول بالكلية. وتعرّض أخيرًا للرد على مقارنة لدوكينز بين الإنسان الموجود، والإنسان المعدوم الذي لم يُخلق.

وبذلك يكون الشيخ أيمن المصري قد أسدل الستار على هذه المسرحية الهزلية التي أسماها مؤلفها (وهم الإله)، حيث أعلن المؤلف عن نهايتها بأسلوب علمي عقلي شيّق. وكان كتابه هذا الموسوم بـ (نهاية حلم وهم الإله) قابلًا لأن يوقظ دوكينز وأمثاله من هذه الأحلام، علّهم يبصروا الطريق قبل فوات الأوان، فإن الحقيقة غير الخيال.


الكلمات المفتاحيّة لهذا المقال:
الإلحادالملحدينوهم الإلهنهاية حلمالإله

المقالات المرتبطة

التوازن الفقهي والعرفاني عند الإمام الخميني (قده)

العرفان الذي أصّل له الإمام الخميني (قده) هو العرفان النبوي الأصيل الذي يسعى إلى إخراج الناس من الظلمات إلى النور من خلال رفع الموانع الكبرى التي تعيق حركة الخلق السلوكية نحو الحق المتعالي،

معهد المعارف الحكمية يعبّر عن رؤية بدأت تتبلور لإنتاج مشروع فلسفي جديّ تحت اسم إلهيات المعرفة

في جولته على معاقل الفكر والثقافة، أجرى موقع المعارف الحكمية الإلكتروني، حوارًا فكريًا مع كبير الباحثين في معهد المعارف الحكمية الدكتور أحمد ماجد.

الأسلوب الحجاجي السائغ في الخطاب الميثمي الجامع

يقدم الباحث المغربي الدكتور إدريس هاني، قراءةً للأسلوب الحجاجي مقارنةً بالأسلوب البرهاني

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<