إشكاليّة العلاقة بين السياسة الدينيّة والنظام الملكي

إشكاليّة العلاقة بين السياسة الدينيّة والنظام الملكي

 

تحميل المقدمة

تحميل الفهرس

لشراء الكتاب

كلمة الناشر

في سياق مشروعه المستمرّ لنشر الدراسات العلميّة الجادّة في حقول المعرفة الدينيّة-السياسيّة، يقدّم دار المعارف الحكميّة التابع لـمعهد المعارف الحكميّة كتابه الجديد بعنوان إشكاليّة العلاقة بين السياسة الدينيّة والنظام الملكيّ للباحث الدكتور نجف لك زائي.

يمثّل الكتاب نموذجًا لمنهجيّة بحثيّة في ممارسة آليات علم الاجتماع السياسيّ بقراءة التاريخ.

والكتاب بهذا المعنى، ركّز على المرحلة الصفويّة في إيران ليتناول ضمن معالجاته إثارة إشكاليتين مركزيتين:

الإشكاليّة الأولى تدرس الفترة الزمنيّة لعلاقة دولية بين نظامين من الحكم هما: النظام العثماني، والنظام الصفوي، وقد التبست طبيعة هذه العلاقة بخاصيّة مذهبيّة سنيّة وشيعيّة. ومن خلال معالجته هذه الإشكاليّة حاول الكاتب أن يدرس الموضوع ضمن جغرافيّة سياسيّة ترتبط بإيران، ليعتبر أنّ الدولة الصفويّة الطموحة لقيادة المنطقة اعترض طموحها وجود دولة عثمانيّة تختلف معها في التاريخ والانتماء القوميّ، إلّا أنّها كانت تمثّل مركزيّة الحكم السنيّ للعالم الإسلاميّ. بالتالي، فإنّ إدراج المذهب السنيّ في الدولة الصفويّة كان يعني اندراج هذه الدولة ضمن التبعيّة السياسيّة للدولة العثمانيّة، وهذا ما كانت ترفضه الدولة الصفويّة التي وجدت في المذهب الشيعيّ فرصة تميّز لأخذ فرادة في الدور السياس

 

يّ في المنطقة. من هنا، يغلب الظن أنّ تبنّي المذهب الشيعيّ من قبل الدولة الصفويّة كان ذريعةً للخروج من سطوة النفوذ السياسيّ للدولة العثمانيّة السنيّة. وبرغم التنوّع الفكريّ والدينيّ في إيران، فلقد استطاع الشيعة أن يكونوا الجهة الأكثر نفاذًا وتأثيرًا، مما أضفى على المشهد السياسيّ الصفويّ بُعدًا حضاريًّا وفكريًّا وعلميًّا، علمًا أنّ علماء الشيعة وبرغم هذه النفوذ الواسع في الدولة الصفويّة، إلّا أنهم حافظوا – حسب الكاتب – على إحساس الدولة الملكيّة الصفويّة بتصدّيها المباشر لشؤون الحكم، ذلك أنّ الضغط على الدولة في هذا الجانب كان بإمكانه أن يدفعها نحو الغرب في “التنصّر”، وفتح أبواب بلاد فارس لاجتياح تبشيريّ مسيحيّ. إنّ مرونة وحكمة علماء الشيعة حفظت أمورًا ثلاث:

  1. إسلاميّة الهويّة الدينيّة للدولة الصفويّة.
  2. التخفيف من غ

     

    لواء النزاع المذهبيّ مع السنة.

  3. إكساب الدولة الصفويّة عمقًا حضاريًّا.

وهذا ما يكشف أنّ التكامل السياسيّ-الديني في التاريخ يمكنه أن يُظهر لنا تقدّمًا مجتمعيًّا وحضاريًّا إن في السياسة أو في الفكر والبيئة الحضاريّة.

الإشكاليّة الثانية: وهي ترتبط بالعلاقة بين ما هو سياسيّ وما هو دينيّ، بل بدقّة أبلغ، بين الدين والسياسة.

فإذا كان للسياسة خياراتها تجاه الموضوع الدينيّ، تتراوح بين الفصل التام أو الالتحاق بالنظام التشريعيّ للدين أو اتباع الدين للمصلحة السياسيّة، فإن هناك إمكانيات للبحث في خيارات أخرى يمليها دين كالإسلام. من ذلك إدماج السياسة بالمنظومة القيميّة للإسلام، والتي ترسم جملة أهداف مقاصديّة تدفع السياسة الحرّة والمسؤولة نحو تحقيقها، كما أنّها قد توجِد مساحات من المرونة بين التواصل والتخاصص السياسيّ والدينيّ، بحيث أن يكون الفقيه هو الموجِّه في تقنين أنظمة الدولة على أن يمارس السلطان الجانب الإداريّ والإجرائيّ للحراك السياسيّ التنفيذيّ.

ومثل هذه المرونة في دائرة الثابت الذي هو أنّ “الله مصدر التشريع” تحتاج إلى وعي اجتهاديّ بالأصول والوقائع في آن. بحيث أن تصبح حركة الفقيه هي حركة الفقه المرِن في دائرة الثوابت، وهو ما يتفاوت في مظاهره بين الشكل الذي مورس في العهد الصفوي، والشكل الآخر الذي مارسته الدولة الإسلاميّة الإيرانيّة اليوم.

إنّ دراسة الإشكاليتين اقتضت من المؤلّف دراسة جملة أمور منها: الحقل المفاهيميّ للدين والسياسة في الإسلام، أنواع وأقسام الخطاب الدينيّ السياسيّ، البيئة المنتجة لذهنيّة الفقيه وعلاقتها مع أسس الاجتهاد الفقهيّ عند الشيعة، طبيعة المرحلة الصفويّة في حراكها السياسيّ والفقهيّ، مفاصل التنظير الاجتهاديّ-السياسيّ لعلماء الشيعة في تلك المرحلة، وغيرها من الأمور.

والكتاب بهذا المعنى يفتح الباب لبحث الخلفيّة السياسيّة للتجربة السياسيّة الإيرانيّة اليوم، وهل هي استمرار للحقبة الصفوية أم أنّها تمتاز عنها بعناصر جديدة؟!

وفي الختام يجدّد الدار شكره للمركز العالي للعلوم والثقافة الإسلاميّة، ولا سيّما العاملين في قسم الترجمة فيه، على التعاون الميمون الذي يبذله في سبيل نشر كلمة العلم الطيّبة، آملًا أن يكون في هذا الكتاب منفعةً ينالها طالبها بقراءته.

والحمد لله رب العالمين.

 

 


لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<