الأمن القومي الإسرائيلي

الأمن القومي الإسرائيلي

لشراء الكتاب

مقدّمة

ثمّة عوامل كثيرة ومتعدّدة أسهمت بصورة أو بأخرى في خلق المناخ الأمنيّ المعقّد المحيط بـ”إسرائيل”، من بينها الصعوبات التي واجهتها “إسرائيل” لتأمين بيئة تحفظ لها أمنها ووجودها ومستقبلها والتاريخ الطويل من الحروب والمنازعات. ويجري تصوير الأوضاع والمتطلّبات الخاصّة بهذه المسألة على أنّها تشكّل مرادفًا لوجود “دولة” إسرائيل.

إنّ الحفاظ على الأمن الإسرائيليّ يتمّ من خلال تجنيد مختلف الطاقات الذاتيّة والتحالفيّة في هذا الاتجاه إزاء المخاطر والمهدّدات المختلفة التي راحت ترتبط أكثر فأكثر بالظروف والتغيّرات في البيئة الإستراتيجيّة لإسرائيل، وتتحكّم بها متغيّرات داخليّة وأخرى خارجيّة تخضع لمعطيات الواقع المستجدّ وتحوّلات السياسة الدوليّة.

منذ قيامها عام 1948، وضعت “إسرائيل” مسألة الأمن في قمّة أولويّاتها، وبلورت إستراتيجية متكاملة لمفهوم أمنها وسبل تحقيقه. ويسجَّل للقيادات الإسرائيليّة أنّها أجادت صياغة رواياتها التاريخيّة لجذور الصراع ومسبّباته، وأقنعت جمهورها وأقسام واسعة من الرأي العامّ الأمريكيّ والأوروبيّ بروايتها فترة زمنيّة طويلة، وجعلت من أمنها مسألة مصيريّة فأحاطته بهالة مقدّسة، وحوّلته إلى عقدة جماعيّة تحكّمت وما تزال في تحديد اتجاهات الرأي العامّ الإسرائيليّ. وبقي هاجس الأمن عنصرًا حاسمًا حاضرًا وبقوّة في السياسات الداخليّة والخارجيّة لـ”إسرائيل”.

لم ينجح العرب بإقناع “إسرائيل” بالتخلّي عن مفاهيمها الأمنيّة القديمة أو تعديلها حتّى بداية العقد الماضي ولم يستطيعوا نزع هذه الذريعة التي طالما استخدمتها كمبرّر للهروب من استحقاقات “السلام” المدّعى مع سوريا ولبنان والفلسطينيّين لغاية الآن، وحوّلتها إلى ذريعة لشنّ العديد من الحروب والتوسّع. فشنّت منذ نشأتها حتّى عام 2012، ثمانية حروب بدءًا بحرب 1948، مرورًا بحرب 1956، 1967، 1973، 1982، وحتّى حرب تموز 2006 وحربي غزّة 2009 و 2012.

رغم التطوّرات التي أنتجتها عمليّة السلام منذ كامب دايفد، إلّا أنّها لم تغيّر مستوى التهديد الموجّه للأمن الإسرائيليّ؛ فالسلام في خدمة الأمن. فرغم النتائج الخطيرة لحرب الخليج الثانية 1991على الصعيدين الإقليميّ والدوليّ وما خلّفته من نتائج لصالح إسرائيل إحداها الإخلال بالتوازن العسكريّ بينها وبين العرب بعد تدمير البنية العسكريّة العراقيّة التي كانت قوّة ترى فيها خطرًا كبيرًا على أمنها.

كما حمل مطلع القرن الواحد والعشرين تحوّلات وتغيّرات جوهريّة طالت بأبعادها نظريّة الأمن الإسرائيليّ بأهمّ مكوّناتها، ما دفع العديد من الباحثين والخبراء الأمنيّين والعسكريّين والسياسيّين في المؤسّسات الإسرائيليّة إلى استنفار عامّ لتحديث وتطوير “النظريّة” و”العقيدة الأمنيّة الإسرائيليّة” وملاءمتها مع المتغيّرات والأحداث المتسارعة التي تشهدها منطقة غرب آسيا “الشرق الأوسط” ويشهدها والعالم وقد توزعّت المتغيّرات على دوائر ثلاث:

  1. الدائرة الدوليّة أو العالميّة.
  2. الدائرة الداخليّة أو الذاتيّة لإسرائيل.
  3. الدائرة الإقليميّة.


لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<