إصدارات حديثة أطروحة التفسير الموضوعي عند السيد محمد باقر الصدر: قراءة فاحصة

إصدارات حديثة أطروحة التفسير الموضوعي عند السيد محمد باقر الصدر: قراءة فاحصة

اسم الكتاب: أطروحة التفسير الموضوعي عند الشيد محمد باقر الصدر: قراءة فاحصة.

اسم المؤلّف: أحمد عبد الله أبو زيد.

لا يخفى على الباحثين في شؤون الفكر والثقافة في العالم الإسلامي خطورة الدور الذي لعبه الإمام الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر (قدّس سرّه) في نهضة الفكر الإسلامي وانبعاثه في النصف الثاني من القرن المنصرم. 

ولا يخفى كذلك علوُّ المنزلة التي احتلّها في قلوب المسلمين؛ باعتباره الفقيه غير المنازَع على تفجير مكنونات النصوص الإسلاميّة بنحوٍ عبقريٍّ خلّاق أتاح للأمّة الإسلاميّة المشاركة في سباق المعرفة وتجربة الحكم من موقع القوّة والاقتدار.

وقد استدعت اليدُ الإلهيّة ربيب تعاليمها المخلص في بداية انطلاقته الكبرى وانبعاثه العملاق الذي أطلقه بعد انتصار الثورة الإسلاميّة المباركة في إيران؛ فالتحق العاشق بمعشوقه مطبقاً جفونه الساهرة ومريحاً قلمه المنهك بعد أن اكتحلت عيناه برؤية مشروع الدولة الإسلاميّة يتحقّق، المشروعِ الذي كان يأمل أن تستحيل أشجار فكره المتعانقة وقوداً يرفد مسيرته المتنامية.

وعلى الرغم من رحيله المبكر في ربيعه الخامس والأربعين، فقد خلّف الصدرُ وراءه تركة فكريّة مميّزة أحلّته كرسيَّ الصدارة في كلّ ما قدّم، فأوقفنا أمام هذا الإرث موقف المسؤول الذي إذ يعترف بأنّه لا يقوى على ملأ الفراغ بعد أن «ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدّها شيء»، فإنّه في الوقت نفسه يُدرك جيّداً جسامة المسؤوليّة التي تفرضها التبعيّة للمنهج الأصيل الذي خطّ الصدرُ معالمه في ثرى المعرفة.
ومع أنّ المكتبة الإسلاميّة اشتملت على الكثير من الأبحاث التي كتبت حول تراث الشهيد الصدر الفكري، حتّى اجتمع لديّ منها بضعُ مئات في مختلف الميادين، إلّا أنّ جدة العطاء الصدري وأصالته تتيحان على الدوام للمنقّبين فرصة المشاركة في رفد هذه التجربة والمساهمة في تصحيحها وتوضيحها وتعميقها وتطويرها.

وبعد صدور كتابي خماسي الأجزاء (محمّد باقر الصدر.. السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق) في التأريخ لسير الشهيد الصدر ومسيرته، كنتُ أتحيّن الفرص لملأ بعض المساحات الفكريّة التي لا زالت بنظري بحاجة إلى مزيدٍ من الإشباع، فاغتنمت فرصة التحاقي بقسم الدراسات العليا في كليّة القرآن والحديث الكائنة في مدينة قم المشرّفة والتابعة لجامعة طهران على هامش دراستي في الحوزة العلميّة، واخترت ـ وبتشجيعٍ من أستاذ مادة مناهج التفسير فضيلة الشيخ الدكتور كاظم قاضي زاده ـ منهج التفسير الموضوعي عند الشهيد الصدر بوصفه مادة بحثيّة فصليّة يُقدّم فيها التلميذ دراسة مختصرة ليتمرّس على كتابة الرسالة الجامعيّة.

وعلى هذا الأساس اغتنمتُ الفرصة لإشباع رغبتي في تكوين رؤية تصديقيّة فاحصة حول قناعات الشهيد الصدر في حقل التفسير الموضوعي للقرآن الكريم تبارح إطار التصوّرات والانطباعات، فعكفتُ على كتابة هذا البحث الذي تضاعف إلى حدّه الحالي، والذي لم يستهدف تقصّي ما كُتب حول مناهج التفسير الموضوعي من فروع وشقوق وعرضَ مختلف الآراء المقدَّمة في دراسة جامعة بقدر ما استهدف التركيز على دراسة الأطروحة التي تقدّم بها الإمام الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر (قدّس سرّه).

وفي خضمّ ما كتب حول هذه الأطروحة، نحوتُ نحوَ دراسة مفاصلها ومعالجة جذورها على ضوء فكر الشهيد الصدر في مدَياته الأوسع، فاستهديتُ بمبانيه الفكريّة المتناثرة محلّلاً ومستنطقاً، فاستحالت مداداً أتاح إكمال اللوحة في بعض مساحاتها غير المكتملة.
وبعد أن تبنّى مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي في بيروت ـ مشكوراً ـ طباعة الكتاب، اغتنمت فرصة العطلة الدراسيّة ورجعت إليه لأدخل عليه بعض التعديلات، فانتهى إلى صورته الحاليّة.

وفي الختام أسأل الله تعالى أن يتقبّل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وينفعني به ﴿يَوْمَ لاَ يَنْفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾، ويُسقط به يسيراً من عظيم ما للشهيد الصدر في عنق هذه الأمّة.
وأرجو أن تساهم هذه الدراسة في توضيح أطروحة التفسير الموضوعي الصدري وتجليتها وتعميقها، وأن ينفع بها روّاد العلم والمعرفة ؛ إنّه سميعٌ مجيب.



لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<