قراءة نفسيّة للحركات التكفيريّة
الإنسان كائن رمزيّ، يبني تصوّره عن الذات والعالم انطلاقًا من مجموعة من الرموز المصاغة على شكل كلمات ينطق بها أو يتفكّر من خلالها، وهذا ما يجعل حتّى العنف ممنهجًا في حياته، فهو يقوم باصطناعه والتخطيط له ومعننته حتّى يصبح مقبولًا ومبرّرًا. فهذا الكائن يقيم منظومات متكاملة في كلّ عمل يريده عبر إدغام الواقع والرمز والمتخيّل لتحقيق هدفه، وفي حركته هذه يحيل الواقع الخارجيّ – وبحكم عدم القدرة على إمساكه أو التحكّم به أيضًا – إلى رمز لا يأخذ مشروعيّته إلّا من خلال اندغامه بالذات وتحوّلها إلى رمز يستطيع أن يدمجه في المتخيّل له وإلّا وقعت القطيعة مع هذا الأمر الخارجيّ وأخذ منه موقفًا سلبيًّا، فيحاول أن يدمّره أو القضاء عليه، وهذا المقال لن يُعالج مسألة الإنسان بكلّيّته إنّما سيكتفي بأخذ الشخصيّة التكفيريّة ليقوم بعمليّة تطبيقيّة عليها ليظهر آليّة تفكّرها وعملها وسبب استخدامها للعنف المبالغ فيه في مجتمعاتها.
فالحركات التكفيريّة منذ بدأت بالظهور في العصور الحديثة، كانت ردّة فعل إزاء الواقع الخارجيّ والتحدّيات التي أثارتها الحداثة في وجهها، والذي لم تستطع تحويله رمزيًّا لكي تتعايش معه، أي لم تستطع أن تقوم بفعل اجتهاديّ تأويليّ له، فبترت هذا الواقع واعتبرته لا يتلاءم مع الرمز والمخيال الذي تعيشه فسعت إلى تحطيمه، وتحدّثت عن العودة إلى الأصول بشكل هذيانيّ باعتباره رجوعًا إلى زمن البدء لعيش تجربة الوحي بكلّ تمثّلاتها…تحميل المقال
المقالات المرتبطة
التحليل الاجتماعي للرموز
يرى البعض أن التحليل الاجتماعي للرموز يرجع إلى الدراسات (ليجية و ويلام، 2005، الصفحات 203-214) العديدة التي قام بها علماء
المناجاة الشعبانيّة دلال الحبّ مع الله
المناجاة – بعيدًا عن تفاسير أهل اللغة – هي حديث السرّ؛ السرُّ الذي لا يتقن حروفه سوى معشوقَين أرادا أن
القيم الغربيّة: حكاية السيّد الذي أطاح به خادمه
كما الأساطير القديمة، الماقبل سقراطيّة، فإنّ الأسطورة التي نحن بصددها متجذّرة في الملاحظة الحثيثة لهذا العالم.