عظم الله أجوركم !! إنّها النهضة

by الشيخ شفيق جرادي | أكتوبر 5, 2016 7:08 ص

لا ينطوي البحث حول عاشوراء على بعد واحد؛ وهو الانفعال العاطفي؛ إذ برغم ما لهذه العاطفة من موقع في تفاعل الناس مع الحدث العاشورائي، وبرغم موضوعية هذا الانفعال تجاه حدث مثَّل جريمة التاريخ في الحياة الدينية. إلّا أننا نلمح في الحدث العاشورائي معالم النهضة الكبرى التي فتحت على التاريخ مسارًا إيمانيًّا وعقائديًّا خاصًّا ومرتبطًا بالوحي المتنزّل على رسول الله محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم.
إنّ الدخول إلى هذه النهضة التاريخية الكبرى ممكن عبر منافذ ثلاث:
المنفذ الأوّل: هو مشهدية النهضة الحسينية، المنصوبة على منظر الدم، والأشلاء، والرؤوس المرفوعة على الرماح، وسبايا الحرائر من حرم رسول الله محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم.
إنّها المشهدية التي تعكس صور المقتول والقاتل، صور المنتهك لكل الحقوق الإنسانيّة، والمظلوم الذي انتُهك حقه.
إلّا أنه في المشهدية أيضًا، تبرز ملحمية انتصار الدم على السيف، وكيف أن المقتول يحقّق غلبته على قاتله.
وهذا يستدعي من أهل الوجد والوجدان، من أهل الفن والبيان، أن يبرزوا مواهبهم وإبداعاتهم المسرحية والشعرية والصورية على أشكالها وإنتاجاتهم الأدبية والسينمائية وغير ذلك، ليقدّموا المشهد للحظة القائمة، فيستودعوه مخيّلة الناس وضمائرهم.
المنفذ الثاني: هو سردية النهضة الحسينية التي تنقل الحدث بوعي وبصيرة ومقصد. إنّه نقل لا يخضع لمؤثّرات مشهدية الانفعال، فيتحدّث عن أمور مجافية للحقائق والتأريخ، بل يريد نقل مسار الحدث بواقعية وبنبضات من القيم المُؤسِّسَة للنهضة.
وهي – أي هذه السردية – التي ينبغي أن تحكم الخطيب الحسيني والقارئ للمجلس والسيرة الحسينية، بل هي التي ينبغي أن تتحول إلى ثقافة لروحية تلقّي أحداث النهضة الحسينية.
وإنّي، إذ أعتقد أن هذه السردية قد مرّ عليها، وما زال إلى الآن، مراحل من النقد والمراجعة، لكنها أخذت مع الإمام الخميني – قده – ومدرسته منحًى من التحوّل التدريجي، بحيث اعتمد الإمام الراحل المشهدية التقليدية لحدث النهضة، وبثَّ فيها روحية الجهاد والشهادة الحسينية، فبعثها سردية حياة، يطل فيها الواقع على الماضي ويتشكّلان لرسم أفق مستقبل الأمة وتطلّعاتها باليوم الموعود للخلاص.
المنفذ الثالث: معنائية النهضة الحسينية، وهي الأصل الذي ينبغي أن ندرس فيه منطلقات وقيم وأهداف وتطلعات هذه النهضة.
وحول كل ذلك نستودعكم الله.. وللحديث صلة.

Source URL: https://maarefhekmiya.org/7974/%d8%b9%d8%b8%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%a3%d8%ac%d9%88%d8%b1%d9%83%d9%85-%d8%a5%d9%86%d9%91%d9%87%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%87%d8%b6%d8%a9/