الحمد وابتداع الخلق: الدرس الرابع

المصدر: الصحيفة السجادية

تابع سماحة الشيخ شفيق جرادي سلسلة الدروس المتعلقة بالحمد وابتداع الخلق، حيث أكمل شرحه في الدرس الرابع من هذه السلسلة للدعاء الأول من الصحيفة السجادية والذي يتمحور حول تحميد الله عز وجل.

وسنستعرض في هذه الخلاصة النقاط التي تحدث بها سماحة الشيخ شفيق والتي تتمحور حول شرح الفقرة التالية: ” ثُمَّ سَلَكَ بِهِمْ طَرِيقَ إرَادَتِهِ، وَبَعَثَهُمْ فِي سَبِيلِ مَحَبَّتِهِ”.

  • كلمة بعثهم يمكن لنا أن نفهمها على وجوه ثلاث:

الوجه الأول: بمعنى أرسلهم الله. مثال، أنا بعثت فلانًا لأجل أن يفعل كذا وكذا، إلى مكان ما ودور ما ووظيفة ما.

الوجه الثاني: البعث بمعنى الإحياء بعد الموت.

الوجه الثالث: بمعنى ابتعثه؛ أي حثه، شجّعه، وحفّزه على القيام بأمر ما، وعلى القيام بعمل ما.

  • وبحسب المعنى الأول أرسلهم، نستطيع أن نقول: إن الله عز وجل أرسل الخلائق في سبيل هذه الحياة المبنية على أصل محبة الله. الله خلق الوجود بالمحبة، والله سبحانه وتعالى اعتنى بالوجود والموجودات بالمحبة. ومشوار الحياة على أساس ما يراه الله بإرادة محبته.
  • وبحسب المعنى الثاني بمعنى أحياهم، أي أحيا الخلائق الذين خلقهم الله بعد أن لم يكونوا موجودين، ووجِدوا على سبيل المحبة. بالتالي، يتبين لنا أن سر خلق الله لنا قائم على محبته هو.
  • وبحسب المعنى الثالث حثهم على سبيل محبته؛ أي أنه في كل درب الهداية، وفي هذا المشوار الإيماني الديني والعقائدي الذي أراده الله ويريده الله لنا، حثنا الله عز وجل أن ننهجه وأن نمشي عليه.
  • وبحسب المعاني الثلاث: الأصل في إرادة الله هو درب محبته. الله أنشأنا على المحبة، .. وخلق الخلق لأنه يحبهم، ولأمر مرتبط بهم.

إذًا، أول أمر، وأهم أمر ومراد إلهي هي مسألة المحبة…. بالتالي، الباري عز وجل يريد أن يربينا على المحبة، وأن ينشئنا عليها.

فما هي المحبة الإلهية؟

إن من ينظر لمسألة المحبة، ومنشأ المحبة في قلوب الناس، يرى أن المحبة في قلوبهم تنشأ عن نظرتهم إلى كمال ما.

 الناس تذهب دائمًا إلى الانجذاب لأمر كامل.

إما أن يكون الكمال في الأعمال، وهذا يسمونه محبة الآثار… مرة أنا أحب الله لكمال أراه في آثار خلقه في أنعمه، لذلك أعبد الباري عز وجل بسبب هذه العظمة التي تجلت بهذه الآثار وبهذا الدين…

  • أهل العرفان يقسّمون الأمور إلى ثلاث مستويات:

المستوى الأول من المحبة، هو محبة العام؛ أي عامة الناس.

المستوى الثاني: مستوى خواص الناس.

المستوى الثالث: خواص الخواص.

  • محبته للعامة بأن يخصهم المولى بالرحمة والغفران.
  • رحمة الله تشمل جميع الخلائق البر منهم والفاجر. المؤمن منهم والكافر.
  • والعامة الذين يكافئونه لديهم نحو من الرحمة التي فيها زيادة، وهناك عنصر آخر هو الغفران، أن يغفر لهم ويقبل منهم.
  • أما بخصوص خواص الناس، إذ يخصّهم الله بتجليات صفاته الجمالية؛ فما معنى ذلك، مثال: الباري عز وجل هو الحكيم، هو الرازق، هو الهادي. هناك بعض الناس من الخواص إذا كانت الهداية هي الأصل في حياتهم فذلك هو نتيجة تأثير صفة من صفات الباري عز وجل عليهم التي هي صفة الهادي…
  • ويستر عليهم ظلمات صفاتهم، فلا يبقى في كتاب أعمالهم وشخصياتهم إلا وجهه (وجه الله، وجه الرحمة)، وكيف يمكن أن نفسر وجه الله؟ هناك تفسيران: إما الرحمة، وإما ولاية الله ورسوله والأئمة الأطهار عليهم أفضل الصلاة والتسليم.
  • وهو مما يستوجب حمدًا منه بحسبه. كل إنسان منا يمتلك قدرة الحمد وسمو الحمد ورتبة الحمد حسب علاقته بالله..
  • وهناك معرفة خواص الخواص ومحبته لهم واختصاصهم بالجذبات…
  • بالجذبات، لا يوجد إنسان على وجه الأرض لديه شيء لله إلا ولديه لحظات جذب.
  • نحن من طبيعتنا أن نكون من خواص خواص خلق الله، لكن مشكلتنا أننا لا نتجه نحو ذاك المقام..
  • ما هي المؤشرات أو الخصائص لمحبه العبد لربه؟

ذكروا جملة أمور. هذه الأمور كل واحدة منها عبارة عن مؤشر أو خاصية..

  • مؤشر يعني شي يدل أنك من الذين يحبون الله والله يحبهم…
  • خاصية؛ يمكن أن يشعر بمؤشر ليطمئنه لكن لا يقول أنا صاحب هذا الخاصية بل غيره يتحدث عن الخاصية، وليس هو.
  • من المؤشرات:
  1. تقديم أمور الآخرة على أمور الدنيا.
  2. التواضع لعباد الله بخدمتهم ومحبة من يذكّر في مجالسته بالله سبحانه وتعالى.
  3. الشدة على أعداء الله، وعدم الركون لأهل الدنيا.
  4. المجاهدة بالمال والأنفس في سبيل الله، بل القيام بكل أعمال الجهاد في سبيل الله.
  5. أن لا يخضع لشيء إلا لله، بل أن يصل لدرجة أن لا يستغويه شيء إلا الله.
  6. أن لا يسكن ولا يطمئن ولا يعتمد إلا على الله.
  7. أن يأنس بخلوة المناجاة والذكر والخدمة في الله والخدمة في سبيل الله.

هذه المؤشرات والخصائص ذُكرت لمن يحبهم الله سبحانه وتعالى، ولمن هم أحباب الباري عز وجل.

 


لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<