قراءة في كتاب “الغرب: الشباب في معركة المصير”

by سكينة أبوحمدان | ديسمبر 3, 2020 7:57 ص

أولًا- الكتاب في سطور
عنوان الكتاب: الغرب: الشباب في معركة المصير
اسم المؤلّف: الإمام الخامنئي (حفظه الله)
اسم المترجم: عبّاس نور الدين
تحقيق وتدوين: معاونية التحقيق والتعليم
دار النشر: دار المعارف الحكميّة
تاريخ النشر: 2016م – 1437ه
عدد الصفحات: 132
مكان النشر: بيروت
الكتاب بجلّه من تأليف معاونية التحقيق والتعليم في طهران، ترجمة السيّد عباس نور الدين. يحمل في اللغة الفارسيّة عنوان الرسالة نفسها. بعد ترجمته أحيل إلى قسم التحرير، تمّ ضبط جمله وأفكاره وتصحيح الأخطاء الإملائيّة والنحويّة ومتابعة إخراجه وقد اقترح سماحة الشيخ شفيق جرادي عنوان الغرب: الشباب في معركة المصير لما تضمّنه من تركيز على عنصر الشباب في الغرب إلى أن خرج بحلّته هذه.
 ينقسم الكتاب إلى 3 أقسام:
ثانيًا- قراءة في الكتاب
شكّلت الثورة المعلوماتية تحديًا حقيقيًّا، فهي استطاعت أن تعبر بالإنسان إلى عالم رقميّ، يتخطّى الحدود الطبيعيّة والسياسيّة والثقافيّة، وهو ما ألقى بثقله على المجموعات الحضاريّة، التي يشكّل الإسلام محورًا أساسيًّا فيها. ممّا أثار كثيرًا من الأسئلة عن كيفيّة التعاطي معها، في ظلّ عالم يحاول أن يشوّه إنجازات هذا الدين القيّم، ليظهره على خلاف طبيعته الحقيقيّة، لاستيعابه أو منعه من تحقيق أهدافه العليا الساعية إلى خلاص البشريّة.
لذلك، لا يمكن الوقوف مكتوفي الأيدي، بل لا بدّ من العمل الدؤوب لإظهار ما في الإسلام من قيمٍ ومبادئ إلهيّة تسعى لإخراج الإنسان من نير عبوديّة غيره إلى عبادة الواحد الأحد. وهذا ما أراده الإمام الخامنئي (حفظه الله) حين خطّ رسالته لشباب أوروبا وأميركا الشماليّة بعد سلسلة من الأحداث المسلّحة في باريس، ابتدأت بالهجوم على مكتب مجلّة “شارلي إيبدو” في العاصمة الفرنسيّة باريس بتاريخ 7 كانون الثاني 2015، وأخرى مماثلة وقعت في كوبنهاغن على خلفيّة الكاريكاتور المسيء للنبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله)، وما خلّفه هذا الأمر من بثّ مشاعر الكراهيّة ضدّ الإسلام، استفادت منه القوى المعادية للإسلام في الولايات المتّحدة الأمريكيّة وأوروبا لبثّ روح العداء للإسلام، وإظهاره كديانة عنيفة، لا تقيم وزنًا للإنسان، وسعت من خلال ذلك إلى إظهاره كدين دخيل على المجتمعات من أجل محاربته وإخراجه من الساحات والنفوس.
هذه الرسالة التي حملت همّ البشريّة، ودعت الآخر بما هو شريك حقيقيّ للتبصّر بالتجربة الإنسانيّة دون عصبيّة بغضّ النظر عن العرق واللون والدين والمذهب.
ركّز الإمام الخامنئي في خطابه على عنصرين أساسيين هما:
في بداية الرسالة، يشير إلى أنّه لا يخاطب السياسيين ولا المسؤولين ولا الآباء ولا الأمهات، إنّه يستنهض حبّ البحث عن الحقيقة عن وعي وحيويّة في قلوب الشباب خاصّة.
لقد انطلق الإمام الخامنئي من مبادئه المستقاة من النبيّ محمّد (ص) وأهل بيته إلى التعرّف على الدين الإسلاميّ من منابعه الأصيلة: القرآن والنبيّ الأكرم واستحضار التاريخ النبويّ وما فيه من مُثل وقيم بالتعامل مع الآخر. دعاهم إلى إيقاظ حسّ البحث عن الحقيقة في قلوبهم، هذا الحسّ الذي أراد له الأميركيّ أن يبقى مطموسًا لتبقى صورة الإسلام مشوّهة وخاطئة في أذهانهم.
وأستعين بكلمة للإمام الخامنئي في 16-7-2016 حيث اعتبر أنّ المصدر الأصليّ للحرب وانعدام الأمن والإرهاب في المنطقة والعالم الإسلاميّ هو القوى الاستكباريّة وعلى رأسها أميركا. وأكّد أنّ هدفهم هو توفير أجواء لتنفّس الكيان الصهيونيّ وإنساء قضيّة فلسطين المحوريّة. يريدون أن ينشغل العالم الإسلاميّ بقضاياه الداخليّة لينسوا هذه القضيّة وليوفّروا الفرصة للكيان الصهيونيّ لمتابعة أهدافه الخبيثة. إنّ اختزال قضيّة بهذه الأهميّة إلى قضيّة داخليّة وصراعات دامية في بلدان العالم الإسلاميّ في سوريا واليمن وليبيا والعراق والمناطق الأخرى فكرة خاطئة. لقد حوّلوا أعياد الناس إلى أحزان ومآتم وهو ما يحزن الإنسان حقًّا.
يخاطب الإمام الخامنئي في رسالته الأبويّة الشباب الغربيّ ليقول لهم: إنّ ما يُقال عن الإسلام ليس كما يصوّرونه، فالجماعات التكفيريّة لا تمثّل الإٍسلام البتّة. هم لا يعادون الشيعة فقط بل يعادون الإنسانيّة ككلّ. يشوّهون صورة الدين الرحمانيّ الذي أتى به محمّد (ص) “إنّا أرسلناك رحمة للعالمين”.
ابحثوا عن الإسلام الحقيقي لا ما يقدَّم في وسائل الإعلام والممارسات العنفيّة التي يقوم بها التيّار التكفيريّ في كل ّمكان من العالم. لقد استفاد الغرب من التكنولوجيا ليبثّوا سمومهم إلى العالم. لقد صنعوا وحشًا ضاريًا تحت مسمّى الجماعات التي تكفّر الإنسان وتبثّ الرعب في النفوس.
إنّ تخويف الناس من الإسلام هو من الأعمال والبرامج والخطط الأساسيّة والمهمّة التي تقوم بها الشركات الفنيّة. قاموا بتشكيل جماعات باسم الإسلام، جهّزونهم، سلّحونهم ودعمونهم ليقدِموا على قتل الناس الأبرياء لأنّهم يخافون من الإسلام الحقيقيّ، الإسلام السياسيّ الذي يسعى إلى العدالة الاجتماعيّة، والذي سيوجّه ضربة لمصالحهم وهو ما يدلّ على خوف واضطراب القوى المتسلّطة في العالم، وهذا هو واقع القضيّة.
إنّ البشريّة (والكلام للإمام الخامنئي) اليوم بأمسّ الحاجة لقضيّتين أساسيّتين: إحداهما إثارة الأفكار، والثانية تهذيب الأخلاق، ولو تأمّنت هاتان المسألتان فسوف تتأمّن المطالب القديمة للبشريّة من العدالة والسعادة والرفاه الدنيويّ.
وأخيرًا، ربّما كانت رسالة الإمام الخامنئي لشباب أوروبا وأميركا الشماليّة صغيرة في الحجم ولكنّها تحمل المعاني العميقة في المضمون، إنّها رسالة الإنسان للإنسان.
وهي أيضًا تضعنا – نحن المسلمين- أمام مسؤوليّة كبيرة في تقديم الإسلام المحمّديّ الأصيل بوجهه الرحمانيّ السمح كما أراده الله وسعى إليه نبيّنا الأكرم (ص) وأئمتنا عليهم السلام على مرّ الزمن وهو الهدف الذي من أجله سوف يظهر قائمنا المنتظر (عج).
فعلينا أن نسعى جميعًا لإيجاد البيئة الإلهيّة الحاضنة التي فيها من السماحة والمحبّة ما تجعل الآخر أيًا كان من أيّ مذهب أو ملّة ينشدّ إلى ديننا العظيم وأن لا نشوّه صورة إسلامنا بممارساتنا الخاطئة عن قصد أو غير قصد مع بعضنا البعض ومع الآخرين.


اكتشاف المزيد من معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Source URL: https://maarefhekmiya.org/11101/shabablghareb/