التصوير الرمزيّ والتصوير الشاعريّ في”الإشارات الإلهيّة” و”منطق الطير”

التصوير الرمزيّ والتصوير الشاعريّ في”الإشارات الإلهيّة” و”منطق الطير”

ما هي سمات التصوير الرمزي/الشاعري في”الإشارات الإلهية”و”منطق الطير”؟ وهل تتقاطع هذه السمات أم تتساند فيما بينها؟ وبماذا يتميز التصوير الرمزي في”الإشارات الإلهية”عن التصوير الرمزي في”منطق الطير”؟ وما سمات الشاعرية البارزة في هذا التصوير؟ وما الملامح الرمزية والشاعرية الفاعلة في النثر الأدبي الصوفي؟  وهل تسهم هذه الملامح في تشكيل الرؤية الصوفية للوجود والحياة؟

  1. التصوير الرمزي والتصوير الشاعري في”الإشارات الإلهية”

سنركز في هذا المبحث على عدد من السمات الجمالية التي أسهمت في تشكيل رمزية التصوير الصوفي وشاعريته وتحديد ملامحه البارزة. وهكذا ارتأينا أن نقف عند التشكيل الرمزي وسمات الغنائية والتكثيف والتكرار باعتبارها مرتكزات تصويرية أساس في تحديد فنية النصوص الصوفية النثرية وتلوينها بنكهة جمالية شاعرية مميزة، وطاقات دلالية غنية بالإيحاء.

يعد الرمز سمة تكوينية بارزة في التصوير الأدبي الصوفي. والرمز طاقة تصويرية تحظى بأهمية كبرى في الخطاب الأدبي الصوفي بشتى أنواعه وأشكاله. ويستند التخييل الصوفي إلى الإشارة الصوفية الرمزية قصد تشكيل دلالاته وأبعاده الفنية. وإذا كان الرمز يندغم في الإشارة ويتحد بها ليولِّد شرارة التخييل الطريف المتسم ببعض الغموض والالتباس، فإنه يسهم بدور فعال في منح النص الصوفي سمات شاعرية على قدر كبير من الحيوية والقدرة على تجسيد أحاسيس الصوفي وتشخيص رؤاه الروحية. وبهذا يعد الرمز سمة من سمات التصوير الشاعري في النص النثري الصوفي، خاصة حينما ينبثق من بؤرة المجاز أو الاستعارة أو من الإمكانات البلاغية واللغوية الأخرى التي يشحنها الصوفي بطاقة الرمز والإشارة.

يقول أبو حيان في نص شاعري النفس رمزي الأبعاد واسع الدلالة يمتلك قدرًا هائلًا من المتعة:

أشهدني الأكوان مزخرفةً بأخبار وأعيان، فقلقلني بها تشويفًا، ثم حَلْحَلني عنها توقيفًا، ثم لم ألبث إلا هُنيهة حتى أدمجني فيها وأدرجني معها. فلما تبشبشتُ هناك قليلًا، فتحت بصرًا كليلًا، وجررت حبلًا طويلًا، فرأيت هنالك خَلْقًا يعشق خَلْقًا، وخَلْقًا يقتضي خَلقًا، فطلبتُ فَرْقًا فلم أجد فَرْقًا، ثم أسندت إليه تهاويله وأفاعيله تملسا من إضافة الملك، وخِيفةً من مواقعة الهُلك، فسلط علي ألسنة مُقرِّعة بالتقصير، وأظهر لي أهوالا مروِّعة بالتنكير، حتى كأني نَبَوْتُ عن الكون نُبُوًا، وسموت عليه سموا. فلما أخذ بمخنقتي في هذا الوقت، ومنعني من أن أهتف أو أكشف، عطفت لايذًا بالإسفار عما دهاني به الاستتار، فلما رآني كذلك حبسني في نفسي، ودفنني في رمسي، وسلبني روحي وأنسي، وغيَّب عني قمري وشمسي، وحسم حسي عن غدي وأمسي، فقلت بلسان العدم: يا ولي القِدم، أمُعاقَب في عشقك أنا؟  قال: بل مُعاقِب أنا في صدقك في عشقك. فقلت: سيدي، فهل وراء الصدق غاية، أو هل فوق العشق نهاية؟  فقال: نعم، غَيْبتُك عن صدقك برؤية صدقك، وعُزوبُك عن عشقك باستيلاء عشقك…تحميل البحث

 



المقالات المرتبطة

الثقة بالآخرين

تُعرَّف الثقة في علم الاجتماع بأنها علاقة اعتماد بين اثنين، الشخص المؤتمن والشخص المؤتمن عليه، وهي رمز وقيمة أخلاقية إيفائية على الشخص المؤتمن أن يفي بوعده.
ولا يخلو تعريفها من دخالة العوامل النفسية، فهي انبثاق داخلي من صلب شخصية الإنسان قائمة على الاعتقاد والايمان الراسخ والقوي بمصداقية أو حقيقة شخصٍ ما

استعادة الطبيعة البشريّة

التوحيد أساس الرؤية الكونيّة الإسلاميّة، والمعرفة التوحيديّة هي التي ترتبط بالطبيعة البشريّة بصرف النظر عن كلّ العوامل المشكِّلة للمعرفة النقليّة.

الحوراء التي غيّرت العالم..

كانت مسار الثورة الحسينيّة المتنقّلة بين البلاد والمدن والعباد تنشر سنن محمّد (ص) وترفع راية الشهادة الطامحة نحو تحقيق الظفر..

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<