غزة والجهاد

by الشيخ شفيق جرادي | يناير 16, 2024 11:38 ص

إن الحديث حول الجهاد في الإسلام، من الأبحاث الإسلامية العميقة والحميمة، والتي لاقت اهتمامًا واسعًا عند مختلف الجهات الإسلامية وغير الإسلامية المهتمة بقضايا الإسلام والعالم الإسلامي.

ومثار حديثنا اليوم حول الجهاد هو وقوع معركة مصيرية في فلسطين عنوانها غزة التي انطلق منها (طوفان الأقصى)، والتي خاضت وتخوض من خلالها حماس والجهاد الإسلامي وبقية الفصائل الفلسطينية فعلًا جهاديًّا استشهاديًّا جادًّا. يساندهم في ذلك دول وقوى محور المقاومة من لبنان والعراق واليمن، إضافة للجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية العربية السورية وكثير من شعوب المنطقة العربية والإسلامية، وكلهم ممن يؤمنون بالجهاد والمقاومة في مواجهة إسرائيل الغاصبة كخيار وحيد لمواجهة المحتل واسترجاع الأرض.

وهو خيار يحمل أبعادًا ثلاث:

البعد الأول: كونه موضوعًا عقائديًّا ينتصر لرفعة كلمة الحق وكسر شوكة الظالمين، وكل من ينتهج سبيل إطفاء نور الدين عن أن يتوسع ويتعمق في نفوس الناس ومجتمعاتهم. وقد عبّر عنه الإمام علي (ع) أنه “بابٌ من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه وهو درع الله الحصينة وجُنّته الوثيقة…”.

البعد الثاني: إنه واحدٌ من السياسات الفاعلة لحفظ الحق سواءً على مستوى الجماعة، أو على مستوى الدولة، فلا يمكن لجماعة في الأرض أن تحفظ احترامها وتنال حقوقها، كما لا يمكن لدولة في الأرض أن تنال استقلالها وأن تساهم في السياسات الدولية الحافظة للأمن العالمي ما لم تكن مدرّعة بالقوة وقدرة المواجهة والدفاع عن النفس.

من هنا، فإن الأمة الإسلامية مهما كانت تشكيلاتها لا بدّ لها من أن تمتلك القدرة على الجهاد حفظًا للذات ونشرًا للقيم والمبادئ.

ومن ذلك قوى المقاومة في فلسطين والمنطقة، والعدو أو الصديق الذي لا يعي هذه الحقيقة الموضوعية، هو جاهل بطبيعة وهوية هذه الأمة وقواها.

البعد الثالث: هو الواقع المُعاش في زماننا الحاضر، فقد خبرت الأمة من خلال صراعها المرير مع الغاصب الصهيوني لفلسطين أن كل السبل السياسية والاقتصادية والقانونية المجردة من عامل المقاومة العسكرية والأمنية لم تُجدِ نفعًا، ولن تجدي نفعًا. وقد ضرب بها العدو وحصنه الدولي المتمثّل بالولايات المتحدة الأمريكية عرض الحائط، وقد أثبتت التجارب المريرة أن اللغة الوحيدة في مواجهة هذا العدو وانتزاع الحقوق منه هي المقاومة وفعل المقاومة. وأن أي طريق آخر سياسيًّا أو غير ذلك ليحقق الأهداف لا بدّ له من أن يقترن بفعل المقاومة.

عليه، فإن نيل غزة لحقها في الوجود بشعبها الحر الكريم، وبعيشها العزيز لا يمكن أن تنال مطامحها إلا بمقاومة الاحتلال. وهي اليوم تدرّعت بالجهاد لتنفض عنها ثقل الآلام والمذلة، ولترفع لواء الحمد لله، برفعها لواء القتال مع أعداء الله والإنسانية، وستصل بهذا إلى مرادها حتمًا.


اكتشاف المزيد من معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Source URL: https://maarefhekmiya.org/16436/ghaza-3/