by صفيّة فوّاز | أغسطس 13, 2024 7:40 ص
الأخلاق هي مجموعةٌ من الصفات الراسخة في النفس، والتي توجب صدور أفعالٍ تناسبها بدون الحاجة إلى التأمّل والتفكّر، كما تُكسب السلوك والحياة صبغةً خاصّةً ونمطًا خاصًّا.
هذا التعريف للأخلاق محلّ اتّفاق، أمّا الاختلاف فوقع في مصدريّته، فنشأت جبهتا الإلحاد والإيمان (المسلمون)، حيث سعى الملحدون للتشكيك في مصدريّة الدين للأخلاق، بل وزعموا بأنّ الدين يفسد الأخلاق الإنسانيّة، فالإنسان يتّصف بالأخلاق الحسنة ويبتعد عن تلك الرذيلة من أجل نيل الثواب وتلافي العقاب. وهذا ما جعل المؤمنين غير متآلفين مع ذاتهم، بل وحتى إنّ هذه الأخلاق تجعلهم منافقين. وقد جاءت الإنسانوية لتستر شوائب الإلحاد وتطبع هذه الشبهة الآنفة الذكر بالدين، وقد ارتكزوا على الرؤية الماديّة الفاقدة لأيّ معنى للأخلاق.
هناك سؤال يُطرح: أيٌّ من هاتين الجبهتين (المؤمنة والملحدة) حقًّا هي من تصون وتشيّد هذه المنظومة الأخلاقيّة، بل وتسعى لتقديم أساسٍ منهجيٍ لعالمٍ أخلاقيّ، وأيّهما تأتي بالهرطقات والسفسطة؟
نحن ندرك بالبداهة المنطقيّة أنّ لكل رؤيةٍ أخلاقيّةٍ أصولًا كليّةً ومرجعيّةً، وبالنظر لهذا يمكننا تناول الأصل الكلّي لكلٍّ من الإيمان والإلحاد لندرك على أرض الواقع أين تقع الأخلاق في كِلا المنظومتين.
إنّ القاعدة الأولى والأساس في المنظومة الإسلاميّة هي الاحتكام للّه فهو الخالق لكلّ الموجودات وجميعها تحت تصرّفه وملكه، من هنا نجد أنّ هذه القاعدة تجتمع مع قاعدةٍ منطقيّةٍ هامّة في شأن الأخلاق وهي ثباتُ المصدر وشرفه. فنحن عندما نريد أن نُرجع هذه الأخلاق لمصدرٍ لا بدّ وأن يكون ساميًا ومتعالٍ عن البشر فهم في حقيقتهم متصفين بالنقص والجهل والحاجة، لذلك يجب أن يكون متمايزًا عنهم إذ لديه مطلق العلم متمتّعًا بما لا نهاية له من المعرفة بكلّ المصالح الفرديّة والاجتماعيّة والجسميّة والروحيّة والماديّة والنفسيّة، والإحاطة والإدراك الكامل والحكمة والتدبير، وأن يكون متجرّدًا من الرغبات الشخصيّة والأهواء النفسيّة، هذه الشروط جميعها متوفرةٌ في اللّه تعالى فهو الغني المطلق المنزّه والبعيد عن الرغبات النفسيّة ومراعاة المصالح الشخصيّة.
وهكذا يربط الفيلسوف الفرنسي “جاك مارتيان” بين استقرار المجتمع، وبين وجود مجموعةٍ من القيم ذات مصدر إلهيٍّ وحقائق مطلقة تسلّم بها الأفراد جميعًا. فالمسلم يؤمن بالنصوص الشرعية التي تنزّه الشرع عن إقرار القبيح أو ذمّ الحسن من الأفعال، فهو يعتقد بأنّ اللّه خلق الأشياء وجعل فيها صفاتًا كامنةً نعلمها بالفطرة فقُبحُ الكذب والظلم واضحٌ بما لا يدعُ مجالًا للشكّ، وحُسن الصدق والعدل واضحٌ أيضًا في ذاته.
لذلك يقول “زكي نجيب محمود”: إنّ مصدر المبادئ الأخلاقيّة راجعٌ لصورتها التي رسخت في القلوب إلّا أنّها لم تضح مبادئًا إلّا عندما أيّدها الوحي ما جعلها قواعد راسخةً لا تتبدّل ولا تتغيّر ولا تزول.
أمّا التصور الإلحاديّ، والذي تبنّته الروحانيّة المعاصرة بوصفها مذهبًا إلحاديًّا يسعى فيه الفرد للاستكشاف الروحيّ والبحث الذاتيّ (الوصول إلى الحقائق أيا كانت) عن طريق “الذات الإنسانيّة” فهي حاربت الأديان والمعتقدات وتمرّدت عليهـا؛ لأنّها تراهـا عائقًـا عـن الوصول إلى الحقيقة عبر البحث الذاتيّ عن الحقائق الروحيّة، فهم يعتبرونها استعراضًا للغرور”للأنا”.
يقـول أوشـو: “إنّ المعتقـدات والرمـوز والأمثلـة والأيديولوجيات والنصوص ما هي إلّا غبارٌ متراكمٌ على عينيك، والمعجزة أنّك لا تزال قادرًا على رؤية القليل الذي تراه”. ويؤكّد على ذلك بقوله: “إيّاك أن تكون أبدًا جزءًا من نظام المعتقدات، لا تكن هندوسيًّا، ولا مسلمًا، ولا تابعًا، ولا بوذيًّا، عندما تصبح جزءًا من نظام المعتقدات، فإنّك تصبح عبدًا”.
ذهبت الروحانيّة لنفي المطلقات والثوابت فلا خالق ولا مشرّع، فهدمت الأساس الأوّل لوجود الأخلاق، بل هدمت الغاية من وجودها. وهي ترى الكون مجموعةً من التفاعلات الماديّة التي لا غاية لها ما يفقد كلمتَيْ حسنٍ وقبيحٍ أيّ معنى أو دلالة. وقد أقرّ بذلك الفيلسوف “بول سارتر” حيث قال: إنّ الوجوديّة تقول بعدم وجود اللّه، معناه عدم وجود القيم المعقولة كذلك، وعدم وجود الخير بصورة مسبقة لأنّ عدم وجود اللّه معناه هو عدم وجود وجدانٍ كاملٍ لا متناهٍ يعقل ذلك الخير، وبهذا يصبح القول بوجود الخير أو بوجود الصدق والعدل قولًا لا معنى له. هذا الرفض للأسس الدينيّة والأخلاقيّة جعل الروحانيّة الإلحاديّة ملزمة أدبيًّا للبحث عن منشأ آخر للسلوك الكريم.
فهل يمكن أن يكون هناك منشأٌ إلحاديٌ روحانيٌ معاصرٌ للأخلاق؟
إنّ الإلزام الإلحاديّ الروحانيّ تارةً يأتي في ثوب الإلزام الاجتماعيّ الذي يلزم الفرد بالاحتكام إلى سلطة المجتمع، وقد يأتي تارةً أخرى في ثوب الإلزام النفعيّ الذي يجعل المنفعة هي التي تقرّر الأخلاق، لكن عند النظر سنجد أنّ هذا الإلزام الاجتماعي يعطّل قيمة الأخلاق ويحوّلها إلى محض مصالح متبادلة بين الأفراد، فيكون الصدق فعلًا أخلاقيًّا في الهند، بينما هو فعلٌ مشينٌ في اليابان. كما أنّ هذا الإلزام الاجتماعيّ يدمّر أيّ مفهومٍ إصلاحيّ فلو وجد المرء نفسه في مجتمعٍ يبيح الاغتصاب فهو غير مطالبٍ بالدعوة لإصلاح ذلك لتوافق المجتمع عليه، الأمر نفسه ينطبق على الإلزام النفعيّ ولكن بصورةٍ معاكسةٍ، إذ يجعل هذا الإلزام الأخلاق وسيلةً للذّة والمنفعة الشخصيّة الأمر الذي يدمّر بنيان أيّ مجتمعٍ، ويحوّل أفراده لحفنةٍ من البهائم التي تتقاتل على لذّاتها ومنافعها فما يبيحه هذا يحرّمه ذاك والعكس بلا ضابط ولا حاكم ولا ثوابت على الإطلاق في كل مجتمع الإنسان.
بينما في الإلزام الدينيّ نجد أنّ المرء يدرك علم اللّه به وإحاطته بغيب السماوات والأرض ﴿وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59﴾. (سورة الأنعام، الآية 59). فيدرك أنّه مسؤولٌ أمام شاهدٍ يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وهذا وحده هو ما يصنع الإلزام الأخلاقيّ، لكن هل هذا يعني أنّ المؤمنين يتّبعون الأخلاق مخافة العقاب دون إيمانٍ بقيمتها؟
في الحقيقة إنّ حب اللّه وتعظيمه يلعب دورًا كبيرًا في توجيه عباده المؤمنين، حيث إنّ الأخلاق في الإسلام تمثّل ميثاقًا بين العبد وربّه وليست محض أمورٍ تواضع عليها البشر، ولهذا فإنّ الأخلاق في الإسلام جزءٌ من جوهر العبادة ومكوّن من مكوّنات هويّة المؤمن. فضلًا عن هذا، فكلّ عاقلٍ يجد نفسه مدفوعًا بغايةٍ في ممارسة أيّ فعل، وأيّ غاية تكون أشرف من رضى إله الكون وخالقه، خاصّةً وأنّ هذه الأخلاق توافق في نفسه باعثًا فطريًّا قويًّا على استحسان ما حسّنه الشرع واستقباح ما قبّحه.
عرض لبعض النماذج الأخلاقية لمريدي الروحانيّة المعاصرة
من أبرز رموز التيار الروحانيّ المعاصر “أوشو راجنيش” المولود في الهند، والذي يُعتبر في مقدّمة زعماء التيار الروحانيّ المعاصر. ظهر فساد فلسفته وانحرافها جليًّا خلال دعواته وكتاباته الداعية إلى التحرّر وإطلاق العنان للرغبة الجنسيّة، وإضفاء القداسة على الإباحيّة المطلقة، حيث ألقى محاضرات تحت عنوان: (من الجنس إلى الأسمى) زعم فيها أنّ الجنس هو الخطوة الأولى نحو النموّ الروحيّ والوعي الإنسانيّ، وقد لاقى بسبب هذا الإدّعاء الفاحش انتقادات كبيرة من الهندوس أنفسهم.
وهذا يشكّل عائقًا حيث إنّ الوصول إلى الكمال الإنساني وبلوغ مرحلة القيم والفضائل لا يتيسّر إلا بتقييد هوى النفس والتخلي عن الرغبات اللامشروعة، وذلك بالتحلّي بفضيلة العفّة والتي تقع حدًّا وسطًا بين الشهوة والخمود. وعلى أيّ حال فإنّ المستفاد من آيات القرآن الكريم والروايات الإسلامية أنّ العفّة من أعظم الفضائل الأخلاقيّة والإنسانيّة.
ويعتبر من أهمّ أسباب إقبال الغربيين على الطوائف الروحانيّة الشرقية أنّها قدّمت لهم روحانيات خالية من أيّ التزامات أخلاقيّة أو شرعيّة، فبعد تخلّيهم عن الدين المسيحي لم تعد لديهم رغبة في التقيّد بالضوابط الأخلاقيّة التي تردع شهواتهم، إضافة إلى رغبة كثير من الغربيين في التلاعب بالوعي دون تعاطي العقاقير بعد ثبوت أضرار المخدّرات، إذ دلّت الإحصاءات على أنّ 96,4٪ من أتباع الطوائف الروحانيّة الشرقيّة سبق لهم استخدام المخدّرات قبل انضمامهم إليها.
في المقابل انتشرت في الستينيّات موضة “الهيبيز” مع ما لازمها من انحلال أخلاقيّ غير مسبوق، وبلغت ذروتها مع خروج حشود من الشباب إلى الأرياف وتجربة الحياة البدائيةّ، وكان نمط حياتهم يعتمد على الإباحيّة وتعاطي عقاقير الهلوسة مع طقوس التأمّل، فوجدت أفكار حركة العصر الجديد في هذه الفترة بيئةً خصبةً للانتشار.
فكيف يجتمع صفاء الروحانيّة مع عقاقير الهلوسة التي تسلب من يتعاطاها القيمة الإنسانيّة الرفيعة، وتهبط به في أودية البهيميّة، حيث تؤدّي بالإنسان إلى تحقير النفس فيصبح دنيئًا مهانًا؟
وأيضًا برز اتجاهٌ بين النساء (وبعض الرجال) نحو ما يمكن أن يُسمى “العودة إلى الروحانيّات”. أي رفض هذه الحضارة المادية التي لا تهتم إلا بالماديّات والشهوات الجسدية وتنسى الروحانيات.
كانت الواحدة من هؤلاء تَعتبر نفسها امرأةً متحرّرةً أو Feminist ومع ذلك هي تخفي وجهها الحقيقيٍ تحت طبقةٍ سميكةٍ من المكياج، في أذنيها يتدلّى حلقٌ كبيرٌ ضخم، في قدميها حذاءٌ له كعبٌ عالٍ مدبّب، ملابسها شبه عارية، هي تتبع كلّ مواصفات الموضة وأدوات الزينة الحديثة… فهل تعرية جسد المرأة نوعٌ من الروحانيّة الجديدة؟ وهل تغطية وجه المرأة بطبقةٍ من المساحيق نوعٌ من التحرر؟
الإمام زين العابدين النموذج الأرقى والأسمى للروحانيّة الإسلاميّة
بكلّ انقطاعٍ إلى اللّه وبما يختزن من روحانيّةٍ معتّقةٍ فهو نور المجتهدين وسراج المرتاضين ومصباح العالمين هو زين العابدين، يتلو علينا زبوره مع انسياب الدمع من مآقيه ليحيي بماء عينيه الشخصيّة الإسلامية ذات الخُلق الرفيع، فكان رائدًا للروحانيّة الحركيّة، لم يكن ساكنًا ولا خاملًا ولا جامدًا، بل تتميّز شخصيّته بروحانيّةٍ حركيّةٍ تفاعليّةٍ تتفاعل مع قضايا المجتمع، وتُسهم في علاج مشاكله وحلّ معضلاته. فقد استطاع هذا الإمام بما أوتيَ من مواهب أن ينشر من خلال الدعاء جوًّا روحانيًّا في المجتمع الإسلامي، وأن يساهم في تثبيت الإنسان المسلم عندما تعصف به المغريات وشدّه إلى ربّه حينما تجرّه الأرض إليها، وتأكيد ما نشأ عليه من قيمٍ روحيّةٍ لكي يظلّ أمينًا عليها في زمن الغنى والثروة كما كان أمينًا عليها وهو يشدّ حجر المجاعة على بطنه.
ولأنّ كلٌ منّا يبحث عن السلام الداخلي مع نفسه وهذا لا يتحقّق إلا في ظلّ ضبط قوى هذه النفس وخضوعها لسلطانٍ حكيمٍ هو العقل. والسلام مع الناس يحصل في ظلّ العفو والحلم والمسامحة، وليس في كفّ الأذى عنهم فحسب. وإذا تحقّق هذا السلام الداخليّ انبعثت الطاقات الكامنة في النفس، وصار بإمكاننا أن نستمتع بكلّ ما خلقه اللّه تعالى لنا بأفضل صورة.
وإذا تحقّق السلام مع الناس ظهر الكثير من الخير والجمال الكامن فيهم.
فكانت رسالة الحقوق للإمام “علي زين العابدين” (ع) منهلًا يرتوي بها المتعطّش سلامًا، هذه الرسالة يفيض بها الوجدان روعةً وجلالًا، ويمتلئ بها القلب طمأنينة وإيمانًا، وتثير في الأسماع بهجةً ورضًى، وتحرّك في النفوس عواطف وأحاسيس، وهي لعمري رائد الفكر الإنسانيّ، وسجلّ المعرفة. وفوق ذلك كلّه، إنّها الوسيلة لفهم الإنسان نفسه وما فُطرت عليه من مواهب ونزعات. وهي كذلك مقوّمة للأخلاق ومقدّرةً القيم، والمشرف الأعلى على جميع منازع الناس وتطوّراتهم في علومهم ومعارفهم وسلوكهم وسائر اتّجاهاتهم العقلية والسياسيّة والاجتماعيّة.
إنّها رسالةٌ تهدي للتي هي أقوم في التنسيق بين ظاهر الإنسان وباطنه، وبين مشاعره وسلوكه، وبين عقيدته وعمله.
فلو دقّقنا في مضامين بعض الأدعية الواردة عنه لرأينا الارتباط الكبير والواضح بينها وبين الواقع، فلو قرأنا دعاء مكارم الأخلاق، ومررنا بقوله (ع): “وسدّدني لأن أعارض من غشّني بالنصح، وأجزي من هجرني بالبرّ، وأثيب من حرمني بالبذل، وأكافئ من قطعني بالصلة، وأخالف من اغتابني إلى حسن الذكر، وأن أشكر الحسنة وأغضي عن السيّئة”، لرأينا أنّ هذا المقطع من الدعاء وإن كان يدلّ على سموّ شخصيّة الإمام الروحيّة، إلّا أنّه أيضًا يحمل في عباراته إرشادات لعلاج الكثير من المشاكل الاجتماعيّة التي تعاني منها الأمّة. هذه الصحيفة تعرّفنا على كلّ واحدةٍ من هذه الخصائص المعنويّة والأخلاقية وجذور الفساد الموجودة في أنفسنا بلسان الدعاء.
ختامًا، في السعي نحو طيّ مدارج الكمال وإحراز السعادة يبيع الإنسان نفسه “فاعلموا إنّه ليس لأنفسكم ثمنٌ إلّا الجنّة، فلا تبيعوها إلا بها” كما قال أمير المؤمنين. واحرصوا أيّها المؤمنون على تطهير أنفسكم من الرذائل والأخلاق السيّئة والتحلّي بالفضائل ومكارم الأخلاق.
ولمدّعي الروحانية المعاصرة لكم دينكم ولنا ديننا.
*[1] ملف من إعداد طالبات في معهد المعارف الحكمية، وبإشراف الدكتور أحمد ماجد، وهو عبارة عن سلسلة مقالات ستنشر على موقع المعهد، وسنترك ذكر المصادر التي استخدمتها الطالبات إلى نهاية السلسلة.
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
Source URL: https://maarefhekmiya.org/16859/spirituality-4/
Copyright ©2024 معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية unless otherwise noted.