الفكر الإسلامي على ضوء القرآن الكريم

الفكر الإسلامي على ضوء القرآن الكريم

في سياق السعي الحثيث والمستمر لتقديم الثمارات اليانعة للفكر الإسلاميّ الأصيل للقراء، يقدم دار المعارف الحكمية هذا الكتاب. فهو بدون شكّ أحد أهمّ الركائز النظرية والمؤسسة لرؤى الفكر الإسلامي الأصيل. والدار إذ يقدم لقرّائه هذا الكتاب، واضعًا إياه في السياق السابق الذكر، فإنّه ينطلق من إدراكه لما لهذا الكتاب من خصائص هامة نجد من الضرورة الإشارة إليها.

فالكتاب – أولًا – يلقي الضوء على النتاج المبكر للإمام الخامنئي دام ظله قبل الثورة الإسلامية المباركة، فيمكننا بالتالي من خلاله التعرف على نصٍ شكل رافدًا من روافد النهوض الإسلاميّ، ويمكن اعتباره بحدِّ ذاته دعامةً من أجل بناء وعيٍ إسلاميّ أصيل، يندمج مع متطلبات الواقع ليؤكد على قدرة الإسلام في إنتاج رؤية متكاملة للحياة.

والإمام من خلال تفسيره للقرآن وطريقة عرضه للأفكار، كان يردّ على نزعة كانت مستشريةً في ذلك الحين، كانت تعتبر الدين مجرد دعوة روحانية بعيدة عن متطلبات الحياة؛ فهو أشبه ما يكون بتجربة روحية-دينية تتجه باتجاه الآخرة، وتقطع العلاقة مع سلوكية الناس وعملها، ليؤكّد أن الدين والرؤية المؤسسة على القرآن الكريم شاملة وتفصيلية، لم تترك جانبًا من الجوانب الحياتية دو معالجة.

ثم للكتاب ثانيًا خاصية أنه يذهب باتجاه موضوعات عقائدية، ويعالجها بشكل مختلف عن المتعارف عليه والمألوف منه. فكما هو معلوم أنّ الكتب العقائدية أولت الجانب الذهني أهميةً كبرى، وطرحت مقولاتها على أرضية المفاهيم المجرّدة، واهتمت بالإثبات والإجابة عن الشبهات. بينما يعرض الإمام في هذا الكتاب الموضوعات هذه انطلاقًا من عملية بناء المسؤوليّة والالتزام العملي. هذه الخاصية وإن تكاملت مع الأولى، ولكنّها ألقت الضوء على قراءة جديدة للاعتقاد الديني من خلال فاعلية الإنسان المسلم، فالإمام الخامنئي دام ظله لم ينظر إلى الدين من زاوية ذهنية محضة، بل تحوّل معه إلى عملٍ ذا طبيعة إرادية، تسعى إلى تحقيق مقاصد وجوهر الدين بما هو متوجه إلى إنسان يعيش في العالم ويتفاعل معه.

وإن كانت هاتان الخاصيتان وحدهما قد كافيتان لنشر الكتاب، إلا أنّ ما يميزه قد يكون أكثر عمقًا. فالإمام من خلال معالجته التفسيرية لآيات القرآن الكريم يبني منهجيةً متكاملة، تقوم على أساس جدلية النص والواقع. فيؤكد على ضرورة الارتباط بالنص وعدم الانفكاك عنه، بما هو مصدر التعاليم الإسلامية السامية، ويطلب من الإنسان المؤمن بحقانية هذا النص ديمومة سؤاله ليصل إلى الإجابات الشافية، وهذه هي منهجية يؤكد عليها في أكثر من مناسبة، ويدعو من خلالها إلى إعادة قراءة العلوم الإنسانية على أساسها.

يُضاف إلى ذلك كلّه أنّ الإمام، من خلال هذا الكتاب، يشرح المشاكل التي تمرّ بها الإنسانية والنابعة من الخلفية المادية التي اعتمد عليها المجتمع في بناء حضارته المعاصرة، وهو في هذا الموضع يضع الإصبع على الجرح من خلال تأكيده على البعد الإيماني وأهميته في بناء علاقة الإنسان بالعالم، فهذا الكائن لن يستطيع أن يصل إلى حقيقة وجوده بمعزل عن الله عزّ وجلّ.

فقد يجوز منا القول إن هذا الكتاب استثنائي بكلّ ما للكلمة من معنى، فهو يعود بنا إلى زمن الثورة الإسلامية، ويضع أمامنا مثالًا لنصوص أشعلت الوعي بفاعلية الإسلام وقدرته على الاستجابة لمتطلبات العصر،كما أنّه يعيد ربط العقيدة بالواقع والحياة.

ودار المعارف الحكمية إذ يضعه بين أيدي القراء، فإنّه يستهدف منه من استهدفهم الإمام بشكل أساسي في دروسه، وهم الشباب. هؤلاء الذين رأوا الدولة الإسلامية، ولكنّهم لم يتعرفوا على النبض الذي بثّ فيها، وكان الحافز لقيامها.

ولا يفوتنا في ختام هذه الكلمة شكرة الإخوة القيّمين على مركز صهبا في الجمهورية الإسلامية في إيران، الذين بذلوا في تجميع المادة وتحريرها جهدًا مباركًا يشكرون عليه؛ كما والإخوة في معهد المعارف الحكمية الذين تحملوا عناء الإشراف على ترجمة النص وتحريره باللغة العربية ليتيسّر تقديمه لقراء اللغة العربية، كما والمترجم الأخ السيد عباس نور الدين، وفقهم الله جميعًا لكل خير.

تحميل الفهرس

تحميل المقدمة

تحميل كلمة الناشر


المقالات المرتبطة

الموعظة الخالدة

إسم الكاتب:الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي
عدد الصفحات: 605
تاريخ الطبعة: 2018 م الطبعة الأولى
ISBN 978-614-440-102-6

المراة في فكر الإمام الخامنئي

إسم الكاتب: مجموعة من الباحثين
عدد الصفحات: 84
سعر الكتاب: 5$
تاريخ الطبعة: 2013

قبساتٌ في المعرفة الحسينية دروسٌ في معرفة الإمام

◈ إنّ معرفة الإمام هي مقدمة ضرورية لتحقق المعرفة بالله، ومن ذلك تكتسب أهميتها وضرورتها في حياة كل إنسان مؤمن،

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<