الدعاء عند أهل البيت

الدعاء عند أهل البيت

لشراء الكتاب

تحميل الفهرس 

مقدّمة الناشر

لا يخفى عن الباحث ما لثقافة الدعاء من عظيم الأثر في حياة الإنسان المسلم الموالي، بل وحياة المجتمعات المؤمنة عامّةً، فلطالما كان الدعاء ملجأ المؤمنين وملاذهم في كلّ ضرّاء تحوطهم، كما والباب الذي منه يعبرون إلى الله ليسألوه حاجاتهم ويبثّوا له شجونهم.

وإنّه لمعلوم شمول المأثور من الدعاء لكافّة شؤون الحياة وتناوله مختلف أحوال الإنسان، بحيث إنّ المؤمن لو شاء أمكنه التضرّع في كلّ حال يكونها وفي كلّ ظرف يحوطه، فإنّك تجد للّيل دعاءً وللنهار دعاء، كما وتجد للسلامة دعاءً وللسقم دعاء، كما ولكلّ يوم من أيّام الأسبوع، بل ولكلّ حال من أحوال الإنسان، وبهذا يكون للدعاء إمكانيّة أن يكون القرين الدائم للإنسان، الذي به يتقرّب الإنسان في كلّ حال من أحواله.

والدعاء، في السياق عينه، هو من أبرز عوامل تشكيل وبناء الشخصيّة الولائيّة الحقّة، والبحر الزاخر الذي ينبغي أن تُستنبط منه تعاليم وأنظمة الحياة الإسلاميّة لتسلك سبيل الرقاء والكمال، وهو، بما هو مأثور عن أهل العصمة عليهم السلام، لا بدّ وأن يكون مشحونًا بتعاليم الإسلام الصافي، وبأصول فهمه كما يجب له (للفهم) أن يكون. هو منطوق يشي بما أسرّه نصّ القرآن، ومرآة توضح مبهماته ومتشابهاته.

ولأنّ للدعاء مثل هذه السمات والخصائص، فإنّ من الجدير تبنّيه – لو سيقت الأفهام في مدياته – ليكون ناظمًا تتأسّس عليه نُظم الحياة الفرديّة والجماعيّة؛ الفرديّة في جهاتها المختلفة، من علاقة الفرد بربّه، وعلاقته بنفسه، ثمّ علاقته بالناس في مجتمعه وبالطبيعة والأشياء من حوله؛ والجماعيّة بما تعبّر عن علاقة أفراد المجتمع بعضهم ببعض، ثمّ علاقة المجتمع ككلّ واحد بالله والطبيعة.

وانطلاقًا من ذلك كلّه، كان لا بدّ من تقديم معالجة علميّة تتناول موضوع الدعاء عند أهله؛ أهل البيت عليهم السلام، تعالج كيفيّة حركة الدعاء لديهم، وتستنبط أبرز العناوين والمفاهيم المؤسّسة لسلامة علاقة الإنسان بنفسه وربّه ومحيطه.

وفي هذا الإطار، فإنّ المركز العالميّ للدراسات الإسلاميّة (جامعة المصطفى العالميّة) جعل موضوع الدعاء جزءًا من برنامجه التعليميّ.                    واستجابةً لهذه الحاجة، فقد بذل العالم القدير سماحة آية الله الشيخ محمّد مهدي الآصفي جهدًا مشكورًا لتنظيم هذا الزاد المبارك الذي يفتح أمامنا أفقًا مضيئًا في المفاهيم.

وللحاظه ضرورة تواجد هذه الدراسة القيّمة بين يدَي قرّاء العالم العربيّ، تعهّد دار المعارف الحكميّة التابع لـمعهد المعارف الحكميّة للدراسات الدينيّة والفلسفيّة نشر هذا النتاج المبارك، بعد إعادة تنقيحه ومراجعته، على أمل أن تعمّ بنشره الفائدة العلميّة المرجوّة، وأن تكون تعاليم الكتاب منارة درب للداعين المريدين المخلصين لله.


لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<