مناقشة كتاب الغرب: الشباب في معركة المصير

مناقشة كتاب  الغرب: الشباب في معركة المصير

 

أقام معهد المعارف الحكمية وضمن برنامجه الدوري “منتدى قارئ للشباب” عصر أمس جلسة خاصّة بالأخوات في مركزه الكائن في منطقة سانت تيريز، تمّ فيه مناقشة كتاب “الغرب: الشباب في مركة المصير” للإمام السيد علي الخامنئي. والصادر عن دار المعارف الحكمية للطباعة والنشر.

افتتح اللقاء بعرض فيلم تناول رسالة السيد الخامنئي الموجهة إلى شباب الغرب تحديدًا..

بعد ذلك تحدثت الأخت زينب إسماعيل مديرة الجلسة فقالت: إن الأحداث الإرهابية التي طاولت مجلة شارلي إيبدو في العاصمة الفرنسية، وأخرى مماثلة وقعت في كوبنهاغن على خلفية الكاريكاتور المسيء للرسول الأكرم (ص)، وما استتبع هذين الحدثين من محاولات تحريض وبث مشاعر الكراهية ضد الدين الإسلامي، كل هذا دفع بالسيد القائد علي الخامنئي وشجعه لأن يتحدث مع الشباب الغربي مباشرة دون تكلف..

وأضافت، بأن تركيز السيد الخامنئي على الشباب وتجاهله للحديث مع الأباء والأمهات؛ فلأنه يرى أن مستقبل الشعوب والبلاد إنما هي بأيدي الشباب بما يشكلونه من منبع فوار للطاقة والتجدد، ولأنهم المحرك الأساسي للتغيير ولبناء الدولة…

وقالت الأخت زينب: إن السيد الخامنئي قد تحدث مع هؤلاء الشباب بكثير من الشفافية والصدق ودعاهم إلى تكوين معرفة موضوعية عن الدين الإسلامي ليتعرفوا عليه من منابعه الأصلية من القرآن والسنة.

وأشارت في ختام تقديمها إلى مضمون الرسالة التي على ضوئها أبصر هذا الكتاب النور، فتحدثت عن ثلاثة أبعاد: البعد النفسي الأبوي، البعد الرسالي المدافع عن الرسول والإسلام، والبعد التاريخي ذو النظرة الثاقبة لمجريات الأمور، وهذه العوامل الثلاث تصب كلها في خدمة الإنسانية جمعاء.

انتقل الحديث بعد ذلك إلى الأخت سكينة أبو حمدان والتي أشرفت على تحرير هذا الكتاب، فتحدثت في البداية عن سلسلة أدبيات النهوض والتي يندرج كتاب “الغرب: الشباب في معركة المصير” من ضمنها، شارحة الهدف من هذه السلسلة وموضوعاتها حيث صدر حتى الآن حوالي 60 كتابًا في مواضيع مختلفة.

ثم أشارت إلى نفس الكتاب، موضحة أن هذا الكتاب بجلّه هو من تأليف معاونية التحقيق والتعليم في طهران، وترجمه إلى العربية السيد عباس نور الدين..

وفي إضاءة إلى أقسام الكتاب، قالت الأخت سكينة: إن الكتاب ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

  1. الرسالة وهو ما تم عرضه في بداية اللقاء.
  2. إضاءات على الرسالة من كلام الإمام الخامنئي.
  3. إيضاحات، وهي عبارة عن مقاطع أضافتها معاونية التحقيق والتعليم لبعض المصطلحات والعبارات الواردة في متن الرسالة.

وأضافت، في التفاتة منها إلى مضمون الكتاب، أن سماحة الإمام الخامنئي ركز في خطابه على عنصرين أساسيين، هما: الشباب والإسلام. حيث دعا الشباب إلى البحث عن الحقيقة عن وعي وحيوية، وأن لا يقفوا مكتوفي الأيدي مما يجري في العالم، كما انطلق الامام حفظه الله من مبادئه المستقاة من النبي الأكرم (ص) وأهل بيته إلى التعرّف على الدين الإسلامي من منابعه الأصيلة: القرآن والنبي الأكرم واستحضار التاريخ النبوي وما فيه من مُثل وقيم بالتعامل مع الآخر.

وختمت الأخت سكينة  أبو حمدان كلمتها بالقول: ربما كانت رسالة الإمام الخامنئي لشباب أوروبا وأميركا الشمالية صغيرة في الحجم ولكنها تحمل المعاني العميقة في المضمون، إنها رسالة الإنسان للإنسان بكل أطيافه من الشرق والغرب وكل مكان.. فعلينا أن نسعى جميعًا لإيجاد البيئة الإلهية الحاضنة التي فيها من السماحة والمحبة ما تجعل الآخر أيا كان من أي مذهب أو ملة ينشدّ إلى ديننا العظيم، وأن لا نشوّه صورة إسلامنا بممارساتنا الخاطئة عن قصد أو غير قصد مع بعضها البعض ومع الآخرين.

وكان ختام الكلام مع الإعلامية ليلى مزبودي، حيث قالت: إن رسالة الإمام الخامنئي إلى الشباب الغربي هي الأولى من نوعها، فهي المرة الأولى التي يتوجه برسالة إلى الغرب، وإلى المجتمع الغربي.

وأضافت إلى أن الإمام الخامنئي لم يختر أن يتوجه إلى باقي العالم، سواء في الصين أو الهند أو أميركا اللاتينية، ولكنه اختار أن يتوجه إلى الغرب: أوروبا وأميركا الشمالية.

واعتبرت الأخت ليلى، أن الإمام الخامنئي يبدو من خلال هذه الرسالة قد اختار من بين كافة الفئات العمرية أن يتوجه إلى الشباب على وجه الخصوص، باعتبار أن هذا الاختيار لا يمكن أن يكون اعتباطيًا، ولا بد من الوقوف عند أسبابه. لماذا الشبان وليس الراشدين؟ ربما تكون الإجابة حينما يقول في رسالته ومنذ السطور الأولى: “لأني أرى مستقبل شعبكم وبلادكم بأيديكم…”، فهو يتوجه إلى المستقبل، وليس إلى الحاضر، ولأن الشباب أكثر بحثًا وتقبلًا للحقائق..

وأضافت، إلى أن الهم الأساس الذي ينطلق منه الإمام الخامنئي في رسالته هو الإسلام، وبالأخص بحسب ما يقول (الصورة التي يجري تقديمها) عن الإسلام في الغرب. متهمًا الغرب بأنه يعمل بشكل عمدي على تصوير الإسلام بصورة العدو المخيف.. ولدحض هذه الفكرة المتعلقة بعنف الإسلام، يقوم السيد القائد برد الاتهام إلى أصحابه، ويذكّر الشباب الغربي بالصفحات السوداء وبالمراحل العنفية من التاريخ الغربي، وهي بالنسبة إليه الحقبات الاستعمارية، حقبة استعباد الرقيق والعنصرية والتعصب تجاه الملونين، وغيرها من الأمور…

وأشارت الأخت ليلى، إلى أن الإمام الخامنئي يسمي هذه الحملة على الإسلام بـ (الاحتقار، وإيجاد الكراهية والرهاب، والخوف الوهمي)؛ أي إنه يعتبر هذا التخويف من الإسلام بأنه غير قائم على أسس واقعية..

أوضحت الأخت ليلى، وفي معرض استنتاجاتها حول رسالة السيد القائد لشباب الغرب، أن هذه الرسالة تكشف عن نية في التوجه نحو المجتمعات الغربية بغية بناء مستقبل أفضل في العلاقة بين الإسلام والغرب. وقد لا تكون هذه الرسالة هي الأخيرة، بل هي دعوة للآخرين، من علماء ومثقفين وشباب مسلم، أي كل من يحمل الهم الإسلامي للتوجه نحو الجمهور الغربي…

وأضافت أن الإمام الخامنئي وفي حديثه عن الغرب يبدأ بنقطة إيجابية ألا وهي ما يعتبره مزية كانت منطلق نجاحات الغرب، وهي المثابرة وعدم التهرب من العمل، فهم وحسب رأي سماحته، مستعدون ليعيشوا حياة قاسية لتحقيق اختراعاتهم، وهذا الأمر ليس مدانًا.. في المقابل، هناك المقتطفات التي ينتقد فيها الإمام الغرب، ومراده من ذلك كشف الوجه الحقيقي للغرب، وتشويه الصورة البراقة التي من الممكن أن تكون لدى الشباب عنه.

وأشارت الأخت ليلى، إلى أن رؤية الإمام الخامنئي للعالم في الوقت الراهن منقسم إلى جزئين: (طيف جائر وآخر خاضع للجور)…

 واعتبرت، أن موقف الإمام الخامنئي من الغرب ليس بسبب تطوره العلمي، بل بسبب تسلطه في العالم وبسبب استغلاله لتطوره العلمي لغايات استغلالية، حيث يرى الإمام أن هناك مخططًا لنشر رهاب الإسلام، خاصة الإسلام السياسي الذي بات يشكّل خطرًا على أهداف الاستكبار، ويهدد مصالح من سماهم بـ (عتاة العالم)، ويتهم هؤلاء أنهم هم من يشكلون جماعات باسم الإسلام ويسلّحونهم ويدفعونهم لقتل الأبرياء، ونسب ذلك إلى الإسلام… فالإمام يعتبر أن التيار التكفيري والقاعدة هما من صنع المستعمرين، والهدف منه مواجهة الجمهورية الإسلامية، وبث الفرقة بين المسلمين…

وأضافت، الأخت ليلى مزبودي، إلى أن الاسلام الذي يريده الإمام الخامنئي للشباب الغربي، هو الإسلام الذي يواجه الظالم ويدافع عن المظلوم، الإسلام الذي يدعو إلى العقلانية، ويرفض السطحية والقشور والأوهام والتحجر، الإسلام الملتزم مقابل الاستهتار واللامبالاة.

وتقدمت بجملة اقتراحات وملاحظات على هامش الكتاب تتمحور حول كيفية التعامل مع الغرب، حيث من الضروري التعامل معه بشكل كلي، وليس بشكل جزئي انتقائي تعميمي.. التعاطي الموزون الذي يوازن بين السلبيات والإيجابيات وليس التعاطي النسفي الذي لا يرى إلا السلبيات.. هذا التعاطي هو الذي يسمح لنا برؤية الأمور على حقيقتها، ومن ثم وضع اليد على مكمن الخلل الحقيقي والأساسي..

ثم أشارت الأخت ليلى مزبودي، إلى أن التوتر بين الغرب والإسلام، يعود إلى أسباب منها: عدم الاكتفاء بالأحداث التي تحظى بتغطية إعلامية دولية حتى نعرف ما الذي يحصل في الغرب بالنسبة إلى الموضوع الذي يعنينا هنا وهو العلاقة مع الإسلام.. الإعلام الدولي (وليس الإعلام المحلي) لا يهتم إلا ببعض المواضيع، ولا يغطي أبدًا كامل المشهد.. عيب الإعلام أنه يغطي المشاكل فقط ولا يغطي الأمور العادية التي يعيشها الإنسان.. المعالجة الإعلامية تنحو نحو التعميم المجحف للواقع… واعتبرت أن أهم أسباب التوتر الغربي تجاه الإسلام هو الصراع العربي الإسرائيلي.

وأضافت، إلى أن من أسباب الحملة على الإسلام كدين متعددة الأوجه، منها ما هو تحريضي ينسب إلى الإسلام ما ليس فيه، ومنها ما هو رفض مطلق للإسلام ولمبادئ هي موجوده فيه.

وختمت الأخت ليلى مزبودي كلمتها قائلة: إن تشخيص الوضع اليوم في الغرب يعترف بأن الإسلام بات اليوم جزءً لا يتجزأ من المشهد الغربي، الأوروبي منه والأميركي، فهناك جهات تدافع عن وجوده، وتقاوم الإسلاموفوبيا… وباتت العلاقة مع الإسلام اليوم تحكمها نوازع استيعابية بعد أن فشلت النوازع الإلغائية. وعلينا حين نتوجه إلى الغرب، كما هو ظاهر في رسالة الإمام الخامنئي، لا بد من معرفة الغربي جيدًا، وتشخيص ما هو سيء وما هو جيد..

IMG_3063 IMG_3064 IMG_3067 IMG_3073 IMG_3077

 


لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<