by صدرالمتألهين الشيرازي | يناير 20, 2017 9:45 ص
كلمة الناشر
شكل صدر الدين الشيرازي محورًا لحراك فكري فلسفيّ عميق، عمل على إعادة تفعيل القول الفلسفيّ وتجديده، مُدخلًا عليه الكثير من المسائل التي لم تكن معروفةً من قبل، فاتحًا بذلك أفقًا جديدًا أمام الباحثين، وهو من خلال ذلك يثبت أنّ الفلسفة الإسلامية لم تغادر هذا العالم مع “ابن رشد” إلى أوروبا، بل بقيت تستوطن هذا العالم وتحيك خيوطها لترتسم مشروعًا عَرِف رواجًا كبيرًا في الجزء الشرقيّ من الأمة الإسلامية، فكانت لها ثمارها المعرفية اليانعة، التي ما زالت تضج بحراك يحاول اليوم أن يجيب على أسئلة الذات، ويحاول أن يقدم إسهاماته في إطار الفكر الإنسانيّ.
وقد أدرك دار المعارف الحكمية ومنذ انطلاقه ضرورة إعادة استحضار “صدر الدين الشيرازي”، وتفعيل دوره في إطار المكتبة العربية، لما لهذا الأمر من ضرورات تاريخية ومنهجية وعلمية، فعمل على الكشف عن جوانب هذه الفلسفة، ليظهر أنّ الفلسفة الإسلامية لم تنتهِ بل بقيت فاعلةً ناشطةً، وإن كان هناك فتورٌ ما في العالم العربي، فهذا لا يعود إلى خصوصية الفلسفة، بل جاء ضمن نسق من تراجع معرفيّ طال كافة الفروع المعرفية التي منها الفلسفة، حتى إذا أتيح لهذا الفكر إمكانيات القول، أعاد الحيوية لها وساهم فيها، مما يعني أنّ الفلسفة قطاعٌ معرفيٌ حيٌ وفاعل، وهو يشكل جزءًا من الذات، لا يمكن بتره أو تهميشه.
وفي هذا السياق اتجه الدار نحو البحث عن المهمش في هذه الذات، والذي يشكل استكمالًا لمسيرة الفلسفة الإسلامية، ليساهم في ترميم الصورة وإعادة تكوينها، فيوفّر للباحث إمكانية رؤيتها بشكل كامل، فعمل ضمن مجموعة إصداراته على الإضاءة على كثير من الأعمال التي لم يتم تثميرها أو العمل عليها، ليضعها أمام الباحثين للاستفادة منها، وقد وضع أمام ناظريه هدفين:
الأول: استكمال خريطة تطور الفلسفة الإسلامية.
الثاني: إعادة تفعيل الفلسفة وتزويدها بالمقولات التي قد تؤسس لأقوال تنطلق من الذات وخصوصيتها المعرفية.
وقد أراد الدار من هذا تحقيق بعدَين منهجي ومعرفي، ليثبت أنّ الفلسفة أصيلة في الإسلام، وأنّها تستطيع أن تتجدد بشكل مستمر شرط توفر البيئة الحاضنة، التي تتقبل الحوار والتثاقف.
واليوم، يتشرف دار المعارف الحكمية في إطار رؤيته بتقديم كتاب رسالة الحكمة العرشية إلى القارئ العربي، وهو من الآثار الفكرية التي تقدم فلسفة “صدر الدين الشيرازي” بلغة مكثفة وسلسة في آن، تسمح بالتعرف على أبرز أفكار هذا الفيلسوف.
وآثر الدار أن يقدم هذا العمل إلا بتحقيق علميّ متقن، جهد من خلاله المحقق الدكتور عبد الجواد الحسيني على العمل على مخطوطات متعددة، ولم يكتفِ بذلك، بل عمل على إضافة هوامش إيضاحية عمّقت المسائل التي طرحها “الملا صدرا”، وأشارت إلى تنوع المصادر المعرفية التي اعتمد عليها، وأظهرت رحابة هذا الفكر وتنوعه وقدرته الاستيعابية الجامعة، التي تستحق أن تكون منطلقًا عمليًا للباحثين للانفتاح على المعارف الإنسانية والتفاعل مع المعطيات الحضارية للإجابة عن القضايا التي تواجههم.
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
Source URL: https://maarefhekmiya.org/8618/%d8%b1%d8%b3%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%83%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%b4%d9%8a%d8%a9/
Copyright ©2024 معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية unless otherwise noted.