المحاضرة الثالثة- وجوه مستبشرة

استكمل سماحة الشيخ شفيق جرادي في اليوم الثالث من المحاضرات العاشورائية، القسم الذي يتعلق بقلب المؤمن، ونفس المؤمن الموالي، وأنه رغم كل البلايا والرزايا فأهل الإيمان لا يملكون قلوبًا محبطة وبائسة، بل يملكون الفرح في قلوبهم.

وأشار سماحته إلى أن هناك قسم من الناس إذا وقع عليهم الألم والبلايا والرزايا ماتت قلوبهم، وضعفت عزيمتهم، في المقابل هناك أناس رغم كل ما يحصل معهم دائمًا يأملون بالخير والبِشر، مثال على ذلك، الأم التي تنتظر مولودًا، والتي تمر قبل الولادة بأقسى حالات الألم وتسمى حالات الموت، لدرجة أن بعض المرويات المتعارف عليها بين الناس، أنه إذا كان لدينا حاجة نطلب الدعاء من المرأة أثناء الولادة، والسبب ذلك الألم الذي يصيبها في هذه الحالة،  لكنها لحظة حملها لمولودها بين يديها تنسى كل الألم وتشعر بالفرح والأمل.

وتساءل سماحته، هل أهل الإيمان يصابون بالأحزان؟ نعم. هل يصيبهم البلاء والمآسي؟ نعم، هل يتنزل عليهم الخوف؟ نعم. هل يصابون بنقص بالأموال والأنفس؟ نعم، لكن أهل الولاء إذا شعروا بالألم والبلاء صبروا. وهناك حالات بلاء تحصل في الدنيا لكن الأمل يبقى حاضرًا.

ولفت سماحته أن أصعب أنواع الأزمات بالنسبة للمتدين الموالي هو أن يقع بالحرام والمعصية، وأن يقع بالخطيئة، وإيمانيًّا هناك حرام هو المعصية الكبرى، وهو الذنب الذي لا يغتفر ألا وهو أن يقع المؤمن والمؤمنة باليأس. إذًا، وقوع النفس باليأس هو المعصية الكبرى وهو الظن الأسوأ بالله.

وأضاف سماحته، أن الذي يتربى بصفات أهل الإيمان يبقى قلبه مفتوحًا على أمل البِشر من الله.

واعتبر سماحته، أننا نحن أتباع دين محمد (ص) لا تقوم الجماعة فيه، ولا تصلح حال الأمة فيه، ولا تشعر الأمة فيه إلا حينما يبلغ عدد من أفرادها من الصلاح الروحي والقلبي والنفسي، بحيث إن الله ينزل البركات على الأرض ببركة هؤلاء الناس الذي ليسوا بحسبان أحد، لذلك هم أوتاد الأرض.

وأشار سماحته إلى أن إقامة مجالس العزاء في الماضي كانت تنتقل من منزل إلى منزل، وكانت تقام بشكل خجول، وبخوف. لكن الباري عز وجل بعث لنا لطف من ألطاف قائم آل محمد، لطف من ألطاف الرسول وعلي والحسن والحسين، هو قبس من نورهم، وجاء بين الناس ليقول: نحن باسم الإسلام يحق لنا أن نكرّس ما نؤمن به، وواجهه كل العالم لكنه حقق مراده. ونحن كنا بوضع الخائف المرتجف القلق الذي ليس لديه رؤية ولا مشروع، وكنا من مناطق تسمى بؤر الفقر والحرمان، لكننا اليوم وببركة هذا اللطف من قائم آل محمد وهو الإمام الخميني (رض) أصبحنا الكوكبة التي أعلنت كل ولاءها لمحمد وآل محمد، وحملت كل الآلام على أكتافها، واقتحمت كل الساحات، وكسرت كل العادات، لتجعل كل القوى الاستكبارية في الأرض يخافون منكم، وتباتون في بيوتكم دون خوف، وأنتم أصبحتم القوة التي تلقي في قلوبهم الرعب إلى درجة أن تلقي اليأس في قلوبهم، لا لشيء إلا لأنكم أحباب الله ومحمد، وحسينيون يعشقون الشهادة تحت رأية الإمام الحسين عليه السلام.

وتابع سماحته، أن من بدّل الحال، وجعل المجتمع يؤمن بما نؤمن به، أننا أخلصنا الولاء للإمام الخميني. وأن دم الشهيد هو الذي يصنع التحولات، فخصمك صار صديقك ببركة الشهداء.

وأضاف سماحته، أن الشهيد يشعر بالفرح قبل الخروج من الدنيا، وهناك رواية من الروايات مفادها: أن أول نقطة دم تنزل من الشهيد يغفر الله له ما تقدم من ذنبه، وإذا نزلت القطرة الثانية وهو يسقط إلى الأرض تتلقاه الحور العين بأيديها وتمسح عن وجهه الغبار، فإذا سالت النقطة الثالثة ما خرج من الدنيا إلا ورأى موضعه من الجنة، حتى إذا ما استشهد فيرى محمد (ص).

وأوضح سماحته، أن الشهداء يرون أنه لا مبرر لخوفنا لا بالموت ولا في القبر ولا في يوم الحشر، والقبر عند الذين قلوبهم تنضح بحب محمد وآل محمد ينيرها الله ويجعلها روضة من رياض الجنة.

وأكد سماحته، أن ما يغنينا عن الدنيا وما فيها هو “حسبنا الله ونعم الوكيل”. مشيرًا، أن ما يحصل في إيران لو حصل مع أية دولة في العالم لكانت قد انتهت من عشرات السنين. ولافتًا، إلى أن المفاجأة كانت بأن إيران تخرج من بعد أزمتها قوية، وكانت لها مقاليد الحكم حتى مياه البحر وما فيها، وذلك لأنهم اعتمدوا على “حسبي الله ونعم الوكيل”.

وختم سماحة الشيخ شفيق جرادي محاضرته العاشورائية لليوم الثالث بالقول: إنه من الوارد أن تلعب فينا الأهواء، ووارد أيضًا أن يشتغل بنا الناس، لكن الله سبحانه وتعالى ينبهنا من ذلك فيقول عز وجل: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾. لكي نكون من أهل البشر والبشارة علينا بالثبات على الإيمان، وأن نتحدى الصعاب، وعلينا أن نعتقد دائمًا وأبدًا، بـ “حسبي الله ونعم الوكيل”.


لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<