الرؤية الإسلامية لأوروبا

الرؤية الإسلامية لأوروبا

الكتاب: تطور النظرة الإسلامية إلى أوروبا.

الكاتب: خالد زيادة.

الناشر: رياض الريس للكتب والنشر، بيروت،  2009. 262 ص.

 

قد تكون مقولة ابن خلدون في “أن المغلوب مولع أبدًا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده”، هي المدخل المناسب لاستعراض نماء نظرة المسلمين إلى أوروبا. فالباحث خالد زيادة في كتابه ذو الحلة الجديدة ( ط1، 1983، عن معهد الإنماء العربي) يتتبّع المسار الذي سلكته واستقرت عليه في راهن أيامنا.

في العصر الوسيط لم يعر المسلمون اهتمامًا لأوروبا لخروجها من دائرة التفاعل الحضاري المبتغى، بعكس الأوروبيون الساعون للاستفادة من المآثر الإسلامية وحتى محاولة وضع موطىء قدم في الأرض العربية تحت يافطة الحروب الصليبية المقدسة، وتكوين معرفة بالآخر بمسمّى الاستشراق على أيدي آلاف الغربيين بمختلف لبوسهم الذين توافدوا إلى بلداننا.

ومع التقهقر استفاق العالم الإسلامي على أوروبا، في إطار بحثه عن روافد ومصادر تعينه على تجاوز ما يمكن أن نسميه “الهوة” بينه وبين سائر الأمم. وعلى اختلاف مضمون النظرة في العصر الوسيط بين العالمين، فإن ما أظهرته قارة أوروبا من عداء للإسلام ساهم في تقوية الهوية المسيحية، في حين أن الإسلام لم يستخدم هذا البعد في تشكيل شخصيته إلى القرن التاسع عشر، وهو زمن اختراق أوروبا للوعي الإسلامي.

تبدو أولى معارف المسلمين عن أوروبا جغرافية بحت، خضعت صورتها لمقتضيات جغرافية بطليموس التي قسمت العالم إلى سبعة أقاليم، إلى ما كتبه جغرافيي القرن التاسع الميلادي أمثال ابن خرداذبة واليعقوبي، وجغرافيي القرن العاشر أمثال ابن رستة وابن فضلان والمسعودي وابن حوقل والأصطخري، والتي استند البعض منها إلى روايات أسرى. وفي القرن الثاني عشر الميلادي عرَف الإدريسي بأوروبا على نحو أفضل في مؤلفه “نزهة المشتاق في اختراق الآفاق”، بالاستناد إلى مشاهدات شخصية، ولا سيّما في صقلية وإيطاليا وفرنسا وإنجلترا ومصادر سابقة عليه. وفي القرن الثالث عشر الميلادي ساهم كل من أبو حامد الغرناطي والقزويني في إضافة أخبار عامة عن أمم أوروبا. والغالب على هذه المعارف تسليمها وأخذها بالروايات السابقة على هنّاتها من دون أي تدقيق أو نقد وخصوصًا ما خص تقسيم الأقاليم. ما يعكس بحسب زيادة “تضاؤل دوافع البحث” كما هو الحال مع شمس الدين الأنصاري الدمشقي في كتابه “نخبة الدهر في عجائب البر والبحر”، رغم الحروب الصليبية. أما أبو الفداء فقدّم أثرًا تاريخيًّا وجغرافيًّا هو “تقويم البلدان”، يعكس تقدّمًا في النظر إلى أوروبا يعزوه زيادة إلى التوسع في أعمال التجارة، وانعكس ذلك أيضًا في أعمال أصحاب الموسوعات مثل النويري والعمري.

ورغم ذلك بقيت نظرية الأقاليم السبعة ذات المنشأ اليوناني “باراديغم” المعرفة المهيمن، واستمر الركون إلى مصادر القرن العاشر والثاني عشر لتأليف “صورة عن أوروبا والعالم”، من دون أن ننسى أن بعضًا منها تحدّر من الأوروببين أنفسهم قبل اكتمال وعيهم بوحدتهم في القرن السابع عشر. ويلاحظ زيادة أن الاهتمام انصب على المسيحية وعلى عواصمها (القسطنطينية ورومية) في العصر الوسيط. وفي مرحلة تالية جرى التركيز على “الفرنجة”. ويُعلّل الباحث انصراف المسلمين عن تعميق إدراكهم بأوروبا إلى توجيه أبصارهم للشرق البعيد: “إن الساحر والمدهش والعجيب كان مصدره الشرق، بينما لم يكن الغرب مصدرًا لأي شيء خاص”.

ينتقد زيادة معارف المسلمين “الجغرافية” لإهمالها ترسيمة القوى السياسية والدول، وافتقادها إلى تركيب صورة متماسكة وواضحة، وتسمية “الفرنجة” نفسها ككتلة مصمتة واحدة تعكس في نظره ضعف الحشرية في رسم مكوناتهم. والسبب كما يقول برنار لويس: “إن الجدال الكبير حول الصليبيين الذي كان له مغزاه العميق في تاريخ الغرب لا يكاد يثير الفضول في بلاد الإسلام، حتى النمو السريع في العلاقات التجارية والدبلوماسية مع أوروبا بعد الحروب الصليبية، يبدو أنه لم يثر الرغبة في سبر أسرار الغرب العجيب، وهذا يمكن أن نلاحظه من خلال ندرة المعلومات وغموضها حول أوروبا في الكتابات التاريخية المتأخرة من القرون الوسطى”.

والحال، فإن النظرة إلى سكان المعمورة الآخرين كان يشوبها نوع من الاحتقار واللامبالاة في تقصّي أحوالهم السياسية والعسكرية. بيد أن سقوط الأندلس في القرن الخامس عشر، وقيام مملكة مسيحية طرح على المسلمين مواجهة وضع جديد واختبار مشاعر “عداء صارم يترسّخ على أسس دينية”، ويتعمق أكثر فأكثر مع مرور الزمن.

أدى سقوط القسطنطينية بأيدي الأتراك في القرن الخامس عشر إلى تكريس قوة جديدة هي الدولة العثمانية لجهة الشرق في مقابلة أوروبا الغربية، ما حتّم ضرورة التعرّف على أحوال الآخر. وبقي الاعتماد الإسلامي على الجغرافيا قائمًا مع استفادة الأتراك من الخرائط البرتغالية ومن المصادر الأوروبية نفسها عبر الترجمة؛ فحاجي خليفة في كتابه جهان نامه (كتاب العالم) يتبنّى نظرية القارات بدلًا من الأقاليم. وقد جرى الإقرار بالتفوق الأوروبي، حيث كانت السفن الغربية تجوب العالم بحُرية.

لذا، أرسلت البعثات الدبلوماسية والسفارات لتقصّي أحوال العالم المقابل. لكن هذه الرغبة في المعرفة بقيت لصيقة اعتداد بالذات وبتفوقها، رغم إدراك بعض المتنورين العثمانيين لمواطن الخلل والفساد في دولتهم قياسًا إلى الوقائع الأوروبية. إذ إن الأمر كان يحتاج إلى حدث مدوّي ليهز “اطمئنان المسلم الداخلي، وتتصدّع الصورة القديمة للغرب الضعيف والمهمل”. فكانت هزيمة كارلوفيتز أول هزيمة من نوعها تتعرض لها قوات الإنكشارية، ومن نتائجها الفادحة خسارة الدولة لأراض كثيرة. وقد وعى السلطان أحمد الثالث (1703-1730) قوة خصومه وضعف عسكره، وأراد النهوض به من خلال الأخذ بالخبرات الأوروبية. فأطل الإصلاح برأسه من بوابة التحديث في الميدان الحربي. وإذ يقول زيادة بفشل كافة مشاريع الإصلاح، ولا يحاول أن يفسر الأسباب، فإنه يرى إلى آثارها الذهنية وإلى إسهامها في تغيير نظرة المسلمين إلى أوروبا، التي باتت نموذجًا يجب الاقتداء به. ما يوجب التعرف على النمط الغربي واكتناه أسرار تفوقه أو “تقدّمه”، نظير تقرير محمد جلبي أفندي الذي أوفده السلطان أحمد الثالث إلى باريس عام 1720 للتعرف على المؤسسات الفرنسية وطبيعة عملها، وفي التقرير نرى حصر الاهتمام بالنواحي العسكرية والعمرانية والعلمية، وإهمال الجوانب الثقافية. ويعتبر زيادة أن شخصية إبراهيم متفرقة (1679-1742)  ساهمت بشكل بارز في الانفتاح العثماني على أوروبا، ولا سيّما إدخاله أول مطبعة إسلامية إلى استامبول عام 1727. وكتب في “أصول الحكم في نظام الأمم” داعيًا إلى “الاستفادة من علوم أوروبا وإلى استيعاب التقنية الحديثة، وإعادة تنظيم القوات العثمانية وفق الأساليب الحديثة”. وإذ يفصل الباحث القول في الكتاب فلأنه يشرح كيفية تولّد “النظرة الحديثة إلى أوروبا من داخل النظرة التقليدية”.

وبدوره دعا أحمد رسمي(1700-1783) في “خلاصة الاعتبار” إلى “اعتماد الطرائق المعروفة في الدول غير المسلمة” سبيلًا للرقي. وتتفق هذه الرؤى المختلفة على ضعف الدولة العثمانية وتفوّق الغرب، وتتلمّس وسائل النهوض مجدّدًا و”التقدّم” ممن يملك مفتاحه ولو كان عدوًّا لدودًا.

أما في المغرب الإسلامي الأقصى لا سيّما في عهد مولاي إسماعيل، المعاصر للملك الفرنسي لويس الرابع عشر، فقد كان التوجّه شطر أوروبا وبالتحديد إسبانيا، هو لخطب الود والصلح وتحرير الأسرى، وذلك في إطار الاتصالات الدبلوماسية. وقد تحكّمت في تقارير السفراء المكتوبة وجهة نظر المسلم القيمية والأخلاقية.

يرى زيادة أن تراكم المعرفة بأحوال أوروبا السياسية والعلمية بات وافيًا لدى الأتراك العثمانيين بحلول منتصف القرن السابع عشر، أي قبل الثورة الفرنسية. وهم استفادوا من الخبرات الفرنسية لتدريب ضباطهم وأملوا في حلف مع باريس. ولكن الغاية الأبعد، وقد عبّر عنها عهد السلطان سليم الثالث، “تنفيذ برنامج إصلاحي شامل لمؤسسسات الدولة”. وأضحت السلطنة معنية بما يجري في بلاد “التقدّم” ولا سيّما حوادث الثورة الفرنسية عام 1789. وقد حمل تقرير كتبه أبو بكر راتب أفندي، موفد السلطان إلى أوروبا خلال عامي 1792-1793، والمعجب بفولتير، صورة جديدة عنها حيث يسود النظام والحرية. والولوج إلى “التقدّم” يفترض امتلاك لغة أربابه وخصوصًا الفرنسية، إلى حد الكتابة بها تعبيرًا عن جسر الهوة بين العالمين، والتحدّث بلغة الحلقة الحضارية الجديدة.

إذا كان هذا حال الترك، فإن العرب لم يستفيقوا على أوروبا وخطرها إلا إثر حملة بونابرت على مصر. أما مسلمي الهند بلسان متنوريهم فقد عاينوا التفوق الأوروبي واستعانوا به، وكذا الأمر عند الفرس، إذ طلب الشاه فتح علي (1797-1834) العون من بونابرت لتأسيس جيش قوي يواجه به روسيا ومطامعها في بلاده.

لقد أضافت الثورة الفرنسية، في عرف زيادة، ملمحًا جديدًا إلى صورة أوروبا: النظام السياسي المستند إلى مبدأ “الحرية” ومفهوم “الجمهورية” كتعبير عن إرادة الشعب. وتداعيات ذلك كانت آنية على الداخل التركي في الحديث عن حرية المعتقد والمساواة، والدعوة إلى اعتناق الأفكار الليبرالية كما وردت عند مفكّري أوروبا.

لقد حملت فرنسا في حملتها على مصر صورة متناقضة؛ الغازي والمتفوق وصاحب علوم لا تسع عقول المصريين، بعبارة الجبرتي المؤرخ. بيد أن رحيل المحتل لم يمح الإعجاب والدهشة والرغبة في الاقتداء، فكانت بعثات محمد علي إلى أوروبا وما تحصل منها من أدبيات استطلاعية نظير كتاب الطهطاوي “تخليص الإبريز في تلخيص باريز”(1831) وملؤه الإعجاب بنظم الفرنسيين وتقدمهم العلمي. وفي نظر زيادة، فإن ما حمله الطهطاوي “صورة مزدوجة، وجهها الأول يتناول التقدم الأوروبي، ووجهها الآخر يتناول النطام السياسي في فرنسا بوجه خاص، أو صورة الليبرالية السياسية في النصف الأول من القرن التاسع عشر”. وطمح علي مبارك( 1823-1893) الذي زار باريس (1844-1848)، في كتابه “علم الدين” في الملاءمة بين الإسلام وأوروبا، وكذا فعل خير الدين التونسي في “أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك “.

والحال، تكرّست فكرة أن اللحاق بركب التقدم تقتضي تقليدًا للتمدّن الأوروبي. غير أن هذه المسألة البيّنة أثارت ردود فعل مختلفة؛ إذ رأى جمال الدين الأفغاني الخطر الذي يتهدد الإسلام وضرورة الدفاع عنه كما تبدى ذلك في رسالته “الرد على الدهريين”، وأبرز الأفغاني أيضًا الوجه الاستعماري للسياسات الغربية، فنقدها في مجلة “العروى الوثقى” مع تلميذه محمد عبده، الذي كتب “رسالة التوحيد” دفاعًا عن العقيدة، وليبين أن الإسلام لا يتعارض والعلم وحاجة العقل إلى “مرشد إلهي”، وفيها دعوة للعودة إلى الأصول ولاستقلال الإرادة والرأي والفكر. وقد تابع الشيخ حسين الجسر(1845-1909) مشروع الأفغاني وعبده في “الرسالة الحميدية في حقيقة الديانة الإسلامية وحقيقة الشريعة المحمدية”( 1888)، فرد على بعض النظريات العلمية المادية الحديثة ومنها النشوئية (تطورية داروين).

وإلى صورة التقدم والليبرالية كان على الإصلاحيين الإسلاميين خوض الجدال مع الفكر الأوروبي كجزء من نظرتهم إلى أنفسهم كمسلمين، وهو ما سيطبع النظر الإسلامي إلى أوروبا خلال المئة سنة التالية كما يقول زيادة.

من التأثيرات المباشرة للنظرة الحديثة إلى أوروبا بروز حركة دستورية انتصرت في تركيا وقامت بإلغاء الخلافة وإقامة النظام الجمهوري. وأثار هذا الأمر الكثير من الجدل بين مؤيد ومعارض: فكتب الشيخ علي عبد الرازق (1888-1966) “الإسلام وأصول الحكم”، رأى فيه أن الخلافة ليست من الدين في شيء ورغب في فصل السلطة السياسية عن الدينية. أما رشيد رضا فنظر بعين الريبة إلى المشاريع الأوروبية، وأمل شكيب أرسلان في حركة أو ثورة إسلامية “تشكّل قاعدة حرب متواصلة ضد الاستعمار الأوروبي”، وخوفًا على الإسلام رفض محاولات كمال أتاتورك التحديثية.

وقد مثّل المفكّر محمد إقبال(1873-1983) في الهند بمواجهة الإنجليز، تجربة أخرى أدركت حجم التفوق الأوروبي في العلم وطرائق التفكير، فكان الرأي بضرورة تجديد الفكر الديني والاستعانة بنتائج الفكر الغربي في سبيل “إعادة النظر في التفكير الديني في الإسلام، وبنائه من جديد إذا لزم الأمر”. وبدوره ركز مالك بن نبي(1905-1973) على مسألة الأفكار في الحضارة، وقدّم نظرية “القابلية للاستعمار”، فدعا المسلم ليستعيد نهضته ويبني حضارته استنادًا إلى الفكرة الدينية، أو “الظاهرة القرآنية”.

والحال، تغذّى التيار الليبرالي في العالم العربي من الانقلاب الدستوري في استامبول عام 1908، وترسّخت لديه فكرة الحرية وادعى أنها “سبب تقدم أوروبا”، ومثّله خير تمثيل أحمد لطفي السيد(1872-1963). وانبرى من يدافع عن العلم الأوروبي المتقدم، فكتب إسماعيل مظهر “ملقى السبيل في مذهب النشوء والارتقاء” دفاعًا عن النظرية الداروينية، محمّلًا الكتاب أيضًا تصوره للعلم، وضرورة استيعاب العلوم الحديثة، واعتماد النقد مذهبًا. أما طه حسين(1889-1973) فقد انشغل بالمسألة الثقافية، وضمن تساؤلاته واهتماماته في عمله المهم “مستقبل الثقافة في مصر”( 1938) وفيه تسليم تام بقدرة وسلطان أوروبا ومطالبة بتقليد سيرتها.

في الوقت نفسه وفي الأفق كانت ترتسم صورة أخرى لأوروبا هي صورة الشيطان، وتترسخ ثنائية أوروبا/الإسلام أو الشرق/الغرب، وتتحول “عقيدة ثابتة عند التيارات الإسلامية الداعية للعودة إلى الأصول” كما يقول زيادة. فكتب المفكر الباكستاني أبو الأعلى المودودي( 1903-1979) “نحن والحضارة الغربية” مشدّدًا على طابع الشر فيها، وعلى مسألة الافتراق بين العالمين، وينتهي لتوقع نهاية الغرب القريبة، وتابعه في ذلك أبو الحسن الندوي في “ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين”. وحدّد السيد حسن الشيرازي ماهية الصراع في أنه بين الكفر والإسلام.

وبين صورتين متقابلتين: صورة الحرية والتقدم، وصورة الشر الخالص المتجسد في الآلة الاستعمارية، تألّفت صورة ثالثة حاولت الجمع بين “شيء من الإسلام وشيء من أوروبا” عبّرت عنها مجلة الرسالة التي أصدرها أحمد حسن الزيات عام 1933 لتكون “جامعة بين روح الشرق وحضارة الغرب”. وسعى آخرون للجمع بين المادة والروح كما فعل مصطفى محمود، والتوفيق في ميدان الثقافة والفكر كما حاول ذلك زكي نجيب محمود مقترحًا فلسفة جديدة تقوم على الثنائية بين السماء والأرض. ويخلص زيادة إلى أن فلسفة التوفيق المقترحة لا تفعل سوى أن تقرر واقعًا قائمًا.

وأخيرًا، يرى زيادة أن أوروبا عَرّفت المسلمين على ماضيهم العريق وتراثهم من خلال مؤسسة الاستشراق القديمة في أغراضها والتي ازدهرت بفعل ضعف المسلمين، وتعرّضت للنقد من طرف الباحثين العرب بسبب الريبة في دوافعها واستهدافاتها المباشرة للإسلام؛ من نقد عمر فروخ وزكي النقاش في “التبشير والاستعمار”، إلى كتاب إدوارد سعيد “الاستشراق: المعرفة، السلطة، الإنشاء”. وفي نظرته النقدية يدعو زيادة إلى إعادة “تقويم سيرورة أوروبا التي تميزت بالتطور أكثر منها بالإبداع”، إلى تفعيل التساؤل النقدي في سبيل حوار وتضامن بين ثقافات الإنسان. الأمر الذي طالب به هشام جعيط في “أوروبا والإسلام” من تضامن الثقافات “ومن ضمنها ثقافة الغرب، ضد كل الذي ينفيهم: حداثة غير خاضعة. وضمن هذا الإطار يستطيع الإسلام مواصلة رسالته السامية”.

 

 

 


الكلمات المفتاحيّة لهذا المقال:
الرؤية الإسلاميّةأوروبّا

المقالات المرتبطة

المثقّف والهروب من الالتزام في رواية “سمرقند” لأمين معلوف

تشكّل شخصيّة عمر الخيّام في رواية “سمرقند” أنموذجًا تجتمع فيه صفات المثقّف الذي نجده في كلّ روايات أمين معلوف، المثقّف

عاشوراء في خطاب المقاومة الإسلامية | قراءة في كتاب “خطاب عاشوراء”

لم تكن تسميةٌ حدثِ شهادة الحسين وأهل بيته(ع) بإسمين: أحدهما: زمني (عاشوراء)، والآخر مكاني (كربلاء) قائمةً على المصادفة.

موقف لوي ماسينيون من الإسلام

شكَّل الإسلام محورَ حياة المستشرق الفرنسي لوي ماسينيون (1883–1962)، باحثًا ومحقّقًا ومدرِّسًا ولغويًّا وعالمَ اجتماع، وموظفًا عموميًّا في خدمة دولته ومصالحها،

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<