البنيويّة

البنيويّة

ثمّة عقبات عديدة تواجه الباحث في البنيويّة تظهر إلى العلن منذ الإطلالة الأولى التي يحاول فيها الباحث تقصّي البنيويّة في مدلولاتها أو مباشرتها فيما يمكن أن تختزنه من تحديد، فالبنيويّة تأبى عن التأطير وتشرع في ممارسة عصيانها وممانعتها حتّى على مستوى الأسئلة الأساسيّة من قبيل، ما هي البنيويّة؟ هل البنيويّة شكل أم محتوى؟ منهج أم نظريّة؟ ما هي خطوات المنهج البنيويّ؟ وهي أسئلة ضروريّة كونها تشكّل مدخلًا لفهم موضوع الدراسة، وربّما بسبب من التشعّب الشديد في شجرة العائلة البنيويّة كان من الصعب تحديد مفهومها، إذ تمتدّ البنيويّة بجذورها إلى عصر النهضة، وينتابها هاجس المسعى الحثيث لنيل تقدير “العلميّة” فهي تسعى لأن تكون علمًا، فتدّعي لنفسها الانتساب إلى عائلة العلوم الطبيعيّة (بيولوجيا؛ فيزيولوجيا) والعلوم النظريّة (رياضيّات؛ منطق) معًا، ولا تخفي تأثّرها الواضح بعلم الاجتماع الماركسيّ، وعلم النفس الفرويديّ ونظم اللغة السوسوريّة، ويسطع في فضائها أسماء من قبيل كانط ونيتشه وهوسرل وهايدغر وجاكوبسون وباشلار ودي سوسير، وغيرهم.

يُضاف إلى هذا التشعّب أنّ البنيويّة ليست منهجًا مطبّقًا بطريقة واحدة عند الجميع، ويظهر هذا التباين في الأسلوب المتّبع في أعمال البنيويّين الكبار أنفسهم، وهكذا يجد المرء لدى ليفي ستروس، ما لا يجده لدى كلّ من بارت والتوسير، وفوكو، ولاكان، وعلى الرغم من وجود الاختلاف في منطلقات بحوثهم وغاياتها، إلّا أّنه يمكن تحديد بعض المعالم الرئيسة كعلامات فارقة، وذلك من قبيل أولويّة البنيويّ على التاريخيّ، وأسبقيّة اللغة على الواقع وأهمّيّة تأثير المنهج في النظريّة والشكل في المحتوى، وما قد يكشف عن هويّة البنيويّ هو استخدامه لبعض المصطلحات ذات الجذر اللسانيّ، واهتمامه بالرمزيّ، وبحقول معيّنة داخل العلوم الإنسانيّة، وبالموقف المنهجيّ القائم على تفسير الظواهر والحوادث على أساس تزامنيّ، وكلّ هذا قد يسمح لنا بمقارنته البنيويّة ولو على نحو مبدئيّ….تحميل المقال



المقالات المرتبطة

مراكز البحوث الغربيّة، اختزالية المنطلقات وانبهار المتلقّي

كنت أقرأ منذ مدّة مجموعة من المقالات والأوراق البحثية الصّادرة عن  مجموعة من مراكز الدراسات والبحوث الغربيّة مثل راند ومعهد واشنطن ومعهد دراسات الحرب وكارنيغي وغيرها

شجرة مباركة

عندما تنظر إلى عائلة من عوائل بلادنا تنتشر في حقل زيتون لتجني ثماره من صغيرها الملفوف بالسرير إلى كبيرها المحفوف

التصالح المجتمعي بين الدين وعلمانية الدولة

يعالج هذا البحث التصالح المجتمعي بين الدين والعلمانية، وهو يبدأ بتعريف العلمانية، لينتقل بعد ذلك إلى معالجة التاريخ والنشأة،

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<