الإمام والمسيح عند هنري كوربان

مقدمة
في تصوّر أوغوست كونت، صاحب النظريّة الوضعيّة لتاريخ الفكر البشريّ، أنّ الناس الأوائل، عندما شاهدوا الظواهر الطبيعيّة، تبادر إلى أذهانهم أنّها من فعل الآلهة، وبناءً على هذا الاعتقاد، ابتدعوا شعائر عباديّة هي من نوع السحر، كما كانت معتقداتهم من نوع الأسطورة. يمكن أن نخلص من هذا التصوّر ومن غيره من التصوّرات والنظريّات في نشأة الدين، إلى القول بأن هناك حاجة في طبيعة الناس إلى الاتّصال بكائن أو كائنات تتعالى على الوضعيّة البشريّة، جعلتهم يبتدعون وسائط تلبّيها. فكانت أشخاص بشريّة تقوم بهذا الدور، وكانت أماكن العبادة والصلوات والذبائح وغيرها من الشعائر.
ولمّا انتقل الناس من عبادة الآلهة إلى عبادة الإله الواحد، بات السؤال هو إيّاه عن الوسيط بين الناس وهذا الإله. ذلك أنّ الناس عرفوا ما يباعد بينهم وبينه، حيث عرفوا أنّهم هم كائنات متناهية وأنّه هو الكائن اللامتناهي. وفي الأديان التوحيديّة، كان الوسيط هو كلام الله منزَلًا على الأنبياء ومدوَّنًا في كتاب. وهذا ما جعل هنري كوربان يقول بـ “ظاهرة الكتاب” – le phénomène du Livre – وبما تثيره هذه الظاهرة، عند “أهل الكتاب”، من تساؤلات وتنظيرات. ومختصر هذه التساؤلات، السؤال عن الوسيط بين الله والناس؛ أي عن كيفيّة التنزيل وكيفيّة التأويل، وبخاصّة عن كيفيّة فهم المعنى الحقيقيّ للكتاب المنزَل.
في سياق هذه التساؤلات والجواب الشيعيّ عنها، يقوم هذا البحث بعرض ما قاله كوربان عن موقع الإمام، وفي تكوينه الأنطولوجيّ، وفي وظيفته وكيفيّة قيامه بها. يلي ذلك عرض للمقارنة التي أنشأها كوربان بين الإمام والمسيح. وفي ختام البحث نتعرّض لمسألة منهج كوربان التأويليّ وموقفه الماورائيّ….تحميل البحث
المقالات المرتبطة
الخاص والعام في الفلسفة السياسيّة
الكلام على فلسفة للسياسة أو على فلسفة سياسيّة يعني الكلام على فلسفة خاصّة بأحد الأنشطة البشريّة.
محاورة لقمانية مليكة وليل غزة وسورة الإسراء | الحلقة الأولى
كان القصف عنيفًا على غزة في الليلة السابعة من “سيف القدس”. كان الموت قريبًا منا البارحة، إذ دمر الوحش الصهيوني بسلاحه الأمريكي العمارة ذات الطوابق السبعة في بضعة دقائق.
الفلسفة في العالم العربي اليوم.. بين الواقع والمرتجى
حوار مع الدكتور أحمد عبد الحليم عطية