التبنّي الحضاريّ والتجديد الجذريّ نحو مشروع رؤية جديدة للفكر الإسلاميّ المعاصر

ليس في وسع عاقل من هذه الأمّة أن ينكر وجود أزمة حقيقيّة يعاني منها الفكر الإسلاميّ اليوم. فعلى أساس هذا الإحساس والشعور الواضح، تنهض أكثر القناعات بضرورة تجديد هذا الفكر، حيث أمسى التجديد هو الخيار الوحيد الممكن للخروج من هذه الأزمة. على أنّ هناك من يعتقد أنّ الخروج من الأزمة لا يتمّ إلّا بمزيد من الإصرار على الخطاب نفسه وكما هو. وقد أكّد البعض بذلك على أنّ الإسلام اليوم يتحرّك كأفكار أو نشاطات أو مشاريع كما هو، لا كما يعاد إنتاجه من قبل جهات ونخب وطبقات سياسيّة واجتماعيّة وثقافيّة. التجديد هو خيار النخب الأكثر إدراكًا لعمق الأزمة التي أصابت هذا الفكر. وحتّى اللحظة، لن نتحدّث عن طبيعة هذه المشكلة، إذا ما كانت هذه الأزمة هي سبب انحطاط المسلمين، كما حاول البعض تبسيط الإجابة على السؤال الأرسلانيّ الشهير، أو كان التخلّف الفكريّ هو جزء من انحطاط أمّة بكافّة قطاعاتها. فإنّ مثل هذه الأسئلة هي مرتّبة متأخّرة عمّا ينبغي الانطلاق منه. نعم، هناك أزمة بهذا المعنى الذي يُفيده سؤال “ما” الشارحة كما يقول الحكماء، أي ما يتعلّق بوجود الأزمة أو توصيفها، وليس السؤال الذي يتقصّد المضيّ في باقي أشواط الاستشكال المركّب حول طبيعة الأزمة وجوهرها؛ هل هي بسيطة تقتضي حلولًا بسيطةً وتأمّلاتٍ خفيفةً يسيرةً – مثل مَن رأى من الممكن حلّ مشكلة الأمّة بمجرّد إحياء “الخلافة الإسلاميّة” – أم أنّها مشكلة معقّدة تستدعي حلولًا مركّبةً ومراجعاتٍ جذريّةً.
إنّ التسليم بوجود أزمة في الفكر الإسلاميّ كان قد استدعى على أكثر من قرن من الزمان، مشاريع فكر تصحيحيّ وتجديديّ، إذا حصرنا نشأة هذه الخيارات من أولى التساؤلات التي أرهصت إليها المتون الأولى لمصلحي نهاية القرن التاسع عشر منذ رفاعة الطهطاوي في تخليص إبريزه أو خير الدين التونسي في أقوم مسالكه، ومَن تلاهما بعد ذلك، كي يصبح السؤال واضحًا جليًّا يلخّص وعي مرحلة بكاملها، سبق وأن عبّر عنها شكيب أرسلان في نهاية المطاف بكتابه الشهير الموسوم بـ: “لماذا تخلّف المسلمون وتقدّم غيرهم؟ !”...تحميل البحث
المقالات المرتبطة
دور عاشوراء في استنهاض الأمة
هذا الموضوع، هو موضوع مركزي أساس في حركتنا باتجاه عاشوراء، ولعلَّ البعض قد فهم من إحيائنا لعاشوراء في المناطق المختلفة بأننا نحاول أن نستحضر العاطفة
الرضوان الإلهي في محضر المجلس الحسيني
رضا الله سبحانه ليس أمرًا ذهنيًّا موهومًا كي نجلس هنا ونخرج ونقول إن الله سبحانه رضًا وسخطاً فقط بدون أن يترك فينا أثرًا إيجابيًّا من ناحية الرضا، أو أثرًا سلبيًّا من ناحية السخط، ولهذا قلت: من جملة أوصافه الفعلية الرضا والسخط.
الحسن المجتبى (ع) غربة إمام في وطن
كانت حياة الإمام الحسن (ع) حافلة بالعلم والجهاد والكفاح والمظلومية لصيانة دين الإسلام من أيّ شائبة. وقد عانى في مجتمعه