دور الرؤية الكونيّة في بناء المنظومة التربوية
18/2/2020
أقام معهد المعارف الحكمية مساء أمس الثلاثاء، وضمن الأعمال التحضيرية للمؤتمر الرابع للتجديد والاجتهاد عند الإمام الخامنئي (حفظه الله) ندوة بعنوان: “دور الرؤية الكونية في بناء المنظومة التربوية” للدكتور يوسف أبو خليل معتبرًا أن العلوم التربوية هي علوم تتولى مسؤولية دراسة العملية التربوية من الداخل. كما أنها علوم تتولى مسؤولية دراسة الفكر التأمّلي.
وعند الحديث عن الفلسفة أشار الدكتور أبو خليل إلى أننا نكون نتحدث عن ثلاثة مسائل: علم الوجود، علم المعرفة، وعلم القيم.
ولفت الدكتور أبو خليل، إلى أنه عند الحديث عن علم الوجود فذلك يعني أصل الوجود، ماهية الوجود، كيفية النظرة إلى الوجود.
واعتبر الدكتور أبو خليل أن العمل التربوي لا يأتي من فراغ، وكل منهج تربوي يحمل في طياته رؤية ونظرة.
كما أشار الدكتور أبو خليل إلى أنه ومن جملة علم الوجود هو الوجود الإنساني، والنظرة إلى الإنسان، وهل الإنسان موجود مادي، أم مثالي؟ هل الإنسان جسم وروح؟ جسم وعقل؟ بحيث ستختلف المدارس باختلاف المدارس الفلسفية.
أما فيما يتعلق بالرؤية الكونية، فقال الدكتور أبو خليل: إنه يمكن تعريفها بأنها مجموعة من المعتقدات والنظرات الكونية المتلاصفة حول الكون والإنسان، أو حول الوجود بصورة عامة. ويندرج تحتها حتى الأيديولوجيات. وهي عبارة أيضًا عن مجموعة من الآراء الكونية المتلاصقة حول سلوك الإنسان وأفعاله.
ثم تطرّق الدكتور أبو خليل للحديث عن المدرسة المثالية حيث اعتبر أن قواعد هذه المدرسة تقوم على أسبقية الفكر على المادة، وأصل المثالية هي الروح والعقل.
ولفت الدكتور أبو خليل إلى أن الوجود الحقيقي في المثالية هو الوجود الفكري أو العقلي، أو الروحي.
وأشار الدكتور أبو خليل إلى المدرسة الواقعية فاعتبر أنها تقوم على اعتبار أن هذا العالم الذي نعيش فيه ليس وهمًا.
ولفت الدكتور أبو خليل إلى أن هذا العالم المادي هو عالم صحيح. وأن الإنسان موجود كجسم، وموجود كروح حسب المدارس التي ينتمي إليها.
واعتبر الدكتور أبو خليل أن المشكلة التربوية تبدأ من تعدد المناهج التربوية.
ورأى الدكتور أبو خليل أن البحث المعرفي هو بحث عن ماهية المعرفة، فهل يمكن أن أعرف؟ هل المعرفة مطلقة أم نسبية؟ هذه الأسئلة يمكن الإجابة عنها في البحث الوجودي (الأنطولوجي).
وأشار الدكتور أبو خليل إلى أن المعارف الأسمى ستكون هي المعارف الكلية، أو ما يسمى باليقينيات العقلية، وهي من أهم المعارف.
ولفت الدكتور أبو خليل إلى أنه في المدرسة المثالية سوف تكون المعرفة العقلية هي المعرفة التي أتبناها. أما في المدرسة المادية ستكون المعرفة الحسية هي المعرفة التي أتبناها.
ورأى الدكتور أبو خليل أن الأبستيمولوجيا تختلف باختلاف الرؤية الوجودية.
وفي ما يتعلق بعلم القيم، أشار الدكتور أبو خليل إلى أن البحث يكون عن ماهية القيم؛ هل القيم نسبية أم مطلقة؟ هل القيم ثابتة؟… أسئلة كثيرة ستدور حول القيم، والأجوبة عنها سوف تعود إلى البحث الأنطولوجي.
ولفت الدكتور أبو خليل إلى أن القيم في المدرسة المادية ستكون نسبية وتختلف باختلاف المجتمعات والزمان والمكان؛ لأنها تنشئة اجتماعية.
ورأى الدكتور أبو خليل أن ما يحكمنا بالعمل التربوي هو القيم البراغماتية. حيث تتغير القيم في المدرسة البراغماتية بناء على القيم العليا والتي هي عبارة عن الحرية الفردية والنظام الليبرالي.
وأشار الدكتور أبو خليل إلى نوعين من القيم في الرؤية الدينية الإسلامية: قيم مطلقة، وقيم متغيّرة. معتبرًا أن القيمة العليا في الرؤية الإسلامية هي القرب من الله عز وجل؛ أي التكامل. وهدف الإسلام هو أن يجعل من هذا الإنسان متكاملًا من خلال العبادة.
واعتبر الدكتور أبو خليل أن الحرية وحسب المدرسة النفعية هي بمقدار ما تحصّل من ملذات (نفع)، وتقوية هذه الفردية. بينما الحرية في الرؤية الإسلامية هي أننا بمقدار ما نتخلّص من الذنوب، بمقدار ما نحلّق وتسمو، فالذنوب هي عائقٌ أمام التكامل. والحرية هنا هي أن يتكامل الإنسان.
بعدها تطرق الدكتور أبو خليل إلى الرؤية الليبرالية حيث الأصالة فيها للفرد، والرؤية الماركسية الأصالة فيها للمجتمع، بينما الرؤية الإسلامية الأصالة فيها للهوية الإنسانية ببعديها الفردي والاجتماعي. بحيث لا يتحقق الإسلام إلا بالبعد الفردي والاجتماعي.
ورأى الدكتور أبو خليل أنه عندما ندوّن رؤيتنا الوجودية والمعرفية، ونكتب قيمنا وقيم العلم، من هنا يمكن البدء بما يسمّى بالتأصيل التربوي، وبناء المنظومة التربوية.
وأشار الدكتور أبو خليل إلى أننا نعني بالنظام، مجموعة من الأجزاء المترابطة مع بعضها البعض، وإذا حصل خلل في أحد أجزائها سيترك هذا الخلل أثره على بقية الأجزاء.
ولوضع نظام تربوي رأى الدكتور أبو خليل أننا بحاجة ليكون لدينا وضوح بالبحث الأنطولوجي ووضوح في أدوات المعرفة.
واعتبر الدكتور أبو خليل أن التربية الدينية هي نمط وتجربة حياة وليست مادة تُدرّس.
ولفت الدكتور أبو خليل إلى أن التعليم الديني قد يضر بالتربية الدينية في بعض الأوقات.
وختم الدكتور يوسف أبو خليل محاضرته بالقول: إن التربية والفلسفة لا يمكن أن ينفصلا عن بعضهما البعض، فحتى الذين لا يعترفون بالفلسفة ويعيشون العبثية هم أصحاب فلسفة ومذهب.