المحايثة: حياة

المحايثة: حياة

ترجمة جمال نعيم

يبسط دولوز للحقل المجاوز بما هو مائز عن التجربة، وبما هو لا يحيل إلى موضوع أو إلى ذات؛ من حيث هو حقل محايثة محض، متفلّت من كلّ مفارقة للذات كما للموضوع، والمحايثة المحضة حياة، ولا شيء سوى ذلك، حياة لا ترتبط بكائن، ولا تخضع لأفعول. فالحقل المجاوز، من ثمّ، يختطّ بمسطّح المحايثة، ومسطّح المحايثة يختطّ بحياة. مقدّمة بقلم المترجم المحايثة حياة أو المحايثة المطلقة عرف جيل دولوز G. Deleuze بأمبيريّته العليا، أو الجذريّة، أو المجاوزة. والأمبيريّة العليا (empirisme supérieur) هي تعبير أخذه دولوز من شيلنغ F. Schelling، وطبّقه على هنري برغسون H. Bergson. أمّا الميدان المجاوز أو الحقل المجاوز (champ transcendantal) فيعود إلى كانط، وإن كان دولوز يغيّر كثيرًا في مفهوم هذا الحقل المجاوز. ويمكن القول إنّ تعبير الأمبيريّة المجاوزة (empirisme transcendantal) هو بمثابة مسخ ولّده دولوز من جمع شيخ الأمبيريّين هيوم مع فيلسوف النقدية كانط الذي ميّز المجاوز (transcendantal) من المفارق (transcendant) بعدما كانا، في فلسفة القرون الوسطى، يستعملان بمعنًى واحد تقريبًا. تبحث الأمبيريّة المجاوزة، بما هي كنطيّة جديدة، أو بما هي تطوير لأمبيريّة هيوم التي لا تعترف بأيّ شيء مجاوز أو فطريّ في الذهن والتي تنظر إلى الذات بوصفها ذاتًا متكوّنةً لا بوصفها ذاتًا أصيلة كما سيذهب إلى ذلك كانط، ومن بعده هوسرل، أقول تبحث عن شروط إمكان التجربة الواقعيّة، لا عن شروط إمكان كلّ تجربة ممكنة كما هو الحال مع كانط. وهذا ما فعله ميشال فوكو M. Foucault في حفريّاته عندما تكلّم عن ما هو قبليّ تاريخيّ في كلّ تشكّل تاريخيّ (formation historique)، أي عن الشروط الواقعيّة لكلّ تشكّل تاريخيّ، وإن كانت هذه الشروط تتغيّر من تشكّل تاريخيّ إلى آخر… تحميل البحث



المقالات المرتبطة

مباني فهم النّص عند الشهيد الصدر: الحلقة 2

سنعرض في هذه المقالة التساؤلات المهمة المرتبطة بإشكالية فهم النص الديني، حتى نرى في المقالات اللاحقة: هل تعرّض السيد محمد باقر الصدر لها وقدّم إجاباته، أم لا.

النمـوّ فـي المعرفــة

النموّ في المعرفة. موضوع حديثي هذا عزيز عليّ، لا لأنّي أملك نواحيه جميعًا، ولا لأنّي اطّلعتُ على أسرار المعرفة، بل

محاورة لقمانية مليكة وليل غزة وسورة الإسراء | الحلقة الأولى

كان القصف عنيفًا على غزة في الليلة السابعة من “سيف القدس”. كان الموت قريبًا منا البارحة، إذ دمر الوحش الصهيوني بسلاحه الأمريكي العمارة ذات الطوابق السبعة في بضعة دقائق.

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<