نظم المنتدى الدولي للحوار المسؤول، ندوة حوارية بعنوان: “الدراسات الإسلامية في الغرب: واقعها واستهدافاتها”[1]، أددارتها الأستاذة ليلى مزبودي، وشارك فيها كلٌّ من: الدكتور فوزي العلوي من تونس، والدكتور إدريس هاني من المغرب، والدكتور جهاد سعد من لبنان.
استهلّت الأستاذة ليلى مزبودي الندوة بكلمة رحبّت فيها بالضيوف، ثم تحدثت فيها عن الاستشراق والدراسات الإستشراقية، وقالت: من المفيد أن نعرف ما هي المضامين الرئيسية التي تناولها هذا الاستشراق خلال حقبات متعددة؟ وما هي تقنيات المراقبة والدراسة التي اعتمدت، ولأي درجة تأثرت في مقارباتها لعالمنا الإسلامي، بالذاتيات الغربية المتنوعة في قراءاتها؟
وتوقفت عند مساهمة الاستعمار في تكريس ودعم بعض المذاهب الإسلامية -كما الوهابية في الحجاز- الأمر يستحق الوقوف عنده لأنه مرتبط بمصائرنا ومصالحنا في العالم الإسلامي، لتسأل: لماذا وكيف يستعمل الغرب الدراسات عن الإسلام في مشاريع هيمنته؟ وما هي خصوصيات التراث الشيعي التي ركزت عليها الدراسات الغربية؟ وهل هنالك خلل ما في تلك الدراسات، فلم تلحظ مناطق تسرب فيها تجعل أتباع هذه المدارس تنتفض على الذين ساهموا في تكريس حضورها؟
وختمت الأستاذة مزبودي مقدمتها بأنّ هناك موجة جديدة من الدراسات حول الإسلام في الغرب نفسه، منذ ثمانينيات القرن الماضي ترصد في دقائق أمور المسلمين وتضعهم تحت المجهر، وترصد نظرة الأوروبيين الآخرين تجاههم. وتقوم الجامعات الغربية بتشجيع وإعطاء المنح الدراسية للباحثين المسلمين القادمين من هذا العالم الإسلامي، لكي يدلوا بدلوهم في هذه الدراسات عن الإسلام. فلا بدّ وأن نقوم بالأمر نفسه. وأن ندرس هذا الغرب في جامعتنا، بمسلميه وغير مسلميه، إيذانًا لحقبة تاريخية نقلب فيها المعادلة، وننتقل فيها إلى المبادرة، علّنا نُحيي حضارتنا من جديد.
ثم افتتحت الأستاذة مزبودي باب الحوار، وكانت البداية مع الدكتور فوزي العلوي[2][1] من تونس، حيث تطرق إلى الحديث عن الاستشراق معتبرًا إياه بأنه حديث ذو شجون، يقتضي الوقوف تحليلًا وتحديدًا وتدقيقًا في المفاهيم؛ لما فيه من الجوانب الإيجابية والكثير من الجوانب السلبية. كما لا يمكن للمستشرقين أن يقفوا على أرضية واحدة، فالاهتمام بالمسألة الاستشراقية مهمة، ومن خلالها نعرف تمثّل هذا الآخر لنا كذوات. والآخر الغربي لا ينظر إلى الشرقي إلا كموضوع، وتمثّله للمعرفة في قطبَيْها الذات والموضوع، تتنزّل بسياق علاقة مركز بهامش، وسيد بعبد.
ولفت إلى أنّه قدّم في كتابه “مخاتلات الحداثة” مقاربة ترصد كيف أنّ مشروع الحداثة الغربي برمّته وفلسفة الأنوار، وما بعد الحداثة أيضًا، تستند إلى مرجعية مخاتلة فيها الكثير من التعمية عن الأصول. وقال: الحديث عن الاستشراق وعلاقته بالاستعمار هو ربط دقيق.
واعتبر الدكتور العلوي أنّ الحكمة الغربية في مظهرها الفلسفي، أو في العلوم الإنسانية تستند إلى الغريزة المتوحشة في التقصد في فهم الآخر، كمظهر غريب ومتوحش لا ينسجم مع مفهوم الحضارة المادية الغربية. وقد صاغ الغرب لنفسه تصوّرًا معيّنًا للحضارة والوعي والإنسان، استنادًا إلى هذه الثنائية المتفاضلة، وإلى منطق المغالبة والصراع الذي يلغي كل أشكال الاختلاف والغيرية.
وأشار الدكتور العلوي أنّهم لا يعتبرون لنا بوجود، ولا بكيفية تواجد، بل إن وجودنا لا يمكن إلا أن يكون على هامش وجودهم كلواحق وتوابع وكأدوات وظيفية. ويروّج هذا الغرب صورة نمطية عن الإسلام أي إسلام الصحراء والتخلف والغرائز. وعندما يهتم بدراسة تراثنا الفكري يختزله في بُعد صوفي أعرج وليس صوفي عرفاني متكامل. ويُخرج الإسلام من دائرة الخطاب الجماعي إلى خطاب فردي وشطحات لا علاقة لها بما هو اجتماعي جمعي تاريخي. لافتًا إلى أن هناك نقاطًا خلافية أساسية، كعدم وجود مفردة فرد في الإسلام، إضافة إلى مشكلات المرأة والمساواة، وغيرها من القضايا التي يروّج لها على نحو فيه الكثير من الفتنة والكذب.
وقال الدكتور العلوي: لا يمكن الاستئناس بالرؤى التي تروّج لها منظومة التأويل الاستشراقية. ويجب أخذ المعلومات من مصادرها التي تُسهم في تكريس نظرة مادية دهرية استعلائية. ويجب رفض الاختلاف وفرض إرادة من اللون الواحد. ولا يمكن للاستشراق بكل مدرسته أن يتنكّر لمرجعيته الروحية المتمثّلة في العهدين القديم والجديد، ولامتداداته الفكرية الفلسفية الإغريقية. ولا يمكن أيضًا، توريد النظريات والمفاهيم فهي ليست نتاجًا ماديًّا، بل يجب استنباتها في مواطنها، وتبيئتها في إطارها الحضاري والمكاني. مشيرًا إلى أنه يجب أن تكون متجذرة في زمانيتها، فالدراسات الغربية تدعونا إلى اجتثاثنا من أعماقنا الزمانية، والمكانية وتحويلنا إلى كيانات مشوّهة ليس لها امتدادات في الماضي، ولا حضور في الراهن، ولا يمكن أن يكون لها بدائل مستقبلية.
ثم دعا الدكتور العلوي إلى إعداد مقاربات متعددة المناهج، ومتعددة القراءات داخل مرجعيتنا العربية الإسلامية حتى ننهض كنخب ومرجعيات. ويجب أن نستنهض همم الباحثين، ونعطي المسألة الثقافية والفكرية ما تستحق من الأموال، فلا مستقبل لنا إلا متى بنينا هندسة وعي حضاري إسلامي مقاوم لسائر أشكال الاغتراب والاستعمار. وأن نبني بدائلنا التكاملية مع شركائنا، مع الجنوب وفي الغرب، ليكون مشروعنا كمقدمة لظهور القول الحق ودولة العدل.
وختم الدكتور فوزي العلوي كلامه قائلًا: إنّ هذا الشرق منخور بداء عضال يتمثّل في كونه ليس واحدًا منسجمًا، وإذا كان الدين واحدًا فإنّ التديّن مختلف. إلا أنّ ما انتهت إليه دائرة الاختلاف مظهر للخلاف من خلال التمثّل الوهابي السلفي التكفيري المحنّط، قد تحوّل تحت توظيف سياسي استعماري، وصار بؤرة لتشويه الإسلام وتقويضه من الداخل. ودعا إلى إعادة صياغة المدوّنة الإسلامية في كثير من عناصرها لتصفيتها من أدران الإرهاب والسلفية والفرقة النازية.
بعد ذلك تحدث الدكتور إدريس هاني[3][2] من المغرب، عن الحقول والمضامين التي اهتم بها المستشرقون، خاصة عندما كانوا يخدمون المطامع الاستعمارية، وقال: الحديث عن الدراسات الإسلامية في الغرب ميدان واسع ومراحل متطورة. وإذا استطعنا تجاوز نظرية المؤامرة في تحليل موضوع الاستشراق التي هيمنت على الدراسات الاستعرابية أو الاستغرابية، سنكون في حلٍّ من أمرنا حتى لا نقع في تناقضات كثيرة. ونحتفظ بالمؤامرة باعتبارها واقعًا نكشف عنه بالوثيقة، ولا نعتبره آلية من آليات التحليل.
ورأى الدكتور هاني أنّ الدراسات الاستشراقية في تطور مستمر منذ القرن الثامن عشر الميلادي. ولا شك أنّ الاستشراق ينطلق من جغرافيا تمركزت قوميًّا وسياسيًّا وجغرافيًّا، باعتبار أنّها كانت تعيش حالة نهضة وتنوير، وستكون نظرتها إلى الآخر فيها القليل من الاعتراف. لافتًا إلى أن المستشرق لم يكن يرى في اللحظات التأسيسية أنّه مكلّف بالتحقيق، فهو ينظر إلى الآخر باعتباره على الهامش، ويستطيع أن ينشئ خطابًا في حد ذاته هو خطاب السيطرة. ولكن هذه الأمور تطورت، وقد حاول ميشال فوكو أن يقوم بعملية استقصائية في مناطق الصحراء في المغرب.
وتابع الدكتور هاني قائلًا: حينما أتحدث عن النظرة التأسيسية لغياب الاعتراف كقيمة تدخل في مجال العلم، فإنّ هذا الأمر لا يرتبط بأوروبا الناهضة. وهناك حالات وأمثلة واسعة حتى داخل المجال العربي والإسلامي لعدم الاعتراف، باعتبار أنّ التراث الشرقي متنازع وفيه أقطاب.
وأضاف قائلًا: يتصرف هيغل كلاهوتي متميز بدراسة اللاهوت المسيحي داخل البروتستانت المسيحي. وهو جاء لكي يحل مشكلة منذ أن وضع كتابه المعروف “الدين في حدود العقل”، عندما يتحدث عن الروح المطلق، وهذا التجلّي على مستوى الأديان، نجده يتحدث عن الروح المطلق أو الدين المطلق المسيحي وكفى. وقد نجد بعض النقاش الذي حصل عند هنري كوربان الذي قدّم ثورة ضد القراءة الهيغلية. مشيرًا إلى أن هيغل قد تناول الإسلام بإهمال، واعتبر أنّه لم يقدّم شيئًا، ولا يحتاج إلى الفلسفة. والعرب قدموا بمن حملوا الفلسفة المشائية أو الأرسطية إلى الغرب المسيحي ثم انتهى دورهم.
وأشار الدكتور هاني إلى أنّ هيغل انطلق حين تناول الموضوعات من بعض الكتابات، مثل شعر حافظ وغيره الذي كان مترجمًا في ذلك الوقت. وقال: أنا أميّز بين موقفه الذي جاء في السياق، وموقف من عاشوا في الشرق، فكانوا جزءًا من حركة الاستعمار، واستطاعوا أن يتفلتوا من الوظيفة الاستعمارية كما حدث مع ماسينيون، الذي بدأ ضمن المؤسسة الاستعمارية من المغرب، وبعد ذلك في الرحلة العراقية التي انتهت باكتشاف الحلاج والجانب الروحي كأنّها اندفاع ذاتي وهذا سيستمر.
وتابع الدكتور هاني قائلًا: يجب أن نميّز بين المعرفة والوظيفة، فالمعرفة حاصلة وتتطور وقابلة للتسخير والاستعمال في كل الاتجاهات. ولكن هناك خلل ما حصل في المجال العربي الذي لم ينتج ضمن الجغرافيا الإسلامية حالة سكولاستيكية جديدة تؤثر في المستشرق. وأقول سكولاستيكية لأنّ السيد الطباطبائي في إيران في ذلك الوقت استطاع أن يبني حالة جديدة وكان هنري كوربان أحد الذين تفاعلوا مع هذه المدرسة التي تجسدت فيها حالة السكولاستيكية الجديدة الشيء الذي ربما أُعيق في العالم العربي.
ويرى الدكتور هاني أنه على المحلل والباحث الذي يريد أن يدرس الاستشراق أن يكون مؤرخًا، ويستعمل أدوات المؤرخ في المقارنة والتحليل، وأن يكون سياسيًّا حذرًا من تحوّل المعرفة إلى وظيفة. وقال: هذا ما حصل مع برنارد لويس عندما جعل معرفته بالشرق تتحول إلى مشروع سياسي ضد العالم، والأمر نفسه قدّمه هنري كوربان. وهناك من استغل هذه المقاربات في تحريفها، ونعلم كيف ستتحول المعرفة بالإمام المهدي الذي تحدث عنه هنري كوربان باعتباره الرجل الذي لم تستطع أن تضبطه أي إحداثيات، كيف يستطيعون أن يلعبوا بهذا المعتقد لأسباب جيو-استراتيجية خطيرة في المستقبل.
وختم الدكتور إدريس هاني قائلًا: إنّ كل معرفة استشراقية قابلة للاستعمال، والسياسي وحده يستطيع أن يعرف أين يتجه اتجاه التوظيف السياسي للحقائق. ويمكن مواجهة هذا الاستشراق بأن نعرف أولًا، كيف نحلل الظاهرة الاستشراقية عبر تمرحلاتها، وأن نحاول أيضًا أن نقف بعيدًا عن الأدوات التي تجعلنا نتمسك بالسهل وهو المؤامرة. وأكّد على ضرورة حضور الوعي والفهم والفلسفة السياسية في مقارباتنا لقضايانا المعرفية، لأنّ الفصل بين المعرفة والوظيفة السياسية للمعرفة ستكون مشكلة وسندفع الثمن.
وكان الختام مع الأستاذ جهاد سعد[4][3]، الذي تحدث عن وجوب وضع إطار لفهم المؤسسة الاستشراقية، وقال: لقد لمست الكثير من الأخطاء في قراءة تاريخ الاستشراق وطريقة تطوره، ومدى تأثيره على علاقة الغرب بالشرق وعلاقة الشرق بالغرب، ومدى دخوله في الصيرورة المعرفية والاجتماعية لكِلا الفضاءين. وقد بدأ الاستشراق تبشيرًا في النصف الأول من القرن الثالث عشر، عندما تُرجم القرآن إلى اللغة اللاتينية. وكان في النسخة المترجمة أخطاء هائلة، ولكنها بقيت بحدود خمسمئة سنة متداولة في أوروبا باعتبارها النسخة الأساسية للقرآن.
وتابع الأستاذ سعد: كان الاهتمام في علم الكلام الإسلامي من أجل مناقشة المسلمين لاهوتيًّا. وريموندوس لولوس هو عميد هذا التيار، وله رواية مهمة جدًا يجب أن تُقرأ جيدًا لفهم طبيعة العلاقة مع الغرب. وكان لديه عبدٌ مغربيٌّ علّمه الدين الإسلامي واللغة العربية. ولكن عندما تنطّح ريموندوس لولوس يريد أن يقنع هذا العبد بالمسيحية كتجربة لطريقته في التبشير، وجده متفوقًا عليه ومستخفًا بالثالث والتثليث وبكل ما يقال في العقيدة المسيحية. وكان هذا العبد عالمًا بالفعل، فما كان من لولوس إلا أن سجنه في البداية ثم قتله. فمن هذا الإطار يجب أن نفهم العلاقة مع الغرب عمومًا.
ولفت الأستاذ سعد إلى أن الغرب كائن فيزيائي إذا كان قادرًا على قتلك فلا داعي لمحاورتك. لا يعترف بك كآخر طالما أنّه قادر على القتل. وهذا المسار بدأ مع التبشير، ولكن ظهور الدولة الحديثة بالقرن السابع عشر حوّل التبشير إلى عملية استشراقية استعمارية. وعلى خلاف ما يعتقده كثير من الباحثين الذين تطرقوا للمستشرقين بانبهار، فإنّ ستين بالمئة من الذين كتبوا عن الشرق لم يزوروا الشرق أبدًا. والهالة التي رافقت عمل المستشرقين فيها الكثير من الدعاية. فإذا قرأناهم بعمق سنجد الأخطاء السخيفة التي يقعون بها، إمّا نتيجة جهلهم بالعربية، أو نتيجة جهلهم بالإسلام وبالشرق.
وأضاف الأستاذ سعد، أنّ المستشرقون اهتموا في الفترة الفينولوجية بالجانب اللغوي، وحاولوا فهم اللغة العربية ولكن اللغة العربية الفصحى، ومن خلالها حاولوا تقديم صورة عن العقائد الإسلامية والمجتمع الإسلامي والمشرقي. فشهدت عملية تحوير صورة الشرق بعين الغرب معارك داخل المؤسسة الاستشراقية. ثم توقف الاستشراق التقليدي بعد الاستعمار، حين شعر الغرب بالغلبة على العالم الإسلامي والمشرقي، ولم يعد هناك مستشرقون مهتمون بتعلّم العربية، وأصبحت مصادرهم مستقاة من اللغات الأجنبية، وأصبحوا يتعلمون الشرق بلغاتهم. وهذا سبب من هيمنة المركزية الغربية في فترة العولمة وفي فترة الاستعمار.
ويرى الأستاذ سعد أنّ المستشرق في فترة الاستعمار لم يكن إنسانًا عاديًّا. فقد كان سفيرًا لدولته ولكنّه كان باحثًا وعالمًا، وكان هنالك ضبّاطًا عسكريين، وفي نفس الوقت لغويين وعلماء وجغرافيين وأنثروبولوجيين. وقدموا دراسات خصبة لخدمة عملية الغزو الغربي بكل وجوهه الثقافية والعسكرية.
ويؤكد الأستاذ سعد قائلًا: نحن دخلنا في مرحلة العولبة، وهي أنّ المستشرق الغربي لا يهمه أساسًا أن يعرف ما هو الإسلام أو العرب أو المستشرقون في الحقيقة، بل ما يهمه هو أن يملوا على المسلمين والعرب ما يجب أن يتناسب مع المصالح الغربية. إلى درجة أنّ المراكز الدراسية الكبرى كمركز (رند) لديه فروع في خمسين دولة في العالم، وهو إمبراطورية بحثية بكل معنى الكلمة، وصل به الغرور أن يقرر أي إسلام نحن نعتنق، ولم يعد مضطرًا لدراسة إسلامنا، ويقول هذا الإسلام الذي يناسبنا وعليكم أن تعتمدوه. فنحن في مرحلة إملاء الغرب علينا.
واعتبر الأستاذ سعد أنّ الاستشراق مؤسسة غربية ليست موجهة للشرقيين، بل هو مدرسة تحاول أن ترسم صورة عدائية للشرق بالنسبة للغربي، كي لا يتأثر بالإسلام والشرق. وكي لا يشعر الغربيين أن الإسلام مؤسسة قائمة بذاتها تمكنت أن تنشئ حضارة ومدنيّة بعيدة عن الفضاء الثقافي الغربي. مشيرًا إلى أن الغرب يخاف من نشوء تجربة حضارية إسلامية من جديد بعد تحرير الإسلام من كل العوالق المتعلقة بالتخلف والبدواة والصراعات وتحرير المجتمعات الإسلامية من هيمنة الفكر الغربي، ولذلك هو يتكفّل بإعادة إنتاج صورة الإسلام منذ أن بدأ بالتبشير.
وقال الأستاذ سعد: إنّ عملية الاهتمام بتعليم الإسلام في الغرب تزداد يومًا بعد يوم، لإنتاج أجيال تتبنّى هذا التراث التبشيري والاستعماري ويعاد قولبته. ويكتبون اليوم في الجامعات الغربية منهجًا يدرّسون فيه الإسلام والأنبياء والشرق من منظور علماني. معتبرًا أن مشكلتنا بأنّنا لا نعود إلى إسلامنا الحقيقي، لأنّ ضباب البدواة والمذهبية والصراعات الموجودة في منطقتنا تمنعنا من تحرير إسلامنا من هذه العوالق، بالإضافة إلى هذه الهيمنة الغربية.
وختم الأستاذ جهاد سعد قائلًا: لسنا بحاجة إلى ما كتبه المستشرقون لنتعرف على إسلامنا، بل يجب أن نقرأ ما كتبوه لنتعرّف على الغرب. إنّ ساحة الصراع مع التراث الاستشراقي في الأساس هو المستهلك الغربي للمعرفة عن الإسلام والشرق. ولدينا نقص كبير جدًا في الكتابة عن الإسلام باللغات الأجنبية لكي نقف في مواجهة ما يُكتب عادة. كما يجب علينا أيضًا، أن نحدّ من التأثر بالأفكار التي طرحها المستشرقون على مستوى معرفة الدين والشرق، على ثقافة المشرقيين والمسلمين بعملية إعادة تأسيس للأفكار الأساسية، وتطوير تقديم الإسلام حتى للأجيال المسلمة حتى لا تتأثر بموضوع التغريب وموضوع تراث الاستشراق.
[1][4] الأربعاء، 30/ 12/ 2020
[2][5] أستاذ الفلسفة في جامعة الزيتونة ورئيس مركز مسارات للدراسات الفلسفة والإنسانية، والمدير المسؤول لمجلة مسارات، ورئيس مجمع افريقيا.
[3][6] كاتب وباحث في الفلسفة والشؤون الاستراتيجية، وعضو الهيئة العلمية الاستشارية لجامعة دار الحكمة الكندية، وعضو مؤسس في عدد من الهيئات الدولية والإقليمية، ومؤسس اللقاء الوطني من أجل القضية الفلسطينية.
[4][7] ماجيستير في القانون العام، دبلوم في التربية والدراسات الإسلامية، كاتب متخصص في الشؤون الفكرية والاستشراق، وهو مدير تحرير مجلة دراسات استشراقية.
Endnotes:
[2]: #_edn2
[3]: #_edn3
[4]: #_edn4
[1]: #_ednref1
[2]: #_ednref2
[3]: #_ednref3
[4]: #_ednref4
اكتشاف المزيد من معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.