مكنز المنطق والفلسفة الإسلامية

by الدكتور أحمد ماجد | نوفمبر 20, 2015 12:17 م

فرض العالم الرقميّ نفسه في جميع المجالات الحياتية للإنسان، ولم يعد بوسع هذا الكائن أن ينأى بنفسه عنه، حتى على المستوى التخصصات العلمية أصبح هذا العالم ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها، خاصة في ظلّ القدرات التي يقدمها، والتي تسمح للعلوم بالتوسع والانتشار. فالعالم الرقميّ نافذة واسعة على العالم، تسمح للعلوم من التخلص من سجن المادة الصلبة، وتتيح لها إمكانيات واسعة، حيث تضع الموضوع أو البحث أو القضية أمام الباحث في أيّ وقت كان، وتجعلها قادرة على التفاعل والانتشار. من هنا، أتت فكرة إنشاء مكنز متخصص بالمنطق والفلسفة الإسلامية استجابة، تعمل على الاستفادة من العالم الرقمي بأقصى حدٍّ ممكن، وجعلها مادة قادرة على تسييل العلوم، وتستجيب لمتطلباته العلمية، خاصة في ظلّ الدفق الهائل من المعلومات التي تحتاج إلى قوالب تسمح بالاستفادة منها، ومعهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية، إذ توجه إلى إنشاء هذا القالب، وضع أمام ناظريه فكرة إيجاد آلية عملية مفتوحة، تستطيع أن تقوم بخدمات متعددة: تسييل الفكر الفلسفي – في عالم تنكفأ فيها الفلسفة – تقديم معطيات علمية منهجية تساعد الباحث على بلوغ هدفه بشكل سهل وسلس، إيجاد قاعدة معلومات تفاعلية متطورة، تنمو بشكل مستمر…

مكنز المنطق والفلسفة الإسلامية لا يدّعي أنّه الأول في العالم العربي، ولكنّه كذلك في إطار الاختصاصات التي يعمل عليها، فقد عرف العالم العربي مجموعة من المكانز العامة، وبعض المكانز المتخصصة مثل مكنز “شمعة” للعلوم التربوية، ومعهد المعارف الحكمية يقدم “مكنز المنطق والفلسفة الإسلامية” الذي هو عبارة عن قائمة استنادية بالواصفات أو مصطلحات التكشيف في نظام المعلومات، تتيح للاختصاصييّن بالمنطق والفلسفة الإسلامية للوصول الحر إلى المعلومة. فهو أداة يُعتمد عليها المكشف للحصول على المصطلحات أو الواصفات المناسبة لوصف محتوى الوثائق، عبر اعتماد الكلمات المفتاحية التي ساهمت في بناء الوثيقة، مما يجعل عملية التوثيق أكثر دقة وموضوعية، وتجعل الوثيقة قابلة للتثمير بشكل أفضل، فترفع من أهمية الوثيقة وتجعلها قادرة على إنتاج ثمرات معرفية مضاعفة. فالمكنز يضاعف من أهمية بعض الوثائق التي تستخدم في الفلسفة والمنطق عبر إعادة تفعيل حتى المهمل في التراث الفلسفي عبر استحضار كلمات مفتاحية تختلف من ناحية التركيب اللفظي وتشترك بالمعنى، مما يسمح بإعادة اكتشافها وإدخالها مرة جديدة إلى الساحة العلمية، وهذا ما يجعل التراث حاضرًا بكلّيّته وبشكل ممنهج، مثال على ذلك: إذا أخذنا مصطلح موانع المعرفة، الذي أُخِذ كواصفة: استخدم (بك): موانع المعرفة نلاحظ أنّه استخدم في بعض الوثائق على الشكل التالي مستخدم (بج): آفات المعرفة                    حُجُب المعرفة                     موانع الإدراك                    موانع العلوم                   موانع المعرفة فعند التكشيف التقليدي، يتمّ وضعها تحت عناوينها الواردة، مما يفقد الباحث الوصول إلى المعلومة بشكل الكلّيّ، ويؤدي إلى عدم تثمير جزء كبير من التراث العلميّ والمعرفيّ، وتضييع جهود الباحثين والطاقات المالية التي تصرف على المكتبات، وفي حال العمل على المكنز وعبر عملية تقنية بسيطة، يقوم المكنز وبشكل تلقائي على إيصالك إلى أماكن المعلومة بشكل صحيح على رغم الاختلاف في الصيغ اللغوية المستخدمة، وهذا ما يجعل المكتبات تعمل بكامل طاقتها وتفسح المجال للكشف الكامل على الموارد التي ورد فيها المصطلح. ولا تقف حدود الاستفادة من المكنز عند حدود التكشيف، بل إنّه يقوم على أرضية وضع خريطة ذهنية متكاملة، تنطلق من أرضية العلم، الذي يشتغل عليه وهو – في حالتنا الراهنة – المنطق والفلسفة، مما يتحول إلى أداة معرفية ومنهجية، تسمح للباحث وطالب العلم من الاستفادة منه، عبر رسم خريطة كاملة للمصطلح، تسمح بموضعته في مكانه الصحيح، بحيث يدرك الباحث وطالب العلم طريقة عمل الذهن للوصول إلى موضوعه، مما يسهل عليه العمل، وتسمح له باستكشاف الموضوع وإمكانية توسعة أو تضييق الموضوع انطلاقًا من رؤية موضوعية، تقوم على دراية دقيقة به، وهذا ما يوفر طاقة ومجهود كبير، وكمثال تطبيقي انطلاقًا من المثل السابق، نلاحظ أنّ موانع المعرفة ترتبط بجملة من العلاقات: مصطلح أوسع (م.ع): نظرية المعرفة            مصطلح أضيق  (م.خ): موانع المعرفة الأساسية                                                     الموانع بلحاظتها الداخلية والخارجية                                                                                          الموانع الداخلية للمعرفة                                                                                           الموانع الخاجية للمعرفة فلمكنز هو الأداة التي يعتمد عليها الباحث أو المستفيد من النظام لاسترجاع المعلومة بشكل علمي ومنهجي، فهو كحلقة وصل بين المكشف والباحث، هو يوفر أقصى درجة كفاءة في التخزين والاسترجاع، مما يمنهج عملية التكشيف ويسهل العملية البحثية. كما أنّه يساهم في رسم خريطة ذهنية واضحة للموضوع الذي يعمل عليه الباحث مما يجعله قادرًا على رؤية الموضوع الذي يعمل عليه من خلال متابعة الروابط والعلاقات الناشئة للوصول إلى المصطلح أو الموضوع الذي يعمل عليه.

يسعى المكنز الفلسفيّ-المنطقي إلى تسييل الفكر الفلسفيّ، وتعميم الفائدة منه، عبر تسهيل عمل المكتبات الفلسفية ومراكز التوثيق والمعلومات الخاصة بهذا الاختصاص في المؤسسات البحثية والجامعية، فهو يسعى ليكون الركيزة الأساسية في التحليل الموضوعي لمصادر المعلومات. وهو بهذه الخطوة يفعِّل التراث الفلسفيّ الإسلامي من جهة، ويواكب النتاج الفلسفي الحديث والمعاصر من جهة أخرى، ويجعله مواكبًا للتطور الحاصل في تكنولوجيا المعلومات، فالغاية من هذا المكنز كما هو واضح:

Source URL: https://maarefhekmiya.org/1210/%d9%85%d9%83%d9%86%d8%b2-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%86%d8%b7%d9%82-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%84%d8%b3%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d9%8a%d8%a9/