أهمية ليلة القدر

أهمية ليلة القدر

من الميّزات التي ذكرها الإمام السجاد (ع) لشهر رمضان المبارك: وجود ليلة القدر فيه؛ هذه الليلة التي هي أفضل من ألف شهر: “ثُمَّ فَضَّلَ لَيْلَةً وَاحِدَةً مِنْ لَيَالِيهِ عَلَى لَيَالِي أَلْفِ شَهْر، وَسَمَّاهَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ، ثمّ لكي يبيّن (عليه السلام) عظمة تلك الليلة الكبرى تلا قوله تعالى: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْر[1].

ومن المناسب في ما يلي أن نبيّن بعض المسائل الهامّة حول ليلة القدر:

١ـ ليلة القدر بأي معنًى هي؟ وماذا تعني ليلة القدر؟ يرى بعض المفسّرين أنّ “القدر” بمعنى الشرف، والمنزلة، والعظمة. وهذا الاستعمال رائجٌ في محاورات المتكلّمين بالفارسية في مقام بيان قيمة الأفراد ومنزلتهم. مجموعةٌ أخرى من المفسّرين، وبالاستناد إلى الروايات المنقولة حول خصائص ليلة القدر، يعتقدون بأنّ “القدر” مصدر، وهو يعني التقدير[2]، وبالمعنى نفسه الذي يُطلَق على القضاء والقدر.

لعلّ تسمية ليلة القدر بهذا الاسم لأنّ الله تعالى، واستنادًا إلى روايات كثيرة منقولة عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام)، يُحدّد في هذه الليلة تقديرات عباده لتمام السنة[3].

٢ـ ماذا يعني أنّ ليلة القدر أفضل من ألف شهر؟ بالاستناد إلى روايات من الأئمة الأطهار (عليهم السلام) فإنّ أفضليّة ليلة القدر من ألف شهر أو من أكثر من ثمانين سنة هو بسبب أنّ العبادات التي تُؤدَّى في هذه الليلة أفضل من عبادة ألف شهر: قراءة القرآن، الصلاة، المناجاة، الصدقة، الدعاء للنفس وللآخرين، وسائر العبادات التي تؤدَّى في ألف شهر أو في أكثر من ثمانين سنة، في كلّ ليلةٍ منها.

ولهذا السبب، فإنّ وجود هذه الليلة في الواقع هو امتيازٌ وتوفيق تفضّل به الله تعالى على نبيّ الإسلام (صلّى الله عليه وآله) والمسلمين حتى يستفيدوا من مزاياه وفضائله، على أنّ الألطاف الإلهية عليه (صلّى الله عليه وآله) وعلى المسلمين لا تنحصر بليلة القدر، بل قد خصّ الله مناسباتٍ مكانية وزمانية متعدّدة على امتداد السنة حتى يستفيد المسلمون والمؤمنون خلالها من الفضل والرحمة الإلهيّين.

  1. ليلة القدر أيّ ليلةٍ من ليالي السنة هي؟ يتّفق جميع علماء الإسلام تقريبًا على أنّ ليلة القدر تقع في شهر رمضان المبارك، كما إنّ آيات القرآن هي أيضًا شاهدةٌ على صحّة هذا القول، فقد ذكر الله تعالى في سورة البقرة المباركة أنّ نزول القرآن كان في شهر رمضان المبارك[4]، ويقول في سورة القدر: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾[5]. أما أنّ ليلة القدر أيّ ليلةٍ هي من بين ليالي شهر رمضان المبارك، فهذا ما طُرح حوله آراء مختلفة. يتّفق علماء الشيعة تقريبًا على القول إنّ ليلة القدر هي إحدى الليالي الثلاث: التاسعة عشرة، الحادية والعشرين والثالثة والعشرين، وفي بعض الروايات صُرّح بأنّ للّيلة الثالثة والعشرين أهمّية أكبر. ولعلّ أفضل طريق للجمع بين الأقوال والروايات هو هذا النوع من الروايات التي تقول: “فَإِذا كانَت لَيلَةُ ثَلاثٍ وعِشرينَ ﴿فيها يُفرَقُ كُلُّ أمرٍ حَكيمٍ﴾”[6]. ومضمون هذه الروايات هو أنّ مقدّرات عباد الله في أقسام مختلفة؛ من قبيل الرزق، حجّ بيت الله الحرام، الموت والحياة، و… هذه المقدّرات إنّما تتحدّد في هذه الليالي المهمّة على الشكل التالي: بداية تُحدّد هذه المقدّرات في الليلة التاسعة عشرة. ثمّ في الليلة الحادية والعشرين يتأكّد ويتحتّم ما كان قد قُدّر في الليلة التاسعة عشرة. والنهاية في الليلة الثالثة والعشرين حيث إنّها ليلة الإمضاء النهائي والقضاء الإلهي. وبناءً عليه، فكلٌّ من الليالي الثلاث هو جزءٌ من ليالي القدر، غير أنّ التقديرات في هذه الليالي الثلاث مختلفة.

هذا، وقد نُقل عن بعضهم أيضًا قول ضعيف بأنّ ليلة القدر في النصف من شعبان.

  1. ليلة القدر ما هي ميزتها وخصوصيّتها التي أدّت إلى أن يلحظ الله تعالى لها هذه الأفضليّة والبركة؟

لعلّ أهمّ ميزة لليلة القدر هي نزول الملائكة والروح فيها لإنجاز أهمّ مهمّة إلهية[7]. وإنْ كان بعض المفسّرين يعتقد بأنّ “الروح” هو روح الأمين جبرائيل، ولكنْ طبقًا لروايات متعدّدة نُقلت في المصادر الروائيّة الشيعيّة، فقد اعتبر الأئمّة المعصومون (عليهم السلام) أنّ “الروح” موجودٌ أفضل من الملائكة[8] وأكبر من جبرائيل[9]. ويظهر أنّ المقصود من نزول الملائكة ومعها الروح هو جميع الملائكة أو القسم الأعظم منها.

ينقسم الملائكة إلى مجموعات متنوّعة، ولكن في بعض المنقولات قُسمت الملائكة إلى مجموعتَين كبيرتَين:

مجموعة منهم معروفة باسم “العالين” و”المَهيَّمين”، وهذه المجموعة عبارة عن موجودات مميّزة وذات رتبة عالية مستغرقة في وجود الحقّ تعالى وليس لها توجّه إلى أيّ شيءٍ آخر إطلاقًا، وبخصوص السجود لآدم (عليه السلام) كانت هذه المجموعة من الملائكة مستثناةً من السجود نتيجة توجّهها التامّ إلى الله تعالى، وقد أشارت إليهم الآية الشريفة: ﴿أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ﴾[10]؛ أي: هل امتنعت عن السجود لاستكبارك أم أنت من الملائكة “العالين” الذين لم يؤمروا بالسجود؟ وأحيانًا تُسمّى هذه المجموعة بملائكة العرش أو ملائكة السماوات.

والمجموعة الأخرى هي الملائكة التي أُمرت بالسجود لآدم (عليه السلام)، ويقال لهذه المجموعة أيضًا: “ملائكة الأرض”[11].

بناءً عليه، فلعلّ المقصود من الملائكة التي تنزل في ليلة القدر مع الروح هو ملائكة المجموعة الثانية فقط، في حين أنّ ملائكة المجموعة الأولى أو “العالين” ليسوا في زمرة الملائكة التي تنزل في ليلة القدر؛ وإنّما النازلون في ليلة القدر مجموعة من الملائكة الموكلين بإنجاز مهامّ إجرائية.

  1. هل نزول الملائكة في ليلة القدر دائم أم كان مرّةً واحدة حين نزول حقيقة القرآن على قلب النبي (صلّى الله عليه وآله)؟

يعتقد بعض علماء أهل السنّة بأنّ نزول الملائكة لمّا كان من أجل إنزال القرآن، فإنّ نزول جميع الملائكة مع الروح على النبيّ (صلّى الله عليه وآله) إنّما كان مرّةً واحدة، ولم يكن له استمرارٌ بعد ذلك ولن يكون، وفي الواقع، فإنّ أفضليّة العبادات في ليلة القدر إنّما هو لإحياء ذكرى تلك الليلة الإلهية العظيمة، مثل ميلاد النبي (صلّى الله عليه وآله) الذي حدث مرّةً واحدة، ولكنّ التفضّل الإلهي ما زال مستمرًا ببركة ذلك الحدث العظيم.

ولكنّ هذا الرأي لا يتطابق مع ظاهر آيات القرآن، ولا مع الروايات الواردة في هذا المجال. ففي القرآن ذُكِر نزول القرآن في ليلة القدر بصيغة الفعل الماضي: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾؛ أي إنّنا أنزلنا القرآن في ليلة القدر، وذلك إنّما كان مرّةً واحدةً وقد انقضت، في حين أنّ نزول الملائكة قد ذُكر بصيغة المضارع التي تدلّ على الاستمراريّة: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ﴾؛ أي إنّ نزول الملائكة في الليلة التي هي خيرٌ من ألف شهر ما زال مستمرًّا.

ولهذا السبب، تعتقد الأكثرية (القريبة من الاتّفاق) من علماء أهل السنّة، وكذلك جميع العلماء والمحدّثين الشيعة؛ يعتقدون بأنّ ليلة القدر، بما لها من خصائص، تتكرّر كلّ سنة في شهر رمضان المبارك، ففي كلّ شهر رمضان ليلةٌ هي ﴿خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ تتنزّل فيها الملائكة.

 

[1]  سورة القدر، الآية 4.

[2]  “قدر”، مصدر ثلاثي مجرّد، “قَدَرَ”، “یَقْدِرُ”، “قَدْرًا”. وأمّا “تقدیر” فهو فعل ثلاثي مزید من باب تفعیل، “قَدَّرَ”، “یُقَدِّرُ”، “تَقدیرًا”.

[3] هناك رواياتٌ كثيرة حول تقسيم الرزق وتعيين جميع مقدّرات السنة في ليلة القدر، وفي ما يلي نذكر نموذجًا واحدًا منها: «عن زُرَارَةَ وَمُحَمَّدِ‌ بن‌ مُسْلِمٍ عَنْ حُمْرَانَ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا جَعْفَر (علیه السلام) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةٍ مُبَارَكَة}. قَالَ: «نَعَمْ لَیْلَةُ الْقَدْرِ، وَهِيَ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فَلَمْ ينْزَلِ الْقُرْآنُ إلَّا فِي لَيلَةِ الْقَدْرِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فِيهَا يفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيم}»، قَال (عليه السلام): «يقَدَّرُ فِي لَيلَةِ الْقَدْرِ كُلُّ شَي‏ءٍ يكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ إِلَى مِثْلِهَا مِنْ قَابِلٍ؛ خَيرٍ وَشَرٍّ، وَطَاعَةٍ وَمَعْصِيةٍ وَمَوْلُودٍ وَأَجَلٍ أَوْ رِزْقٍ. فَمَا قُدِّرَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَقُضِي فَهُوَ الْمَحْتُومُ وَلِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ الْمَشِيئَةُ». قَالَ: قُلْتُ: {لَيلَةُ الْقَدْرِ خَيرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر} أَيّ شَي‏ءٍ عُنِي بِذَلِكَ؟ فَقَال (علیه السلام): «الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِیهَا مِنَ الصلاة وَالزَّكَاةِ وَأَنْوَاعِ الْخَیْرِ خَیْرٌ مِنَ الْعَمَلِ فِی أَلْفِ شَهْرٍ لَیْسَ فِیهَا لَیْلَةُ الْقَدْرِ، وَلَوْلَا مَا یُضَاعِفُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَی لِلْمُؤْمِنِینَ مَا بَلَغُوا، وَلَكِنَّ اللَّهَ یُضَاعِفُ لَهُمُ الْحَسَنَاتِ بِحُبِّنَا»» (أبو جعفر محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي، أصول الكافي، ج 4، ص 158).

[4] {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} (سورة البقرة، الآية 185).

[5] سورة القدر، الآية 1.

[6] السيد علي بن طاووس في كتاب عمل شهر رمضان المسمّى بــالمضمار، عن كتاب الصيام لعليّ بن فضّال بإسناده إلى عبد اللّه بن سنان «قال: سَألتُهُ (عليه السلام) عَنِ النِّصفِ مِن شَعبانَ .فَقالَ (عليه السلام): «ما عِندي فيهِ شَيءٌ، ولكِن إذا كانَت لَيلَةُ تِسعَ عَشرَةَ مِن شَهرِ رَمَضانَ، قُسِّمَ فيهَا الأَرزاقُ، وكُتِبَ فيهَا الآجالُ، وخَرَجَ فيها صِكاكُ الحاجِّ، وَاطَّلَعَ اللّهُ إلى عِبادِهِ فَغَفَرَ اللّهُ لَهُم إلّا شارِبَ مُسكِرٍ، فَإِذا كانَت لَيلَةُ ثَلاثٍ وعِشرينَ {فيها يُفرَقُ كُلُّ أمرٍ حَكيمٍ}، ثُمَّ يَنتَهي ذلِكَ ويُفضَى». قالَ: قُلتُ إلى مَن؟ قالَ (عليه السلام): «إلى صاحِبِكُم، ولَولا ذلِكَ لَم يَعلَم»». (محمّد باقر المجلسي، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار، ج 94، ص 22؛ الميرزا حسين بن محمّد تقي النوري الطبرسي، مستدرك الوسائل ومستنبط الوسائل، ج 7، ص 470؛ وكذلك قد ورد في المجلّد الرابع من كتاب الكافي الشريف ضمن باب “تعيين ليلة القدر” رواياتٌ كثيرة في هذا المجال).

[7] {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} (سورة القدر، الآية 4).

[8] «عن أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}، قَالَ: «خَلْقٌ أَعْظَمُ مِنْ جَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ،كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، وَهُوَ مَعَ الْأَئِمَّةِ (عَلَيْهِم السَّلَامُ)، وَهُوَ مِنَ الْمَلَكُوتِ»» (أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي، أصول الكافي، ج 1، ص 273؛ محمّد باقر المجلسي، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار، ج 18، ص 265).

[9]  «عن أبي بصير قال: حَجَجْنَا مَعَ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عليه السلام) فِي السَّنَةِ اَلَّتِي وُلِدَ فِيهَا اِبْنُهُ مُوسَى (عليه السلام) … قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ الرُّوحُ لَيْسَ هُوَ جَبْرَئِيلَ؟ قَالَ: «الرُّوحُ هُوَ أَعْظَمُ مِنْ جَبْرَئِيلَ. إِنَّ جَبْرَئِيلَ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ، وَإِنَّ اَلرُّوحَ هُوَ خَلْقٌ أَعْظَمُ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ، أَلَيْسَ يَقُولُ اَللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {تَنَزَّلُ اَلْمَلائِكَةُ وَاَلرُّوحُ}؟»» (أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي، أصول الكافي، ج 1، ص 385؛ محمّد باقر المجلسي، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار، ج 25، ص 42).

[10]  سورة ص، الآية 75. «وقيل إنّ العالين صنف من الملائكة يقال لهم “المهيمون” مستغرقون بملاحظة جمال الله تعالى وجلاله، لا يعلم أحدهم أن الله تعالى خلق غيره، لم يؤمروا بالسجود لآدم عليه السلام، أو هم ملائكة السماء كلّهم ولم يؤمروا بالسجود، وإنّما المأمور ملائكة الأرض؛ فالمعنى: أتركت السجود استكبارًا أم تركته لكونك ممّن لم يؤمر به؟» (أبو الفضل شهاب الدين محمود الآلوسي البغدادي، تفسير الآلوسي، ج 17، ص 395)؛ وكذلك أشار المرحوم العلّامة الطباطبائي إلى هذا المطلب (الميزان في تفسير القرآن، ذيل الآية 75 من سورة ص).

على أنّه قد نُقل في مصادرنا الروائيّة أنّ المقصود من “العالين” هم الخمسة أهل العبا (عليهم السلام) الذين كانوا قبل خلق آدم (عليه السلام) في عرش الله مستغرقين في ذات الباري تعالى ومنصرفين عن غيره: «كِتَابُ فَضَائِلِ الشِّيعَةِ، لِلصَّدُوقِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صلّى الله عليه وآله) إِذْ أَقْبَلَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِإِبْلِيسَ {أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ}، فَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ الَّذِينَ هُمْ أَعْلَى مِنَ الْمَلَائِكَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «أَنَا وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ كُنَّا فِي سُرَادِقِ الْعَرْشِ نُسَبِّحُ اللَّهَ وَتُسَبِّحُ الْمَلَائِكَةُ بِتَسْبِيحِنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يَسْجُدُوا لَهُ وَلَمْ يَأْمُرْنَا بِالسُّجُودِ، فَسَجَدَتِ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ إِلَّا إِبْلِيسَ فَإِنَّهُ أَبَى أَنْ يَسْجُدَ، فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ}؛ أَيْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْخَمْسِ الْمَكْتُوبِ أَسْمَاؤُهُمْ فِي سُرَادِقِ الْعَرْشِ»» (محمّد باقر المجلسي، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار، ج 11، ص 142).

[11]  سورة ص، الآية 75.

**من كتاب زاد اللقاء الصادر عن دار المعارف الحكمية لآية الله الشيخ محمد تقي مصباح اليزديالشيخ محم



المقالات المرتبطة

خير ليلة في خير شهر

إنّ الوجه في عظمة هذه الليلة يتمثّل في نزول هذا الكتاب الشريف والعظيم فيها، بملاحظة أنّ القرآن كلام الله تعالى، وتجسّم للعلم الإلهيّ، ووسيلة لسعادة الإنسان في الدنيا والآخرة؛ أفهل يُمكن أن يوجد شيء يحظى بكلّ هذا الفضل والعظمة؟

حوار العشق مع شهر رمضان المبارك

على الإنسان أن يسلك سبيل الاعتدال، أي عليه أن يكون مسرورًا في الموضع المناسب، وحزينًا في موضع آخر، فيضحك في الوقت المناسب، ويبكي في الوقت المناسب، على أنّ المراد من الوقت المناسب الوقت الذي يُؤيّده كلّ من العقل والشرع.

ساحة الرحمة لها باب اسمه التوبة

تتمثّل الخاصّية العجيبة لهذه الساحة في غفران كافّة ذنوب العاصي عند دخولها؛ ولو كان قد لوّث روحه وجسده بالعصيان لمائة سنة؛ والأرقى من ذلك أنّ كلّ هذه المعاصي سوف تُستبدل بالحسنات، كما جاء في القرآن الكريم: ﴿يُبَدِّلُ‏ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ﴾

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<