صناعة الإسلاموفوبيا: كيف يصنع اليمين أشخاصًا كارهين للمسلمين؟

صناعة الإسلاموفوبيا: كيف يصنع اليمين أشخاصًا كارهين للمسلمين؟

تدقيق: ناثان جايمس براون

مراجعة: محمد أمان

ترجمة: وعد زغيب

على غرار ظاهرتَي معاداة السامية ورهاب الأجانب، تزدهر الإسلاموفوبيا في بيئة قومية مشحونة سياسيًّا تخدم أخبث العناصر في الطبيعة البشرية. قد تعمل مجموعات من دعاة الكراهية على إطلاق كم هائل من الأعذار وافتعال حوادث جمة لتأجيج نيران الكراهية والتعصب وتقسيم العائلات والأمم.

بدا الانقسام الأمريكي والمواقف السلبية تجاه المسلمين والإسلام جليًّا في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول المأساوية. خرج دعاة الكراهية وتقريع المسلمين من زنزاناتهم المظلمة ووجدوا آذانًا صاغية بين بعض المسؤولين الانتهازيين والمنتخبين، وأقطاب الإعلام، ومتحدثين مأجورين، ومضيفي برامج حوارية، وحتى كوميديين وخطباء مجردين من المبادئ. كحال معاداة السامية والعنصرية، قد تستمر ظاهرة الإسلاموفوبيا في المجتمع الأمريكي، لذلك يجب أن تواجه بشدة  عبر إطلاق قوى الخير الصارمة ضد الشر.

قدّم ناثان لين حجة ممتازة وواضحة في وجه قوى الكراهية والشر في مجتمعنا الأمريكي. وقد واجه دعاة الكراهية وتقريع المسلمين المسؤولية عن طريق تعداد حججهم البالية المجهدة الحاقدة بحق الإسلام والمسلمين ثم دحضها. يطّلع قرّاء كتاب ناثان لين، صناعة الإسلاموفوبيا، الذي نُشر لأول مرة سنة 2012 على آخر المستجدات من أيام “الحرب على الإرهاب” وحتى الأحداث الراهنة المحيطة بإدارة ترامب وانقسام الأمة بوتيرة متزايدة. تقدم مقدمة الكتاب بعنوان: “الإسلاموفوبيا منذ زمن الحرب على الإرهاب حتى عصر ترامب” مسحًا دقيقًا للأحداث التي توضح كيف أن الكراهية – في بعض الأحيان جرائم قتل عنيفة بحق المسلمين في أمريكا – تزداد بل ويتم التحريض عليها.

يهدف المؤلف إلى “تصحيح” ما يراه “تمثيلًا غير عادل وغير متوازن للإسلام والمسلمين بلفت الانتباه إلى المجموعة الصغيرة من الباعة الذين يستفيدون من آلام الآخرين” (ص 20). ويعرض قضيته ضد الإسلاموفوبيا في ثمانية فصول كتبت بعناية وأشبعت بمصادر وفصول مرجعية.

في الفصل الثاني، يتطرق المؤلف إلى الدعوات المتزايدة لخطاب الكراهية والعبارات الجارحة بحق المسلمين والإسلام المنتشرة على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي التي تستهدف المسلمين. ويشير إلى تنامي الشبكات المعادية للمسلمين التي تعتمد على الإثارة، واستخدام القصص الملفقة أو المزيفة، والصور التي استشهد بها حتى دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي الحالي. وقد نُشرت صور وأخبار ملفقة أخرى من قبل شخصيات معادية للمسلمين الذين يستخدمون وسائل الإعلام والإنترنت لنشر سمومهم المعادية للمسلمين من بينهم “جهاد ووتش” و”مبادرة الدفاع عن الحرية الأمريكية “وغيرهم.

في الفصل الثالث يولي المؤلف الاهتمام اللازم لوسائل الإعلام السائدة وعلاقتها ذات المنفعة المتبادلة “حيث تتلاقى الأيديولوجيات والميول السياسية لدعم الأجندة نفسها” (ص 84). وقد خص بالذكر فوكس نيوز كمصدر رئيس لنشر معلومات مضللة ومعيبة عن الإسلام.

في الفصل الرابع، يوجه اهتمامه نحو “معركة اليمين المسيحي لحصد أرواح المسلمين” من خلال تقديم شرح مفصل  عن الحرب الكلامية التي وجهها الإنجيليون اليمينيون في فلوريدا مثل بيل كيلر وأمثاله من معادي المسلمين، الذين يدّعون أنّ “الإسلام ليس… دين سلام…” (ص 102).

أما في الفصل الخامس، يتطرق لين إلى تأثير اللوبي المؤيد لإسرائيل والعلاقة التي تجمع الصهاينة المتدينين مع الجماعات المعادية للمسلمين، مستشهدًا بمثال ديفيد يروشالمي.

كما عالج المؤلف نهضة الإسلاموفوبيا الليبرالية في الفصل السادس حيث يعرض حجج داعمي الإسلاموفوبيا أمثال سام هاريس، وإسراء نعماني، وآيان هرسي علي، وغيرهم ومن ثم يدحضها. كما فضح بيل ماهر على أنه معادٍ للمسلمين.

يستشهد المؤلف في الفصل السابع، “تسييس وتشريع مخاوف المسلمين”، بالحملة الرئاسية الأمريكية لعام 2016 التي وجه المرشح ترامب من خلالها ضربات ضد المسلمين وشرّع الترويج لكراهية المسلمين. وليطبق خطابه ويحاول استمالة أخبث العناصر في مجتمعنا، وقع ترامب على أوامر رئاسية تمنع بعض الرعايا المسلمين من دخول الولايات المتحدة، الأمر الذي نال إعجاب ودعم العنصريين أمثال ديفيد ديوك، على الرغم من اعتراضات عدد من محاكم الولايات.

في الفصل الثامن والأخير، يصف المؤلف هستيريا الإسلاموفوبيا في أوروبا وكذلك أعمال الكراهية التي يمارسها الإرهابيون الأوروبيون مثل أندرس بيرينغ بريفيك. يؤكد برفيك على زيف رافعي راية تقريع المسلمين، أمثال مضيف قناة فوكس السابق بيل أوريلي، وروبرت سبنسر وباميلا جيلر وبريجيت جابرييل وجيرت فيلدرز ورابطة الدفاع الإنجليزية وغيرهم الذين سارعوا في الإشارة إلى المسلمين وتوبيخ أنفسهم عندما تم الكشف عن هوية بريفيك، الإرهابي الأوروبي الأبيض.

هذا الكتاب الموصى بقراءته موثق ومدروس بعناية، كُتب بصيغة جميلة حيث نجح المؤلف في فضح الأفراد والجماعات الذين يكسبون قوت يومهم بتقريع المسلمين وترويج للإسلاموفوبيا ضمن القلة التي تتوق إلى العثور على من تكرهه وتخاف منه.


الكلمات المفتاحيّة لهذا المقال:
الإسلامالإسلاموفوبياصناعة الإسلاموفوبيا

المقالات المرتبطة

المنهج التأويليّ للدكتور حسن حنفي في “النقل والإبداع”

  نحن أمام عمل موسوعيّ مترامي الأطراف يتميّز بالعمق والغزارة والقوّة في التمسك بمنهج إعادة بناء العقل، عبر السفر فيما

قراءة في كتاب “نهاية حلم وهم الإله”

شهدت العقود الأخيرة نزعة نحو الإلحاد، وطبعت فيها العديد من الكتب الأجنبية المرتبطة بهذا الموضوع. وقد تصدّى بعض العرب لترجمة بعضها. ومن الكتب التي شاعت في هذا العقد الأخير كتاب (وهم الإله) لعالم الأحياء المُلحد ريتشارد دوكينز.

“جمال اتباع الهداية الإلهية”

إنّ الجمال الفطري هو التوازن المتّسق لجميع الصفات الإلهية الحاضرة في التركيبة البشرية، كالحياة والوعي والرغبة والقوة والكلام والرحمة والعدل والعطف.

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<