تقرير ندوة: المقاومة ومعركة الوعي ضد الاحتلال والتطبيع

by معهد المعارف الحكميّة | سبتمبر 2, 2021 9:40 ص

عقد المنتدى الدولي للحوار المسؤول ندوة حوارية، بعنوان “المقاومة ومعركة الوعي ضد الاحتلال والتطبيع قراءات استراتيجية في صراعات منطقة غرب آسيا”. أدارتها الإعلامية ليلى مزبودي، وشارك فيها كل من: الدكتور حسام مطر، والأستاذ علي الشاب.

افتتحت الإعلامية ليلى مزبودي الندوة، وقالت: إنّ الكلمة المفتاح هي معركة الوعي لأنّها تلعب دورًا حاسمًا في مصير الأمة، بحسب قول سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطاب خلال مؤتمر لدعم المقاومة تحت عنوان: المقاومة في معركة الوعي والذاكرة: “إنّ الوعي إنّما هو شرط أساسي لوجود المقاومة والثورة والنهضة. إنّنا نخوض معركة الوعي في أمتنا وعن عدونا والذاكرة جزء من هذه المعركة التي نخوضها جميعًا”، وأشارت إلى أنّ هذه المصطلحات تتوالى في خطاباته.

وتابعت: من الملاحظ أنّ سماحته تحدث عن كيّ الوعي مؤخرًا بعد القرار الأميركي بحجب العديد من المواقع التابعة لمحور المقاومة، فقال: “إنّ هدف العدوان الأميركي الإعلامي على وسائل تنتمي لمحور المقاومة هو سد الفضاء في معركة كيّ الوعي أمام كل كلمة تريد أن تبيّن الحقيقة للرأي العام ولشعوب المنطقة، علمًا أنّ القرار الأميركي لا بدّ وأن يكون مرتبطًا بمعركة فلسطين الأخيرة سيف القدس وما رافقها من عمل نضالي اتخذ أشكالًا متنوعة على طول فلسطين المحتلة”.

واعتبرت أنّه لا بدّ من الإطلالة على الصراعات في منطقتنا من منطلق معركة الوعي في مواجهة الاحتلال والتطبيع، خاصة وأنّ محاولات التطبيع تسعى لتوسيع دائرتها أكثر فأكثر في عالمنا العربي والإسلامي.

وتساءلت: ما هو تعريف الوعي؟ وهل الوعي هو المعرفة والثقافة السياسية؟ وما الفرق بين الوعي والبصيرة؟ وما هي المكونات التي تؤسس للوعي؟ ومتى يتوفر الوعي ومتى لا يتوفر؟ وما الذي نريده من معركة الوعي في نهاية المطاف؟

ثم افتتحت باب الحوار، وكانت البداية مع الدكتور حسام مطر، وهو باحث وكاتب ومحاضر جامعي متخصص في العلاقات الدولية، وحائز على شهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية والدراسات الأوروبية، ومدير الدراسات الاستراتيجية في المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق. بدأ الدكتور مطر حديثه بتوجيه الشكر إلى المنتدى الدولي للحوار المسؤول على دعوته الكريمة، وقال: إنّ موضوع الوعي يدور حوله نقاشات واسعة جدًّا، وتزداد شدّة الاهتمام به نتيجة لعدة عوامل، منها:

أولًا: التطور في العلوم العصبية، فالمعرفة تتطور في الدماغ البشري وكيفية التأثير به وكيف يعمل؟

ثانيًا: تطور العلوم الإدراكية التي تستكشف الجهاز الإدراكي البشري وحدوده، وكيف يعمل؟ وكيف يتعرف على الواقع؟ وما هي إمكانيات تضليله؟ وهذا التطور يؤدي إلى القدرة المرتفعة للتلاعب بالوعي الفردي والجماعي.

وقال: إنّ الإمكانات العلمية والمختبرات والباحثين في الدول، يتوصلون إلى النتائج ثم يدمجونها في علوم التواصل، وضمن الجيوش فيما يتعلق بالدعاية العسكرية قبل الحرب، وفي أثنائها وبعدها، لنشر روايات الانتصار من أجل التلاعب بالشعوب المستهدفة.

وأضاف إلى ذلك، الأهمية التي يكتسبها الناس في السياسة. وقال: في العقود السابقة كانت السياسة تجري صناعتها داخل مؤسسات مغلقة، ولم يكن يهم الأنظمة السياسية إلى حد بعيد ما هو رأي الجمهور والمواطنين. بينما في العقود الأخيرة يوجد رأي عام في الحضور السياسي وله قدرته على إحداث التغيير السياسي ومحاسبة من هم موجودين، وصار هدف صنّاع القرار أن يكون الجمهور راضيًا ومقتنعًا وموافقًا، بمعنى هناك مشروعية سياسية لخياراته.

وإذا تمكن العدو من التلاعب بالجمهور سيصبح القادر بشكل غير مباشر على التأثير على صانع القرار في الدولة أو المنظمة العدوة. من هنا أهمية دور الناس في سياسات الحروب ونتائجها وخيارات صنّاع القرار وهو جعل الأهمية بالتلاعب بوعيهم. لافتًا إلى أنّه ليس شرطًا أن يكون صحيحًا، فهذا هو الفرق بينه وبين البصيرة التي تفترض أنّ النتيجة التي نصلها هي مطابقة للواقع، بينما الوعي في مكان ما هو زائف ويتعلق بالتصورات أكثر.

وذكر الدكتور مطر أنّ من العوامل أيضًا، سهولة التأثير بالوعي لوجود وسائل التواصل، وإيصال الرسائل بكلفة قليلة ووقت سريع جدًا.

وقال: إنّ العامل الرابع والأخير لأهمية الوعي الانتصار في معركة الوعي، إمّا أن يؤدي إلى أن يجنّبني الحرب، أو أن يجعل كلفتها أقل ويرفع من قدرة الانتصار. إنّ أغلب الدول والفاعلين السياسيين يحاولون تحاشي الحروب الكبيرة لأكلافها العالية ومخاطرها ويبحثون عن الطرق التي تحقق أهدافهم السياسية بدون الوصول إلى الحرب.

واعتبر الدكتور مطر أن الانتصار في معركة الوعي على الخصم يساعد إمّا في جعل الحرب غير ضرورية أو يجعل الفرص بالانتصار في الحرب أعلى.

ثم تحدث عن أهمية اللغة في معركة الوعي وقال: يمكن أن نتحدث عن أربعة مستويات للوعي:

أولًا: وعي الذات كأفراد ومجتمعات، وإنّ أعلى مستويات الهيمنة عندما يستطيع طرفًا ما أن يجعل المهيمَن عليه ينظر لنفسه وفق تصورات المهيمِن. بالتالي علينا أن نفهم عوامل القوة لدينا.

ثانيًا: الوعي بالآخر، العدو أو الخصم، ما هي تركيبته وكيف يعمل وما هي وسائله وأدواته؟ وهذا أمر مهم لكي نتمكن من تطوير استراتيجية الصراع معه.

ثالثًا: هو أن يتشكّل لديّ الوعي التاريخي للمجتمعات والعالم، وأن أعي المستقبل والقوى المحركة للمستقبل اليوم.

رابعًا: أن يكون لديّ الوعي بهذا الصراع، ما هي طبيعته ومن هم الذين ينخرطون فيه؟ وكيف يتحرك ومن هم عناصره، وكيف يمكن أن نتقدم فيه؟ وما هي أبعاده الثقافية والعسكرية والتربوية؟ كي نتمكن من تحقيق مصالح مادية ومعنوية لنا منه. فكيف يتحرك، ومن هم عناصره؟ وما هي أبعاد هذا الصراع الثقافية والعسكرية والاجتماعية والتنموية والسياسية؟ من هنا عندما نقول غرب آسيا نحاول أن نجيب على سؤال وعي للذات.

وأشار إلى إنّ مصطلح (الشرق الأوسط) هو مصطلح استعماري مرتبط بفقرة الاستعمار الأوروبي، وقال: نحن أوسط لمن؟ أو نحن أدنى لمن؟ إنّ تعريف الآخر لنا إنّما هو بناءً على مسافته منّا، بينما لجزء من كسر هذه المعركة للهيمنة على وعينا أن نصنع وعيًا لذاتنا، أنّنا شعوب ننتمي إلى القارة الآسيوية وبالتحديد إلى غرب آسيا. نحن نُعرّف بذاتنا، وليس من منظار الآخر الذي كان يستعمرنا، بل إنّ في غرب آسيا الكثير من العوامل الثقافية المشتركة التي تتعلق بالأديان والثقافات المحلية والعادات والتقاليد. إنّ عمقي الاقتصادي الآسيوي يجعلني أرى موقعي في العالم بطريقة مختلفة تمامًا، من هم شركائي ومن هم جيراني؟

وعن المرحلة التي وصل إليها هذا الصراع كيف يمكن أن ترتبط بمعركة الوعي، قال: إنّ المرحلة الحالية هي الأفضل، والمحور المقابل هو محور الهيمنة. إنّ التحول الرئيسي الذي يقوم به محور الهيمنة نتيجة مجموعة تحولات كانت تجري في النظام الدولي، تحديدًا صعود الصين. ويقوم محور الهيمنة بقيادة الولايات المتحدة الأميركية بعملية تكيّف مع الوقائع الدولية والإقليمية من خلال إحالة مسؤوليات أكبر إلى الحلفاء داخل المنطقة.

وبحسب الدكتور مطر إنّ الوقت مع الصين لم يعد يسمح لتأجيل هذا الصراع لصالح صراعات أخرى، وبالتالي الذي سيحدد شكل القرن الحادي والعشرين هو المواجهة الأميركية الصينية، وبذلك تتراجع أهمية الشرق الأوسط إلى مرتبة ثانية أو ثالثة. وقال: المنطقة اليوم تعود للانتظام حول محاور إقليمية بعدما كانت سطوة القوى الدولية هي الأساس. وتحولت القوى الإقليمية اليوم لتصبح اللاعب الأساسي. وإن كل محور أو قطب إقليمي يحاول بناء مشروعه الإقليمي وشركائه وتحالفاته قدر المستطاع كي تكون لديه القدرة على التنافس.

وأوضح أنّ بعض هذه القوى كإيران تريد أن تعمل بالتعاون مع الآخرين باستثناء العدو الإسرائيلي، بينما يقوم محور التطبيع على لعبة يريد أن يهيمن ويسطو على المنطقة ويلغي الآخرين. وبهذا السياق يحاول الأميركيون التوصل إلى اتفاق نووي ويمارسون الضغط بناء على هذا الواقع.

وبما يخص حلفاء أميركا قال الدكتور مطر، إنّهم يرون تحوّل الاستراتيجية الأميركية خطيرًا عليهم، لأنّهم بحاجة إلى جهوزية الوجود الأميركي للخوض في الحرب. إنّهم يقومون بتحالفات بين الدول الحليفة لهم وبين الدول المحايدة في المنطقة، ولكن مع محور المقاومة وإيران يقولون في مكان ما لإيران نحن جاهزون لنعترف بجزء من مصالحك في المنطقة باعتبارك دولة إقليمية، ولكن الجزء الآخر من مصالحك لا نعترف به ونقوم بحالة من الاحتواء ولا نريد أن نصل إلى حرب. ولذلك أميركا تطور أدوات غير عسكرية للضغط على القوى الاستقلالية في المنطقة منها الأدوات الاقتصادية سواء عقوبات مالية أو اقتصادية، وحرب المعلومات المرتبطة مباشرة بصناعة الوعي، والحرب السيبرانية، والحرب الناعمة المتعلقة بالثقافة والحرب من خلال الوكلاء. وهنا يستكشف محور المقاومة أنّ أمامه فرصة للمناورة الميدانية والسياسية والعسكرية في أكثر من مكان.

وقال: إنّ عملية صناعة الوعي والتلاعب به ليست فقط عملية ذهنية وفكرية، بل هي عملية تفاعلية مع الواقع. وهي تقوم على التلاعب والتضليل، ولها تقنياتها الكثيرة جدًّا، ومن أشهرها حاليًّا التضليل المعلوماتي، والإقناع الذي يقوم على المجادلات المنطقية والعقلانية لمحاولة صناعة الوعي، والتشتيت عن القضايا الأساسية إلى قضايا فرعية بأشكال مختلفة مثل ضخ محتوى ترفيهي كبير بوسائل الإعلام العربية، لتشتيت جمهور الشباب العربي عن قضاياهم العربية والسياسية والاجتماعية. ومنها أيضًا فرض الوقائع على الآخرين، فإنّ تأسيس الوقائع المادية يجعل الفكرة أكثر إقناعًا لأنّها جسّدت الواقع. والصراع هو الصراع على النموذج، فمن يستطيع أن يقنع الناس بنجاح نموذجه في الواقع يكون قادرًا على النجاح أكثر في معركة الوعي.

ثم قام الدكتور مطر بعرض سريع للعوامل الستة المتعلقة بمعركة الوعي وربطها بالصراع داخل الإقليم والتي يخوضها محور الهيمنة وهي:

  1. محاولة إقناع شعوب المنطقة أنّ ما يجري ليس صراع بين الحضارات بل هو صراع داخل الحضارة الإسلامية.
  2. العرب والمسلمون هم في موقع دوني ضمن الحضارات العالمية وهم بصفة جوهرانية متخلفين، وبالتالي دينهم هو دين التخلف. وهذه الصفة لا يمكن أن ينفكوا عنها إلا في حال التخلي عن دينهم الإسلامي والثقافات المحلية.
  3. النهوض في العالم الإسلامي مرتبط بالتحديث بأن نتبنّى النماذج العربية الثقافية والاقتصادية وحينها فقط نستطيع النهوض.
  4. الغرب هو مركز العالم، وأنّها حقيقة لا يمكن لأحد تجاوزها، مع أنّها عكس التاريخ تمامًا فلطالما كان الشرق هو مركز الحضارات البشرية وليس الغرب.
  5. التطبيع يعادل الرفاه والنهوض والعيش الكريم.
  6. اعتبار المقاومة خيار غير ذي جدوى، وعليكم التفكير بخيارات أخرى تسووية، والاستفادة من الإحباط واليأس الموجود عند الناس نتيجة الأزمات للقول لكم: عليكم التفكير بخيارات أخرى. هذه العناوين هي أهم ما يتم العمل عليه داخل المنطقة.

وختم الدكتور حسام مطر كلامه بالقول: إن نفوذ اللوبي الصهيوني له سقف وحدود لا يمكن له أن يتجاوزها، وهو أحيانًا يستفيد من الانقسامات داخل الإدارة الأميركية وبين الحزبين، ولكن تبقى السياسات تقرر في الولايات المتحدة من منظار مصالحها. إنّ نفس قوة اللوبي الإسرائيلي في السياسة الأميركية تتحول لأزمة إسرائيل لأنّها تصبح جزءًا من الخلاف الداخلي.

ثم تحدث الأستاذ علي الشاب، وهو ناشط سياسي لبناني متابع للشؤون العسكرية والاستراتيجية، عن الوعي وعرّفه قائلًا: إنّ الوعي باختصار هو حقيقة معرفة الواقع كما هو، وهو إدراكنا كيف يسير. وهنالك الكثير من المشاعر والعقائد والأيديولوجيات والأماني والأفكار المسبقة التي تجعل المرء قادرًا على رؤية الواقع بعكس ما هو، وعلى رؤية مصالحه بعكس ما هي، وتجعله قادرًا على التوجه حسب ما يريد عدوه له. إنّ الوعي الحقيقي هو وعي الواقع حقيقة كما هو بتجرد بدون أية التباسات ولا معايير ذاتية من مشاعر وأفكار.

وقال: إنّ الشعوب المستضعفة تبحث عن إمكانية أفضل السبل للنهوض وتحقيق الاستقلال، وأفضلها نجاعة لتحقيق الغلبة ضد قوى الاستعمار والهيمنة والتسلط والاحتلال. ولها مصلحة بمعزل عن كل الاعتبارات الدينية والفكرية والعقائدية في رؤية الواقع كما هو، وليس لها أي مصلحة في التضليل وفي إعطاء الواقع أشكالًا غير حقيقية.

واعتبر أنّ رؤية موازين القوى بشكل دقيق وصحيح تجعل إمكانية خوض المعارك بطريقة أفضل وأسلم، وتجعل القائد قادرًا على اتخاذ القرار السليم في إدارة المعركة.

وتابع قائلًا: إنّ إدراكنا الحقيقي لإرادة العدو تجعلنا أقدر على مواجهة هذه الإرادة في نطاق حرب الإرادات والصراع عليها. نحن مطالبون بالسعي والبحث وبذل الجهد من أجل التوصل إلى معرفة الواقع كما هو لا كما نحب أن يكون، ولا كما يريد العدو أن يكون.

وعن الأسماء التي يطلقها الاستعمار قال: ليست حيادية بل هي جزء من استراتيجيات المعركة. وكل اسم يحتوي في داخله استراتيجية خاصة لإدارة المعركة ولتغيير المنطقة باتجاه ما. والاستعمار والمركزية الأوروبية أطلقت أسماء الشرق الأدنى والأقصى والأوسط، وأطلقت الحركة العربية القومية أسماء المشرق العربي والمغرب العربي، والعقيدة أو النظرية القومية السورية أطلقت اسم الهلال الخصيب، وكل اسم يتضمن مشروعًا خاصًا به. والمشروع الذي يطلقه الاستعمار وقوى الهيمنة هو اسمًا متضمنًا لشروط الهيمنة والاستعمار، أما الاسم الذي يجب أن نطلقه يجب أن يتضمن مشروع للوحدة والتحرر والاستقلال والاعتماد على الذات.

وعن الإطار الجيو استراتيجي الذي يتحرك فيه المصطلح قال الأستاذ علي الشاب: إنّ منطقة غرب آسيا هي نسيج عميق غارق في التاريخ الذي تحمله هذه المنطقة منذ آلاف السنين قبل الديانات السماوية وبعدها. نحن نتكلم عن المنطقة التي تحوي مكة المكرمة والقدس الشريف ومزارات الأئمة والأولياء. وأنا أعتقد أنّ مشروع غرب آسيا لا يحوي الصين والهند وباكستان، بل إنّ مصطلح غرب آسيا يتضمن المنطقة التي قلبها الهضبة الإيرانية وهي كما أسماها الجغرافيين القدماء (قلب العالم)، وهي المنطقة التي تحوي هذه الكتلة الديمغرافية التي تبنّت الديانات السماوية الثلاث.

وتابع قائلًا: عندما نتكلم عن آسيا بشكل عام سنُدخل قوى ودول أخرى. إنّ مشروع السيد الخامنئي (حفظه الله) هو تحرير المنطقة من الاحتلال الأميركي، وقيادتها لتتحول إلى ركيزة عملية التحرر العالمي لكل شعوب العالم المستضعف والمقهور.

وأضاف إنّ هذا المصطلح لا يتم تحديده بواسطة الأقلام، وعلى الخرائط بالطريقة الجغرافية، وعلى طريقة سايكس بيكو، وتقسيم العالم بين الدول العظمى، بل هو يتحرك بدافع القلوب والعقول والإرادات والمشاعر والتاريخ المشترك، وإرادة صناعة المستقبل المشترك. ويتم تحديده بناءً على معركة بالحديد والنار، وهو قابل للازدياد طالما أنّه ليس إقليمًا جغرافيًّا بل إقليم جيو-استراتيجي.

وعن موضوع التوجه شرقًا قال: منذ مدة طويلة ونحن نسمع من الأميركيين عن موضوع التوجه شرقًا. إنّهم يريدون التركيز على منطقة جنوب شرق آسيا، ويريدون حصار الصين التي تعلن بشكل واضح أنّ الخروج من الطوق الذي يفرضه وجود الأساطيل الأميركية في المحيط الهادئ هو التوجه باتجاه غرب آسيا. إنّ المخرج بالنسبة لها هو غرب آسيا، والمخرج بالنسبة لروسيا هي بالمشروع الأوراسي الممتد باتجاه غرب آسيا. ومنطقتنا هي المنطقة التي تستطيع أن تؤمن للروس والصينيين المخارج الرئيسية للحؤول دون الحصار.

ويرى الأستاذ علي الشاب أنّ مستقبل الصراع في العالم مرتبط بهذا الصراع الذي ينشأ بين أميركا والصين. وأنّ منطقتنا هي المنطقة التي تستطيع أن تؤمن للصينيين وللروس مخارج استراتيجية للحؤول دون الحصار الأطلسي. وليس أمام الصين ضمن الاستراتيجية التي ابتدعتها للخروج من الطوق إلا غرب آسيا للتمدد فيه ولعمل هذه المشاريع العملاقة والشراكة التكنولوجية التي تعرضها على البلدان التي بحاجة لهذا النوع من التكنولوجيا.

وتساءل كيف تنظر أميركا إلى إسرائيل في المرحلة المقبلة؟ وهل تستطيع أن تقدّم تنازلات تعني جوهريًّا الأمن القومي الإسرائيلي؟ وأكّد على أنّ هذه المسائل لا يجرؤ الباحث والمتابع حتى الآن على التكلم فيها بشكل نهائي. لافتًا إلى أننا  أمام مرحلة انتقالية يجري فيها إعادة رسم الخطوط والاستراتيجيات، لذلك نرى ارتفاعًا في حدة المعركة بين المعارك. نحن أمام ازدياد في حدة الصراع وصولًا إلى أن تحدد الولايات المتحدة الأميركية أن تحدد ماذا تستطيع أن تقدّم.

ويعتقد الاستاذ علي الشاب أنّ هناك ارتفاعًا في حدة الصراعات، وأنّ هناك جهودًا كبيرة تبذل من قبل القوى المعادية لإفراغ الانتصارات التي حصلت. وقال: لا ندري حقيقة إلى أي مدى ستسير الإدارة الأميركية الجديدة بعملية التسويات، هل هي جاهزة للقيام بالتسويات أو أنّها غير جاهزة؟

وعن الأساليب غير العسكرية التي يعتمدها العدو الصهيوني وحلفاؤه من أجل كيّ الوعي العربي أو الإسلامي ومنطقة غرب آسيا، قال: أعتقد أنّ مصائر الأمم وتاريخها وثقافتها ومستقبلها تحدده هذه الاستراتيجيات. إنّ الغرب بكامله ينظر إلينا بعيون الهيمنة التي ابتدعتها وأسست لها مدرسة الاستشراق، وباعتبارنا قبائل وعشائر ومذاهب وأديان، ولا ينظر لنا باعتبارنا كلًّا موحّدًا أنشأ تاريخًا وحضارة وثقافة طيلة آلاف السنين. إنّ مدارس العلوم الاجتماعية في أوروبا نشأت خصيصًا من أجل دراسة الشعوب التي يراد السيطرة عليها.

وأكّد أنّ النخب مطالبة، وإدارة مشروع النهضة الذي يتقدم في ساحة غرب آسيا معنية بأن تقدم بملامح استراتيجية للأمن الإقليمي. ونحن مطالبون باعتبار قاعدة الوحدة الإسلامية ركيزة استراتيجية لهذا المحور. إنّ الوحدة الإسلامية هي التي تصوغ مستقبل منطقتنا وهي القادرة على حماية المكتسبات التي صنعتها دماء الشهداء.

وختم الأستاذ علي الشاب كلامه قائلًا: التشبيك العسكري والأمني بين دول المحور يسير على قدم وساق، أما التشبيك الاجتماعي والثقافي والاقتصادي فنحن مطالبون به بكل قوة. إنّ المشروع الإسرائيلي لا يقصد الشعب الفلسطيني فقط بل هو يقصد المنطقة بكاملها. يريد أن يكون قلعة متقدمة للاستعمار وللهيمنة على المنطقة، فيحمي التجزئة والتخلف والتبعية للغرب. إنّها عدوة كل شعوب المنطقة، حتى نستطيع أن نحفظ وحدة إيران والسودان وليبيا والمغرب يجب أن نطرد هذا الكيان الصهيوني من الأراضي العربية. ولا يمكن اعتبار المشروع الصهيوني مستقلًا وهذا خطأ يرتكبه البعض. إسرائيل ليست إلا قاعدة من قواعد النفوذ الأمريكي في العالم، وهي تحاول أن تستفيد منها إلى أقصى حد ممكن.


اكتشاف المزيد من معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Source URL: https://maarefhekmiya.org/13655/antinormalization/