by الأستاذ علي الشاب | سبتمبر 20, 2021 8:16 ص
للمرة الألف يقع بعض الإسلام السياسي العربي في المحظور، وكأنه لا يقرأ تجربته السياسية التي امتلأت بالدعسات الناقصة والكبوات الصعبة، وها هي خسارة حزب العدالة والتنمية في المغرب للانتخابات النيابية، وبالتالي خروجه من الحكومة والحكم وعدم قدرة قيادته على الاحتفاظ بمواقعها في البرلمان دليل آخر على أن أزمة العقل السياسي لهذا التيار متجذرة والخلل فيها بنيوي.
من جهة أخرى هناك خطأ جوهري في تقدير موازين القوى وعجز عن رؤية ما يدور في العالم من تغيرات.
بالنسبة للخلل الفكري فهناك عجز عن رؤية العلاقة بين إقامة الحكم العادل والمجتمع النامي (باعتبارهم عدالة وتنمية)، وبين التحرر الوطني باعتباره المدخل الإلزامي لتحرير طاقات الأوطان ومقدراتها المادية والبشرية ووضعها في خدمة تقدم البلاد والعباد. إنها من نفس نوع مشكلة العقل اليساري الذي يراهن على النضال المطلبي لإحداث تغيير حاسم في بلاد محتلة، إنهما توأمان في نظرتهما للتغيير. يعتبران، عن صدق أو عن كذب، أن بلادهم بلاد مستقلة ويكفي أن لها علمًا ودستورًا يتحدث عن السيادة، وبرلمانًا يقدم نفسه ممثلًا للشعب، وحاكمًا وأجهزة إدارية ليظن أن بلاده حرة في إدارة شؤونها والتخطيط لمستقبلها، ولا يعلم أن هذا الوهم هو أصلًا جزءًا من مشروع الهيمنة وهو الأخطر فيها. إن خلق وعي كاذب هو حتمًا جزءًا من مشروع الهيمنة. إن الأمر شبيه بالسجن المؤبد حيث يجعلك السجان تهتم بتحسين شروط حياتك في السجن؛ تحسين الطعام، والخروج إلى الساحات المفتوحة، ممارسة النشاطات، السماح بالتعلم، الزيارات، ثم يدخلك في صراعات حول من هو زعيم المساجين ومن يتحدث باسمهم، وهكذا يتم خداعك وتحويل وعيك نحو اتجاهات تخدم مصلحة السجن. أما الذين يرون الواقع بعيون سليمة فهم يتسلحون ولو بملعقة ويحفرون نفق حريتهم، ويخرجون لمعانقة شمس الحرية، فالحرية هي المهمة، وليس تحسين شروط الحياة في السجن.
الموضوع الثاني الذي يضيع عن هؤلاء الإخوة أن موازين القوى في العالم قد تغيرت، وأن الغرب الذي يقدمون له أوراق اعتمادهم شمسه آفلة، وقوته متراجعة، وجاذبيته خفتت باعتراف أكبر منظريه، وصارت مقارعته أوضح وأكثر تأييدًا من قبل الناس ولها فرص أكبر في تحصيل المكاسب.
إنها الفرصة التاريخية للمستضعفين في العالم وخاصة الشعوب العربية والإسلامية لمقارعة نظام الهيمنة العالمي مستغلين فرصة نهوض عالمي عام مستاء من نظام الهيمنة الأحادي القطبية.
حتى هنا فإن الموضوع يمكن اعتباره جنحة بالمصطلح القانوني، أما أن تنجر إلى التطبيع مع دولة الاحتلال فها هنا الجريمة، ومن أغراك بالتطبيع هو الذي أسقطك أمام الناس وجعلك تخسر الانتخابات. (كذلك هو الأمر مع ممثلي حزب النهضة في تونس الذين لم يأخذوا موقفًا حاسمًا من تجريم التطبيع)، فخوض معركة فلسطين ومقاومة التطبيع هي التي قدمت لكل المعارضات في العالم العربي والإسلامي من طنجة إلى جاكرتا حجمها الجماهيري الواسع وتأييدها العارم، والتقصير في معركتها هو الذي أسقط قوى سياسية وأحزابًا عقائدية مختلفة، بل وأسقط أنظمة وأعطى الشرعية لغيرها. ففلسطين إضافة إلى كونها معركة حق فهي معركة رابحة، فإن انتصرت أنت بطل، وإن استشهدت فأنت البطل.
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
Source URL: https://maarefhekmiya.org/13722/islamicpolitics/
Copyright ©2024 معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية unless otherwise noted.