مشاريع فكرية 4 | الشيخ حسين عُشّاقي

مشاريع فكرية 4 | الشيخ حسين عُشّاقي

ولد الشيخ حسين عُشّاقي في مدينة أصفهان في إيران، والتحق هناك بالدروس الحوزوية إلى جانب الدراسة الأكاديمية (المدرسة والجامعة) في عام 1969، انتقل إلى قم عام 1985 لدراسة العلوم الإسلامية في مستوياتها العالية، فاشترك في دروس آية الله السيد علي محقّق‌داماد ، وآية الله الميرزا جواد التبريزي، وآية الله الشيخ وحيد الخراساني، وآية الله حسن زاده آملي، وآية الله جوادی‌آملي.

وقدّ درّس الشيخ عشّاقي أكثر المتون العلمية الفلسفية والعرفانية كبداية الحكمة ونهاية الحكمة والشفاء والإشارات والأسفار، وتمهيد القواعد وفصوص الحكم، وما زال منذ عشر سنوات مشغولًا بتدريس الفلسفة في مرحلة الدراسات العليا التي تُعرف في الأوساط العلمية الحوزوية بالبحث الخارج.

له عدّة آثار منها: وعاية الحكمة في شرح نهاية الحكمة، برهان الصدّيقين، كثرة الوجود أو وحدته، مواقع الخلل في قواعد العلل، مضافًا إلى عشرات المقالات.

يشغل الآن عضوية المجمع العالي للحكمة الإسلامية، والمعهد البحثي للثقافة والفكر.

لمحة عن مشروع الشيخ عُشّاقي

يرتكز مشروع الشيخ عُشّاقي على ركيزة ومبنىً أساسي هو جعل العرفان معيارًا للفلسفة، ومحاكمة الفلسفة وفقًا لذلك المعيار؛ فهو يعتقد أن الفلسفة الإسلامية مرهونة بالعرفان، وأنها ما ترقّت وازدهرت إلا ببركة العرفان، وإذا أريد لها أن تستمر في رقيّها وازدهارها فلا بد من قولبتها بقوالب عرفانية، وهذا لا يعني تقييد الفلسفة بالمكاشفات العرفانية، بل المقصود هو جعل النتائج العرفانية اليقينيّة قواعد حاكمة في التفكير الفلسفي.

ويرى الشيخ عُشّاقي أن المدارس الفلسفية الموجودة في العالم الإسلامي قامت على أصلَين باطلَين أُخذا أخذ المسلّمات وعُدّا من الأصول القطعية غير القابلة للمناقشة: الأوّل هو تكثّر الوجود، بمعنى مطلق الواقعية – وإذا كان هناك اختلاف بين المدارس فهو اختلاف في مقدار ذلك التكثّر وكيفيته -، والثاني إمكان الحكم على الوجود، بالرغم من عدم قيام الدليل عليهما في الفلسفة الرائجة في العالم الإسلامي، بل إن البرهان قائم على نفيهما؛ ذلك أن أصل الامتناع الذاتي للتناقض يقضي بأن الوجود طارد للعدم ومناقض له من دون قيد أو شرط، فينتج أن الوجود – من دون قيد أو شرط – موجود وواجب الوجود بالذات، ولا شك في أن واجب الوجود بالذات واحد بسيط لا يقبل الكثرة والتكثّر، فالوجود لا تكثّر فيه البتة، ومنه يُعلم أنه غير قابل لأي حكم من الأحكام؛ إذ إن قبول الحكم ملازم لنحو من الكثرة، وهو يناقض بساطة الواجب.

وهو يذهب إلى أن قبول ذينك الأصلَين أدّى إلى إيجاد شرخ عميق بين الفلسفة الرائجة والفلسفة الواقعية؛ ذلك لأن الفلسفة الأولى الرائجة جعلتْ – بزعمها – موضوعها الوجود وحملت عليه مجموعة من الأحكام وصارت عبارة عن مسائل في الفلسفة، مع أن الوجود – بمعنى مطلق الواقعية – ليس موضوعًا في حدّ ذاته، وليس له حكمًا للبحث عنه، فضلًا عن أن يُحمل عليه شيء من الأحكام.

وانطلاقًا من ذلك، فيجب أن تناقش هذه الفلسفة التي قامت على ذينك الأصلَين سواء من حيث محتواهما أو من حيث المسائل التي تفرّعت منهما، ومن ثم الصيرورة إلى فلسفة قائمة على نفي الكثرة مطلقًا ونفي أن يكون للوجود أحكامًا يُحكم بها عليه.

المباني العقلية اللازمة لترميم الفلسفة الرائجة

ومن هنا يطرح عدّة قضايا يمكن جعلها عناصر أساسيّة في التفكير الفلسفي وبناء الفلسفة عليها، وهي:

  1. إن الوجود – بمعنى مطلق الواقعية – لا تكثّر فيه أصلًا.
  2. إن الوجود يتنزّل ويظهر على صور مختلفة ومظاهر متنوّعة من دون أن يثلم ذلك حقيقة الوجود من حيث هي هي.
  3. إن موضوع الفلسفة الأولى هي حقيقة >الوجود< من حيث الظهور، لا من حيث هو وجود، ولا من حيث هو موجود.

إنجازات الشيخ عُشّاقي في هذا المجال

صدر للشيخ عُشّاقي – إلى الآن – عدّة كتب حاول أن يقرّر فيها مبرهنًا رؤيته حيال الموضوع، وهي بمجملها تشكّل مشروعه تجاه الفلسفة الواقعية المطلوبة، ولعل أهمّ هذه الكتب والذي شرح فيه رؤيته بشكل مفصّل مع الاستدلالات العقلية هو كتابه الذي حمل العنوان الفارسي گامهای پسين در فلسفه برين، الذي صدر في مجلدَين الأوّل يتناول المباني والثاني يتناول الأمور العامّة، وعنوانه يعني حرفيًا خطوات لاحقة في الفلسفة الأولى.

وقد تناول المجلّد الأوّل – الذي أراه أهمّ من الثاني – الموضوعات التالية في قسمَين:

القسم الأوّل: وجاء تحت عنوان >الفلسفة من وجهة نظر الآخرين< تناول فيه الاستدلال على أن الوجود لا يمكن أن يُحكم عليه بحكم من الأحكام والموانع التي تستدعي ذلك، وما يتعلّق بذلك من مسائل، وقام في هذا القسم بنقد الأصول التي بُنيت عليها المدارس الفلسفية الرائجة (المشائية والإشراقية والصدرائية) من هذه الجهة.

القسم الثاني: وجاء تحت عنوان >الفلسفة من وجهة نظرنا< وتناول تقرير المبادئ التصوّرية والتصديقية حول موضوع الفلسفة من وجهة نظر الشيخ عشّاقي وإقامة البراهين على أنه ليس هو الوجود من حيث هو هو، وأنه غير متكثّر في حقيقته وإنما التكثّر يعرض مظاهره وتجلّياته.

والكتاب يضم 350 صفحة من القطع الرقعي، طبع في مؤسسة الثقافة والفكر.

 

 


الكلمات المفتاحيّة لهذا المقال:
الشيخ حسين عُشّاقيمشاريع فكرية

المقالات المرتبطة

إشكالية اللغة عند خوسيه دي ساراماجو

    هكذا هي اللغة مفخخة، تتخفى وراء أقنعة متعددة، فقد تلبس ثوب السفسطة والوهم والزيف أو ثوب الحقيقة، ولكنها ليست كذلك بذاتها، إنما يتوقف ذلك على الذات الناطقة التي منحها الله دون غيرها من الخلق ميزة القدرة على تكوين العبارات وتركيبها وزخرفتها

حفريات الخطاب الغربي الغيرية ومسألة السلطة والمعرفة

نستكمل مع الدكتور بدر المقري، في هذا البحث رحلتنا مع “حفريات الخطاب الغربي”،

السيرة الحسينية… مصادرها وأهدافها

ابتدأت بدراسة المقدمات عند المقدس الوالد الشيخ خليل ياسين، إلا أنني كنت قد تمكنت قبل ذلك من دراسة العربية وآدابها، فقهًا ونحوًا وبلاغةً

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<