العلاقة بين الفنّ والروحانيّة الإسلاميّين
ترجمة: طارق عسيلي
يطرح الباحث في هذه الدراسة سؤالًا حول مصدر الفن الديني وتحديدًا الفن الإسلامي لجهة المبادئ التي أوجدته.
ويرى في الإجابة على السؤال أن الفن الإسلامي يرتبط بالرؤية الكونية التي جاء بها الإسلام، إذ العلاقة بين الفن الإسلامي والوحي الإلهي إنما هي نتيجة للعلاقة العضوية بين الفن والعبادة في الإسلام، بين التفكر في الله كما أمر القرآن وبين الطبيعة التفكرية لهذا الفن، بين ذكر الله الذي يشكِّل الهدف النهائي للعبادة في الإسلام وبين الدور الذي يلعبه الفن التشكيلي والصوتي في حياة الفرد المسلم والأمة. ويخلص إلى الاعتقاد أن الفن ما كان ليقدر على تأدية وظيفة روحية لو لم تكن له علاقة وطيدة مع الوحي من حيث الشكل والمضمون.
إذا نظرنا بعين ثاقبة إلى تجليات الفن الإسلامي، وتنوعها عبر الزمان والمكان، نتساءل عن المبدأ الذي يوحد هذا الفن.
ما هو مصدر وما هي طبيعة هذا الفن الذي يوحد كل هذه التجليات، والذي لا يسعنا إنكار أثره الباهر؟ فسواء كنت في الباحة الواسعة لمسجد دلهي، أو كنت في القيروان بفاس، تشعر أنك في العالم الفني والروحي نفسه، رغم كل التنوع الموجود فيه من حيث المواد والتقنيات، وما شابه.
إن خلق عالم فني يتميز بعبقرية خاصة، وصفات فريدة، وتجانس في المنهج، وتشكيل خصائص حضارة لها بيئتها الزمانية والجغرافية، لا يمكن أن يكون إلا إذا كان له سبب. فهذه الأبعاد الهائلة لا يعقل أن تكون مجرد نتيجة للصدفة، أو لتراكم مجموعة من العوامل التاريخية العَرَضية.
وإذا أردنا التحدث عن التاريخ والصفات والخصائص المادية لهذا الفن نجد من الكتب ما يكفي لملء مكتبة كاملة بجميع اللغات الأوروبية تقريبًا، إضافة إلى اللغات الإسلامية نفسها، وبعض اللغات كالصينية واليابانية. أما السؤال عن مصدر هذا الفن الفريد والمقدس ـ رغم أنه سؤال أساسي ـ لا يطرح إلا نادرًا. فنحن نعرف كيف كان التنافس بين التقنيات والتصاميم الساسانية والبيزنطية، وبين التصاميم الرومانية في هندسة المدن، في المراحل الأولى للفن المعماري الإسلامي، وكيف عزفت الموسيقى الساسانية في قصور العباسيين. لكن الحل لمشكلة التواصل عبر القرون والحدود الثقافية ـ رغم اهتمام تاريخ الفن بها ـ لم يبين لنا مصدر الفن الإسلامي، إذ إن هذا الفن يبقى كغيره من الفنون المقدسة، ليس مجرد مواد تستخدم، إنما هو عبارة عن عمل أنتجته التراكمية الدينية وتمت صياغته بهذه المواد….تحميل البحث
المقالات المرتبطة
الإنسان في ثوب كماله
فصّل الصوفيّون الكلام القرآنيّ المجمل حول منزلة الإنسان في العالم (العوالم)، ورأوا إلى ملكاته المتعدّدة رؤيةً تنسجم والتراتبيّة في نظام الكون،
الدين والدولة في القرآن الكريم
يتباين التعاطي مع النص القرآني تباينًا كبيرًا فيما يتعلق بمسألة السلطة والدولة. شأنه في ذلك شأن اختلاف المدارس في مقاربة
في جذور شر “الإسرائيل” الإنكليزية – السكصونية وتهديده لمستقبل الجنس البشري
ينطلق الباحث الدكتور عادل بالكحلة،