مشاريع فكرية 9 | الدكتور السيّد يحيى يثربي

مشاريع فكرية 9 | الدكتور السيّد يحيى يثربي

المواليد: 1942 م

الدراسة: درس المقدّمات الحوزوية في زنجان ثم انتقل إلى قمّ فدرس قليلًا عند العلّامة الطباطبائي والشيخ منتظري والشيخ السبحاني.

ثم انتقل إلى طهران لدراسة الفلسفة والحكمة الإسلامية في كلّية الإلهيات في جامعة طهران.

المناصب العلمية: شغل منصب رئاسة جامعة كردستان، ومنصب عضو الهيئة العلمية في جامعة تبريز، وجامعة العلامة الطباطبائي في طهران، كما اشتغل بالتدريس والتحقيق في الفلسفة والعرفان الإسلامي لأكثر من أربعين سنة.

وقد تحيّن الفرصة بعد الإحالة على التقاعد لكي يترك المناصب العلمية والإشراف على أطروحات ورسائل التخرج، ولعلّ هذا منه تذمّرًا واستياءً من الوضع القائم في الجامعات.

أهم آراء الدكتور يثربي

  1. اعتقاده بأن الحكمة المتعالية ليست إلا فلسفةً التقاطيةً تفتقد الانسجام الداخلي.
  2. اعتقاده بأن الحكمة الصدرائية ليست برهانيةً، بل تدّعي البرهان.
  3. اعتقاده بالتفكيك بين الدين والعرفان.
  4. اعتقاده بأن التفسير العرفاني يسير ضد القرآن.
  5. اعتقاده بعدم وجود الوسيلة التي يمكن لنا بواسطتها معرفة صحّة ادّعاء العرفاء.
  6. انتقاده لتاريخ الفلسفة الإسلامية، ومطالبته بعدم السير وفق الفلسفات القديمة.
  7. انتقاده للأوضاع السياسية والاجتماعية السائدة اليوم في إيران.
  8. اعتقاده بأن التطوّر في الحياة السياسية والاجتماعية رهن التطوّر في العلوم الإنسانية، وهكذا تطوّرٌ لا يمكن له أن يحصل إلا من خلال الشروع بالمنطق والفلسفة ونظرية المعرفة، وذلك متوقّف على المعالجة النقدية للتراث الفلسفي؛ وبذلك يكون الانتقاد والانتقاد المقابل مفتاح التطوّر الاجتماعي.

ومن هنا يُعدّ الدكتور يثربي اليوم من الشخصيّات الأكاديميّة البارزة ـ إذا لم يكن الأبرز ـ في انتقاد الحكمة المتعالية والعرفان الإسلامي من خلال لقاءاته وكتبه؛ فإن الصفة الغالبة عليه هي طابع النقد.

وقد اعتبره البعض الشخصيّة الفريدة في إيران ممن انتقد أصالة الوجود والأنطولوجيا الصدرائية، والمنهج غير العقلاني وتضعيف العقلانية عند المتصوّفة والعرفاء.

وقد أشار هو في غير مناسبة إلى مسيرته ومراحله الفكرية التي مرّ بها، وهي: مرحلة التقليد، ومرحلة النقد، ومرحلة التنظير.

كما يُعد اليوم المنظر لنظرية >الواقعية الانتقادية< كما يُحب أن يُطلق عليها.

لمحة عن مشروع الدكتور يثربي

يبدو أن المسار الفكري الذي قطعه الدكتور يثربي وبلغه إلى الآن يتمثّل في مرحلتَين:

الأّولى: اعتناقه واشتغاله على الفكر الفلسفي والعرفاني وميله إليه بشكل واضح، وهذا ما تمثّل بمجموعة مؤلّفاته الأولى وعلى رأسها كتاب >فلسفة العرفان<، الذي تناول فيه بيان العرفان الإسلامي وشرح مقدّمة القيصري على شرح تائية ابن الفارض، ورغم أنه لم يأتِ فيه بجديد إلا أنه شاهدٌ يترك انطباعًا عن الميول الأولى للدكتور يثربي.  

وقد ترك في هذه المرحلة كتبًا عدّة في العرفان والفلسفة.

الثانية: مرحلة انقلابه على الفكر الفلسفي والعرفاني من خلال مجموعة كتاباته في هذا المجال والتي توّجها أخيرًا ـ وليس آخرًا ـ بكتابه الكبير >تاريخ تحليلي انتقادي للفلسفة الإسلامية<، وهو كتاب يستحقّ تسليط الضوء عليه، ولعلنا نوفّق لذلك في فرصة أخرى إن شاء الله تعالى، وكتاب >تحقيق في الصلة بين الدين والعرفان<.

وأنا شخصيًا لا أعرف حتّى الآن سبب هذا الانقلاب، رغم أنه أشار إليه في أحد اللقاءات غير أنه لم يصرّح به وبتفاصيله.

ولكنّ المهمّ هو أن الحركة الانتقادية من شأنها أن تقوّم مسيرة الفكر ـ أي فكر كان ـ فإن الفكر البشري كالماء، إذا لم يتحرّك فسد وتعفّن. فهذه المحاولات الانتقادية من شأنها تقويم الفكر وتسديده وتقويته؛ لكن بشرط أن يُطرح هذا الانتقاد وفق الأصول العلمية والقواعد المنطقية الرصينة، وأن تكون أهدافه وغاياته واضحة المعالم، لا أن يسير في الظلام، وأن لا يكون مجرّد تصفية حسابات بين التيّارات وإبراز أحقاد وضغائن.

بعض جوانب مشروع الدكتور يثربي

  1. البحث عن طريق جديد في تنظيم علم المنطق ونظرية المعرفة.
  2. البحث عن منهج جديد في التفكير الفلسفي.
  3. إصلاح الفلسفة الإسلامية.
  4. تحليل تيّار المتنوّرين في إيران.
  5. تنقيح مباني فلسفة السياسة في الإسلام.

ولعلّ الدكتور يثربي كثيرًا ما يحاول النأي بنفسه عن الظهور بموقف العداء من الفلسفة والعرفان، بل تراه ـ أحيانًا ـ يدعو إلى نشر المعارف العرفانية في المجتمع، إيمانًا منه بأن العرفان لا يزاحم الدين والتديّن والتفكير، وأن العرفان ليس تكليفًا دينيًا بل عقيدة حرّة، ولما يتمتّع به العرفان من جاذبية وآثار إيجابية على الفرد والمجتمع كالتربية الروحيّة، وأن العرفان أحد الاحتمالات المطروحة أمام البشرية التي من الخطأ التغاضي عنها، رغم ما يتراءى منه ـ في أحيان أخرى ـ من النكوص على هذه الدعوة وإنكارها.

ولهذا نرى السيد يثربي يركّز على المشاكل التي تواجه العرفان والثقافة العرفانية في مجتمعاتنا ويدعو إلى معالجتها، وذلك من قبيل: موقف بعض الفقهاء المخالف للعرفان، محاولة البعض خلع الصفة الدينية على العرفان، الجهود التي تبذل لتحويل العرفان إلى مجموعة أبحاث فكرية وإبعاده عن الجانب الروحي، تحويل العرفان إلى تكايا وصومعات.

والخلاصة هي أنه ينادي بالإصلاح والتجديد وفق أصول التحليل والنقد.

مباني مخالفة يثربي للعرفان

  1. الدين مشخّص وواضح والعرفان غير مشخّص؛ فإن الدين هو ما فهمه المعاصرون للرسالة الإسلامية، وأما العرفان فقد تعدّدت تعاريفه ومشاربه.
  2. عدم مساوقة العرفان للدين، وأن الإسلام لم يطرح ما طرحه العرفان من مسائل.
  3. العرفان مذهب مستقلّ منذ القدم تجلى في صور مختلفة عند أقوام وثقافات مختلفة ومنها التصوّف في الإسلام.
  4. العرفان مجموعة نظريات طرحها ثلّة من العرفاء عبر التاريخ، والإسلام عبارة عن دين موحى من الله تعالى.

ملاحظات على مشروع الدكتور يثربي

من الملاحظات التي يمكن أن توجّه إلى مشروع الدكتور يثربي أنه لا يتمتّع بإطارٍ واضح وكامل، ذلك أنه طرح مشروعه بشكل مبعثر دون أن يوضّح أصوله ومعالمه وحدوده وغاياته، فقد وقف عند نقد العرفان، ونقد الفلسفة، ولا ندري إلى أين يريد أن يصل وما هي الغاية التي يتوخّاها، نعم هو صرّح بأنه يريد معالجة المنهج الفلسفي والعرفاني، ولكنّه لم يبيّن ماهيّة هذا الإصلاح وكيفيّته وحدوده وغاياته، ولو ركّز على هذه النقاط في مقال أو كتاب أو حتّى مقدّمة أحد كتبه، لكانت معالم مشروعه وأهدافه واضحة.

كذلك التذبذب الواضح في مواقفه؛ فتارةً نراه يذم العرفان والفلسفة، وأخرى نراه يدعو إليها، وهذا بيّن بوضوح من خلال ما صرّح به في أكثر من كتاب ولقاء تلفزيوني أو مناظرة علمية.

وأزعم أن من الملاحظات أيضًا عدم تمحّضه في العلوم التي دعا إلى إصلاحها وعلى الخصوص العرفان الإسلامي؛ لأني أظن أنه لم يشتغل على تحصيله عند كبار أساتذة الفن في مسيرهم الذي اعتادوا عليه، وهذه المشكلة مطّردة عند كل من دَرَسَ الفلسفة والعرفان والشريعة في الجامعات والمعاهد الأكاديمية؛ وذلك أن غاية ما تعطيه هذه الدراسة ـ في مختلف هذه المؤسّسات الأكاديميّة ـ هو نبذة عن تاريخ هذه العلوم، وشمّة من بعض مسائلها، فهي لا تتمتّع بالعمق العلمي والغور في أعماق هذه العلوم كما تعمّق فيها أصحاب الفنّ ممن دَرَسَ على الطريقة الحوزوية، وهذا واضح لكل من زاول الطريقتَين الأكاديمية والحوزوية.

إنجازات الدكتور يثربي العلمية

للدكتور يثربي عدّة كتب، منها:

  1. فلسفة العرفان
  2. العرفان النظري (دراسة في المسيرة التكامليّة وأصول التصوّف ومسائله)
  3. العرفان العملي
  4. ما هي الفلسفة؟
  5. تاريخ تحليلي انتقادي للفلسفة الإسلامية
  6. دراسة في النسبة بين الدين والعرفان
  7. نقد الغزالي
  8. من اليقين إلى اليقين
  9. ميزان النقد
  10. فلسفة الخرافات


الكلمات المفتاحيّة لهذا المقال:
الدكتور السيّد يحيى يثربيمشاريع فكرية

المقالات المرتبطة

الخاص والعام في فلسفة السياسيّة

الكلام على فلسفة للسياسة أو على فلسفة سياسيّة يعني الكلام على فلسفة خاصّة بأحد الأنشطة البشريّة. وبذلك لا يختلف كلامنا

من وحي الأربعينية الدور التربوي للثورة الحسينية

تمهيد كل عام تهل علينا أربعينية الإمام الحسين عليه السلام، وعندما نتأمّل المسيرات الحافية الماشية من أقصى بقاع الأرض لتزور

المروءة الحسينية

يا ابن رسول الله أحبك الناس حبًّا روحانيًّا خالصًا لأنك أردت أن تنصر الحق فنصرته وتخذل الباطل فخذلته، والناس – يا سيدي – في كل مكان يبحثون عن الحق وينصرونه

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<