مناقشة كتاب العلاقات الأميركية السعودية بعد الحادي عشر من أيلول
في إطار فعالياته الثقافية، عقد دار المعارف الحكمية جلسته الشهرية لمناقشة الكتب يوم الخميس في 23 شباط 2023 الساعة السادسة والنصف مساءً، التي حضرها جمعٌ من المثقفين، حيث تمّ مناقشة كتاب “العلاقات الأميركية السعودية بعد الحادي عشر من أيلول” الصادر عن دار المعارف الحكمية للباحث الدكتور بلال اللقيس، شارك في اللقاء كلٌ من الباحث رياض صوما، والدكتور جمال واكيم، أدار اللقاء الأستاذ مصطفى خليفة.
بدأت المناقشة بكلمة للأستاذ مصطفى خليفة، قدّم من خلالها الكتاب، وتحدث عن أهميته في هذا المرحلة التي يعاد فيها رسم خطوط السياسات الدولية، ثم عرض لمحتوياته، وأعطى الكلمة بعد ذلك للباحث الأستاذ رياض صوما، الذي قدّم المداخلة الأولى.
استهل صوما كلمته بعرض أهمية الكتاب، وتحدث عن موضوعية المؤلف في معالجة فكرة الكتاب، وأشار إلى أنه وعلى الرغم من الخلاف الأيديولوجي بينه وبين المؤلف إلا أن الكتاب بنظره استطاع أن يعالج الفكرة بشكل موضوعي وعلمي، بعيدًا عن الأفكار المسبقة، وإن كان هناك دائمًا نظرات ينظر من خلالها الباحث إلى موضوعه سواء أكانت صفراء أو حمراء، إلا أنّ الباحث استطاع أن يُقدّم فكرته بطريقة منهجية، وهذا ما يمكن أن نلاحظه من خلال جملة من النقاط، يمكن إيجازها على الشكل التالي:
– السياق العام لتتابع الموضوعات والوقائع والخلاصات، سياق منطقي بصورة لافتة.
– الانحياز الوطني والإنساني للكاتب مضمر وضمني، مما يزيد الصدقية وقوة الإقناع.
– تعرض الكاتب لظروف نشوء المملكة السعودية وطبيعة المجتمع السعودي، وبنية السلطة فيه، ونوع السياسات الداخلية والإقليمية والدولية التي اتبعتها المملكة بموازاة حركة الدور الأميركي الدولي والإقليمي منذ بدايات الحرب الباردة حتى اليوم.
وأضاف، وإذا أردنا أن نتخطى النقاط السابقة، نستطيع أن نرى أن من الميزات الخاصة بالكتاب، أنه خلال عرض شكل ومحتوى العلاقات الأميركية السعودية، ربط تحولاتها بمجريات التطور الحاصل داخل كلّ من طرفي العلاقة، على مختلف الصعد السوسيولوجية والاقتصادية والسياسية والثقافية إلخ… مع الانحياز الضمني للمؤلف بأن حركة التاريخ نحو عالم أقل عنفًا وأكثر عدالة.
ولفت إلى أن الكتاب لم يغفل تناول المستجدات والتحديات التي تواجه طرفي التحالف، فجاء متكاملًا، يسدّ ثغرة معرفية على مستوى المكتبة العربية.
وقد ختم “رياض صوما” كلمته بالتطرق إلى التغيّر الحاصل في موازين القوة والتراجع الأمريكي بسبب نهضة الشعوب وتولّد موازين قوة جديدة. أما بما يخص السعودية فتحدث عن الفشل العسكري الواقع في عدد من نقاط العالم إضافة إلى فشلها في التوصل إلى التسوية مع المعارضة معتبرًا بأنها مقيدة بعدد من التحديات التي تمنعها من تسيّد المشهد.
لينتقل بعدها الكلام إلى الدكتور جمال واكيم، الذي بدأ بعرض التقسيم العام للكتاب، ثم تناول المنظور البنائي المعمول به في الكتاب، وأكد على هذا الصعيد ضرورة التوسع بنقطة أشار إليها الكتاب ولم يتوسع بها، وهي تتعلق بالمنهجية الخمينية في العلاقات الدولية، لأهمية بروز هذا النوع من القراءات التي تنطلق من الخصوصية، ثم عرض محاور الكتاب بشكل تفصيلي.
انتقل بعد ذلك إلى ذكر عدد من النقاط الواردة في الكتاب وناقشها، مفصلًا الكلام حول علاقة الرأسمالية بقيام الإمبراطورية الأمريكية، منطلقًا في ذلك من الخلفيات المؤسسة للعقلية الأمريكية، والتي تقوم على أرضية خصوصيتها البحرية، والتي تفترض دائمًا تقويض القوى البرية ومنعها من التحصّن حتى تكفل منع قوى عالمية جديدة من الصعود.
واعتبر أن تحليل سقوط الاتحاد السوفياتي، لا يجب أن يقتصر على تحليل الصراع الأيديولوجي الذي كان سائدًا، إنّما العمل على تحليل آخر، يقوم على أساس دراسة كيفية بناء الإمبراطوريات.
في نهاية مداخلته، أكد الدكتور واكيم على أهمية الكتاب، الذي يشكّل مرجعًا دوريًّا للباحثين بالشأن الإقليمي والدوليّ، وشدّد على ضرورة قراءة الكتاب واعتماده كمرجع في العمل البحثيّ.
أما مؤلف الكتاب الدكتور بلال اللقيس فقد افتتح مداخلته شاكرًا المناقشين مبتدئًا بعرض المدرسة البنائية وسبب اختيارها ضمن عمله البحثي وذلك نظرًا لكونها تعتبر عالم الأفكار هو الأهم على الرغم من أهمية عالم المادة وغيره، معتبرًا بأن المؤثر الأهم في العالم بعد سنة 2000 ميلادي هو عالم الأفكار، وأشار إلى أن اختياره هو الأقرب إليه من الناحية الثقافية والعلمية، فهو يمتلك إمكانيات كبيرة لا تتوافر في غيره من المناهج.
ثم انتقل إلى عرض الواقع السعودي وعناصر القوة المادية التي تمتلكها من بنية وسلاح واقتصاد، الأمر الذي يسمح لها بلعب دور كبير على مستوى الإقليم، مشيرًا إلى أن امتناعها عن التقرب من الجمهورية الإسلامية في إيران هو أمر مرتبط بعنصر الهوية ورؤيتها لنفسها وكيفية إدراكها لما حولها، ودعا إلى ضرورة كسر هذا الحاجز والاستجابة إلى الدعوة الإيرانية للحوار
لِمَا لهذا الأمر من إيجابية على مستوى المنطقة.
ثم تعرض للحديث عن أمريكا وسبب خوضها لعدد من المعارك في العراق، ولمحاولة التمدد نحو روسيا لتفكيكها، موضحًا بأن الهدف هو عرض القوة وليس لغاية النفط مثلًا. فالمحرك إذًا هو الإدراكات في عقل صاحب القرار. مؤيدًا فكرته بأن خلفية الصراع الإيراني الأمريكي وبأن الصراع مع إسرائيل ليس لأجل الدوافع الاقتصادية، بل لإثبات القيم التي يريدها الطرف الأمريكي، والتي يعمل على تعميمها.
وأضاف أن الصراع الحالي الذي يشهده العالم، هو صراع حول القيم الثقافية التي يجب أن تسود العالم، والكلام الأمريكي والروسي يدل على نقل الصراع نحو الثقافة والفكر مستندًا لذلك أيضًا بعدد من المفكرين، كصمويل هنتغتون وفرنسيس فوكوياما، خاتمًا بأن المدرسة البنائية هي الأقرب لتفسير حركة العالم، وبأن أرضية العلاقة السعودية الأمريكية تهتز وتحتاج لإعادة تعريف.
عند ختام المداخلات، بدأت مناقشة الأفكار التي طُرِحت، ثم تفضل الحضور بطرح أسئلتهم التي جرى الإجابة عنها من قبل المداخلين.
المقالات المرتبطة
الدرس السابع من شرح الصحيفة السجادية
تحدّث سماحة الشيخ شفيق جرادي في الدرس السابع لشرح الصحيفة السجادية عصر يوم الأربعاء الواقع في 14-03-2018 عن مؤشرات وخصائص محبة العبد لربه.
“النّص الفلسفي وإشكالية الترجمة”
تقرير عن ندوة “النص الفلسفي وإشكالية الترجمة” التي نظمها المنتدى الفلسفي في معهد المعارف الحكمية بالتعاون مع قسم الترجمة واللغات في جامعة المعارف والجمعية الفلسفية اللبنانية بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة.
أخلاقيات التولي والتبري جهاد البصيرة والثبات- المحاضرة الأولى
افتتح معهد المعارف الحكمية مساء أمس سلسلة محاضرات لسماحة الشيخ شفيق جرادي تتمحور حول موضوع: “أخلاقيات التولي والتبري جهاد البصيرة والثبات”، حيث تطرق سماحته إلى أن هناك اتجاه معاصر من يعتبر الأخلاق