أم الشهداء- اليوم الرابع
وختم معهد المعارف الحكمية إحياء الليالي الفاطمية لليوم الرابع في مجمع المجتبى (ع)، فبعد قراءة آيات من الذكر الحكيم، كان الكلام لسماحة الشيخ شفيق جرادي، حيث تابع في اللقاء الرابع والأخير من إحياء الليالي الفاطمية والذي تمحور حول موضوع “أم الشهداء” الحديث عما ورد في بعض الأدعية: “اللهم اربط على قلوب أمهات وآباء الشهداء، وصبرهم يا رب العالمين، اللهم ألهمهم الصبر واشف صدورهم”، لافتًا إلى الأمور التي ممكن استنتاجها من هذا الدعاء، وهي:
- الربط على القلب من الله. لأن طبيعة القلب أنه يتقلب، فهذه القلوب بحاجة إلى نعمة من الله وإلى عون منه سبحانه وتعالى حتى تثبت على ما تعتقده وعلى ما آمنت به بأن كل شيء بيد الله، وما يأتي من الله كله خير.
- الصبر؛ وصبرهم، في الواقع، لم نجد في توجيهات القرآن الكريم، وتوجيهات النبي محمد (ص)، وتوجيهات الأئمة الأطهار (ع)، ما هو أعظم من مسألة التصبر والصبر.
- شفاء الصدور؛ واشف صدورهم؛ أن يشفي صدورنا في عدونا بما يفرحنا ويحزنه، وهو النصر الذي هو رد الكيد، ورد الفتن، ورد المؤامرات.
وأضاف سماحته، موارد أخرى من الأدعية:
- اللهم اجبر كسرها، حيث تشعر الأم والأب بالكسر عند فقد أولادهم، والله عز وجل هو الذي يجبر الكسر، والله هو الذي يعين، وهو الذي يعوض.
- وارحم ضعفها، فالعاطفة نقطة ضعف عند الناس، فالدعاء بأن يرحم الله تعالى ضعف هذه الأم بأن لا تتغلب العاطفة عليها.
- وارزقها حلاوة الطاعات، حتى تصبح صلاتها مختلفة، ودعائها مختلف، وبخصوص الدعاء حتى تشعر بنعمة الدعاء، وبنعمة حضور الباري عز وجل، ونعمة أنها بين يدي الله سبحانه.
- والعصمة من الزلات، حتى لا تقع بأي خطأ ولترزق بحسن العاقبة حين تلقاك.
وصرّح سماحته، بأن الله سبحانه وتعالى أكثر من يستجيب دعائهم هم أهل المصائب، وأهل الألم والمكلومين، ولا يوجد لدينا أدنى شك أن دعاء أم الشهيد هو من الأمور التي ترتفع إلى سماء ربنا سبحانه وتعالى، فيستجاب بطريقة خاصة جدًّا.
واعتبر سماحته، أنه من المسائل المرتبطة بأمهات الشهداء ومواقفهم هو استمرارهم بالنهج التربوي الذي كنا يقمن به اتجاه أبنائهم، وأن تبقى على نفس التربية، بحيث ترى بأم عينيها ليس فقط استشهاد أبنائها بل أحفادها، ومن النماذج التي نعرفها جيدًا، وقدّمت كل أبنائها وحفيدها، هي الحاجة أم عماد مغنية رحمة الله عليها. وهذا هو إرث السيدة الزهراء (ع).
وأضاف سماحته، أن السيد الزهراء ربت عائلة بكاملها شهداء، الحسن شهيد، الحسين شهيد، بل كانت تنظف السيف لأمير المؤمنين علي (ع)، وبكل مرة يذهب فيها إلى الحرب من غير المعلوم أن يرجع حيًّا. فهي كانت تفتح طريق الشهادة لأمير المؤمنين علي(ع)، وهي التي فتحت الباب لأبنهائها الحسن، والحسين.
ورأى سماحته أن السيدة الزهراء (ع) أورثت الشهادة إلى كل أم شهيد، لذلك كلما ارتقت أم الشهيد بأن تضحي يجب أن نخاف منها ونخاف عليها، وإياكم وأذيتها، لأن أذية أم الشهيد من أكبر الأذيات.
ولفت سماحته إلى أن الأكثر قربًا من السيدة الزهراء في الجنة هم أمهات الشهداء، حتى أنهن يدخلن معها.
وتطرق سماحته إلى الحديث عن مسألة أذية أمهات الشهداء، فالأم عندما يكون ابنها على الجبهة تكون في حالة انتظار وعلى أعصابها، لكن للأسف هناك من يؤذيها ويخطئ في حقها، والسبب الهاتف الذي يحمله، فكم من شهيد سقط نتيجة واحد من المتطفلين أو المتطفلات بيده الهاتف ويبث مباشر أو يصور المكان، وبالتالي يقوم العدو ويقصف، فيستشهد ابنها بهذه الطريقة. من منكم يتحمل يوم القيامة ويأتيه ملك بيده قارورة تفور دمًا، ويقول لك خذ نصيبك من دم فلان الشهيد. من يتحمل أن يخسر دينه بالآخرة من أجل صورة أو بعض اللايكات عليها؟ من هو المجنون والأحمق الذي يجرؤ على ذلك؟ من يتحمل دعاء أم الشهيد عليه، وكسر قلبها؟
ونبه سماحته، إلى أننا يجب أن نلتفت جيدًا إلى ما يتم الترويج له على وسائل التواصل الاجتماعي، لكي لا نقف يوم القيام ونكون ممن أعان على قتل هؤلاء الشهداء حين التقاطنا الصور، أو حين البث المباشر من مكان المعركة.
كذلك شدد سماحته، على توخي الدقة عند نشر صور الشهداء، والتأكد من ذلك، لأنه ربما أحيانًا يتسبب في موت الأم نتيجة الصدمة في معرفة الخبر بهذه الطريقة، لذا، من يتحمل خصومة السيدة الزهراء (ع) بيوم الآخرة كونه آذى رفيقاتها وأخواتها؟
وختم سماحته هذه اللقاءات، بالقول: ما يحصل في الجنوب اليوم هو معركة مفتوحة، والعدو لا يستطيع تأديتها كما يجب، لكن بعض الناس تؤديها عنه دون أن تعي عواقب الأمور. لذا ندعو الله وإياكم أن يثبتنا على دينه وعلى ولاية أوليائه، وأن يشفعنا بفاطمة (ع) إن ربي سميع مجيب.
المقالات المرتبطة
رسائل العرفاء | الحلقة السادسة
❗️ما تخلّي راسك مشغول بكيفيّة جَلْب المال
في محضر الأمير – الحلقة الأولى
الحلقة الأولى من برنامج #في_محضر_الأمير مع سماحة الشيخ شفيق جرادي
زاد السالك – الحلقة الثانية
الحلقة الثانية من برنامج وصايا العارف الكبير الفيض الكاشاني “زاد السالك”