بداية الحكمة- المرحلة الرابعة- الدرس الرابع
الفصل السابع: في أنّ الإمكان اعتبار عقليّ وأنّه لازم للماهيّة
أمّا أنّه اعتبار عقليّ، فلأنّه يلحق الماهيّة المأخوذة عقلًا مع قطع النظر عن الوجود والعدم، والماهيّة المأخوذة كذلك اعتباريّة بلا ريب.
وأمّا كونه لازمًا للماهيّة، فلأنّ الماهيّة من حيث هي، لا موجودة أو معدومة، والإمكان هو سلب الضرورتين. الماهيّة بذاتها ممكنة والعقل يضع لازم هذين السلبين وهو استواء النسبة، أي يعطي حكمًا إيجابيًّا ثبوتيًّا وإن كان مجموع السلبين منفيًّا.
الفصل الثامن: في حاجة الممكن إلى العلّة، وما هي علّة احتياجه إليها
ملاك حاجة الممكن إلى العلّة هو الإمكان لا الحدوث. والدليل عليه:
- الماهيّة ضروريّة الوجود باعتبار وجودها، وضروريّة العدم باعتبار عدمها. وليس الحدوث إلّا ترتّب إحدى الضرورتين على الأخرى. كما أنّ الضرورة هي مناط الغنى عن السبب وارتفاع الحاجة. إذًا، ما لم تعتبر الماهيّة بإمكانها لم يرتفع الوجود ولم تحصل الحاجة إلى العلّة.
- الماهيّة لا توجد إلّا بإيجاد من العلّة، ولحاجتها توقّف على الإمكان بالضرورة. ولو توقّفت على حدوثها للزم توقّف الشيء على نفسه بمراتب. فلم يبقَ إلّا أن يكون الإمكان وحده علّة للحاجة.