بداية الحكمة- المرحلة السادسة- الدرس الثاني
الفصل الثالث: في الجسم
الجسم بما هو جسم قابل للانقسام في جهاته المفروضة: طول وعرض وارتفاع، وله وحدة اتصاليّة عند الحسّ.
أقوال في الجسم:
- الجسم متّصل واحدٌ بحسب الحقيقة كما هو عند الحسّ، وله أجزاء بالقوّة متناهية؛ ونُسب إلى الشهرستاني أي لا ينقسم. ويردّ بالقول أنّ الجمع بين القول باتّصال الجسم بالفعل، وبين انقسامه بالقوّة إلى أجزاء متناهية تـقف القسمة دونها على الإطلاق.
- أنّه متّصل حقيقة كما هو متّصل حسَّا وهو منقسم انقسامات متناهية، بمعنى لا يقف، ونُسب إلى الحكماء. ويدفع بوهن الوجوه التي أقيمت على كون الجسم بسيط ذا اتصال واحدٍ جوهريّ من غير فواصل كما هو عند الحسّ وقد تسالم علماء الطبيعة أخيرًا بعد التجربات العلميّة ممتدّة أنّ الأجسام مؤلّفة من أجزاء صغار ذرّيّة مؤلّفةٍ من أجزاء أخرى، لا تخلو من حصاة مركزيّة ذات جرم.
- أنّه مجموعة أجزاء صغار صلبة لا تخلو من الحجم تقبل القسمة الوهميّة والعقليّة دون الخارجيّة ونسب إلى ذي مقراطيس. وهو ما يتبنّاه العلّامة الطبطبائي.
- أنّه مؤلّف من أجزاء لا تتجزّأ لا خارجًا ولا وهمًا ولا عقلًا وإنّما تقبل الإشارة الحسيّة وهي متناهية ذوات فواصل في الجسم، تمرّ الآلة القطّاعة من مواضع الفصل ونسب إلى جمهور المتكلّمين. ويدفع القول أنّ ما ادّعي من أجزاء لا تتجزّأ إن لم تكن ذوات حجم امتنع أن يتحقّق من اجتماعها جسم ذو حجم بالضرورة وإن كانت ذوات حجم لزمها الانقسام الوهميّ والعقليّ بالضرورة وإن فُرض عدم انقسامها الخارجيّ لنهاية صغرها.
- تأليف الجسم منها كما في القول الرابع إلّا أنّها غير متناهية. ويدفع بالقول لو كانت كذلك لكان الجسم المتكوّن من اجتماعها غير متناهي الحجم بالضرورة.
الفصل الرابع: في إثبات المادّة الأولى والصورة الجسميّة
الجسم مؤلّف من مادّة وصورة جسميّة، والمجموع المركّب منهما هو الجسم. المادّة الأولى تتمثّل في القابليّة المحضة، والجسميّة هي التي بها الفعليّة صورة مقوّمة لها.
الجسم هو المادّة الشائعة في الوجودات الجسمانيّة جميعًا، وتسمّى: “المادة الأولى “و”الهيولى “. ثمّ هي مع الصورة الجسميّة مادّة قابلة للصور النوعيّة اللاحقة، وتسمّى: “المادة الثانية”.