مهرجان الخطاب الثقافي عند سماحة السيد حسن نصر الله- اليوم الرابع

by معهد المعارف الحكميّة | فبراير 10, 2017 12:51 م

 

اختتم معهد المعارف الحكمية ومنتدى قارئ للشباب مهرجان الخطاب الثقافي عند السيد حسن نصر الله أعماله بورشة تخصصية تحت عنوان: “مضامين الخطاب عند السيد حسن نصر الله“، انقسمت هذه الورشة إلى عناوين عدة، ساهم في تقديم أبحاثها وإدارتها مجموعة من طلاب معهد المعارف الحكمية.

افتتحت هذه الورشة ببحث تحت عنوان: “الدين وفاعليته في الحياة في كلام سماحة السيد حسن نصر الله”. حيث تم الحديث في هذا البحث على أن الفاعلية الاجتماعية جوهر كل دين مستشهدين بقول لسماحة السيد حسن نصر الله: “على المسلمين أن يتمكنوا من إعادة تجديد فهمهم للدين بما يتناسب مع واقعهم الاجتماعي والتاريخي، دون أن يعني ذلك الإنفصال عن الوحي والإلتزام بالتكاليف”. كما تمت الإشارة أيضًا إلى المبادئ التي ينبغي أن تُبنَى عليها شخصية الإنسان المسلم وتتمثل في إنقاذ الآخر، وفي التضحية وفي رفض الذل، وفي وحدة الإنسانية.

 كذلك تم الحديث عن أثر الدين على الفكر في خطاب سماحة السيد حسن نصرالله المتمثل في نصرة المظلوم، والتلاقي مع الآخر وفي الرحمة.

وفي أهمية اقتران الإيمان بالعمل تمت الإشارة إلى أن هذا الأمر يكون من خلال الشخصية الإيمانية الجهادية والتربية الروحية الحسينية وهذا الصفات نجدها متجسدة في سماحة السيد حسن نصر الله حيث إنه شخصية قيادية مؤثرة، وشخصية دينية مجددة، كما إنه يحمل مضامين إسلامية أصيلة، ويستدل بالكتاب والسنّة، وموجّه ومربّي لجمهوره.

وختم هذا البحث بالإشارة  إلى أن سماحة السيد حسن نصر الله قد أعاد للدين الاسلامي فاعليته الاجتماعية، وقدّم مبادئ تساهم في بناء شخصية إسلامية فاعلة إجتماعيًا. كما إنه بيّن التلازم بين الإيمان والعمل والجهاد، ودور كل منها في بناء مجتمع متكافل.

الورقة الثانية حملت عنوان: “البعد الأخلاقي والقيمي في خطاب السيد حسن نصر الله”، فتمت الإشارة هنا إلى أن الخطاب لدى السيد حسن نصر الله يتميز بأبعاد متعددة منها السياسية والاجتماعية والدينية، مما يجعله حقلًا مثمرًا لإنتاج العديد من المقولات التي تساهم في تنمية الروح الإبداعية عند الشباب، فهذا الخطاب بما هو بنية  تواصلية يهدف إلى زرع مجموعة من القيم في شخصية الإنسان الملتزم.

ولفت البحث إلى موضوع الأخلاق في خطاب السيد حسن نصر الله حيث جعل سماحة السيد الأخلاق محورًا أساسيًا في خطابه، ولذلك نراه، يتحدّث عنه من خلال كلامه عن الفعل الإنسانيّ، وينطلق سماحته من كون الأخلاق تؤسّس لملكة صدور الأفعال الحسنة عن النفس، وبما أن العقل يقود الانسان لأن يمحّص ويقود أفعال هذا الإنسان بين حسن وقبيح، كان هناك تلازم بين مبحث الأخلاق وسنخية الأفعال التي تخضع لحكم العقل.. وقد أشار السيد نصر الله إلى ذلك، بقوله: “أعطى سبحانه وتعالى الإنسان عقلًا ومعرفة وعلمًا، وأعطاه إرادة وحرية الاختيار، وأعطاه القدرة على الاستفادة من الأشياء والقدرة على الاستفادة من التجارب وتراكم التجارب البشرية طوال التاريخ وأرسل له الأنبياء والرسل وأنزل عليه الكتب السماوية”.

وركز البحث إلى أن هذه الأخلاق التي يستطيع العقل أن يحكم عليها، تنحصر بين أمرين لا ثالث لهما، فهي إما أخلاق إيجابية ويترتب عليها نتائج إيجابية ومفيدة. وإما أن تكون أخلاق سلبية يستتبعها ما هو قبيح ومؤداه النفور والعزلة الاجتماعية، وحتى نستطيع أن نصل إلى نتيجة تقيمية، وضع السيد حسن نصر الله معيارين لذلك:

المعيار الأول: ويحدّد وفق معايير معتمدة طبعًا في المدرسة الأخلاقية المحمدية، وفي هذا المجال نجد أن رسولنا الأعظم محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) لديه من الكمالات العقلية والمعنوية والروحية والنفسية وعلى كل صعيد ما بلغ به وفيه القمة.

المعيار الثاني: إعلاء الجانب الإنساني، وهذه النقطة وإن كانت ترتبط بالأولى، ولكن لها خصوصيتها، الرسول العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم) من خلال حركته ودعوته، الأمة التي أسسها والتي أطلقها في التاريخ والمستمرة إلى اليوم، وعلى أسس إنسانية وإيمانية سعت إلى هذه الغاية المثلى.

خُتم هذا البحث بالقول: إن مبحث الأخلاق عند السيد حسن لا ينفك عن الخطاب والنص القرآني، وتجلى ذلك واضحًا من خلال ربطه بين الأخلاق والرسول صلى الله عليه وآله وسلّم من جهة، والدعوة الإسلامية من جهة أخرى، وهذه الرؤية كانت الأساس التي سعى من خلالها إلى بناء أخلاق الشخصية الجهادية، والتي تؤسس لعلاقة مع الله، تقوم على الصدق، وتصل إلى حدّ التضحية.

البحث الثالث في هذه الورشة كان تحت عنوان: “المواطنة والهوية الوطنية في فكر السيد حسن نصر الله”، في هذا البحث تمت الإشارة إلى أن سماحة السيد حسن نصر الله وفي خطاباته تحديدًا في احتفالات النصر بيوم التحرير، يركز على أن اعتبار النصر والتحرير هو نصرًا للبنان والوطن والدولة والشعب والمقاومة لا نصرًا لحزب الله فقط، بل إن سماحته يذهب لرسم خطة بعيدة المدى للبنان قائلًا: “أيها اللبنانيون أنتم أمام استحقاقات كبيرةٍ، أمام استحقاق استكمال التحرير أمام استكمال إعادة الأسرى وأمام استكمال بناء مؤسسة الدولة بهذا الإنسجام بين المقاومة والدولة، بهذا الإحساس بالمسؤولية الوطنية، بهذا التوحد نحو الوطن، يمكننا أن نواجه كل الاستحقاقات، ونبني لأنفسنا وأجيالنا القادمة وطنًا اسمه لبنان، لبنان الجديد”. بالتالي فإن سماحته هنا قد وضع المعادلة الذهبية الجيش والشعب والمقاومة.

ولفت البحث إلى مفهوملبنان الكبير جمهورية عاصمتها بيروت”. فبيروت هذه عاصمة الوطن كل الوطن اللبناني. العاصمة التي هدّدت إسرائيل بقصفها وتدميرها كما دمرت قسمًا كبيرًا من الضاحية الجنوبية لها، وذلك في خضم حرب تموز 2006. حيث خرج السيد حسن نصر الله في الثالث من آب وفي لحظة حسّاسة في مجريات الحرب ليقول: “إذا قصفتم عاصمتنا سنقصف عاصمة كيانكم الغاصب، إذا قصفتم بيروت فالمقاومة الإسلامية ستقصف تل أبيب…”.

 كما تمت الإشإرة في هذا البحث إلى دعوة السيد نصر الله إلى وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب بقوله: “أمام خطر الإرهاب الذي يتهدد لبنان والمنطقة، نحن في حزب الله، في هذا اليوم أيضًا، نؤيد الدعوة إلى وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب، وأعتقد أن القوى السياسية اللبنانية والقيادات اللبنانية تستطيع أن تتفق[…] على عدو واحد هو الإرهاب،[…] نحن نؤيد وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب”.

يخلص هذا البحث إلى القول: إن مفهوم المواطنة المعاصر الذي لا يتعارض فيه الانتماء إلى ولاءات أضيق أو أوسع من حجم الوطن الحقيقي دون وجود تعارض بين الولائين، وأن هذا المفهوم ليس مقولبًا أو واحدًا جاهزا للإسقاط في كل المجتمعات، بل إنَّه يأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل مجتمع وبنيته وصيغه الداخلية…. ولما كان فكر السيد حسن نصر الله ينطلق من المباني الإسلامية المجدّدة التي تتعاطى مع غير المسلم على أنه متساوٍ في الحقوق والواجبات، خصوصًا في دولة تعددية، فإننا نجد أن فكر السيد نصر الله والذي يسلك مسلكًا وطنيًّا لا حزبيًّا أو طائفيًّا قوامه “مشروع المقاومة”، الحاصل على شرعيتين أولهما شعبية عبر اعتراف معظم المواطنين اللبنانيين بحق مقاومة العدو الإسرائيلي، وثانيهما شرعية مستمدة من شرعية البيانات الوزارية عبر معادلة الجيش والشعب والمقاومة، فإنَّه يمكن القول: إنَّ لمشروع المقاومة الذي يطرحه السيد نصر الله القدرة على الحلول مكان الغربال الطائفي ليتحول الغربال من منظومة عمل طائفية ضيقة مقيتة إلى مشروع مقاومة وطني يمكن لجميع أبناء البيت اللبناني الالتفاف، حوله والإنطلاق في قطار المواطنة الصحيحة ليتحول المواطن رويًدا رويدًا إلى مواطن في وطن حقيقي لجميع أبنائه.

البحث الرابع في هذه الورشة كان تحت عنوان: التكفيريون في خطاب السيد حسن نصر الله”.

فيرى هذا البحث أن التكفير عبارة عن فكر إقصائي، والتكفيري لا يستند إلى أي دعوة نبوية أو دين سماوي، وذلك لكونه يتعارض مع الفطرة الإنسانية، ويشير البحث هنا إلى ما قاله السيد حسن نصر الله في إحدى خطبه حيث يسأل سماحته: “من الذي يدرس هذا الفكر في مناهجه التعليمية بالابتدائي والمتوسط والثانوي وبالجامعات؟ من الذي يبني مدارس في كل أنحاء العالم لتعليم شباب المسلمين هذا الفكر التكفيري التدميري؟ هذه الجماعات التي تحمل فكرًا يدمر المجتمعات ويدمر الجيوش ويدمر الدول ويدمر الأمة، هذا الفكر من أين جاء؟ مدرسة من؟ كتب من؟ ثقافة من؟ فتاوى من؟ من الذي يوزع هذا الفكر في العالم؟” فيجيب السيد: “بكل وضوح هي المملكة العربية السعودية وبأموال المسلمين وبأموال حج بيت الله الحرام”.

ويشير البحث إلى ما قاله السيد نصر الله من أن “هذا الإرهاب التكفيري اليوم هو موجود في كل منطقة، يتشكل من مجموعات مسلحة موجودة في أغلب دول المنطقة، هذه التيارات أو الجماعات تنتهج منهجًا تكفيريًّا، إقصائيًّا، إلغائيًّا، تستبيح فيه كل من عداها، حتى – هنا- الموضوع ليس موضوع سنة وغير سنة أو مسلمين ومسيحيين، حتى في الدائرة الإسلامية، شيعة، علويين، دروز، إسماعيلية، زيدية، كل من غير السنة محسوم، عندما نأتي إلى السنة، كل من عاداهم من السنة هو أيضًا في دائرة التكفير. وأسهل شيء لديهم أن يقول له “أنت كافر مرتد”.

وعن علاقة التكفيريين مع بعضهم، يلفت البحث إلى ما قاله السيد نصر الله حول الموضوع: ” ألم تحكم قبل أسابيع داعش على جبهة النصرة؟ وهما فكر واحد، منهج واحد، كانوا تنظيمًا واحدًا، أمير واحد، بيعة واحدة، نفس واحدة، أخلاق واحدة، واحد تمامًا في كل شيء، بالزي وبالشكل وبالمنطق وباللغة وبالأدبيات وبالعقل وبالقلب، وعندما اختلفوا بموضوع سياسي، ممكن أن يختلفوا على بئر النفط في سوريا، يمكن على اقتسام الغنائم، حكم عليهم بالكفر والارتداد – بسهولة جدًّا- وما يستتبع ذلك من أحكام”..

ويشير البحث إلى علاقة أميركا بالتكفيريين حيث بات من الواضح أن هذه الجماعات المدعومة من السعودية وبعض الدول الإقليمية، هم أداة في يد سيدهم الأمريكي الذي يستخدمهم لكي يحقق أهدافه في المنطقة الإسلامية، وذلك عبر التدمير الممنهج لمدننا، حيث يفند السيد نصر الله هذا الرأي ويطرح الأدلة على ارتباط المجموعات المسلحة الخارجية، فيقول: “أولًا: لأن أميركا بنظرنا أم الإرهاب، بل أصل الإرهاب في هذا العالم، إذا وجد الإرهاب في هذا العالم فابحثوا عن الإدارة الأميركية، طبعًا نحن لا نتكلم عن الشعب الأميركي.  ثانيًا: لأن أميركا هي الداعم المطلق لدولة الإرهاب الصهيونية، أصل الإرهاب في منطقتنا سببه وجود (دولة إسرائيل) التي تحظى بدعم مطلق أميركي، عسكري وأمني وسياسي واقتصادي ومالي وقانوني، وحتى “فيتو”، حتى الإدانة ممنوعة في مجلس الأمن في حال كان الموضوع يتعلق بإسرائيل. ثالثًا: أميركا صنعت أو شاركت في صنع هذه التيارات الإرهابية التكفيرية، وهذه الجماعات الإرهابية”.

ويختم هذا البحث بالحديث عن دور المخابرات السعودية الواضح والجلي من خلال مسؤوليتها عن الدمار والإرهاب في المنطقة، حتى الغرب أشار إلى ذلك، فيؤكد سماحة السيد نصر الله على هذا الدور بإحدى خطبه: “بأن الذي كان يرسل الانتحاريين إلى العراق وكان يدير إرسال السيارات المفخخة إلى العراق والذي كان يموّل عمليات القتل في بغداد وفي المدن العراقية في الشمال وفي الجنوب وفي الوسط، لا فرق بين كرد وعرب وتركمان وسنة وشيعة ومسلمين ومسيحين هي المخابرات السعودية… وآخر جناياتكم كانت داعش التي أتيتم بها أنتم وحلفاؤكم وأتيتم بهم من كل أنحاء العالم من أجل أن تسقطوا نظام الرئيس بشار الأسد وحكومة المالكي. هل هذا أمر مخبأ؟ كل العالم يعرف ذلك”.

المساهمة البحثية الخامسة كانت تحت عنوان: “تأثير الاعتقاد الصحيح في بناء الشخصية النهضوية”، يلفت هذا البحث إلى أن سماحة السيد حسن نصر الله يعتبر أن الاعتقاد الصحيح، وما تتمتع به الشخصية الرسالية من صفات وأبعاد، هو ما يجعل الشخصية نهضويةً وثائرة، لذلك على الإنسان النهضوي أن يرتبط بالبعد الاعتقادي والروحيّ…

بالتالي، عندما يريد سماحة السيد حسن نصر الله أن يتحدث عن معايير الصدق والوفاء وكل مبادئ الخير والقِيَم الإنسانية، فإنّا نلاحظ أنّه وبالدرجة الأولى يأخذ محمدًا وآل محمد صلى الله عليه وآله نموذجًا صادقًا لهذه المبادئ والقِيم لما تحمل سيَرهم وحياتِهم من مصاديق لهذه المفاهيم، وحضورهم صلوات الله عليهم وآله في النفوس له تأثير لا يغفل عنه أحد في التأثير ببناء ثقافي متين للشخصية النهضويّة، فيقول سماحته: “لذلك فالعباس عليه السلام هو درس، هو رمز، هو عنوان للمجاهدين الذين يواصلون طريق جهادهم رغم كل الجراح القاسية، ويواصلون استنفاد كل طاقتهم من أجل أداء المهمة التي تخدم الهدف”.

ويشير هذا البحث إلى أنّ الشخصية النهضوية، حسب فكر السيد حسن، لا بد من أن تتوفر على مجموعة الخصائص، التي تجعلها متميزة عن غيرها، ومن أبرز هذه الخصائص:

الخاصية الأولى: الإيمان وتحمّل المسؤوليّة، حيث يعتبر السيد نصر الله أنّ الإيمان هو العنصر الأول الذي يجب أن تتحلّى به الشخصية النهضوية، وهو لم يكتف ِ بالحديث عنها بشكل نظري، إنّما ذهب إلى النموذج، ففي كلامه عن الشهيد القائد حاتم حمادة قال: “كان جادًّا نشيطًا وذكيًّا ومتفوقًا في الجامعة العربية، ففي الوقت الذي كان يدرس ويتعلم كان يتحمل المسؤولية العامة كما هو حاله منذ الصغر، وكان مسؤولًا للتعبئة الطلابية في حزب الله في الجامعة، مسؤول طلاب وطالبات حزب الله في الجامعة العربية، وأبدى حينها الكثير من صفات القائد والمسؤول والمدير…”. من خلال هذا الكلام يظهر سماحته أنّ الإيمان ليس عبارة عن كلام أو إيمان يحمله المعتقد في قلبه وعقله، إنّما هو فعل وعمل في ساحة الجهاد، حيث تصبح الأعمال كالمرآة التي تعكس باطن الإنسان، وتظهر مدى ارتقائه عبر تحمل المسؤولية.

الخاصية الثانية: حمل هموم المُستضعفين والإيمان بالقضية، فالمسؤولية التي تحّدث عنها سماحة السيد، قد يصورها بعضنا، أنّها مقتصرة على المحيط القريب، فيكتفي بمن حوله، ولكن سرعان ما يتبدد هذا التصور، حينما يعتبر السيد أن هذه المسؤولية شاملة، وترتبط بالغاية الوجودية للإنسان، ومسيرته التكاملية، وهكذا تتمدد لتصبح متعمّقة بهموم المـُستضعفين والمظلومين بشتّى طوائفهم وأعراقهم: “من واجبنا أن نقف هنا وفي يوم القدس لنعلن إدانتنا لما يتعرض له المسيحيون في العراق ولما يتعرض له المسلمون أيضًا في العراق، وليس فقط المسيحيين، ولما يتعرض له مراقد الأنبياء. الخاصية الثالثة: العمل الجاد والاستعداد للتضحية، بالإضافة إلى الإيمان يجب أن تكون الشخصية النهضويّة جاهزةً للعمل الجاد والبذل وعدم التراخي لأن العمل مقرون بالمصير: “اقتضت المشيئة الإلهية أن يكون طريق هذا الأمر هو عمل الإنسان؛ أن يعمل الإنسان وأن يسعى وأن يجدّ وأن يجتهد وأن يبذل وقته وعمره ليصل بإرادته هو؛ بمشيئته هو…”.

الخاصية الرابعة: توافق المعرفة والعشق لأهل البيت، يعتبر السيد أنّ الصفات الإنسانيّة المُجرّدة من الخصال الإسلاميّة لا تكفي بذاتها، فلا بد لهذه الصفات أن تضافر مع المعرفة والعشق لأهل البيت، فهذان العنصران  يجعلان من المرء جبلًا من الصمود، فيقول سماحته: “إن خلفية هذا الصمود وهذا القتال كانت المعرفة والعشق”، “وإن قوتنا الحقيقية تكمن في إيماننا، في إرادتنا، في عزمنا، في عشقنا لله ولرسول الله ولسيد الشهداء، في إرادتنا وطلبنا للحياة الكريمة، في ثقافتنا التي تقول: الحياة في موتكم قاهرين، والموت في حياتكم مقهورين”.

ويختم هذا البحث بالقول: إن الشخصية النهضوية هي الشخصية التي تبني نفسها على أرضية الإسلام، وتؤمن وتصبغ نفسها بالصبغة الإلهية، وتوقن أنّ “كل ما جاء به نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) في حقيقته وفي جوهره وفي روحه هو رحمة من الله سبحانه وتعالى للبشر وللناس وللخلائق، في الدنيا وفي الآخرة أيضًا”.

 


اكتشاف المزيد من معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Source URL: https://maarefhekmiya.org/8734/%d9%85%d9%87%d8%b1%d8%ac%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%b7%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%82%d8%a7%d9%81%d9%8a-%d8%b9%d9%86%d8%af-%d8%b3%d9%85%d8%a7%d8%ad%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%af-2/