الحمد وابتداع الخلق- الدرس الأوّل
by معهد المعارف الحكميّة | يوليو 24, 2017 6:45 ص
سلسلة دروس لسماحة الشيخ شفيق جرادي- بعنوان الحمد وابتداع الخلق
المصدر: الصحيفة السجادية
ملخص الدرس الأول (19/7/2017)
افتتح معهد المعارف الحكمية نشاطه الصيفي بسلسلة دروس لسماحة الشيخ شفيق جرادي تحت عنوان: الحمد وابتداع الخلق. فابتدأ سماحته بشرح الدعاء الأول من الصحيفة السجادية والذي يتمحور حول الحمد، وقد أشار سماحته إلى أن الصحيفة السجادية والمنسوبة إلى الإمام زين العابدين عليه السلام هي من الكتب المعتمدة لدى المسلمين عمومًا، ولدى الشيعة الإمامية بنحوٍ خاص.
وقد تم استعراض المقطع الأول من الدعاء قبل البدء بالشرح.
“أَلْحَمْدُ للهِ الاوَّلِ بِلا أَوَّل كَانَ قَبْلَهُ، وَ الاخِر بِلاَ آخِر يَكُونُ بَعْدَهُ . الَّذِي قَصُرَتْ عَنْ رُؤْيَتِهِ أَبْصَارُ النَّاظِرِينَ، وَ عَجَزَتْ عَنْ نَعْتِهِ أَوهامُ اَلْوَاصِفِينَ….”.
- شرح للمقطع الأول من الدعاء
“الحمد لله الأول بلا أول كان قبله….”، حيث إنه حين الابتداء بالدعاء نبدأ بالتحميد والثناء عليه، مع الإلفات إلى أن هذه المقاطع الأولى من الدعاء الأول فيها جملة من المفردات وكلمات أساسية وردت في الدعاء يجب التنبيه لها جيدًا، منها:
- وردت كلمة الحمد.
- وردت كلمة رؤية الله.
- وردت كلمة الوهم.
- وردت كلمة الإرادة.
- وردت كلمة المشيئة والمحبة. وغير ذلك من المفردات الأساسية.
- هناك جملة من المفاهيم والمفاتيح وردت في الدعاء وينبغي أن نتفكر بها، من جملتها:
- الأول والآخر.
- أوصاف الباري عز وجل، جماله، كماله، لطفه، كونه الرؤوف، هذه الأوصاف كيف ندركها؟ عن أي طريق ندرك هذه الأوصاف؟
- كيف خلق الله الخلق؟
- كيف رسم الله مصير الخلائق؟ هلق خلقهم وفق إرادته؟ هل خلقهم مجبرين أم هناك طريق آخر؟
- سنن الله في خلقه، منها سنة محبته…
- الدعاء يكلمنا عن المحبة، الله يدير شؤون الناس بالمحبة، كيف ذلك؟
- هناك أمر يسمى قيومية… أي أصل وجودنا هو بقدرة الله سبحانه وتعالى.
- هذه القيومية، هل يمكن أن نفهمها ونبقى معتقدين أننا أصحاب اختيار؟
- أين أختار، أو هناك شيء أوجد به الباري القضاء والقدر، بحيث يحفظ لي حسن اختياراتي؟
- مسألة الرزق الإلهي؛ الهداية رزق إلهي أم ليست برزق إلهي؟ الذكاء هل هو رزق إلهي أم ليس برزق إلهي؟ الأخلاق الجيدة، رزق إلهي أم ليست برزق إلهي؟
- كيف قسم الله الرزق للعباد؟ لماذا فلان أجمل من فلان وفلان أغنى من فلان؟
- أدب الدعاء
- من الأمور التي يجب أن تستوقفنا في الدعاء ما يعلمنا إياه الدعاء من أدب الدعاء. هذا الأدب لا يعني أن يكون فقط تصرفك صح حينما تدعو، بل أدب الدعاء يعني وصول الدعاء إلى مقصده، ومن هذه الآداب المرتبطة بالأدعية هي مسألة الحمد…
- من ضمن الأداب، قبل أن أبدأ بالطلب، أن أذكر الله بأسمائه الحسنى، حيث إنه من أدب الدعاء قبل أن نطلب أي أمر آخر أن نذكر هذه الصفات والأسماء.
- من آداب الدعاء أيضًا أن نكثر من الصلاة على محمد وآل محمد.
- ومن آداب الدعاء أن نحمد الله عز وجل.
- ينبغي الالتفات أن هذه الطريقة التي تبدأ بالحمد هي من الآداب القرآنية…. فافتتاح الدعاء بالحمد هي من باب الاستنان بسنة القرآن.
- اشتهر عن رسول الله محمد (ص) قوله: “كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه بالحمد (أو لم يبدأ فيه بحمد الله) فهو أقطع”؛ أي إنه لم يعد أمرًا مهمًّا.. ولم يعد أمرًا يُعتنى به..
- أيضًا وفي الوارد عن أمير المؤمنين الإمام علي (ع) قوله: “إن المـِدحة قبل المسألة”.
- بالتالي، من مقتضيات حينما نسأل الله وندعوه أن نبدأ بالحمد والثناء عليه جل شأنه.
– الحمد هو حالة من الثناء والشكر الكبير جدًّا، والذي يؤديها الحامد تجاه من يحمد…
*ميزة الحمد
– هناك ميزة للحمد، وهي أنه عبارة عن شكر وثناء خاص بالله عز وجل. …
– حينما أمدح الباري سبحانه وتعالى على حسن فعله، فهذا اسمه شكر.. لكن هناك نحو من الثناء يكون على الذات، وذلك حينما أثني على الله أنه هو الله الجواد المحسن والمعطي، فالحمد هنا يكون للذات الإلهية.. لذلك لا يصح الحمد إلا لله تعالى، لأن الذات الإلهية وحدها تستحق الحمد.
- كل الصفات الإلهية، رحمن، رحيم، عطوف… وكأنما هنا نذكر صفات لأمور نتوقع منها أفعال… لكن عندما أقول الحمد لله، لا أتخيل إلا الذات الإلهية… والذات الإلهية، هي ذات تستجمع كل الصفات والأسماء الحسنى.
- الدعاء هو أمر ذو بال وعظيم… وكل أمر ذي بال يقتضي الحمد…
- الحمد، أن أعرف أنني أدخل لأمر عظيم وهي مضامين هذا الدعاء..
- الذي يستحق الحمد فقط هو الله تعالى.
- أصل الدعاء مقتضى الحمد أن لا نتصور إلا الله عز وجل…
- أصل كل قوة هو الله.. أصل كل سبب وأصل كل أمر وكل منتهى من الأمور هو الله عز وجل…
- صحة الحمد والتوجه والطلب هو لمن أعطى لصاحب المال المال، ولصاحب السلطان نفوذ السلطان..
- “أَلْحَمْدُ للهِ الاوَّلِ بِلا أَوَّل كَانَ قَبْلَهُ، وَ الاخِر بِلاَ آخِر يَكُونُ بَعْدَهُ…” ليس بالمعنى الزمني، على حسب رأي المفسرين… الأول بلا أول من حيث الرتبة، والشرف والملجأ…. لا ملجأ إلا هو… إذًا الموضوع ليس موضوع زمني، بل موضوع رتبة وشرف..
- والآخر بلا آخر يكون بعده… أي كل شيء يفنى ويبقى وجه الله عز وجل.
- بلا آخر بعده، هو من الموارد التي نفهم بها الآية الكريمة ﴿كل شيء هالك إلا وجهه…﴾.
- مقومات رحمة الله
- من مقومات رحمة الله علينا، أن الله خلقنا على الفطرة… رغم كل شقاوتنا يمررنا بتجارب وحساب ونحو من العقوبات بحيث يعيدنا إلى فطرتنا، إلى أصل ما خلقنا عليه.. وهذا هو من روحه، من روح الله، وهذا ما تسميه الروايات وجه الله؛ لأن وجه الله هو رحمة الله… فأصل خلقتنا هو رحمة الله.
- حينما كانت تعرض الآية ﴿كل شيء هالك إلا وجهه…﴾ على أئمة أهل البيت عليهم السلام وأمام بعض أصحابهم كانوا يقولون: نحن وجه الله الذي لا يفنى.
- بناءً عليه، فإن الحصن الذي ينبغي أن نستعد وأن نحافظ على وجودنا فيه، هو ولاية محمد وآل محمد عليهم أفضل الصلاة والتسليم.
- من هو الله؟ وهل يمكن لي أن اعرف الله؟
هو: “الَّذِي قَصُرَتْ عَنْ رُؤْيَتِهِ أَبْصَارُ النَّاظِرِينَ، وَ عَجَزَتْ عَنْ نَعْتِهِ أَوهامُ اَلْوَاصِفِينَ”..
- قصرت عن رؤيته؛ بمعنى عجزت عن مشاهدته أبصار الناظرين.
- هناك اتجاه يقول: أن الذي يقصد أن يرى الله، يعمل على أن يرى الله، فهل يمكن أن يحصّل ذلك أم لا؟ هذا بحث طويل… لكن الأصل هنا: عجزت عن رؤيته أبصار الناظرين…
- لكن اتجاه أهل البيت عليهم السلام بهذا الخصوص أنه تعجز عن رؤيته أبصار الناظرين، لأن النظر أمر محدود، والله غير محدود… ولأن الله غير محدود لا يمكن رؤيته بالعين.
- الدور الذي يمكن للعين أو للحواس أن تحققه هو معرفتنا للشكل، هذه الغاية لا يمكن تحقيقها من غير الحواس.
- علمنا اليقيني بوجود عقل لدينا، بدليل أنا أتكلم وأنتم تفهمون علي، هذا اليقين هل جاء عن أمر محسوس أم لا؟ هذا اليقين جاء عن أمر آخر.
- من الطرق التي نصل فيها إلى اليقين هو علمي بحالي، هذا اسمه علم حضوري.
- إذا تحقق الحضور كعلم، تحققت المشاهدة؛ يعني روحك وقلبك يعيش ويشهد المشهد، لكن بشرط أن يحضر هذا القلب.
- حينما نصل بعالم ما بعد الموت إلى حضور يقيني لله عز وجل، نصل إلى درجة حق اليقين، بحيث لا يمكن الاختلاف أن هذا الله، هذا الحضور الإلهي.. وهي سبيل لرؤية قلبية لله، لكن الرؤية البصرية فلا تحقق لها.. قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين….
- هل يوجد منهم في الدنيا… أجل هناك النبي محمد (ص)، والإمام علي (ع) الذي قال: “لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا”…
في نهاية الدرس الأول نخلص إلى ما يلي:
- لا يمكننا أن نرى الله من خلال النظر.
- وإذا كان هذا الإله لديه كل هذا الكمال بحيث كل شيء يعود إليه، والرحمة منه، فمن كان كذلك هل يستحق الحمد أم لا؟ الجواب: حتمًا من كان كذلك فهو حصرًا من يستحق الحمد.
اكتشاف المزيد من معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
Source URL: https://maarefhekmiya.org/8910/%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%85%d8%af-%d9%88%d8%a7%d8%a8%d8%aa%d8%af%d8%a7%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%84%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%af%d8%b1%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d9%91%d9%84/
Copyright ©2024 معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية unless otherwise noted.