الأيام الفاطميّة- اليوم الثالث- السير إلى الله وموانع القبول
تطرق سماحة الشيخ شفيق جرادي في الليلة الثالثة من الليالي الفاطمية إلى الحديث حول الروح.. معتبرًا أن الفكرة لطرح موضوع الروح كانت بسبب ما هو متداول عن القائد الجهادي الكبير الحاج عماد مغنية وقوله: إن الذي يقاتل فينا هي الروح…
وأشار سماحة الشيخ شفيق إلى الموقع الإيماني في روح ونفس الحاج عماد (رض)، مستذكرًا عدة أمور سمعها عنه من عائلته، واعتبر أن سبب ذكرها ليس لمجرد الوفاء للحاج عماد، بل لأنه وفي ما هو متداول عندنا أن الشهداء هم قادتنا، وأننا نتعلم من مدرستهم.. هذه العلوم جيدة، وأدعو لأن يكون هذا الكلام يوميًّا لتثبيته في نفوسنا… لذا يترتب البحث في حياتهم وفي كلماتهم وفي دروسهم عن هذه الأمور المرتبطة في البناء المعنوي والروحي…
وأضاف سماحته، أن شخصية مثل شخصية الحاج عماد والتي كانت قادرة على تحويل الماء إلى نار، وقادرة على دك الحصون وهدمها، نسمع من أحد أفراد عائلته، أنه كان في الليالي يبكي لدرجة أنهم كانوا يستيقظون على بكائه، كان يذكر بعض الشهداء الذين عايشهم، يذكرهم بالاسم ويبكي عليهم. كل هذا منشؤه الروح.
وقال سماحة الشيخ شفيق: علماء العرفان عندما يتحدثون عن السير والسلوك، أول نصيحة يقدمونها تدريب القلوب على الرقة، أن نعلمها على الحب. لهذه الدرجة كان الحاج عماد رقيقًا، والسبب هي الروح.
وأشار سماحته أيضًا إلى نموذج آخر من شهادئنا القادة، وهو الشيخ راغب حرب، وكيفية تعامله مع الأيتام والناس، والسبب هي الروح. هذه الروح هي روح الرحمة… كما ويحضر البعد الروحي في جانب الحنو..
واعتبر سماحته، أنه طالما يوجد روح، ويوجد نفس، وهناك إرادة ومحبةـ، هذه الإرادة والنفس هي التي يطلق عليها النية.. يقول الأمير عليه: “ما ضعف بدن عما قويت عليه النية”.
وأضاف سماحته، بالإضافة إلى الروح، هناك عنصر آخر مهم هو الصبر، حيث إنه من دون الصبر لا يتحقق النصر. بل مستحيل أن يكون هناك نصرٌ بدون صبر… والحاج عماد يسميها الروح التي تقاتل…
واعتبر سماحة الشيخ شفيق أنه من العناصر المهمة أيضًا أن نثق بالله.. وأعطى مثالًا، أن الحصن الذي كان يتحصن به اليهود في خيبر يحتاج لرفعه إلى 40 رجل، وبإجماع المسلمين، من قلع الباب هو الإمام علي عليه السلام، لكن الإمام عليه السلام يقول: ما قلعته بقوة بشرية لكن بقوة إلهية…
وأشار سماحته إلى أن واحدة من خصائص التخطيط عند الحاج عماد هي كيف نرسم ونخطط لأن نكون جزءًا في مسار دولة الإمام المهدي (عج).
واعتبر سماحته أن النظر في أساس أي عمل هو أن ننال رضا الله سبحانه وتعالى.
وختم سماحة الشيخ شفيق جرادي محاضرته بسؤال: هل فعلًا كما قال الحاج عماد أن القتال الفعلي هو قتال الروح؟ فأجاب سماحته، نعم، ففي منطق القرآن والدعاء أن من يقاتل هي الروح، وأن النصر مقرون بالروح، وأن الهزيمة والبلاء واقع بالروح عندما تبتعد هذه الروح عن الله عز وجل.
بسم الله الرحمان الرحيم
قال تعالى” إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ”(الأعراف 152)
” فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي * قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ * فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ * أَفَلا يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلا وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا * وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي”(طه 86-90)
يظهر حال المقاومة الراهن التي ساهم عماد مغنية (رحمه الله) في بنيتها، وَتُوَظَّف لخدمة الجور والظلم، أن مثلها مع كل من ضحوا بأنفسهم كمثل خوار العجل أخرجه السامري فقالوا هذا إلهكم وإله موسى.
مثل الذي يمتطي ويتاجر بجهد وتضحيات المقاومين، كمثل العجل، الذي اتخذه المغترون المخدوعون المستسلمون بالخوار إلها، وقبلوه على أنه حق. لا يمثل عماد مغنية كغيره من المضحين، سوى جزء من عناصر التلميع للطاغوت الذي يتبعه المستسلمون الضعفاء المغترون.
هذا واقع نتيجة وثمار جهد ليس لله سبحانه، بل لإثبات الذات، إن لم يكن لكسب رضا مخلوقين.