الإصلاح الحسينيّ- الليلة الخامسة

الإصلاح الحسينيّ- الليلة الخامسة

تناول فضيلة الشيخ شفيق جرادي في الليلة الخامسة ضمن سلسلة “الإصلاح الحسينيّ” محور الإصلاح ضمن فرعَين، ليتمّ من خلالهما تحديد آليّات الإصلاح كما بيّنها أبو عبد الله الحسين (ع).
يرتبط الفرع الأوّل بالاعتقاد أنّ الحاجّة للإصلاح كشعور إنسانيّ، والتعاطف النفسيّ مع العقل الإصلاحيّ يكاد أن يكون كافٍ كي يبرئ الإنسان ذمّته أمام الله، هو مورد اشتباه كبير، وهذه الشبهة مرفوضة ليس فقط عند أهل البيت، بل بحسب القرآن الكريم {لا خير في كثير من نجواهم إلّا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس}. حيث يجب أن يتعدّى الأمر المناجاة والتعاطف النفسيّ، ليتجسّد “كفعل” عبر التصدّق ووهب النذورات، فهذه الليالي فرصة عظيمة تقدّم في محضر أبي عبد الله الحسين (ع) للتوبة والتوجّه بالدعاء لمن هم أولى بالدعاء والتصدّق ليحفظ الله كلّ مقاتل ومجاهد في سبيل إعلاء راية العبّاس، وراية الإمام الحسين (ع)، وأن ننشر البيان الذي أراده رسول الله بين الناس من خلال العمل بالمعروف والإصلاح بين الناس. والجزاء يقع بين يدي الله {ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا} لذلك تتطلّب المسألة النهوض وأن لا نشعر للحظة بأنّا غير معنيّين، وأن يُحمَل همّ هذه الأمّة وأن يتمّ البحث في الزوايا التي يملؤها الفراغ لتكون في أرض وزمن هي كربلاء، لتوجد الروح التي تبث في كلّ حنايا هذا المجتمع كما أرادها أبو عبد الله الحسين (ع)، لتسود في كلّ مجتمعات أمّة رفعت لواء لا إله الا الله وأنّ الحقّ كلّه تحت راية رسول الله محمّد (ص).
وفي هذا الإطار يقول الله عزّ وجلّ {ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي الناس} فالفساد ليس قضاء وقدر باستثناء صنف من الفساد يمثّل قدرًا لا يمكن أن يفكّ عنها، كفساد دولة إسرائيل، اكتشفت الناس عقب العديد من التجارب في كلّ هذا العالم المترامي كالتحرير الذي حصل في لبنان وتجربة الإمام الخميني أنّ هذا الفساد ليس قدرًا بل هو صنيعة أيدي الناس ووحدهم أهل الصلاح يستطيعون إزالته عن وجه الأرض.
فالمطلوب أن نغيّر كما قال الإمام الحسين “أنا أحقّ من غيّر”، وأن نتعرّف على مستويات الفساد التي ينبغي أن نجري فيها عملية الإصلاح، إذ إنّ الفساد يتجلّى في تولّي من لا يحقّ له بالحكم، وهنا المسألة تتجاوز الديانة لذلك قال الباري عزّ وجلّ {فهل عستم أن تولّيتم أن تفسدوا في الأرض} فالنتيجة المباشرة هي إحداث الفساد في الأرض، وفي آية أخرى: {وإذا تولّى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحبّ الفساد} كما يحدث في النموذج الأجنبيّ في الحكم التي نتج عنها تفكّك الأسر وتحلّل الأخلاق. والسيول والزلالزل والعواصف بما كسبت أيدي الناس لأنّهم أحدثوا خرقًا في القوانين التي تضبط الأرض منشؤه الرغبة في السيطرة والتولّي، وأنّ الأمل بإصلاح الطبيعة والأجيال في هذه الأرض إنّما يكون بأن يتولّى الأرض من ملكه الله صلاحيّة ذلك ألا وهو القائم من آل محمّد (عج).
فالمعنى الأوّل هو التولّي، أمّا المعنى الثاني هو السلطة الطاغية: الكثير من السلطات فيها الكثير من الطغيان والذاتيّة في الحكم، {إنّ الملوك إذا دخلوا قرية سلبوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلّة} كحرب السعوديّة على اليمن، حيث إنّ وظيفة كلّ حسينيّ مراعاة نوع الفساد في سياق عمليّة الإصلاح وخاصّة “النفاق”، حيث يلجأ أهل الكفر إلى حركات النفاق لاختراق قواعد سلطة المسلمين.
أمّا الفرع الثاني فيرتبط بموارد الفساد ومجابهتها بالإصلاح {ولا تطيعوا أمر المسرفين الّذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون} حيث يجب معاداة أهل الإسراف والزهد بهم في كلّ ما نملك قدرة على ذلك، طارحًا مثال حول إحدى النماذج التي توطّد انتماءها لدين معيّن من أجل إحداث الفساد، كنموذج “بني اسرائيل” في القرآن {وقضينا إلى بني اسرائيل في الكتاب لتفسدنّ في الأرض مرّتين ولتعلنّ علوًّا كبيرا} وكخادم الحرمين الشرفين فالمسألة لديهم مجرّد شكل الانتماء ويتزيّنوا بصفاة القداسة لتشويه صورة رسول الله (ص)، ووحدهم إذا كان الّذين ينتمون إلى حركة الإصلاح الحسينيّ يصوّبون البوصلة مجدّدًا بأن يلحقوا الهزيمة في رمزيّات القداسة المزيّفة لتعلو كلمة الحسين ورسول الله.
كما لفت فضيلته إلى نوع آخر من الفساد؛ هم أولئك الّذين يصدّون عن سبيل الله {الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل الله زدناهم عذابًا فوق العذاب بما كانوا يفسدون} الّذين يسعون جاهدين لمنع انتشار معالم هذا الدين، لذلك يجب أن يعمل أهل الإصلاح من أجل إذابة كلّ العوائق التي يمكن أن تقف بين الناس وبين الالتحام بدين ربّهم.
أحيا عقبها فضيلة الشيخ خير الدين شريف مجلس للسيرة الحسينيّة الخالدة، وتلاه قراءة لزيارة عاشوراء.


المقالات المرتبطة

يقظة المحب | الحلقة الخامسة

كيف نحوّل القيم إلى أداة للتطبيق؟ وما هو دورنا اليوم في مواساة الفقراء المتعفّفين؟

يقظة المحب | الحلقة السابعة

كيف نستعدّ لشهر رمضان المبارك؟ وكيف يجب التخطيط لإحياء ليلة القدر؟

باسم ربك | التربية بالجهاد الأصغر

? كيف يكون الجهاد وسيلة لتحصيل الحرية والاستقلال؟

برنامج ◇باسم ربّك -إشارات للتحوّل ◇
? مع الدكتور محمد محسن علّيق (باحث في الحضارة الإسلامية الجديدة)

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<