مناهج البحث عند مفكري الإسلام المعاصر
افتتح معهد المعارف الحكمية يوم الأربعاء الواقع في 13/3/2019 في مجمّع المجتبى الندوة التخصّصيّة في مناهج البحث عند مفكري الإسلام المعاصر الساعة الرابعة عصرًا.
كانت البداية مع الشيخ محمّد زراقط حيث عرض لخلاصة منهج الشهيد مطهّري في قراءة الإسلام، فقال: لا يمكن الحديث عن منهج محدّد في قراءة الإسلام عند الشهيد مطهّري نظرًا لاشتغاله بمجالات متعدّدة كالفقه والتاريخ والفلسفة وعلم الكلام وغيرها، والمنهج يختلف باختلاف العلوم.
أمّا بالنسبة إلى قراءته للإسلام فقد اعتبر زراقط أن مطهري قد أعاد فتح أبواب علم الكلام للإنسان ومعالجة قضاياه الوجوديّة وأسئلته الكبرى. كما وسّع دائرة هذا العلم لتتداخل معه مسائل الفلسفة وعلم النفس والمسائل الاجتماعيّة وغيرها.
كما اعتبر الشيخ زراقط مطهّري من العلماء المجدّدين والجريئين في طرح المسائل الاعتقاديّة، والذي دعا إلى ضرورة إصلاح الفكر الديني من الخلل الذي أصابه. كما أنّه انفتح على تجارب الآخرين واستفاد من الطروحات التي قدّموها.
وأضاف زراقط أنّ فكر مطهّري يغلب عليه سمة الدفاع فهو لم يكتب لأجل الكتابة ونقل أفكاره، بل لأجل الردّ على الشبهات التي كانت تعرض عليه.
ختم الشيخ محمد زراقط بحثه بأنه يمكن القول إنّ الشهيد مطهّري لم يكن انتقائيًّا في عرض أفكاره ولم يكن متشدّدًا في طروحاته وكان يتعامل مع أفكار الآخرين باحترام شديد.
بعد ذلك تحدث السيد علي الموسوي عارضًا لمنهج الشيخ المصباح اليزدي في قراءة الإسلام، حيث اعتبر أنّ العلّامة اليزدي قرأ الإسلام من زاوية الفلسفة والعرفان والتفسير وعلم الاجتماع وغيرها. فلم ينظر إلى الفلسفة كعلم يطلب لذاته بل بما يخدم بقيّة العلوم، واعتبر العرفان جزء من الإسلام، وأنّ السير والسلوك ليس قسمًا مستقلًّا عن حدود الشريعة.
ورأى الموسوي أن اليزدي قد استفاد من منهج أستاذه العلّامة الطبطبائي في القراءة القرآنيّة للإسلام في تفسير القرآن بالقرآن، إلّا أنّه أضاف فكرة دور المعصوم في تفسير الآيات القرآنيّة. كما أعاد ترتيب آيات القرآن ترتيبًا طوليًّا بحسب الأهداف التي أرادها الله من خلقة الإنسان.
ولفت الموسوي أن الشيخ اليزدي قد عالج نظرة المجتمع إلى الإسلام، وأسّس لأصالة الفرد والمجتمع معًا وأنّ العلاقة بينهما علاقة جدليّة تبادليّة، ورأى أن لا جبريّة للتاريخ لأنّ الإرادة الإنسانيّة جزء من العلّة التامّة للفعل.
وأضاف الموسوي أنّ الشيخ اليزدي يرى بإمكانيّة تحقّق المجتمع المثالي الإسلاميّ ضمن شروط منها: الواقعيّة، البرنامج الصحيح ورسم الهدف، وأنّ الاختلافات الاجتماعيّة لا تكون منافية لإرادة الإنسان.
واعتبر الموسوي أ الشيخ العلّامة أعاد قراءة الأخلاق الإسلاميّة ضمن قضايا ثلاث: الأخلاق الإلهيّة، الفرديّة، الاجتماعيّة، وأنّ ما يميّز النظام الأخلاقي الإسلامي عن غيره هو الاختيار والتأثّر والتأثير.
ولفت السيد علي الموسوي في نهاية بحثه إلى أنّ اليزدي كان متشدّد الموقف تجاه طروحات صدرت عن جامعيين ومنفتحين كعبد الكريم سروش مثلًا في مسألة التعدّديّة الدينيّة، وقد قسّم التعدّديّة الدينيّة إلى قسمين: نظريّ فكريّ رفضها رفضًا تامّا، وعمليّ أوجب فيها احترام عقيدة الطرف المقابل.
وفي نهاية عرض كلّ بحث دار نقاش بين الحضور والحاضرين.
استكمل معهد المعارف الحكميّة في اليوم الثاني الخميس 14/3/2019 جلسته الثانية من ندوة مناهج البحث مع الأستاذ محمود حيدر في قراءة حول منهجيّة السيّد حسين نصر في قراءة الإسلام. حيث وصف حيدر سيّد حسين نصر بالمستغرب المحفوظ بأصله الذي عمل على منهجيّة مركّبة تقوم على تفعيل ثلاثة خطوط متوازية ومتلازمة هي:
- التعرّف إلى المجتمعات الغربيّة كما هي في واقعها.
- التعرّف إلى المناهج والسياسات التي اعتمدها الغرب حيال الشرق والمجتعمات الإسلاميّة.
- خطّ النقد ويجري عنده متاخمًا للذات وللآخر.
أمّا عن مرتكزات نصر المنهجيّة، فقد رآها حيدر على الشكل التالي:
-
- فهم العلاقة بين الدين والطبيعة المسخرة لخدمة الإنسان.
- التفريق بين العلم المقدّس والمدنّس، وإعادة فهم العلوم الطبيعيّة على أسس معرفيّة وفلسفيّة أصيلة.
- فهم الربط بين الوحي والتراث الإسلامي الذي يقصد به كلّ ما تجذّر من الوحي.
- القول بالوحدة المتعالية للأديان.
- نقد الحداثة وامتداداتها الإمبرياليّة.
- فهم الغرب ونقده.
- التنظير للإسلام في ماهيّته والغاية منه.
وختم الأستاذ محمود حيدر محاضرته بأن نظريّة المعرفة عند سيّد حسين نصر قد حُكمت بأركان أربعة هي: التوصيف والاستقراء، السؤال المؤسّس، والإجابة المتماهية مع السؤال المؤسّس، وركن النقد. كما اعتبر حيدر أنه حسين نصر ولم يعالج الغرب ككتلة صمّاء بل كبنية حضاريّة تتعدّد أضلاعها وينبغي فهمها لبناء استراتيجيّات للمواجهة.
ختم لقاء اليوم الثاني بنقاش دار بين الحضور والمحاضر.