by معهد المعارف الحكميّة | سبتمبر 7, 2019 1:25 م
تحدث سماحة الشيخ شفيق جرادي في اليوم العاشورائي الخامس حول الأمور التي يمكن أن يقوم بها الإنسان لكي لا يقع في اليأس، فمن حيث الجانب الإيماني، يكون ذلك بالتوبة، والاستغفار، واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى، فهذه الأمور تعيد الإنسان إلى رشده وأمنه الروحي.
ولفت سماحته، إلى أنه يوجد بالدين والشريعة أمور إذا التزم بها الإنسان يمكن أن تصل به إلى الأمان الروحي، مثل الصلاة، والدعاء، واللجوء إلى أسماء الله الحسنى، وغيرها من الأمور.
وأشار سماحته إلى اليأس من القضاء والقدر، فيرى سماحته أن هذا الموضع معقّد، حيث إن هناك قسم من الناس كل ما يحصل معهم سببه الله، لدرجة أن ما فعله يزيد والشمر وعبيد الله بن زياد من ذبح للإمام الحسين فهذا فعل الله. موضحًا سماحته، أن هذا المنطق الجبري لا نتبناه نحن أتباع أهل البيت، ففيه تشكيك بإرادة الله، وفيه اقتراب لحد الشرك.
ويتابع سماحته، أن النمط الذي نؤمن به، هي الحالة التي فيها دمج ما بين من يقوم بالفعل ومن أسس للفعل وهذا موجود في حياتنا العادية، وهناك رواية مفادها: “من سنّ سنة حسنة له أجره، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة”.
وأضاف سماحته متسائلًا، فكيف إذا تحدثنا عن وجودنا بهذه الحياة، وهو بعين الله ومشيئة الله وإرادة الله، منذ وجود الحياة إلى يوم القيامة. كله بمشيئة الله، لكن الله ترك لنا الأرض لنعمل فيها، وترك لنا المجال لفعل أي شيء، إلا أن كل المتوفر لديك، قوتك، إمكاناتك موجودة بقدرة الله عز وجل. فالله هو الموجّه، لكن إياك أن تقوم إلا بكل ما هو خيّر، وإياك وطريق الشر.
واعتبر سماحته، أن الباري سبحانه وتعالى وضع كل سنته على المؤمن وغير المؤمن، والظالم والمظلوم، كل الناس حين الموت واحد. فالله هو الذي وضع كل ذلك، لكن هناك ميزة أخرى يتدخل فيها الله عز وجل، وهي أنك إن وقعت في أزمة من الأزمات، وجعلت الصبر شعارًا لك، وعذت بالله، أمسك الله تعالى قضيتك وجعلها سببًا لينزل عليك الرحمات، وتبناك الله، ورحمك الله بلطفه،بحيث جعل من هذه الواقعة والمشكلة سببًا لتترقى به في درجات السمو للتقرب من الله عز وجل. وليفتح لك أبواب الرحمة من لحظة الموت، بحيث المؤمن وغير المؤمن تأتيه سكرات الموت، لكن المتدين، يتنفس الصعداء حين الموت، وأي ألم أو إزعاج يكتسب منه ثواب ومغفرة، بحيث تأتيه الملائكة بالبشرى، أنه من تلك اللحظة يمثل أمامه رسول الله محمد(ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، ويأمر الرسول ملك الموت قائلًا: يا ملك الموت، ارفق به، إنه كان من الموالين لنا، فيرفق به ملك الموت وتخرج روحه على درب محمد وآله.
ورأى سماحته، أنه إذا وقع الإنسان بمصيبة ينبغي عليه البحث عن السبب والمنشأ في مورد آخر غير الله.
ولفت سماحته، إلى أن هناك بلاءات عامة تصيب الجميع. فكيف يريدنا الله أن نتعامل مع هذه البلاءات؟ يقول الله عز وجل في محكم كتابه: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ *أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾. موضحًا سماحته، أن الله خلقنا في هذه الدنيا ليس لننعم بها، لكن لتكون معبرًا إلى طريق الآخرة. فطبيعة هذه الدنيا أنه فيها كل البلاءات، وطبيعة هذه الدنيا فيها شيء من الخوف، والجوع… وهذه على الجميع. بالتالي ينبغي أن نعمّق مفهومنا للتوحيد ونعمّق نظرتنا للحياة الحقيقية؛ أي الآخرة.
ولفت سماحته، إلى الموقف الذي تعرضت له السيدة زينب بمجلس يزيد لعنه الله، حين قال لها: كيف رأيت صنع الله فيكم، فأجابت ما رأيت إلا جميلًا. فهي كانت تنظر بعين الله، وعين التوحيد وعين الروح والقلب. وكانت حاضرة في كربلاء، ورأت بعين القلب كيف تتمثل عند الشهداء تلك الحالة التي يتلقون فيها كوب الله الأوفى من رسول الله.
وأشار سماحته أن الله سبحانه وتعالى يصلي على رجال عظام كرسول الله محمد (ص).
واعتبر سماحته أن بلاءاتنا يجب أن نحفظها قيمًا عالية حينما نضعها بين يدي الباري تعالى، لافتًا إلى أن التثقيف أصبح ذاهبًا إلى تحطيم كل أمر عزيز وصولًا إلى الباري تعالى.
وأكد سماحته، أنه لدينا إيمان كبير بأن أتباع محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين، إذا كان عليهم حساب فهو خفيف، لكنهم يحشرون مع محمد وآل محمد.
وذكر سماحته قول مميز للإمام الخميني: “ويل لمن كان شفيعه خصمه يوم القيامة”. فهناك تقديرات خطأ لبعض الناس وتكبر الأنا فيه، أنا أستحق أن أكون في الجنة، أنا لا أعذّب، فهذا الحال والإحساس بالأنا هو أكبر سبب يجعلنا نخسر بسببه ليس فقط الدنيا، بل الدنيا والقبر واليوم الآخر، فأنا لست شيئًا إن لم يرحمني الباري، أنا لست شيئًا إن لم تشملني شفاعة محمد وآل محمد، أنا لست شيئًا إن لم تستقبلني الزهراء والحسين وكفوف العباس. لولا ذلك أنا لست شيئًا.
وتابع سماحته، إياك أن تعتبر نفسك صاحب شأنية وإلا تخسر كل الأمور المفتوحة لك.
ولفت سماحته إلى أن هناك رواية عن الرسول الأكرم تذكر أن اليأس ليس مستحبًا فقط، بل واجب: “إذا أحب الله عبدًا قطع بينه وبين الأسباب”.
وختم سماحته محاضرته لليوم الخامس بالقول: حينما نرتبط فقط بوجه الله ونضع كل الأصل بالله، فالله ينجيك من كل حزن وهم، ويصطفيك لنفسه. بحيث تصبح علاقتك بالصلاة هي علاقتك بالله، وعلاقتك بالصديق هي علاقتك بالله، إلى درجة تصبح كل علاقاتنا مرتبطة بالله. حينها تعالوا لنتلمس ونتذوق الحياة الطيبة.
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
Source URL: https://maarefhekmiya.org/9899/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ad%d8%a7%d8%b6%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%a7%d9%85%d8%b3%d8%a9-%d9%88%d8%ac%d9%88%d9%87-%d9%85%d8%b3%d8%aa%d8%a8%d8%b4%d8%b1%d8%a9/
Copyright ©2024 معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية unless otherwise noted.