مباني فهم النص عند الشهيد الصدر: الحلقة 7

مباني فهم النص عند الشهيد الصدر: الحلقة 7
المبنى الرابع: القبليات الضرورية لفهم النص -1-
لا زال الكلام في بيان مباني فهم النص عند الشهيد الصدر، ووصل الكلام إلى المبنى الرابع، وهو: القبليات الضرورية لفهم النص. والمراد من القبليات الضرورية هو العلوم والميول التي نحتاج إليها لفهم النص. ولن نفرِّق هنا بين القبليات التي يتوقف عليها الفهم الصحيح، وبين القبليات التي يتوقف عليها الفهم الأعمق والأكمل[1].
ومن خلال مطالعة آثار الشهيد الصدر، يمكننا العثور على جملة من هذه القبليات، أهمها:
  1. الفهم اللغوي.
  2. إطار النص التاريخي والفكري.
  3. الارتكاز الاجتماعي.
  4. المستوى المعرفي للمفسِّر.
القبلية الأولى: الفهم اللغوي.
وهذه من القبليات الضرورية لفهم النص، أي نص كان. ففي مثل النص القرآني، لا بدّ من الإلمام باللغة العربية، فالقرآن نزل بها[2].
والاطلاع على قواعد المحاورة العرفية مندرج ضمن هذه القبلية، فهو ضروري أيضًا في مقام فهم النص. ولا أرى حاجة للتفصيل في هذه القبلية، وقد فصّل الشهيد الصدر –كغيره من الأصوليين- هذا البحث في مباحث الألفاظ من علم أصول الفقه. لكن أكتفي بنقل كلام للشهيد الصدر يصرّح فيه بأهمية هذه القبلية وضروريتها، حيث يقول:
“يجب أن يتوفر في المفسّر مستوى رفيع من الاطلاع على اللغة العربية ونظامها، لأن القرآن جاء وفق هذا النظام، فما لم تكن لدينا صورة عن النظام العام للغة العربية لا نستطيع أن نستوعب معاني القرآن؛ فيحتاج المفسّر إلى الاطلاع على علم النحو والصرف والمعاني والبيان وغيرها من العلوم العربية؛ والقدر اللازم توفّره من هذا الشرط يختلف باختلاف الجوانب التي يريد المفسر معالجتها من القرآن الكريم، فحين يريد أن يدرس فقه القرآن مثلًا، لا يحتاج إلى التعمّق في أسرار اللغة العربية بالدرجة التي يحتاجها المفسّر إذا درس الفن القصصي في القرآن، أو المجاز في القرآن[3].
ونؤجل الحديث عن القبلية الثانية حتى لا نطيل الكلام كثيرًا في هذا المقال.

 

 

[1] وهذا النوع من القبليات هي الأمور التي لا يتوقف عليها فهم معاني الألفاظ ولا فهم المراد الأصلي للمؤلف، لكنها تساعد على استخراج معان جديدة وعميقة من النص. فمن هذا القبيل مثلًا الأسئلة الجديدة التي يعرضها المفسّر على النص فيستفيد في أخذ الجواب منه، من دون الاعتماد على الأحكام المسبَقة. وبالتالي، يمكن أن نسأل عن علاقة المسائل القرآنية بالتعددية والليبرالية والاشتراكية و…، ونسعى للحصول على الأجوبة المناسبة اعتمادًا على أسلوب تفسير ممنهج. انظر: مصباح، مجتبى ومحمدي، عبد الله، معرفت شناسى، (انتشارات مؤسسه آموزشى وپژوهشی امام خمينى، الطبعة 1، 1397 ش)، الدرس التاسع.
[2] المدرسة القرآنية، الصفحة 327.
[3] المدرسة القرآنية، مصدر سابق، الصفحتان 311 و 312.



المقالات المرتبطة

هل لدينا علم كلام جديد؟

إن التغيّر قد أصاب المقاصد العامّة التي يتحدث عنها العلم القديم، فهذا أمر مرفوض بالكلّية في علم الكلام لأن مقاصده الأساسية التي يبحثها ويدافع عنها هي الإسلام، وهو لا يقبل التغيّر في أصوله ومقاصده الأساسية

فكرة الحياد – مقاربة إنجيلية

استخدم السيد المسيح (عليه السلام) في دعوته إلى ملكوت الله، الأمثال المرمّزة وأسلوب القصص، وذلك بذكاء متناه يرمي إلى إيصال جوهر فكرته من جهة…

نظرة حول الجدل المنهجي الفلسفي

الجدل مصطلح يوناني يعني فن الحوار أو النقاش، وهو علم القوانين الأكثر عمومية التي تحكم الطبيعة والمجتمع والفكر ، وتدل كلمة dia على معنى التبادل أو المقايضة

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<