واقع فلسفة الدين في إيران

واقع فلسفة الدين في إيران

عقد المنتدى الفلسفي في معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية بتاريخ 27 حزيران 2024 محاضرة بعنوان: “واقع فلسفة الدين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية” للشيخ الدكتور مجيد دهقان بنادکی، حضرها عدد من الأكاديميين والمهتمين بفلسفة الدين، وقدم الندوة الشيخ الدكتور سمير خير الدين.

بدأ الدكتور سمير الندوة بكلمة تعريفية، تطرق فيها إلى أهمية فلسفة الدين والأسئلة التي تطرحها، وأهمية الندوة في هذا المجال، على اعتبارها تُعرّف على حركية فلسفة الدين في إيران والمراحل التي مرت بها وصولًا للراهن، ثم انتقل بالتعريف بالمحاضر، فقال: الدكتور مجيد بنادكي شخصية علمية مرموقة، نالت شهادة الدكتوراه بفلسفة الدین من معهد بحوث العلوم الإنسانية والدراسات الثقافية 2018 في أطروحة تحت عنوان: “الأنانية المعرفية والعمومية المعرفية في مجال المعتقدات الدينية: مع التأكيد على أفكار ليندا زاغزبسکي”، وهو عضو منظمة فلسفة الدين في إيران، وعضو منظمة الأسرة والمرأة في الحوزة العلمية، له العديد من الدراسات منها على سبيل المثال لا الحصر، المرأة في فكر نصر حامد أبو زيد، منهج البحث في الدراسات الإسلامية حول المرأة، الجنسانية والفلسفة في موضوع العلاقة بين الثنائية النسوية وفلسفة الدين النسوية، نقد النسوية الإسلامية، الأسرة وتجديد الفكر الديني، اللاهوت الجنساني في القرن الأخير في إيران. وبعد هذا التقديم التعريفي، أعطى الكلام للمحاضر.

بدأ الشيخ الدكتور مجيد بنادكي كلمته بوضع خطة عامة للمبحث الذي سيتناوله، وقال: إنّ الكلمة التي سألقيها ستركز على ثلاثة محاور أساسية، تستطيع أن تعطي تصورًا عامًّا لواقع فلسفة الدين في الجمهورية الإسلامية في إيران، وهي: تاريخية فلسفة الدين، فلسفة الدين كموضوع للبحث، المؤسسات الموجودة في إيران والتي تشتغل على هذا الموضوع”.

 انتقل بعد هذه المقدمة بالحديث عن تاريخية مبحث فلسفة الدين في إيران، والتي ترجع إلى بدايات التسعينيات من القرن العشرين، عندما صدرت بعض الأعمال الفكرية التي تحمل شبهات فكرية لا سيما ما أثاره الدكتور عبد الكريم سروش والموضوعات التي طرحها والمتعلقة ببعض الموضوعات مثل التعددية الدينية والنسبية المعرفية.. وهذا ما أدّى إلى تدخل بعض العلماء من أمثال الشيخ صادق لاريجاني، والشيخ ناصر مكارم الشيرازي، والشيخ محمد تقي مصباح اليزدي للتصدي لها ومواجهتها والردّ عليها، الأمر الذي أدى إلى بلورة نقاش، تحوّل مع الوقت إلى فرع معرفيّ أُسمي بفلسفة الدين، تبلور هذا الأمر بعد ما يُقارب عشر سنوات بتأسيس جمعية فلسفة الدين في جامعة طهران، وهي تابعة لوزارة التعليم، وهذه الجمعية نشطت في هذا المجال، وهي منذ ذلك الحين تقيم مؤتمرًا سنويًّا في الموضوع، يتطرق إلى موضوعات تخصصية مثل مشكلة الشرور والتعددية ومعنى الحياة.

وتابع: انتقل العمل بفلسفة الدين من مجرد عمل بحثي إلى إطار علمي، يقدم ضمن برامج تخصصية منذ بداية القرن الحالي، حيث قدم معهد بحوث العلوم الإنسانية والدراسات الثقافية مستوى الدكتوراه، ثم انتشرت فلسفة الدين في الجامعات الإيرانية وهي الآن موجودة في 14 فرع على امتداد الجمهورية، وقد وُضع لها البرامج التي تحتوي مواد مثل العلم الديني، لغة الدين، معنى الحياة، المفاهيم المختلفة عن الله، أي بمستوى 14 ساعة مواد تخصصية، و4 ساعات اختيارية تتضمن مقالة أو بحث، وساعتين لورشة العمل المتعلقة بكيفية كتابة الرسالة في مرحلة الدكتوراه. وفي مرحلة الماجستير 18 ساعة للمواد الإلزامية، و14 للإختيارية، و4 ساعات للرسالة، ويعطى في هذا المرحلة مواد مثل اللاهوت ومشكلة الشر، الدين والأخلاق، مسألة شمولية الأدلة الدالة على وجود الله، اللاهوت التطبيقي، الوحي.

وأضاف: تشغل فلسفة الدين جانبًا مهمًّا من الحياة الأكاديمية، حيث تصدر في إيران ثلاث مجلات محكمة في فلسفة الدين منها مجلة فلسفة الدين في جامعة طهران وهي تضمّ كبار الفلاسفة، كما أنّ هناك جمعيات كما ذكرنا إحداها في جامعة طهران ومعهد بحوث العلوم الإنسانية والدراسات الثقافية، وهناك فريق منطق فهم الدين، ويوجد فريق باسم فلسفة الكلام أو الكلام الجديد في جامعة الإمام الخميني، وجميعها تعمل على موضوع فلسفة الدين. أما النتاج في هذا المجال فأكثره يدور حول بعض الموضوعات مثل الشرور، وما بعد الحياة، والتفاعل بين العلم والدين، ويعمل الباحثون في هذا المجال على الاستفادة من المناهج واللغة المستعملة في فلسفة الدين كما هو في الغرب، لأنّ هناك رغبة لدى الباحثين في إيجاد لغة مشتركة مع هذا العلم كما هو سائد، كما أنّ هذه المنهجية لا تتناقض مع الفلسفة الإسلامية. وهذا لا يعني أنّه لا يوجد عمل على إيجاد نقاط اتفاق بين الكلام وفلسفة الدين والحكمة المتعالية والمسائل المتنوعة في فلسفة الدين. فهم عندما يتطرقون إلى المسائل التي يطرحها هذا العلم، يحاولون إيجاد إجابات لها من خلال الحكمة المتعالية. وأشار إلى أنّه على الرغم من وجود مدرستين في فلسفة الدين أحدهما قارية والأخرى التحليلية إلا أنّ معظم السائد في الدراسات تذهب باتجاه القارية.

وختم سماحة الشيخ الدكتور مجيد دهقان بنادکی محاضرته بالإشارة إلى أنّ البعض يمزج بين فلسفة الكلام والكلام الجديد، وهذا الأمر ناتج عن بدايات التعرف إلى فلسفة الدين حيث أطلق عليها بعض الباحثين اسم علم الكلام الجديد، وهذا غير صحيح لأنّ هناك فارق في المنهجية بينهما، لأنّ فيلسوف الدين ينظر إلى الدين باعتباره موضوعًا للعلم.

وبعد انتهاء المحاضرة، أفسح مدير الجلسة الباب أمام المداخلات وطرح الأسئلة، فجرى نقاش تميّز بالجدية والعمق، حيث تمّ توضيح العديد من النقاط.


الكلمات المفتاحيّة لهذا المقال:
فلسفة الكلامالكلام الجديدالفلسفة الإسلاميّة

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<