المحاضرة الثانية- وجوه مستبشرة
تقرير اليوم الثاني من محاضرات عاشوراء
لسماحة الشيخ شفيق جرادي
2/9/2019
تطرق سماحة الشيخ شفيق جرادي في اليوم الثاني من سلسلة المحاضرات العاشورائية إلى البحث في منشأ هذا الأمل، ومنشأ هذا الرجاء العظيم الذي كان يظهر ويبدو في داخل قلوب الذين خاضوا مع الإمام الحسين غمار الشهادة والقتل في سبيل الله.
ولفت سماحته إلى أننا اليوم نلمح في وجوه إخواننا من أهل الجهاد، وعوائلنا من أهل الجهاد بأنهم يقدمون على الجهاد والقتال والشهادة بنفوس مطمئنة وراضية ووجوه مستبشرة. وأوضح سماحته بأن سر البِشر في وجوههم هو ما تشير إليه الروايات بأن من ضمن صفات المؤمن أن حزنه في قلبه وبِشره في وجهه.
وتساءل سماحته، ما منشأ هذه الحالة؟ الإجابة تأتينا بأنه بداية ينبغي أن نؤكد على أن الإسلام كدين حينما صدع رسول الله (ص) برسالته، فإن الله سبحانه وتعالى حدّد له الوظيفة. وحينما ورد قوله سبحانه وتعالى في سورة الأحزاب: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45) وَدَاعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً (46) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً﴾؛ فما هي وظيفة هذا الرسول الذي بعثه الله فينا؟ أوضح سماحته أن النبي (ص) هو الشاهد على سلوك الناس، وأن النبي هو الذي يحدد ما الذي كان الصح وما الذي كان الخطأ في أمة محمد (ص). بالتالي، ينبغي أن نضبط أن الشاهد علينا هو النبي (ص). وهو الذي يبشرنا بالجزاء الصالح لأعمالنا، وينذرنا بالعقاب على أفعالنا الغير صالحة.
ويتابع سماحته، ينبغي على المؤمن الاعتقاد أن البشارة الكبرى هو ما وعده به الله سبحانه وتعالى، هو في الحياة الخالدة ما بعد الموت، وهذا الإيمان ينبغي أن ينعكس في حياتنا الدنيا.
ولفت سماحته، إلى أن المسألة هي مسألة معتقد، أن نعتقد بيقين بأن كل بلية وكل رزية ينتظرنا في قبالتها بِشر وفضل عظيم في الآخرة، فنحن من أهل الإيمان وينبغي أن ينعكس ذلك على سلوكنا.
أضاف سماحته، بأن من وعده الباري عز وجل بالبشارات في جزء منها بالآخرة وجزء منها في الدنيا، القسم الأول الذين آمنوا والذين لديهم يقين قلبي ويؤمنون بمحمد (ص)، هذا النبي الصادق الأمين، ويؤمنون بولاية من جاء بعد محمد (ص)، أولهم الإمام علي (ع)، وآخرهم القائم (عج).
وأكد سماحته أن أهل الإيمان هم أصحاب التولّي.
وأشار سماحته إلى أن صاحب التقوى هو الذي يدخل بمعركته مع إبليس ويخرجه من خاطره ولو لنصف دقيقة، بهذه الحال يبدأ الله عز وجل يعينه لرفع شر إبليس.
ثم تطرق سماحته إلى الآيتين الشريفتين 63 و64 من سور يس، حيث يقول الباري عز وجل: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾. لافتًا إلى نموذجين للذين آمنوا في الدنيا:
النموذج الأول: أن الصبر على المشاكل الاجتماعية في القانون الإلهي يليه الفرج. فمثلًا طرفان تزوجا، في البدايات كانت الأمور تسير بشكل جيد، فإذا صبر أحدهما على سوء طبع الطرف الآخر وعمل على أن يغير ما فيه، فإنه حسب السنن الإلهية أن هذا الذي فيه سوء وصبر عليه الطرف الآخر فالله سبحانه وتعالى سيبشر الصابر بأن يغير ما عليه الطرف السيء.
النموذج الثاني، الجميع لديه إيمان بالنبي وآله، ولديهم حب للنبي وآله (ص)، هناك عشق، وعلاقة استثنائية بأهل البيت، هناك حب خاص، فمن وجوه هذا الحب لديهم مثلًا إذا قيل لأحد ما أنك في هذا الأسبوع سترى الإمام الحسين في المنام، فكيف سيكون حاله؟ أيضًا كم من أشخاص مرضى تمنوا الشفاء ببركة حبهم لمحمد وآل محمد.
وأضاف سماحته، أن الروايات تشير إلى أن المؤمن الموالي إذا اتقى لا يخرج من هذه الدنيا قبل أن يرى بأم عينه محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، ويبشرونه بالجنة. ويحددون له موضعه في جنة الله تعالى قبل أن يترك الدنيا.
وتابع سماحته، أما بموضوع الآخرة؛ يقول الباري تعالى في الآية 12 من سورة الحديد: ﴿يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾. إذا كان الواحد منا مؤمنًا، فهل تصدق هذه البشارة أم لا؟ هناك صنفان: صنف عقله منفعي وصنف له ثقة بالله تعالى.
وأكد سماحته أن من آمن بالله وبرسوله وباليوم الآخر، أعظم بشارة هي أن الله راض عنه، وتحقيق شفاعة أهل البيت (ع).
واعتبر سماحته، بأننا عند حضورنا مجالس عاشوراء، لدينا مدّخرات بين أيدينا من أهمها أن نعتقد بالصلة العظيمة وهي علاقتنا بالقرآن الكريم وما يمثله القرآن الكريم. لافتًا سماحته إلى أن واحدة من الأمور أن هناك قبول لأعمالنا وبأنها بشارة لنا، أنه حينما تتراكم علينا كل بلاءات الدنيا ومصائبها بمجرد دخولنا إلى مجلس الحسين، ونسمع بمصاب الحسين ومصاب زينب ننسى أنفسنا، ولا يبقى في القلب والعقل إلا مصاب الحسين عليه السلام.
وختم سماحة الشيخ شفيق جرادي محاضرته لليوم الثاني بالقول:، إن أم الشهيد رغم كل حزنها على فقدان ابنها، حينما تسمع مصاب الحسين وما دار بينه وبين ابنه علي الأكبر وحين طلبه الإذن من والده للبراز، تبكي أم الشهيد الحسين عليه السلام، وإذا ذكرت ابنها الشهيد فتبكيه بمعية الحسين عليه السلام. وهذا الحالة لا تحصل إلا لمن ألقي بِشر الحسين عليه السلام في قلبه.