إنّ الرجل لمّا كتب على نفسه متاخمة الغرب انطلاقًا من خصوصيّته العربيّة والإسلاميّة، كان يدرك أنّ الحداثةَ هي لغةٌ من قبل أن تكون بنيانًا حضاريًّا، وأنّ لغة الغرب هي الوعاء الحضاريّ للشعوب الأوروبيّة والأميركيّة،
توشك كلمة "ما بعد" أن تصير لازمةً مفهوميةً تُمسك بناصية التفكير الغربي، ولا تترك له فسحة من راحة العقل. لكأنما الغرب استحال ظاهرة زمانية، أكثر منه حقيقة واقعية راسخة في جغرافيا ومستقرة فيها. وإلَّا كيف نفسِّر شَغَفَهُ المَرَضِيَّ باليوم التالي، وهو لا ينفك يمكث في جوف الحاضر المستمر لحداثته المهزوزة؟
يبقى إشكال الإنسان على الإنسان شأنٌ أخلاقيٌّ من قبل أن يكون أي شيء آخر. وأصل القول في هذا كله، أنَّ حضور الإنسان في عالمه هو حضور موصول بقيمة هذا الحضور نفسه، وبمقام الخيريّة فيه.
يهتم هذا البحث ببيان الاختلالات التكوينيّة في الميتافيزيقا منذ الحقبة الأرسطيّة إلى عصور الحداثة وما بعدها. وفي مسعاه إلى هذه الغاية،
كل أمة من أمم الأرض لها مقدساتها، التي تبجلها وتعلي من شأنها وتحول عبر وسائل متعددة لمنع أي انتهاك لها..
لكي يُقرأ نصُّه وَجَبَ التهيؤ لرحلة مشرعة على طبقات شتّى من الفهم. لكن هذا لن يفضي بك إلى الإعراض، بل إلى ما يدعوك لمجاراته بخفرٍ وصمتٍ وانتباه.
يتّخذ هيغل من ديالكتيك التناقض دُربةً لفهم العالم وكشف أحاجيه. إلا أنّه لم يجر في دربته مجرى الحكيم اليوناني هيراقليطس حيث أسس للجدل بوصفه انسجامًا محضًا لا تفاوت فيه.
فمشروع الإمام السيد الصدر يناقض الطائفية، ويعمل من خلال دوائره المتعدّدة لرفع الحيف والظلم والحرمان عن فئات المجتمع اللبناني بصرف النظر عن انتماءاتها الدينية والمذهبية.