الجائحة وتأثيراتها على البنى الاجتماعية

 
عقد المنتدى الدولي للحوار المسؤول، ندوة حوارية[1] بعنوان: “الجائحة وتأثيراتها على البنى الاجتماعية”، أدارتها الأستاذة زينب إسماعيل. وشارك فيها كلّ من: الدكتور طلال عتريسي، والأستاذ الدكتور يوسف كفروني، والدكتورة ليلى شمس الدين.
بدأت الأستاذة زينب إسماعيل كلامها بعرض اقتباس من دردشة مع أحد المتعافين من وباء كورونا، حيث قال: “اقترب عمري من الستين لم أعش زمنًا يشبه زمن الكورونا، كنت أستمع من جدي وجدتي عن ضحايا الأمراض والأوبئة في حياتهم، ولم أكن أتخيل الحال. كانت قصصًا غريبة ومؤلمة عمّا حصدته الملاريا والتيفوئيد والجدري من أرواح. لكنني مع تسليمي لقساوة ما حدث معهم وما واجههوه، فإنّ زمن كورونا لم نشهد له مثيلًا في القرن الماضي. وربما يستحق رواية مجيدة على غرار الحب في زمن الكوليرا”.
وقالت: حين أعلن عن الفيروس في الصين في أواخر العام الماضي، كان الاعتقاد أنّه حالة عابرة ستُطوّق، وأنّ أزمة أضراره ستظل محدودة، فاشتعلت على إثره سجالات ذات طبيعة سياسية يكتنفها نظرية المؤامرة، مفادها أنّ هذا الفيروس مصنّع وأنّه جزء من صراع دول عظمى. ولكن نظرية المؤامرة سرعان ما سقطت، والفيروس خرج من أسوار الصين، فسقطت أغنى دول القارة الأوروبية في براثنه، واستفاق العالم على خطر لا يمكن تجاهله أو إغلاق الأبواب أمامه، ليسارع الجميع بحثًا عن حلول وملاذات آمنة.
ثم طرحت الأستاذة زينب بعض الأسئلة تمحورت حول: هل سيحفظ التاريخ أن جائحة كورونا قد غيّرت العالم أكثر من الحروب وحتى المجاعات؟ وهل وضعت جائحة كورونا قواعد ديمقراطية في إدارة المجتمعات جانبًا، حينما أجبرتها إلى اللجوء لقوانين الطوارئ وتقييد الحريات العامة والشخصية؟
وهل يصح القول إنّنا اقتربنا مع جائحة كورونا، من إجراء عقد اجتماعي جديد، يستند إلى رؤية اجتماعية تفرض سلوكيات، وعادات وأفكار جديدة، تشبه الواقع الاجتماعي المستجد وتحاكيه؟ وهل يجوز القول إنّ تأثيرات كورونا في لبنان هي غيرها في أي منطقة من العالم على مستوى العلاقات الاجتماعية؟
صحيح أنّ لبنان يرزح أصلًا تحت وطأة أزمة اقتصادية مالية وأزمة لاجئين مستمرة، وأنّ الأزمة الصحية قد أتت في وقت عصيب للبنان اقتصاديًا وماليًّا واجتماعيًّا، إلا أنّ تأثيراتها على البنى الاجتماعية تكاد تكون متشابهة.
أي عالم اجتماعي نحن مقبلون عليه بعد جائحة كورونا؟ وهل ثمّة علاقات اجتماعية جديدة أفرزتها هذه الجائحة؟ ما هو تأثيرها على تبدل الأفكار والرؤى والعادات؟ ماذا عن العنف الأسري هل ازداد فعلًا مع فترة الانعزال المنزلي؟ ماذا عن التباعد الجسدي، هل أثّر فعلًا وخلق ما يسمى تباعد اجتماعي بمفهوم العلاقات الاجتماعية؟ وماذا عن التعليم من بُعد والتحديات المرافقة؟ هل ثمة مبادرات فردية أثمرت في تخفيف وطأة العزلة؟ وهل نستطيع القيام بمساكنة ما مع هذا الوباء؟ وختمت كلامها بالترحيب بالضيوف الكرام كلٌّ باسمه وصفته.
ثم افتتحت الأستاذة زينب إسماعيل باب الحوار، وكانت البداية مع الدكتور طلال عتريسي[2] الذي أجاب عن سؤال: هل هناك سِمة مشتركة للتعامل مع الوباء الجائحة في أنحاء العالم؟ وهل أدّى هذا الوباء إلى تبدّل في الأفكار والعادات؟ وقال: يمكننا من خلال الملاحظة والمراقبة للجائحة التي فاجأت العالم أن نركز على النقاط التالية:
أولًا: أنّ العالم فوجئ بها، حتى أنّ البلدان المتقدمة والمتطورة، الممسكة بزمام العلم والعقل والمعرفة والتنبؤ العلمي فوجئت بهذا الفايروس. ولم تعرف إذا كان هو صناعة مختبرات في إطار الحرب الجرثومية أم أنّه نتاج تداخل عوامل معينة، حيوانات مع أشياء أخرى أدى إلى انتشار هذا الفايروس. ولغاية الآن لم تصدر أي نتيجة علمية نهائية واضحة حول منشئه.  
ثانيًا: لقد تعامل هذا العالم المتقدم بارتباك مع هذه الجائحة عندما تحولت إلى وباء. وهناك من نفى أصلًا وجود الفايروس مثل الرئيس الأميركي ترامب. أمّا رئيس الوزراء البريطاني فقد دعا إلى ما عُرف بمناعة القطيع بمعنى أن يترك الناس تموت، وينتشر الفايروس ليبقى الأقوى والأصلح، وبرأيه هذا هو الخيار الأفضل. وفي ألمانيا قالت ميركل: نحن نتوقع أن يموت مئات الآلاف.
وأضاف الدكتور عتريسي، ما يعني أنّه لم تكن هناك خطة عالمية واضحة، بل حصل ارتباك لدى الدول الكبرى والمتقدمة في التعامل مع هذه الجائحة. وقد كان الحل الوحيد لديها هو العودة إلى البيوت في معالجة الجائحة، ولكنّ ردود فعل الناس كانت مختلفة، فهناك من قَبِل بأن يلتزم بالحجر المنزلي، وهناك من رفض.
وتساءل الدكتور عتريسي، كيف يمكن لجائحة من هذا النوع، أن تُربك أنظمة متماسكة وقوية، ولا تضع الخطط الواضحة للتعامل معها؟ مبيّنًا أنّ الكثير من علماء الاجتماع والاقتصاد، وعلماء النفس والفلاسفة تحدثوا عن الظواهر التي رافقت هذا الوضع، وهي:
 أولًا: انتهت ظاهرة العولمة عند التعامل مع جائحة كورونا، وصارت كل دولة تشتغل لوحدها، وتنافس الدول الأخرى وتسرق المواد الطبية المرسلة إلى تلك الدول. وقد ترافق الأمر مع صعود الهويات الوطنية في البعد الاجتماعي. وعاد الناس إلى هوياتهم الأضيق لأنّهم شعروا بالأمان أكثر، بما أنّ العالم الأوسع قد تخلى عنهم. وما زال النقاش مفتوحًا حول هذه المسألة.
ثانيًا: لم تجتمع مراكز الأبحاث الطبية في هذه الدول فيما بينها لدراسة كيفية التعامل مع هذا الفايروس، وحتى بعد إنتاج اللقاح، وهو ما كان مفاجئًا. ولقد اشتغلت كل دولة لوحدها وبعجلة لتسويق اللقاح، كي تسجل السبق السياسي والعلمي والنفوذ، وتربح مليارات الدولارات.
ثالثًا: وهو الجانب السياسي، والذي فيه بعض العنصرية، فقد أعطى ترامب الهوية الصينية للفايروس. وكان المطلوب دائمًا أن يكون هناك دولة أخرى تُرمى عليها التهمة، باعتبار أنّ الأميركي لا يرتكب الأخطاء ولا ينتج الفايروسات في العالم.
وعن تسييس موضوع الفايروس، يعتقد الدكتور عتريسي أنّه كان له هذا البعد السياسي في الصراع الأميركي الصيني. وقال: نحن نخوض حالة حرب، ولأول مرة يُطلق هذا التعبير على وباء. ورأينا في بلادنا وبلاد غيرنا أنّ المقاييس انقلبت، ففي العادة يكون الجنود والمقاتلين والضباط في مقدمة الجبهة، ولكن في هذه الحرب أهل السلك الطبي هم من كانوا في الصفوف الأمامية.
أما على المستوى الاجتماعي والنفسي والثقافي، قال الدكتور عتريسي: لفتت نظري نقطة مهمة قالها أحد الباحثين الأجانب: (أنا أكتشف اليوم متعة البطء. وستعقب هذا الفايروس ثورة ثقافية). بمعنى كيف نتعامل مع حياتنا اليومية والإنسانية؟ والبطء بمعنى أن يتمهل الشخص ويفكر أكثر، ويجلس مع العائلة وعلى مائدة الطعام أكثر، فيتعزز البعد الإنساني الذي كان العالم بسبب الركض والسرعة لا مجال لديه للتنفس. وتابع: لقد حصل أمرًا كبيرًا مع هذا الفايروس، وكأنّ الطبيعة غير الطبيعة، فلا طائرات بالجو، ولا قطارات تتنقل، ولا مؤسسات ومصانع تعمل بل كلها مقفلة، فتنفست الطبيعة وقلّت نسبة التلوث وازدادت نسبة البطالة.
وأضاف قائلًا: يبدو أنّ القرار اتُخذ بأنّ الأولوية لا يمكن أن تبقى للصحة، كما حصل النقاش في بداية الفايروس، عندما أقفلت المدارس والمصانع، وتم التزام البيوت، ولكن بعد شهر قالوا يجب أن تعود الصناعة والاقتصاد للعمل. وحتى في لبنان جربنا الحجر فترة معينة، وفيما بعد جربنا نصف حجر، والآن تغير كل شيء وصارت التوجيهات بضرورة الانتباه واتباع الإجراءات ولتفتح المؤسسات. ورجّح عودة العالم إلى نفس الضجيج والركض السابقَين، معتبرًا أنّ المؤسسات الاقتصادية لا ترحم، وستعود إلى عملها وستحصل الأموال والدعاية والإعلان، رغم أنّ الواقع الاقتصادي لن يعود كما كان سابقًا، لأنّ نسب البطالة ازدادت بشكل كبير، وبعض مؤسسات الطيران أقفلت وتوقفت عن العمل. معتقدًا أنّها تحولات جديدة حصلت خلال هذه الجائحة على مستوى  المجتمعات والتفكير ونمط الحياة.
ويرى الدكتور عتريسي أنّ جائحة كورونا من جهة جعلت الناس تقترب من بعضها ووطدت العلاقات الاجتماعية بين الأسر، ولكن من جهة أخرى، افتعل الحجر المنزلي بعض المشاكل والضغوطات. والإحصاءات حول العنف الأسري ونسبته غير دقيقة حتى قبل كورونا. وقال: يتم تصنيف كل أنواع العنف الجسدي والاقتصادي واللفظي والنفسي عنفًا؛ مع أنّ هناك فارقًا كبيرًا بينهم. وقد حصلت أزمة عنف ضد الرجال أثناء أزمة كورونا، وعادة الدراسات تتجاهلها. فالأدوار اختلفت وتداخلت، ولم يعد بإمكان أحد تحمل أن يتدخل الآخر به وبأمور البيت.
وختم الدكتور طلال عتريسي قائلًا: العقد الاجتماعي الجديد المطروح هو إعادة النظر بكل طبيعة النظام السياسي. أما ما بعد كورونا، فقد يستفيد الناس من طرائق التعليم الجديدة ويتم الدمج بين التعليم عن قرب والتعليم عن بعد. وبما يخص التباعد فأنا لا أحب تسميته بـ(التباعد الاجتماعي) لأنّه هو في الحقيقة التباعد الآمن، وأعتقد توجد حاجة للتدقيق بالمصطلحات كي لا يصبح للمصطلحات موجة.  
بعد ذلك تحدث الدكتور يوسف كفروني[3] عن الإحصائية التي أجراها في بداية أزمة كورونا، حول أثر كورونا على العلاقات الاجتماعية والقلق النفسي. وقال: لا شك أنّ ما بعد عالم كورونا غير ما قبله، وهناك محطة مفصلية بين العالَمين. وقال موافقًا لرأي الدكتور عتريسي أنّ: أزمة كورونا كشفت حتى في الدول المتقدمة، القصور والعجز وزيف وكذب العولمة، وبطريقة ما كشف عنصرية هذه الدول تجاه بعضها البعض، وتجاه العالم النامي أو العالم الثالث.
ثم عرض بعض نتائج دراسة أعدّها في الموجة الأولى لكورونا في لبنان، معتقدًا أنّنا بحاجة لأكثر من دراسة حول هذا الموضوع ومن زوايا متعددة، وأبدى استعداده للمساهمة بدراسة جديدة تتناول الجوانب المتعددة سواء التعليم عن بُعد والواقع اليوم، وغيرها. وقال: سأعرض بعض نتائج الدراسة، وتوجد في الاستمارة ارتباطات كثيرة، ما بين متغيرات العمر والجنس والمستوى التعليمي والوضع المادي، بالنسبة لكيفية تمضية الوقت مع الأسرة والأصحاب والأصدقاء، أو لتأثير هذا الواقع على القلق النفسي. وبما يخص توزع العيّنة حسب المحافظات كان فيها تَناسُبًا مقبولًا. ولقد تراجع مدخول الأسرة منذ بداية الأزمة. ثم كيف يمضون الوقت؟ وبيّن أنّ الجدول يمثّل مجموعة جداول متعددة. فمن لا يخرجون أبدًا من المنزل كانت نسبتهم 64%، ومن يخرج لمدة ساعة أو ساعتين 28% والساعات الباقية قليلة جدًا. ومن لا يتحدثون مع الأسرة هم نسبة ضئيلة جدًا، ورأينا أنّ هناك علاقة مع الأسرة لم تكن موجودة من قبل. والإناث هم من يعتمدون الأعمال المنزلية. أمّا نسبة المطالعة والتلفزيون والانترنت والعمل من خلاله والمحادثة مع الأقارب والأصدقاء، عبر السكايب أو الواتساب ترتفع من ساعة إلى ساعتين بنسبة 62%، و20% واتساب وسكايب والبقية نسبة ضئيلة.
وعن سؤال كيف يفسر الناس انتشار الوباء؟ خلصت الدراسة إلى أنّ 22% يعتبرونه تطورًا طبيعيًّا للوباء، وهم أصحاب الدراسات العليا والجامعية. بينما 47% يعتبرون أنّها حربًا بيولوجية من صناعة دول كبرى. و6 إلى 7% يعتبرونها من غضب الطبيعة ونتيجة تلوث وتخريب الإنسان للبيئة. و17% يعتبرونها غضب من الله على الناس بسبب ابتعادهم عن الدين، أمّا من قالوا لا نعرف فنسبتهم 6.8%.
وعن سؤال كيف قيموا أداء الحكومة في مواجهة جائحة كورونا؟ 10 % اعتبروها سيئة جدًا. أو سيئة 16%، ومن اعتبرها مقبولة 30.9%، ومن اعتبرها جيدة 31.6%، أمّا من اعتبر أداء الحكومة جيد جدًا فنسبتهم10.7%.
وفيما يخص الالتزام بالإرشادات الصحية  قال الدكتور كفروني: كانت هناك نسبة كبيرة ملتزمة. ويمكننا رؤية الأرقام سواء من حيث وضع الكمامة، أو التنظيف والتعقيم، أو الغسل أو الحجر المنزلي، وقد كان هناك التزامًا عاليًا بالإرشادات ثم تراجع فيما بعد.
وعن مستوى القلق، قال الدكتور كفروني: طرحنا 50 سؤالًا متعلقًا بالقلق ثم جمعناه وقسمناه إلى درجات. فالقلق المنخفض جدًّا شكّل حوالي 40%. والمنخفض 10%. ومجموعها حوالي الخمسين ما يعني أنّ صنف العينة قلقهم طبيعي أي منخفض أو منخفض جدًّا. أمّا من لديهم قلق متوسط فهم فقط 19.7%، والقلق المرتفع 13%، والمرتفع جدًا 16.5%. وأوضح هنا ربط مستوى القلق بالوضع المادي، وكانت النتيجة أنّ الوضع المادي الضعيف جدًّا هو أعلى نسبة بالقلق، وبعده الضعيف، وأقل منه الوسط، وبعده الجيد، أما الجيد جدًا فهو شبه غائب.
وأشار الدكتور كفروني أن ذلك يكشف أنّ هناك علاقة واضحة ما بين الوضع المادي والقلق. وكلما ارتفع الوضع المادي تراجع القلق. وأيضًا في الالتزام الديني والقلق، يوجد فرق بين الالتزام الضعيف والالتزام القوي، والالتزام القوي جدًا، ولا يوجد فرق بينه وبين الالتزام الوسط. ويوجد فرق بينه وبين غير الملتزم.
وأوضح الدكتور كفروني أنّ العلاقات الاجتماعية لم تتأثر بموضوع كورونا، بل أدى العزل إلى زيادة الروابط الاجتماعية. أمّا فيما يخص تراجع المدخول، ومن هم الأكثر تضررًا؟  قال: إنّ الطبقة الوسطى هي الغالبية، ويمكنني أن أكشف ما بين وضع الطبقة الوسطى المادي وما بين تراجع الدخل. كما ويمكنني أن أرسل إليكم ملحقًا بشكل إحصائي عن أي موضوع تريدون معرفته.
وتابع الدكتور كفروني بخصوص التعليم عن بعد معتبرًا أنّه سيكون المستقبل، وسيفرض نفسه في العالم كله. ويمكن الجمع ما بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد الذي أصبح أمرًا واقعًا لا يمكن التراجع عنه. وهو يحتاج إلى تجهيزات وأشخاص يعرفون كيفية التعامل مع الأجهزة سواء طلاب أو أساتذة. لافتًا إلى أن المشكلة الأساسية هي في النظام الطائفي الذي لا ينتج اقتصادًا ولا تربية ولا سياسة. والتعليم عن بُعد فرض نفسه في العالم وسيبقى مستمرًا. ولكن ليس شرطًا أن يكون فقط التعليم عن بعد، فالجائحة تفرضه كبديل لا غنى عنه، ولكن في لبنان لا يوجد تجهيزات، ولا أساتذة، وهناك مشاكل تقنية واحتراف، وتوجد مشاكل عديدة.
وختم الدكتور يوسف كفروني كلامه مبيّنًا الحاجة إلى إجراء عدة دراسات حول العنف والقلق ومن أصيبوا بكورونا وتم شفاءهم منها، وقال: هنالك عوامل وأسباب للعنف بغض النظر عن البقاء في البيت، فمن لديهم الاستعداد سابقًا بسبب توتر فيما بينهم سيكون التواجد في البيت سببًا في زيادة التوتر. كما أنّنا بحاجة إلى إجراء دراسة على الذين أصيبوا بكورونا، وتمّ شفاءهم منها، لنرى كيف كان وضعهم؟ وكيف أثرت عليهم وعلى محيطهم؟ لنفهم ما هي المعاناة التي عانوها والقلق الذي عاشوه ومحيطهم الأسري. كما ويمكننا التوجه إلى أمهات الأطفال لنرى كيف تعاملوا معهم، وكيف كانت ردة فعل الأطفال وتوجيهاتهم.
وكان الختام مع الدكتورة ليلى شمس الدين[4] التي أجابت عن سؤال حول رأيها عن الدراسة التي أبداها الدكتور يوسف كفروني. وقالت من الصعب الإجابة وإبداء رأيي بدراسة قام بها أستاذي، ولكن أحوّل السؤال ليصبّ بنفس الهدف، عن موضوع المسنين. لقد كانت لي ولكل الباحثين المشتغلين منذ شهر آذار الماضي وما زلنا مستمرين بالبحث، ونحاول أن نقرأ ونفهم ماذا يحدث. نحن في خضم جائحة اضطرب العالم بأسره وعلى كل الصعد بسببها، وهو أمر صادم.  
وقالت الدكتورة شمس الدين: بالنسبة إلى الدراسات الطبية، كانت منظمة الصحة العالمية ممسكة بالعلاقة مع غالبية دول العالم. وسأترك الحديث عن السباق بين الدول بموضوع اللقاحات والأدوية لأنّ لها منحى تجاري اقتصادي قد نتحدث عنه لاحقًا.
وأوضحت الدكتورة شمس الدين أنّ منظمة الصحة العالمية وكبريات المؤسسات الاجتماعية في العالم اشتغلت على تأثير هذه الجائحة على المسنين، وقالت: كان لهذه الجائحة الأثر الكبير على المسنين الذين لم يغادرونا إلى العالم الآخر. فكان التهديد الأكثر خطورة لمن أعمارهم فوق الستين سنة ولديهم أمراض مزمنة أنّهم الأكثر إصابة بهذا الفايروس. وكانت النسبة عند المسنين أعلى بالوفيات. ولقد قمت بدراسة بسيطة، نوعية وليست كمية، أحاول معرفة مستوى القلق، ونظرتهم لهذا الواقع الموجود، فكانوا يقولون (المهم أن نتجاوز كورونا) ما يعني أنّهم نسوا كل الأمراض التي كانوا يعانون منها. وما زاد من عامل الخوف والقلق الأخبار التي كانت تُبث عبر وسائل الإعلام المتعددة.
وبيّنت الدكتورة شمس الدين أنّ بعض الدول وضعت استراتيجيات للتعامل مع المسنين، والتكافل الاجتماعي الذي حصل في بلادنا حصل أيضًا في دول غربية، وأنا كنت أتابع بشكل دائم بين ألمانيا وبريطانيا.
وتحدثت الدكتورة شمس الدين عن الدراسة التي أجرتها حول موضوع التعليم من بعد، وقالت: سأبدأ بموضوع المدرسة، فالكورونا مرت من قبل وسبّبت اضطرابات معينة بدول، ولكن الفرق بينها وبين كوفيد 19 أنه غزا العالم وترك تأثيره على كل الكرة الأرضية. وفي زمن الأزمات يوجد ضحايا، وتزيد أكثر نسب اللامساواة بالحصول على التعليم معن بعد. ولم يكن الأهل والمدارس مؤهلين للتعليم عن بعد، بل كنا ندرّس نفس المواد التعليمية ولكن عبر الوسائل والمنصات المتاحة. وهناك أشخاص كانوا محرومين من الحصول على هذا التعليم بسبب الكهرباء أو الإنترنت.
وفي هذا الإطار سألت الدكتورة شمس الدين، هل التعليم هو تقديم مادة للتلميذ؟ فالأمر يرتكز على عدة مستويات منها: تعزيز الواقع الاجتماعي، والنفسي، والكفايات، وغيرها من الأمور التي كانت موجودة على طاولة البحث في أكثر من مؤتمر في لبنان والعالم، على موضوع التحديات التي واجهت الناس والمؤسسات التربوية في هذه الفترة. فقد اخترق التعليم عن بُعد خصوصية المعلم والمتعلم في آن. والظروف فرضت علينا الخلط الذي ترك آثاره وتبعاته على كل المنظومة الحياتية بغض النظر عن الأرقام. واللافت أيضًا في الموضوع النفسي، كان بعض الأشخاص يرفضون في الفصل الثاني التعليم عن بعد، ولكن هذه السنة عندما طلبت الجامعة الحضور، هؤلاء الطلاب أنفسهم الذين طلبوا العام الماضي الحضور، قالوا إنّهم لن يحضروا خوفًا من إصابتهم بفايروس كورونا. لافتة إلى أنه يجب تحديد الجدوى من التعليم عن بُعد، بكل التركيبة النفسية والاجتماعية والعلائقية والتربوية، ومن الحضور. معتبرة أنّه لا يمكننا المقارنة.
أمّا فيما يخص موضوع العنف الأسري، ترى الدكتورة شمس الدين أنّ: كوفيد 19 بكل ما حمله من مستتبعات كان عنيفًا وعنّف الجميع. واعتبرت أنّه يجب توعية الناس، وكيف يجب أن تتعامل مع أزمة كورونا صحيًّا؟ وكيف تلامس إلى حد ما الشق الاجتماعي؟ ومدى صدى هذه التجربة في الواقع الاجتماعي؟ وقالت: في زمن الأزمات عاد موضوع الحس والوطن والمجتمع، ورأينا في لبنان وخارجه مبادرات فردية، لأنّ الأزمة طالت كل العالم، وتحديدًا طبيًّا صار الأطباء هم الأكثر طلبًا، لأنّه وباء جديد يحتاج الناس معرفة كل شيء عنه وعن آثاره وتبعاته. وقد قدّم غيرنا مساعدات اجتماعية، ولكنّ اللافت كان حاجة الناس وتعطشهم ليسمعوا.
وعن سؤال هل أسهم الأداء الإعلامي في خلق وعي مجتمعي رشيد ملائم للتعاطي مع أزمة كورونا؟ أجابت الدكتورة شمس الدين: مع الأسف نحن في لبنان مفروزين على مستوى الطوائف والمذاهب. وكان الإعلام في البدايات ينقل، وأعتقد أنه عن جهل بسبب عدم تخصص البعض، وكانوا أحيانًا انفعاليين، فلعب الإعلام دورًا كبيرًا وساهم البعض -وخاصة وسائل التواصل اللاجتماعي- بإبداء رأيهم بموضوع حتى أهم المراكز الطبية والصحية العالمية لا توجد لديها أجوبة عنه. نحن في زمن التشويش الإعلامي بامتياز، بل نحن في زمن الوباء الإعلامي.
وختمت الدكتورة ليلى شمس الدين بالقول: عملت وزارة الإعلام منذ اليوم الأول بطريقة مهنية، ففتحت وسائل إعلام رقمية لتوعية الناس. كما أنّ وزارة الصحة أيضًا أطلقت فيديوهات توعوية، ولكن مع الأسف البحر الهائج من الإعلام المتنوّع هو أكبر. ثم بعد ذلك حاول الإعلام، وبضغط من وزارة الصحة ووزارة الإعلام عليه، العمل على تحديد من بإمكانه التحدث وتوجيه الإرشادات والمعلومات ومن لا يمكنه، وأن يتموضع برسالته التي يجب أن يعمل عليها، وهي التوعية والتنبيه، وتقديم الحالات المطَمْئِنة للناس ليرتاحوا من حالة الاضطراب المتفشي.
 
    
   
[1] الأربعاء 16/ 12/ 2020.
[2] أستاذ محاضر في العلوم الاجتماعية، وعميد سابق للمعهد العالي للدكتوراه، وأستاذ مشرف ومناقش لأطروحات في الجامعة اللبنانية. صدرت له العديد من المؤلفات والدراسات في قضايا اجتماعية وتربوية وسياسية، منها على سبيل المثال لا الحصر “الجمهورية الصعبة إيران في تحولاتها الداخلية وسياستها الإقليمية” والسلسلة القصصية “رامي لن يأكل الشوكولاتة أبدًا”.
[3] عميد معهد العلوم الاجتماعية الفرع الثالث، وأستاذ في الجامعة اللبنانية معهد العلوم الاجتماعية، وخبير في الإحصاء والبحوث والبرامج الإحصائية spss. نشر العديد من الأبحاث والدراسات في مجال الفكر السياسي الديني الاجتماعي، وله العديد من الدراسات الإحصائية، وعدد من المؤلفات، أذكر منها: السلوك الديني والاجتماعي عند الشباب، والشيخوخة والاكتئاب واقع المسنين في طرابلس.
[4] باحثة في الأنثروبولوجيا والإعلام، وأستاذة جامعية، ومستشارة إعلامية، ومدربة في مجالات الإعداد والإنتاج التلفزيوني. ومدربة على المهارات الحياتية، وفنون التواصل. ولديها العديد من الأبحاث المنشورة في مجلات علمية في الشأن التربوي والاجتماعي والإعلامي. وحائزة على أكثر من جائزة، أهمها الجائزة الذهبية من منظمة الصحة العالمية عن الإعلام الصحي، درع التميز الذهبي في مجال المسؤولية الاجتماعية من المنظمة العربية للمسؤولية الاجتماعية.
: “الجائحة وتأثيراتها على البنى الاجتماعية”، أدارتها الأستاذة زينب إسماعيل. وشارك فيها كلّ من: الدكتور طلال عتريسي، والأستاذ الدكتور يوسف كفروني، والدكتورة ليلى شمس الدين.
بدأت الأستاذة زينب إسماعيل كلامها بعرض اقتباس من دردشة مع أحد المتعافين من وباء كورونا، حيث قال: “اقترب عمري من الستين لم أعش زمنًا يشبه زمن الكورونا، كنت أستمع من جدي وجدتي عن ضحايا الأمراض والأوبئة في حياتهم، ولم أكن أتخيل الحال. كانت قصصًا غريبة ومؤلمة عمّا حصدته الملاريا والتيفوئيد والجدري من أرواح. لكنني مع تسليمي لقساوة ما حدث معهم وما واجههوه، فإنّ زمن كورونا لم نشهد له مثيلًا في القرن الماضي. وربما يستحق رواية مجيدة على غرار الحب في زمن الكوليرا”.
وقالت: حين أعلن عن الفيروس في الصين في أواخر العام الماضي، كان الاعتقاد أنّه حالة عابرة ستُطوّق، وأنّ أزمة أضراره ستظل محدودة، فاشتعلت على إثره سجالات ذات طبيعة سياسية يكتنفها نظرية المؤامرة، مفادها أنّ هذا الفيروس مصنّع وأنّه جزء من صراع دول عظمى. ولكن نظرية المؤامرة سرعان ما سقطت، والفيروس خرج من أسوار الصين، فسقطت أغنى دول القارة الأوروبية في براثنه، واستفاق العالم على خطر لا يمكن تجاهله أو إغلاق الأبواب أمامه، ليسارع الجميع بحثًا عن حلول وملاذات آمنة.
ثم طرحت بعض الأسئلة: هل سيحفظ التاريخ أن جائحة كورونا قد غيّرت العالم أكثر من الحروب وحتى المجاعات؟ وهل وضعت جائحة كورونا قواعد ديمقراطية في إدارة المجتمعات جانبًا، حينما أجبرتها إلى اللجوء لقوانين الطوارئ وتقييد الحريات العامة والشخصية؟
وهل يصح القول أنّنا اقتربنا مع جائحة كورونا، من إجراء عقد اجتماعي جديد، يستند إلى رؤية اجتماعية تفرض سلوكيات، وعادات وأفكار جديدة، تشبه الواقع الاجتماعي المستجد وتحاكيه؟ وهل يجوز القول أنّ تأثيرات كورونا في لبنان هي غيرها في أي منطقة من العالم على مستوى العلاقات الاجتماعية؟
صحيح أنّ لبنان يرزح أصلًا تحت وطأة أزمة اقتصادية مالية وأزمة لاجئين مستمرة، وأنّ الأزمة الصحية قد أتت في وقت عصيب للبنان اقتصاديًا وماليًّا واجتماعيًّا، إلا أنّ تأثيراتها على البنى الاجتماعية تكاد تكون متشابهة.
أي عالم اجتماعي نحن مقبلون عليه بعد جائحة كورونا؟ وهل ثمّة علاقات اجتماعية جديدة أفرزتها هذه الجائحة؟ ما هو تأثيرها على تبدل الأفكار والرؤى والعادات؟ ماذا عن العنف الأسري هل ازداد فعلًا مع فترة الانعزال المنزلي؟ ماذا عن التباعد الجسدي، هل أثّر فعلًا وخلق ما يسمى تباعد اجتماعي بمفهوم العلاقات الاجتماعية؟ وماذا عن التعليم من بُعد والتحديات المرافقة؟ هل ثمة مبادرات فردية أثمرت في تخفيف وطأة العزلة؟ وهل نستطيع القيام بمساكنة ما مع هذا الوباء؟ وختمت كلامها بالترحيب بالضيوف الكرام كلٌّ باسمه وصفته.
 
ثم افتتحت الأستاذة زينب إسماعيل باب الحوار، وكانت البداية مع الدكتور طلال عتريسي[2] الذي أجاب عن سؤال: هل هناك سِمة مشتركة للتعامل مع الوباء الجائحة في أنحاء العالم؟ وهل أدّى هذا الوباء إلى تبدّل في الأفكار والعادات؟ وقال: يمكننا من خلال الملاحظة والمراقبة للجائحة التي فاجأت العالم أن نركز على النقاط التالية:
أولًا: أنّ العالم فوجئ بها، حتى أنّ البلدان المتقدمة والمتطورة، الممسكة بزمام العلم والعقل والمعرفة والتنبؤ العلمي فوجئت بهذا الفايروس. ولم تعرف إذا كان هو صناعة مختبرات في إطار الحرب الجرثومية أم أنّه نتاج تداخل عوامل معينة، حيوانات مع أشياء أخرى أدى إلى انتشار هذا الفايروس. ولغاية الآن لم تصدر أي نتيجة علمية نهائية واضحة حول منشئه.  
ثانيًا: لقد تعامل هذا العالم المتقدم بارتباك مع هذه الجائحة عندما تحولت إلى وباء. وهناك من نفى أصلًا وجود الفايروس مثل الرئيس الأميركي ترامب. أمّا رئيس الوزراء البريطاني فقد دعا إلى ما عُرف بمناعة القطيع بمعنى أن يترك الناس تموت، وينتشر الفايروس ليبقى الأقوى والأصلح، وبرأيه هذا هو الخيار الأفضل. وفي ألمانيا قال ميركل: نحن نتوقع أن يموت مئات الآلاف.
ما يعني أنّه لم تكن هناك خطة عالمية واضحة، بل حصل ارتباك لدى الدول الكبرى والمتقدمة في التعامل مع هذه الجائحة. وقد كان الحل الوحيد لديها هو العودة إلى البيوت في معالجة الجائحة، ولكنّ ردود فعل الناس كانت مختلفة، فهناك من قَبِل بأن يلتزم بالحجر المنزلي، وهناك من رفض.
وتساءل كيف يمكن لجائحة من هذا النوع، أن تُربك أنظمة متماسكة وقوية، ولا تضع الخطط الواضحة للتعامل معها؟ مبيّنًا أنّ: الكثير من علماء الاجتماع والاقتصاد، وعلماء النفس والفلاسفة تحدثوا عن الظواهر التي رافقت هذا الوضع، أولًا: انتهت ظاهرة العولمة عند التعامل مع جائحة كورونا، وصارت كل دولة تشتغل لوحدها، وتنافس الدول الأخرى وتسرق المواد الطبية المرسلة إلى تلك الدول. وقد ترافق الأمر مع صعود الهويات الوطنية في البعد الاجتماعي. وعاد الناس إلى هوياتهم الأضيق لأنّهم شعروا بالأمان أكثر، بما أنّ العالم الأوسع قد تخلى عنهم. وما زال النقاش مفتوحًا حول هذه المسألة.
ثانيًا: لم تجتمع مراكز الأبحاث الطبية في هذه الدول فيما بينها لدراسة كيفية التعامل مع هذا الفايروس، وحتى بعد إنتاج اللقاح، وهو ما كان مفاجئًا. ولقد اشتغلت كل دولة لوحدها وبعجلة لتسويق اللقاح، كي تسجل السبق السياسي والعلمي والنفوذ، وتربح مليارات الدولارات.
ثالثًا: وهو الجانب السياسي، والذي فيه بعض العنصرية، فقد أعطى ترامب الهوية الصينية للفايروس. وكان المطلوب دائمًا أن يكون هناك دولة أخرى تُرمى عليها التهمة، باعتبار أنّ الأميركي لا يرتكب الأخطاء ولا ينتج الفايروسات في العالم.
وعن تسييس موضوع الفايروس، يعتقد الدكتور عتريسي أنّه كان له هذا البعد السياسي في الصراع الأميركي الصيني. وقال: نحن نخوض حالة حرب، ولأول مرة يُطلق هذا التعبير على وباء. ورأينا في بلادنا وبلاد غيرنا أنّ المقاييس انقلبت، ففي العادة يكون الجنود والمقاتلين والضباط في مقدمة الجبهة، ولكن في هذه الحرب أهل السلك الطبي هم من كانوا في الصفوف الأمامية.
أما على المستوى الاجتماعي والنفسي والثقافي، قال الدكتور عتريسي: لفتت نظري نقطة مهمة قالها أحد الباحثين الأجانب: (أنا أكتشف اليوم متعة البطء. وستعقب هذا الفايروس ثورة ثقافية). بمعنى كيف نتعامل مع حياتنا اليومية والإنسانية؟ والبطء بمعنى أن يتمهل الشخص ويفكر أكثر، ويجلس مع العائلة وعلى مائدة الطعام أكثر، فيتعزز البعد الإنساني الذي كان العالم بسبب الركض والسرعة لا مجال لديه للتنفس. وتابع: لقد حصل أمرًا كبيرًا مع هذا الفايروس، وكأنّ الطبيعة غير الطبيعة، فلا طائرات بالجو، ولا قطارات تتنقل، ولا مؤسسات ومصانع تعمل بل كلها مقفلة، فتنفست الطبيعة وقلّت نسبة التلوث وازدادت نسبة البطالة.
وأضاف قائلًا: يبدو أنّ القرار اتُخذ بأنّ الأولوية لا يمكن أن تبقى للصحة، كما حصل النقاش في بداية الفايروس، عندما أقفلت المدارس والمصانع، وتم التزام البيوت، ولكن بعد شهر قالوا يجب أن تعود الصناعة والاقتصاد للعمل. وحتى في لبنان جربنا الحجر فترة معينة، وفيما بعد جربنا نصف حجر، والآن تغير كل شيء وصارت التوجيهات بضرورة الانتباه واتباع الإجراءات ولتفتح المؤسسات. ورجّح عودة العالم إلى نفس الضجيج والركض السابقَين، معتبرًا أنّ المؤسسات الاقتصادية لا ترحم، وستعود إلى عملها وستحصل الأموال والدعاية والإعلان، رغم أنّ الواقع الاقتصادي لن يعود كما كان سابقًا، لأنّ نسب البطالة ازدادت بشكل كبير، وبعض مؤسسات الطيران أقفلت وتوقفت عن العمل. ويعتقد: أنّها تحولات جديدة حصلت خلال هذه الجائحة على مستوى  المجتمعات والتفكير ونمط الحياة.
ويرى الدكتور عتريسي أنّ جائحة كورونا من جهة جعلت الناس تقترب من بعضها ووطدت العلاقات الاجتماعية بين الأسر، ولكن من جهة أخرى، افتعل الحجر المنزلي بعض المشاكل والضغوطات. والإحصاءات حول العنف الأسري ونسبته غير دقيقة حتى قبل كورونا. وقال: يتم تصنيف كل أنواع العنف الجسدي والاقتصادي واللفظي والنفسي عنفًا؛ مع أنّ هناك فارقًا كبيرًا بينهم. وقد حصلت أزمة عنف ضد الرجال أثناء أزمة كورونا، وعادة الدراسات تتجاهلها. فالأدوار اختلفت وتداخلت، ولم يعد بإمكان أحد تحمل أن يتدخل الآخر به وبأمور البيت.
وختم الدكتور طلال عتريسي قائلًا: العقد الاجتماعي الجديد المطروح هو إعادة النظر بكل طبيعة النظام السياسي. أما ما بعد كورونا، فقد يستفيد الناس من طرائق التعليم الجديدة ويتم الدمج بين التعليم عن قرب والتعليم عن بعد. وبما يخص التباعد فأنا لا أحب تسميته بـ(التباعد الاجتماعي) لأنّه هو في الحقيقة التباعد الآمن، وأعتقد توجد حاجة للتدقيق بالمصطلحات كي لا يصبح للمصطلحات موجة. 
بعد ذلك تحدث الدكتور يوسف كفروني[3] عن الإحصائية التي أجراها في بداية أزمة كورونا، حول أثر كورونا على العلاقات الاجتماعية والقلق النفسي. وقال: لا شك أنّ ما بعد عالم كورونا غير ما قبله، وهناك محطة مفصلية بين العالَمين. وقال موافقًا لرأي الدكتور عتريسي أنّ: أزمة كورونا كشفت حتى في الدول المتقدمة، القصور والعجز وزيف وكذب العولمة، وبطريقة ما كشف عنصرية هذه الدول تجاه بعضها البعض، وتجاه العالم النامي أو العالم الثالث.
ثم عرض بعض نتائج دراسة أعدّها في الموجة الأولى لكورونا في لبنان، معتقدًا أنّنا بحاجة لأكثر من دراسة حول هذا الموضوع ومن زوايا متعددة، وأبدى استعداده للمساهمة بدراسة جديدة تتناول الجوانب المتعددة سواء التعليم عن بُعد والواقع اليوم، وغيرها. وقال: سأعرض بعض نتائج الدراسة، وتوجد في الاستمارة ارتباطات كثيرة، ما بين متغيرات العمر والجنس والمستوى التعليمي والوضع المادي، بالنسبة لكيفية تمضية الوقت مع الأسرة والأصحاب والأصدقاء، أو لتأثير هذا الواقع على القلق النفسي. وبما يخص توزع العيّنة حسب المحافظات كان فيها تَناسُبًا مقبولًا. ولقد تراجع مدخول الأسرة منذ بداية الأزمة. ثم كيف يمضون الوقت؟ وبيّن أنّ الجدول يمثّل مجموعة جداول متعددة. فمن لا يخرجون أبدًا من المنزل كانت نسبتهم 64%، ومن يخرج لمدة ساعة أو ساعتين 28% والساعات الباقية قليلة جدًا. ومن لا يتحدثون مع الأسرة هم نسبة ضئيلة جدًا، ورأينا أنّ هناك علاقة مع الأسرة لم تكن موجودة من قبل. والإناث هم من يعتمدون الأعمال المنزلية. أمّا نسبة المطالعة والتلفزيون والانترنت والعمل من خلاله والمحادثة مع الأقارب والأصدقاء، عبر السكايب أو الواتساب ترتفع من ساعة إلى ساعتين بنسبة 62%، و20% واتساب وسكايب والبقية نسبة ضئيلة.
وعن سؤال كيف يفسر الناس انتشار الوباء؟ خلصت الدراسة إلى أنّ 22% يعتبرونه تطورًا طبيعيًّا للوباء، وهم أصحاب الدراسات العليا والجامعية. بينما 47% يعتبرون أنّها حربًا بيولوجية من صناعة دول كبرى. و6 إلى 7% يعتبرونها من غضب الطبيعة ونتيجة تلوث وتخريب الإنسان للبيئة. و17% يعتبرونها غصب من الله على الناس بسبب ابتعادهم عن الدين، أمّا من قالوا لا نعرف فنسبتهم 6.8%.
وعن سؤال كيف قيموا أداء الحكومة في مواجهة جائحة كورونا؟ 10 % اعتبروها سيئة جدًا. أو سيئة 16%، ومن اعتبرها مقبولة 30.9%، ومن اعتبرها جيدة 31.6%، أمّا من اعتبر أداء الحكومة جيد جدًا فنسبتهم10.7%.
وفيما يخص الالتزام بالإرشادات الصحية  قال: كانت هناك نسبة كبيرة ملتزمة. ويمكننا رؤية الأرقام سواء من حيث وضع الكمامة، أو التنظيف والتعقيم، أو الغسل أو الحجر المنزلي، وقد كان هناك التزامًا عاليًا بالإرشادات ثم تراجع فيما بعد.
وعن مستوى القلق، قال: طرحنا 50 سؤالًا متعلقًا بالقلق ثم جمعناه وقسمناه إلى درجات. فالقلق المنخفض جدًا شكّل حوالي 40%. والمنخفض 10%. ومجموعها حوالي الخمسين ما يعني أنّ صنف العينة قلقهم طبيعي أي منخفض أو منخفض جدًا. أمّا من لديهم قلق متوسط فهم فقط 19.7%، والقلق المرتفع 13%، والمرتفع جدًا 16.5%. وأوضح هنا ربط مستوى القلق بالوضع المادي، وكانت النتيجة أنّ الوضع المادي الضعيف جدًا هو أعلى نسبة بالقلق، وبعده الضعيف، وأقل منه الوسط، وبعده الجيد، أما الجيد جدًا فهو شبه غائب.
مما يكشف أنّ هناك علاقة واضحة ما بين الوضع المادي والقلق. وكلما ارتفع الوضع المادي تراجع القلق. وأيضًا في الالتزام الديني والقلق، يوجد فرق بين الالتزام الضعيف والالتزام القوي، والالتزام القوي جدًا، ولا يوجد فرق بينه وبين الالتزام الوسط. ويوجد فرق بينه وبين غير الملتزم.
وأوضح الدكتور كفروني أنّ العلاقات الاجتماعية لم تتأثر بموضوع كورونا، بل أدى العزل إلى زيادة الروابط الاجتماعية. أمّا فيما يخص تراجع المدخول، ومن هم الأكثر تضررًا؟  قال أنّ: الطبقة الوسطى هي الغالبية، ويمكنني أن أكشف ما بين وضع الطبقة الوسطى المادي وما بين تراجع الدخل. كما ويمكنني أن أرسل إليكم ملحقًا بشكل إحصائي عن أي موضوع تريدون معرفته.
وتابع الدكتور كفروني بخصوص التعليم عن بعد معتبرًا أنّه سيكون المستقبل، وسيفرض نفسه في العالم كله. ويمكن الجمع ما بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد الذي أصبح أمرًا واقعًا لا يمكن التراجع عنه. وهو يحتاج إلى تجهيزات وأشخاص يعرفون كيفية التعامل مع الأجهزة سواء طلاب أو أساتذة. وقال أنّ: المشكلة الأساسية هي في النظام الطائفي الذي لا ينتج اقتصادًا ولا تربية ولا سياسة. والتعليم عن بُعد فرض نفسه في العالم وسيبقى مستمرًا. ولكن ليس شرطًا أن يكون فقط التعليم عن بعد، فالجائحة تفرضه كبديل لا غنى عنه، ولكن في لبنان لا يوجد تجهيزات، ولا أساتذة، وهناك مشاكل تقنية واحتراف، وتوجد مشاكل عديدة.
وختم الدكتور يوسف كفروني كلامه مبينًا الحاجة إلى إجراء عدة دراسات حول العنف والقلق ومن أصيبوا بكورونا وتم شفاءهم منها، وقال: هنالك عوامل وأسباب للعنف بغض النظر عن البقاء في البيت، فمن لديهم الاستعداد سابقًا بسبب توتر فيما بينهم سيكون التواجد في البيت سببًا في زيادة التوتر. كما أنّنا بحاجة إلى إجراء دراسة على الذين أصيبوا بكورونا، وتمّ شفاءهم منها، لنرى كيف كان وضعهم؟ وكيف أثرت عليهم وعلى محيطهم؟ لنفهم ما هي المعاناة التي عانوها والقلق الذي عاشوه ومحيطهم الأسري. كما ويمكننا التوجه إلى أمهات الأطفال لنرى كيف تعاملوا معهم، وكيف كانت ردة فعل الأطفال وتوجيهاتهم.
وكان الختام مع الدكتورة ليلى شمس الدين[4] التي أجابت عن سؤال حول رأيها عن الدراسة التي أبداها الدكتور يوسف كفروني. وقالت من الصعب الإجابة وإبداء رأيي بدراسة قام بها أستاذي، ولكن أحوّل السؤال ليصبّ بنفس الهدف، عن موضوع المسنين. لقد كانت لي ولكل الباحثين المشتغلين منذ شهر آذار الماضي وما زلنا مستمرين بالبحث، ونحاول أن نقرأ ونفهم ماذا يحدث. نحن في خضم جائحة اضطرب العالم بأسره وعلى كل الصعد بسببها، وهو أمر صادم.  
وقالت: بالنسبة للدراسات الطبية، كانت منظمة الصحة العالمية ممسكة بالعلاقة مع غالبية دول العالم. وسأترك الحديث عن السباق بين الدول بموضوع اللقاحات والأدوية لأنّ لها منحى تجاري اقتصادي قد نتحدث عنه لاحقًا.
وأوضحت الدكتورة شمس الدين أنّ: منظمة الصحة العالمية وكبريات المؤسسات الاجتماعية في العالم اشتغلت على تأثير هذه الجائحة على المسنين، وقالت: كان لهذه الجائحة الأثر الكبير على المسنين الذين لم يغادرونا إلى العالم الآخر. فكان التهديد الأكثر خطورة لمن أعمارهم فوق الستين سنة ولديهم أمراض مزمنة أنّهم الأكثر إصابة بهذا الفايروس. وكانت النسبة عند المسنين أعلى بالوفيات. ولقد قمت بدراسة بسيطة، نوعية وليست كمية، أحاول معرفة مستوى القلق، ونظرتهم لهذا الواقع الموجود؟ فكانوا يقولون (المهم أن نتجاوز كورونا) ما يعني أنّهم نسوا كل الأمراض التي كانوا يعانون منه. وما زاد من عامل الخوف والقلق الأخبار التي كانت تُبث عبر وسائل الإعلام المتعددة.
وبيّنت أنّ بعض الدول وضعت استراتيجيات للتعامل مع المسنين، والتكافل الاجتماعي الذي حصل في بلادنا حصل أيضًا في دول غربية، وأنا كنت أتابع بشكل دائم بين ألمانيا وبريطانيا.
وتحدثت الدكتورة شمس الدين عن الدراسة التي أجرتها حول موضوع التعليم من بعد، وقالت: سأبدأ بموضوع المدرسة، فالكورونا مرت من قبل وسبّبت اضطرابات معينة بدول، ولكن الفرق بينها وبين كوفيد 19 أنه غزا العالم وترك تأثيره على كل الكرة الأرضية. وفي زمن الأزمات يوجد ضحايا، وتزيد أكثر نسب اللامساواة بالحصول على التعليم من بعد. ولم يكن الأهل والمدارس مؤهلين للتعليم عن بعد، بل كنا ندرّس نفس المواد التعليمية ولكن عبر الوسائل والمنصات المتاحة. وهناك أشخاص كانوا محرومين من الحصول على هذا التعليم بسبب الكهرباء أو الانترنت.
وفي هذا الإطار سألت الدكتورة شمس الدين، هل التعليم هو تقديم مادة للتلميذ؟ فالأمر يرتكز على عدة مستويات منها: تعزيز الواقع الاجتماعي، والنفسي، والكفايات، وغيرها من الأمور التي كانت موجودة على طاولة البحث في أكثر من مؤتمر في لبنان والعالم، على موضوع التحديات التي واجهت الناس والمؤسسات التربوية في هذه الفترة. فقد اخترق التعليم عن بُعد خصوصية المعلم والمتعلم في آن. والظروف فرضت علينا الخلط الذي ترك آثاره وتبعاته على كل المنظومة الحياتية بغض النظر عن الأرقام. واللافت أيضًا في الموضوع النفسي، كان بعض الأشخاص يرفضون في الفصل الثاني التعليم عن بعد، ولكن هذه السنة عندما طلبت الجامعة الحضور، هؤلاء الطلاب أنفسهم الذين طلبوا العام الماضي الحضور، قالوا أنّهم لن يحضروا خوفًا من إصابتهم بفايروس كورونا. وقالت: يجب تحديد الجدوى من التعليم عن بُعد، بكل التركيبة النفسية والاجتماعية والعلائقية والتربوية، ومن الحضور. معتبرة أنّه لا يمكننا المقارنة.
أمّا فيما يخص موضوع العنف الأسري، ترى الدكتورة شمس الدين أنّ: كوفيد 19 بكل ما حمله من مستتبعات كان عنيفًا وعنّف الجميع. واعتبرت أنّه يجب توعية الناس، وكيف يجب أن تتعامل مع أزمة كورونا صحيًّا؟ وكيف تلامس إلى حد ما الشق الاجتماعي؟ ومدى صدى هذه التجربة في الواقع الاجتماعي؟ وقالت: في زمن الأزمات عاد موضوع الحس والوطن والمجتمعي، ورأينا في لبنان وخارجه مبادرات فردية، لأنّ الأزمة طالت كل العالم، وتحديدًا طبيًّا صار الأطباء هم الأكثر طلبًا، لأنّه وباءً جديدًا يحتاج الناس معرفة كل شيء عنه وعن آثاره وتبعاته. وقد قدّم غيرنا مساعدات اجتماعية، ولكنّ اللافت كان حاجة الناس وتعطشهم ليسمعوا.
وعن سؤال هل أسهم الأداء الإعلامي في خلق وعي مجتمعي رشيد ملائم للتعاطي مع أزمة كورونا؟ أجابت الدكتورة شمس الدين: مع الأسف نحن في لبنان مفروزين على مستوى الطوائف والمذاهب. وكان الإعلام في البدايات ينقل -وأعتقد أنه عن جهل بسبب عدم تخصص البعض، وكانوا أحيانًا انفعاليين- فلعب الإعلام دورًا كبيرًا وساهم البعض -وخاصة وسائل التواصل الإعلامي- بإبداء رأيهم بموضوع حتى أهم المراكز الطبية والصحية العالمية لا توجد لديها أجوبة عنه. نحن في زمن التشويش الإعلامي بامتياز، بل نحن في زمن الوباء الإعلامي.
وختمت الدكتورة ليلى شمس الدين بالقول: عملت وزارة الإعلام منذ اليوم الأول بطريقة مهنية، ففتحت وسائل إعلام رقمي لتوعية الناس. كما أنّ وزارة الصحة أيضًا أطلقت فيديوهات توعوية، ولكن مع الأسف البحر الهائج من الإعلام المتنوّع هو أكبر. ثم بعد ذلك حاول الإعلام عبر ضبط وزارة الصحة ووزارة الإعلام، وضغطت على وسائل الإعلام، عبر تحديد من بإمكانه التحدث وتوجيه الإرشادات والمعلومات ومن لا يمكنه. فحاول الإعلام أن يتموضع برسالته التي يجب أن يعمل عليها، وهي التوعية والتنبيه، وتقديم الحالات المطَمْئِنة للناس ليرتاحوا من حالة الاضطراب المتفشي.
 
    
   
[1] الأربعاء 16/ 12/ 2020.
[2] أستاذ محاضر في العلوم الاجتماعية، وعميد سابق للمعهد العالي للدكتوراه، وأستاذ مشرف ومناقش لأطروحات في الجامعة اللبنانية. صدرت له العديد من المؤلفات والدراسات في قضايا اجتماعية وتربوية وسياسية، منها على سبيل المثال لا الحصر “الجمهورية الصعبة إيران في تحولاتها الداخلية وسياستها الإقليمية” والسلسلة القصصية “رامي لن يأكل الشوكولاتة أبدًا”.
[3] عميد معهد العلوم الاجتماعية الفرع الثالث، وأستاذ في الجامعة اللبنانية معهد العلوم الاجتماعية، وخبير في الإحصاء والبحوث والبرامج الإحصائي spss. نشر العديد من الأبحاث والدراسات في مجال الفكر السياسي الديني الاجتماعي، وله العديد من الدراسات الإحصائية، وعدد من المؤلفات، أذكر منها: السلوك الديني والاجتماعي عند الشباب، والشيخوخة والاكتئاب واقع المسنين في طرابلس.
[4] باحثة في الأنثروبولوجيا والإعلام، وأستاذة جامعية، ومستشارة إعلامية، ومدربة في مجالات الإعداد والإنتاج التلفزيوني. ومدربة على المهارات الحياتية، وفنون التواصل. ولديها العديد من الأبحاث المنشورة في مجلات علمية في الشأن التربوي والاجتماعي والإعلامي. وحائزة على أكثر من جائزة، أهمها الجائزة الذهبية من منظمة الصحة العالمية عن الإعلام الصحي، درع التميز الذهبي في مجال المسؤولية الاجتماعية من المنظمة العربية للمسؤولية الاجتماعية.



المقالات المرتبطة

الاستشراق مقدمة للاستعمار- الدكتور فوزي العلوي

“المستشرقون لا يمكن أن يقفوا على أرضية واحدة… منهم من وقف موقف الحق، والكثير منهم للأسف ارتبط اسمهم بدوائر القرار الاستعماري وتنزل ضمن شبهة الاستعمار الجديد”..

الخصائص العامّة في شخصية الشيخ اليزدي ومنجزه المعرفي/ الشيخ مازن المطوري

أدعو الشباب إلى التعرف على شخصية الشيخ مصباح اليزدي، وإلى الاهتمام الكبير والأكيد بكتبه ومؤلفاته ومحاضراته، ففيها نبع صاف، وغنى كبير في القلب وفي العقل.

“المقاومة في التنظير الفلسفي بين إرادة القوة والاقتدار”

برعاية معالي وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى ممثلًا بالأستاذ روني ألفا، أقام معهد المعارف الحكمية، واحتفاء باليوم العالمي للفلسفة الخميس 16/11/2023 الساعة الثالثة عصرًا

لا يوجد تعليقات

أكتب تعليقًا
لا يوجد تعليقات! تستطيع أن تكون الأوّل في التعليق على هذا المقال!

أكتب تعليقًا

<